المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل توحيد الخاصة] - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْهِمَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْهِمَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هِمَّةٌ تَصُونُ الْقَلْبَ عَنْ وَحْشَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْفَانِي]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هِمَّةٌ تُورِثُ أَنَفَةً مِنَ الْمُبَالَاةِ بِالْعِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هِمَّةٌ تَتَصَاعَدُ عَنِ الْأَحْوَالِ وَالْمُعَامَلَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُسُومٌ وَحُدُودٌ قِيلَتْ فِي الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فصل أسباب المحبة]

- ‌[فَصْلٌ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَمَحَبَّةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهِمَّةِ وَالْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ أَوَّلُ أَوْدِيَةِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا دُونَ الْمَحَبَّةِ مِنَ الْمَقَامَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ هِيَ سِمَةُ الطَّائِفَةِ وَعُنْوَانُ الطَّرِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَحَبَّةٌ تَقْطَعُ الْوَسَاوِسَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُ عَلَى إِيثَارِ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَحَبَّةٌ خَاطِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَارُ شَأْنِ السَّالِكِينَ الْمُسَافِرِينَ إِلَى اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الثَّالِثَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَيْرَةُ سُقُوطُ الِاحْتِمَالِ ضَنًّا وَالضِّيقُ عَنِ الصَّبْرِ نَفَاسَةً]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْرَةُ الْعَابِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرَةُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْرَةُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ يُرَادُ بِهِ حَرَكَةُ الْقَلْبِ وَاهْتِيَاجُه لِلِقَاءِ الْمَحْبُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ هُبُوبُ الْقَلْبِ إِلَى غَائِبٍ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الشَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى شَوْقُ الْعَابِدِ إِلَى الْجَنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ شَوْقٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الشَّوْقُ الْخَالِصُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَلَقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْقَلَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْقَلَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى قَلَقٌ يُضَيِّقُ الْخُلُقَ وَيُبَغِّضُ الْخَلْقَ وَيُلَذِّذُ الْمَوْتَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ قَلَقٌ يُغَالِبُ الْعَقْلَ وَيُخَلِّي السَّمْعَ وَيُطَاوِلُ الطَّاقَةَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ قَلَقٌ لَا يَرْحَمُ أَبَدًا وَلَا يَقْبَلُ أَمَدًا وَلَا يُبْقِي أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ الْعَطَشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْعَطَشِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْعَطَشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى عَطَشُ الْمُرِيدِ إِلَى شَاهِدٍ يَرْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ عَطَشُ السَّالِكِ إِلَى أَجَلٍ يَطْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ عَطَشُ الْمُحِبِّ إِلَى جَلْوَةٍ مَا دُونَهَا سَحَابُ عَلَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْوَجْدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى وَجْدٌ عَارِضٌ يَسْتَفِيقُ لَهُ شَاهَدُ السَّمْعِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ وَجْدٌ تَسْتَفِيقُ لَهُ الرُّوحُ بِلَمْعِ نُورٍ أَزَلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ وَجْدٌ يَخْطِفُ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْكَوْنَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّهْشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الدَّهْشِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الدَّهْشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى دَهْشَةُ الْمُرِيدِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْحَالِ عَلَى عِلْمِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ دَهْشَةُ السَّالِكِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْجَمْعِ عَلَى رَسْمِهِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ دَهْشَةُ الْمُحِبِّ عِنْدَ صَوْلَةِ الِاتِّصَالِ عَلَى لُطْفِ الْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْزِلَةِ الْهَيَمَانِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هَيَمَانٌ فِي شِيَمِ أَوَائِلِ بَرْقِ اللُّطْفِ عِنْدَ قَصْدِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هَيَمَانٌ فِي تَلَاطُمِ أَمْوَاجِ التَّحْقِيقِ عِنْدَ ظُهُورِ بَرَاهِينِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هَيَمَانٌ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ وَمُعَايَنَةِ سُلْطَانِ الْأَزَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَرْقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْبَرْقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَرْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْعِدَةِ فِي عَيْنِ الرَّجَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْوَعِيدِ فِي عَيْنِ الْحَذَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ اللُّطْفِ فِي عَيْنِ الِافْتِقَارِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الذَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ بَابُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الذَّوْقُ أَبْقَى مِنَ الْوَجْدِ وَأَجْلَى مِنَ الْبَرْقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الذَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى ذَوْقُ التَّصْدِيقِ طَعْمَ الْعِدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ ذَوْقُ الْإِرَادَةِ طَعْمَ الْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ ذَوْقُ الِانْقِطَاعِ طَعْمَ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[حَقِيقَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[دَرَجَاتُ اللَّحْظِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُلَاحَظَةُ الْفَضْلِ سَبْقًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُلَاحَظَةُ نُورِ الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُلَاحَظَةُ عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْوَقْتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَقْتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَعَانِي الْوَقْتِ]

