المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بَسْطًا ظَاهِرًا، مَعَ أَنَّ بَاطِنَهُ مَجْمُوعٌ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ الْقَبْضُ - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْهِمَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