- ‌[الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَقْتُ وَجْدٍ صَادِقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّانِي اسْمٌ لِطَرِيقِ سَالِكٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّالِثِ: الْوَقْتُ الْحَقُّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الصَّفَاءِ]

- ‌[حَدُّ الصَّفَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الصَّفَاءِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى صَفَاءُ عِلْمٍ يُهَذِّبُ لِسُلُوكِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ صَفَاءُ حَالٍ يُشَاهَدُ بِهِ شَوَاهِدُ التَّحْقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ صَفَاءُ اتِّصَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السُّرُورِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ السُّرُورِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ السُّرُورِ]

- ‌[دَرَجَاتُ السُّرُورِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى سُرُورُ ذَوْقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ سُرُورُ شُهُودٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ سُرُورُ سَمَاعِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السِّرِّ]

- ‌[حَقِيقَةُ السِّرِّ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْحَابُ السِّرِّ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ]

- ‌[الْأُولَى طَائِفَةٌ عَلَتْ هِمَمُهُمْ وَصَفَتْ قُصُودُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِيَةُ طَائِفَةٌ أَشَارُوا عَنْ مَنْزِلٍ وَهُمْ فِي غَيْرِهِ وَوَرُّوا بِأَمْرٍ وَهُمْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثَةُ طَائِفَةٌ أَسَرَهُمُ الْحَقُّ عَنْهُمْ فَأَلَاحَ لَهُمْ لَائِحًا أَذْهَلَهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ مَا هُمْ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَنْفَاسُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْأَوَّلُ نَفَسٌ فِي حِينِ اسْتِتَارٍ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي نَفَسٌ فِي حِينِ التَّجَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ نَفَسٌ مُطَهَّرٌ بِمَاءِ الْقُدْسِ]

- ‌[فَصْلُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[الْأَوَّلُ غُرْبَةُ أَهْلِ اللَّهِ وَأَهْلِ سُنَةِ رَسُولِهِ بَيْنَ هَذَا الْخَلْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي غُرْبَةُ أَهْلِ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ غُرْبَةٌ مُشْتَرَكَةٌ لَا تُحْمَدُ وَلَا تُذَمُّ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الِاغْتِرَابِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى الْغُرْبَةُ عَنِ الْأَوْطَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غُرْبَةُ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غُرْبَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَرَقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَرَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَرَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى اسْتِغْرَاقُ الْعِلْمِ فِي عَيْنِ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِغْرَاقُ الْإِشَارَةِ فِي الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ اسْتِغْرَاقُ الشَّوَاهِدِ فِي الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْبَةُ الْمُرِيدِ فِي تَخَلُّصِ الْقَصْدِ عَنْ أَيْدِي الْعَلَائِقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْبَةُ السَّالِكِ عَنْ رُسُومِ الْعِلْمِ وَعِلَلِ السَّعْيِ وَرُخَصِ الْفُتُورِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْبَةُ الْعَارِفِ عَنْ عُيُونِ الْأَحْوَالِ وَالشَّوَاهِدِ وَالدَّرَجَاتِ فِي عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[دَرَجَاتُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَمَكُّنُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَمَكُّنُ السَّالِكِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَمَكُّنُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُكَاشَفَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[مَنْ يَنْتَفِعُ بِكَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُشَاهَدَةُ مَعْرِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُشَاهَدَةُ مُعَايَنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُشَاهَدَةُ جَمْعٍ]

- ‌[فَصْلُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْحَيَاةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمَقْصُودَةُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الْأُولَى حَيَاةُ الْعِلْمِ مِنْ مَوْتِ الْجَهْلِ وَهِيَ عَشْرُ مَرَاتِبَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ حَيَاةُ الْجَمْعِ مِنْ مَوْتِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّالِثَةُ حَيَاةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلُ الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلُ الْبَسْطِ]

- ‌[فَصْلُ السُّكْرِ]

- ‌[حَدُّ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلُ الصَّحْوِ]

- ‌[فَصْلُ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوهُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَعْرِفَةُ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَعْرِفَةُ الذَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَعْرِفَةٌ مُسْتَغْرِقَةٌ فِي مَحْضِ التَّعْرِيفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْفَنَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى فَنَاءُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْمَعْرُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ فَنَاءُ شُهُودِ الطَّلَبِ لِإِسْقَاطِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الْفَنَاءُ عَنْ شُهُودِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَقَاءُ]

- ‌[حَدُّ الْبَقَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحْقِيقُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ]

- ‌[عَدَمُ مُنَاسَبَةِ اسْمِ الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ التَّلْبِيسِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ تَلْبِيسُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْكَوْنِ عَلَى أَهْلِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي تَلْبِيسُ أَهِلَ الْغَيْرَةِ عَلَى الْأَوْقَاتِ بِإِخْفَائِهَا]

- ‌[الثَّالِثُ تَلْبِيسُ أَهْلِ التَّمْكِينِ عَلَى الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْنَى الْبَابِ عَلَى مَحْوِ الْأَسْبَابِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا وَالْوُقُوفِ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوُجُودُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ تَكَلَّمَ الْفَلَاسِفَةُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ وَالِاتِّحَادِيَّةُ فِي الْوُجُودِ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنِ الصَّوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّجْرِيدُ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَجْرِيدُ عَيْنِ الْكَشْفِ عَنْ كَسْبِ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَجْرِيدُ عَيْنِ الْجَمْعِ عَنْ دَرْكِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَجْرِيدُ الْخَلَاصِ مِنْ شُهُودِ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّفْرِيدُ]

- ‌[حَدُّ التَّفْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَقِّ]

- ‌[تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ بِالْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ عَنِ الْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ]

- ‌[حَدُّ الْجَمْعِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْجَمْعِ]

- ‌[الْجَمْعُ غَايَةُ مَقَامَاتِ السَّالِكِينَ]

- ‌[فَصْلٌ نِهَايَةُ السَّالِكِينَ تَكْمِيلُ مَرْتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ]

- ‌[التَّوْحِيدُ أَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِفْرَادُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْجُنَيْدُ]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الطَّوَائِفِ فِي التَّوْحِيدِ وَتَسْمِيَةُ كُلِّ طَائِفَةٍ بَاطِلَهُمْ تَوْحِيدًا]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ التَّوْحِيدِ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى " قَائِمًا بِالْقِسْطِ]

- ‌[فَصْلٌ مَزَاعِمُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهَادَتُهُ سُبْحَانَهُ تَتَضَمَّنُ بَيَانَهُ لِلْعِبَادِ وَدَلَالَتَهُمْ وَتَعْرِيفَهُمْ بِمَا شَهِدَ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى الرِّسَالَةِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شَهَادَتِهِ سُبْحَانَهُ مَا أَوْدَعَهُ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ مِنَ التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ بِكَلَامِهِ وَوَحْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ ضِمْنُ الشَّهَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ الثَّنَاءُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الشَّاهِدِينَ بِهَا وَتَعْدِيلِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ شَهَادَةِ أُولِي الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْعَامَّةِ الَّذِي يَصِحُّ بِالشَّوَاهِدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ حَقٌّ لَا يَتِمُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ الْإِيمَانِيُّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ الصَّحِيحُ هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ الَّذِي اخْتَصَّهُ الْحَقُّ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحَقَّهُ لِقَدْرِهِ]

الفصل: ‌[فصل توحيد الخاصة]

إِيمَانُهُ، وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] وَقَالَ تَعَالَى {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76] وَقَالَ تَعَالَى {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: 124] .

وَقَدْ تَضَمَّنَ كَلَامُ الشَّيْخِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ: أَنَّ الْإِيمَانَ وَالتَّوْحِيدَ يَنْمُوَانِ وَيَتَزَايَدَانِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِي فَارَقُوا بِهِ الْجَهْمِيَّةَ وَالْمُرْجِئَةَ.

[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ]

فَصْلٌ

قَالَ: وَأَمَّا التَّوْحِيدُ الثَّانِي، الَّذِي يَثْبُتُ بِالْحَقَائِقِ: فَهُوَ تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ، وَهُوَ إِسْقَاطُ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ، وَالصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ، وَعَنِ التَّعَلُّقِ بِالشَّوَاهِدِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَشْهَدَ فِي التَّوْحِيدِ دَلِيلًا، وَلَا فِي التَّوَكُّلِ سَبَبًا، وَلَا فِي النَّجَاةِ وَسِيلَةً، فَيَكُونُ مُشَاهِدًا سَبْقَ الْحَقِّ بِحُكْمِهِ وَعِلْمِهِ، وَوَضْعِهِ الْأَشْيَاءَ مَوَاضِعَهَا وَتَعْلِيقِهِ إِيَّاهَا بِأَحَايِينِهَا، وَإِخْفَائِهِ إِيَّاهَا فِي رُسُومِهَا، وَتَحَقُّقِ مَعْرِفَةِ الْعِلَلِ، وَيَسْلُكُ سَبِيلَ إِسْقَاطِ الْحَدَثِ، هَذَا تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ، الَّذِي يَصْلُحُ بِعِلْمِ الْفَنَاءِ، وَيَصْفُو فِي عِلْمِ الْجَمْعِ، وَيَجْذِبُ إِلَى تَوْحِيدِ أَرْبَابِ الْجَمْعِ.

قَوْلُهُ " يَثْبُتُ بِالْحَقَائِقِ " وَقَالَ فِي التَّوْحِيدِ الْأَوَّلِ " يَصِحُّ بِالشَّوَاهِدِ " فَإِنَّ الثُّبُوتَ أَبْلَغُ مِنَ الصِّحَّةِ، وَالْحَقَائِقُ أَبْلَغُ مِنَ الشَّوَاهِدِ، وَيُرِيدُ بِالْحَقَائِقِ: الْمُكَاشَفَةَ وَالْمُشَاهَدَةَ، وَالْمُعَايَنَةَ، وَالِاتِّصَالَ وَالِانْفِصَالَ، وَالْحَيَاةَ، وَالْقَبْضَ وَالْبَسْطَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ قِسْمِ الْحَقَائِقِ مِنْ كِتَابِهِ.

وَبِالْأَدِلَّةِ وَالشَّوَاهِدِ يَصِحُّ التَّوْحِيدُ الْعَامُّ، وَبِالْحَقَائِقِ يَثْبُتُ التَّوْحِيدُ الْخَاصُّ.

قَوْلُهُ: " وَهُوَ إِسْقَاطُ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا: الْأَسْبَابَ الْمُشَاهَدَةَ الَّتِي تَظْهَرُ لَنَا، وَإِسْقَاطُهَا: هُوَ أَنْ لَا يَرَى لَهَا تَأْثِيرًا الْبَتَّةَ، وَلَا تَغْيِيرًا، وَإِنْ بَاشَرَهَا بِحُكْمِ الِارْتِبَاطِ الْعَادِيِّ، فَمُبَاشَرَتُهَا لَا تُنَافِي إِسْقَاطَهَا.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ: الْحَرَكَاتِ وَالْأَعْمَالَ، وَإِسْقَاطُهَا: عَزْلُهَا عَنِ اقْتِضَائِهَا السَّعَادَةَ وَالنَّجَاةَ، لَا إِهْمَالُهَا وَتَعْطِيلُهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ، وَانْسِلَاخٌ مِنَ الْإِسْلَامِ

ص: 458

بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَكِنْ يَقُومُ بِهَا وَقَدْ عَزَلَهَا عَنْ وِلَايَةِ النَّجَاحِ وَالنَّجَاةِ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم «اعْمَلُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يُنْجِيَهُ عَمَلُهُ» .

وَاحْتَرِزْ بِالْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْبَاطِنَةِ، كَالْإِيمَانِ، وَالتَّصْدِيقِ، وَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّ النَّجَاةَ وَالسَّعَادَةَ مُعَلِّقَةٌ بِهَا، بَلِ التَّوْحِيدُ نَفْسُهُ مِنَ الْأَسْبَابِ، بَلْ هُوَ أَعْظَمُ الْأَسْبَابِ الْبَاطِنَةِ، فَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ.

وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ؛ فَهُوَ غَيْرُ مُخْلِصٍ، فَإِذَا أُرِيدَ بِالْإِسْقَاطِ التَّعْطِيلُ وَالْإِهْمَالُ؛ فَمِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ، وَإِنْ أُرِيدَ الْعَزْلُ عَنْ وِلَايَةِ الِاقْتِضَاءِ، وَإِسْنَادُ الْحُكْمِ إِلَى مَشِيئَةِ الرَّبِّ وَحْدَهُ؛ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَإِنْ أُرِيدَ الْأَسْبَابُ الَّتِي لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا الْعَبْدُ، فَلَيْسَ إِسْقَاطُهَا مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَلَا الْقِيَامُ بِهَا مُبْطِلًا لَهُ وَلَا مُنْقِصًا.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَلَيْسَ إِسْقَاطُ الْأَسْبَابِ مِنَ التَّوْحِيدِ، بَلِ الْقِيَامُ بِهَا وَاعْتِبَارُهَا وَإِنْزَالُهَا فِي مَنَازِلِهَا الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ فِيهَا هُوَ مَحْضُ التَّوْحِيدِ وَالْعُبُودِيَّةِ، وَالْقَوْلُ بِإِسْقَاطِ الْأَسْبَابِ هُوَ تَوْحِيدُ الْقَدَرِيَّةِ الْجَبْرِيَّةِ، أَتْبَاعِ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ فِي الْجَبْرِ، فَإِنَّهُ كَانَ غَالِيًا فِيهِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا بِسَبَبٍ، وَلَا جَعَلَ فِي الْأَسْبَابِ قُوًى وَطَبَائِعَ تُؤَثِّرُ، فَلَيْسَ فِي النَّارِ قُوَّةُ الْإِحْرَاقِ، وَلَا فِي السُّمِّ قُوَّةُ الْإِهْلَاكِ، وَلَا فِي الْمَاءِ وَالْخُبْزِ قُوَّةُ الرِّيِّ وَالتَّغَذِّي بِهِ، وَلَا فِي الْعَيْنِ قُوَّةُ الْإِبْصَارِ، وَلَا فِي الْأُذُنِ وَالْأَنْفِ قُوَّةُ السَّمْعِ وَالشَّمِّ، بَلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ يُحْدِثُ هَذِهِ الْآثَارَ عِنْدَ مُلَاقَاةِ هَذِهِ الْأَجْسَامِ، لَا بِهَا، فَلَيْسَ الشِّبَعُ بِالْأَكْلِ، وَلَا الرِّيُّ بِالشُّرْبِ، وَلَا الْعِلْمُ بِالِاسْتِدْلَالِ، وَلَا الِانْكِسَارُ بِالْكَسْرِ، وَلَا الْإِزْهَاقُ بِالذَّبْحِ، وَلَا الطَّاعَاتُ وَالتَّوْحِيدُ سَبَبًا لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ، وَلَا الشِّرْكُ وَالْكَفْرُ وَالْمَعَاصِي سَبَبًا لِدُخُولِ النَّارِ، بَلْ يُدْخِلُ هَؤُلَاءِ الْجَنَّةَ بِمَحْضِ مَشِيئَتِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَا حِكْمَةٍ أَصْلًا، وَيُدْخِلُ هَؤُلَاءِ النَّارَ بِمَحْضِ مَشِيئَتِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَا حِكْمَةٍ.

وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَنَازِلِ: وَهُوَ أَنْ لَا يَشْهَدَ فِي التَّوْحِيدِ دَلِيلًا، وَلَا فِي التَّوَكُّلِ سَبَبًا، وَلَا فِي النَّجَاةِ وَسِيلَةً، بَلْ عِنْدَهُمْ صُدُورُ الْكَائِنَاتِ وَالْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي عَنْ مَحْضِ الْمَشِيئَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي رَجَّحَتْ مَثَلًا عَلَى مَثَلٍ بِغَيْرِ مُرَجِّحٍ، فَعَنْهَا يَصْدُرُ كُلُّ حَادِثٍ، وَيَصْدُرُ مَعَ الْحَادِثِ حَادِثٌ آخَرُ مُقْتَرِنًا بِهِ اقْتِرَانًا عَادِيًّا، لَا أَنَّ أَحَدَهُمَا سَبَبُ الْآخَرِ، وَلَا مُرْتَبِطٌ بِهِ، فَأَحَدُهُمَا مُجَرَّدُ عَلَامَةٍ وَأَمَارَةٍ عَلَى وُجُودِ الْآخَرِ، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدَ الْمُقْتَرِنَيْنِ وَجَدَ الْآخَرَ مَعَهُ، بِطَرِيقِ الِاقْتِرَانِ الْعَادِيِّ فَقَطْ، لَا بِطْرِيقِ التَّسَبُّبِ وَالِاقْتِضَاءِ، وَهَذَا عِنْدَهُمْ هُوَ نِهَايَةُ التَّوْحِيدِ وَغَايَةُ الْمَعْرِفَةِ.

ص: 459

وَطَرْدُ هَذَا الْمَذْهَبِ: مُفْسِدٌ لِلدُّنْيَا وَالدِّينِ، بَلْ وَلِسَائِرِ أَدْيَانِ الرُّسُلِ، وَلِهَذَا لَمَّا طَرَدَهُ قَوْمٌ أَسْقَطُوا الْأَسْبَابَ الدُّنْيَوِيَّةَ وَعَطَّلُوهَا، وَجَعَلُوا وَجُودَهَا كَعَدَمِهَا، وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ لَابُدَّ أَنْ يَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا، وَيُبَاشِرُوا مِنَ الْأَسْبَابِ مَا يَدْفَعُ عَنْهُمُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَالْأَلَمَ.

فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ: هَلَّا أَسْقَطْتُمْ ذَلِكَ؟ قَالُوا: لِأَجْلِ الِاقْتِرَانِ الْعَادِيِّ.

فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ: هَلَّا قُمْتُمْ بِمَا أَسْقَطْتُمُوهُ مِنَ الْأَسْبَابِ لِأَجْلِ الِاقْتِرَانِ الْعَادِيِّ أَيْضًا، فَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدْ فَطَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْحَيَوَانَ - نَاطِقَهُ وَأَعْجَمَهُ - عَلَى خِلَافِهِ.

وَقَوْمٌ طَرَدُوهُ، فَتَرَكُوا لَهُ الْأَسْبَابَ الْأُخْرَوِيَّةَ، وَقَالُوا: سَبْقُ الْعِلْمِ وَالْحُكْمِ بِالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ لَا يَتَغَيَّرُ الْبَتَّةَ، فَسَوَاءٌ عَلَيْنَا الْفِعْلُ وَالتَّرْكُ، فَإِنْ سَبَقَ الْعِلْمُ وَالْحُكْمُ بِالشَّقَاوَةِ فَنَحْنُ أَشْقِيَاءُ، عَمِلْنَا أَوْ لَمْ نَعْمَلْ، وَإِنْ سَبَقَ بِالسَّعَادَةِ فَنَحْنُ سُعَدَاءُ، عَمِلْنَا أَوْ لَمْ نَعْمَلْ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْرُكُ الدُّعَاءَ جُمْلَةً، بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَيَقُولُ: الْمَدْعُوُّ بِهِ إِنْ سَبَقَ الْعِلْمُ وَالْحُكْمُ بِحُصُولِهِ حَصَلَ، دَعَوْنَا أَوْ لَمْ نَدْعُ، وَإِنْ سَبَقَ بِعَدَمِ حُصُولِهِ لَمْ يَحْصُلْ وَإِنْ دَعَوْنَا.

قَالَ شَيْخُنَا: " وَهَذَا الْأَصْلُ الْفَاسِدُ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ "، بَلْ وَمُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَالْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ، وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِسْقَاطِ الْأَسْبَابِ نَظَرًا إِلَى الْقَدَرِ؟ فَرَدَّ ذَلِكَ، وَأَلْزَمَ الْقِيَامَ بِالْأَسْبَابِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَدَعُ الْعَمَلَ وَنَتَّكِلُ عَلَى الْكِتَابِ؟ فَقَالَ: لَا، اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ مَا يَكْدَحُ النَّاسُ فِيهِ

ص: 460

الْيَوْمَ وَيَعْمَلُونَ: أَمْرٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى، أَمْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا آتَاهُمْ فِيهِ الْحُجَّةُ؟ فَقَالَ: بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَدَعُ الْعَمَلَ وَنَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا؟ قَالَ: لَا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قِيلَ لَهُ:«أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا، وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا، وَتُقَاةً نَتَّقِي بِهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ» وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ رضي الله عنهما، وَقَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ أَتَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ - يَعْنِي مِنَ الطَّاعُونِ - قَالَ: أَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ،

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي السَّحَابِ {فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: 57] وَقَالَ تَعَالَى {فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 164] وَقَالَ تَعَالَى {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16] وَقَالَ تَعَالَى {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ - بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ - ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران: 105 - 182] وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ تَرْتِيبِ الْأَحْكَامِ الْكَوْنِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ عَلَى الْأَسْبَابِ بِطُرُقٍ مُتَنَوِّعَةٍ، فَيَأْتِي بِبَاءِ السَّبَبِيَّةِ تَارَةً، وَبِاللَّامِ تَارَةً، وَبِأَنْ تَارَةً، وَبِكَيْ تَارَةً، وَيَذْكُرُ الْوَصْفَ الْمُقْتَضَى تَارَةً، وَيَذْكُرُ صَرِيحَ التَّعْلِيلِ تَارَةً، كَقَوْلِهِ: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ فَعَلُوا كَذَا، وَقَالُوا كَذَا، وَيَذْكُرُ الْجَزَاءَ تَارَةً، كَقَوْلِهِ {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 29] وَقَوْلِهِ {وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 85] وَقَوْلِهِ {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ: 17] وَيَذْكُرُ الْمُقْتَضِيَ لِلْحُكْمِ وَالْمَانِعَ مِنْهُ، كَقَوْلِهِ {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} [الإسراء: 59] .

ص: 461

وَعِنْدَ مُنْكِرِي الْأَسْبَابِ وَالْحُكْمِ: لَمْ يَمْنَعْهُ إِلَّا مَحْضُ مَشِيئَتِهِ لَيْسَ إِلَّا، وَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} [يونس: 9] وَقَالَ {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} [إبراهيم: 1] وَقَالَ {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] وَقَالَ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2] وَقَالَ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5] وَقَالَ {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29] وَقَالَ {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120] وَقَالَ تَعَالَى {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 160] وَبِالْجُمْلَةِ: فَالْقُرْآنُ - مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ - يُبْطِلُ هَذَا الْمَذْهَبَ وَيَرُدُّهُ، كَمَا تُبْطِلُهُ الْعُقُولُ وَالْفِطَرُ وَالْحِسُّ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: الِالْتِفَاتُ إِلَى الْأَسْبَابِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ، وَمَحْوُ الْأَسْبَابِ - أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا - تَغْيِيرٌ فِي وَجْهِ الْعَقْلِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْأَسْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ: قَدْحٌ فِي الشَّرْعِ، وَالتَّوَكُّلُ مَعْنًى يَلْتَئِمُ مِنْ مَعْنَى التَّوْحِيدِ وَالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ.

وَهَذَا الْكَلَامُ يَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ وَتَقْيِيدٍ، فَالِالْتِفَاتُ إِلَى الْأَسْبَابِ ضَرْبَانِ، أَحَدُهُمَا: شِرْكٌ، وَالْآخَرُ: عُبُودِيَّةٌ وَتَوْحِيدٌ، فَالشِّرْكُ: أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهَا وَيَطْمَئِنَّ إِلَيْهَا، وَيَعْتَقِدَ أَنَّهَا بِذَاتِهَا مُحَصِّلَةٌ لِلْمَقْصُودِ، فَهُوَ مُعْرِضٌ عَنِ السَّبَبِ لَهَا، وَيَجْعَلُ نَظَرَهُ وَالْتِفَاتَهُ مَقْصُورًا عَلَيْهَا، وَأَمَّا إِنِ الْتَفَتَ إِلَيْهَا الْتِفَاتَ امْتِثَالٍ وَقِيَامٍ بِهَا وَأَدَاءٍ لِحَقِّ الْعُبُودِيَّةِ فِيهَا، وَإِنْزَالِهَا مَنَازِلَهَا: فَهَذَا الِالْتِفَاتُ عُبُودِيَّةٌ وَتَوْحِيدٌ، إِذْ لَمْ يَشْغَلْهُ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْمُسَبِّبِ، وَأَمَّا مَحْوُهَا أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا: فَقَدْحٌ فِي الْعَقْلِ وَالْحِسِّ وَالْفِطْرَةِ، فَإِنْ أَعْرَضَ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ: كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي الشَّرْعِ، وَإِبْطَالًا لَهُ، وَحَقِيقَةُ التَّوَكُّلِ: الْقِيَامُ بِالْأَسْبَابِ، وَالِاعْتِمَادُ بِالْقَلْبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ، وَاعْتِقَادُ أَنَّهَا بِيَدِهِ، فَإِنْ شَاءَ مَنَعَهَا اقْتِضَاءَهَا، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا

ص: 462

مُقْتَضِيَةً لِضِدِّ أَحْكَامِهَا، وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ لَهَا مَوَانِعَ وَصَوَارِفَ تُعَارِضُ اقْتِضَاءَهَا وَتَدْفَعُهُ.

فَالْمُوَحِّدُ الْمُتَوَكِّلُ: لَا يَلْتَفِتُ إِلَى الْأَسْبَابِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا، وَلَا يَرْجُوهَا وَلَا يَخَافُهَا، فَلَا يَرْكَنُ إِلَيْهَا، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا - بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُسْقِطُهَا وَلَا يُهْمِلُهَا وَيُلْغِيهَا - بَلْ يَكُونُ قَائِمًا بِهَا، مُلْتَفِتًا إِلَيْهَا، نَاظِرًا إِلَى مُسَبِّبِهَا سُبْحَانَهُ وَمُجْرِيهَا، فَلَا يَصِحُّ التَّوَكُّلُ - شَرْعًا وَعَقْلًا - إِلَّا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ سَبَبٌ تَامٌّ مُوجَبٌ إِلَّا مَشِيئَتَهُ وَحْدَهُ، فَهُوَ الَّذِي سَبَّبَ الْأَسْبَابَ، وَجَعَلَ فِيهَا الْقُوَى وَالِاقْتِضَاءَ لِآثَارِهَا، وَلَمْ يَجْعَلْ مِنْهَا سَبَبًا يَقْتَضِي وَحْدَهُ أَثَرَهُ، بَلْ لَابُدَّ مَعَهُ مِنْ سَبَبٍ يُشَارِكُهُ، وَجَعَلَ لَهَا أَسْبَابًا تُضَادُّهَا وَتَمَانِعُهَا، بِخِلَافِ مَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ، فَإِنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى أَمْرٍ آخَرَ، وَلَا فِي الْأَسْبَابِ الْحَادِثَةِ مَا يُبْطِلُهَا وَيُضَادُّهَا، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ يُبْطِلُ حُكْمَ مَشِيئَتِهِ بِمَشِيئَتِهِ، فَيَشَاءُ الْأَمْرُ ثُمَّ يَشَاءُ مَا يُضَادُّهُ وَيَمْنَعُ حُصُولَهُ، وَالْجَمِيعُ بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، فَلَا يَصِحُّ التَّوَكُّلُ إِلَّا عَلَيْهِ، وَلَا الِالْتِجَاءُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا الْخَوْفُ إِلَّا مِنْهُ، وَلَا الرَّجَاءُ إِلَّا لَهُ، وَلَا الطَّمَعُ إِلَّا فِي رَحْمَتِهِ، كَمَا قَالَ أَعْرَفُ الْخَلْقِ بِهِ صلى الله عليه وسلم «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ» وَقَالَ «لَا مَنْجَى وَلَا مَلْجَأَ مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ» .

فَإِذَا جَمَعْتَ بَيْنَ هَذَا التَّوْحِيدِ وَبَيْنَ إِثْبَاتِ الْأَسْبَابِ: اسْتَقَامَ قَلْبُكَ عَلَى السَّيْرِ إِلَى اللَّهِ، وَوَضُحَ لَكَ الطَّرِيقُ الْأَعْظَمُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ جَمِيعُ رُسُلِ اللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَأَتْبَاعِهِمْ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَمَا سَبَقَ بِهِ عِلْمُ اللَّهِ وَحُكْمُهُ حَقٌّ، وَهُوَ لَا يُنَافِي إِثْبَاتَ الْأَسْبَابِ، وَلَا يَقْتَضِي إِسْقَاطَهَا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ عَلِمَ وَحَكَمَ: أَنَّ كَذَا وَكَذَا يَحْدُثُ بِسَبَبِ كَذَا وَكَذَا، فَسَبَقَ الْعِلْمُ وَالْحُكْمُ بِحُصُولِهِ عَنْ سَبَبِهِ، فَإِسْقَاطُ الْأَسْبَابِ خِلَافُ مُوجَبِ عِلْمِهِ وَحُكْمِهِ، فَمَنْ نَظَرَ إِلَى الْحُدُوثِ بِغَيْرِ الْأَسْبَابِ: لَمْ يَكُنْ نَظَرُهُ وَشُهُودُهُ مُطَابِقًا لِلْحَقِّ، بَلْ كَانَ شُهُودُهُ غَيْبَةً، وَنَظَرُهُ عَمًى، فَإِذَا كَانَ عِلْمُ اللَّهِ قَدْ سَبَقَ بِحُدُوثِ الْأَشْيَاءِ بِأَسْبَابِهَا، فَكَيْفَ يَشْهَدُ الْعَبْدُ الْأُمُورَ بِخِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِهِ وَحُكْمِهِ وَخَلْقِهِ وَأَمْرِهِ؟

وَالْعِلَلُ الَّتِي تَتَّقِي فِي الْأَسْبَابِ نَوْعَانِ، أَحَدُهُمَا: الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا، وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهَا، وَالثِّقَةُ بِهَا، وَرَجَاؤُهَا وَخَوْفُهَا، فَهَذَا شِرْكٌ يَرِقُّ وَيَغْلُظُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ.

ص: 463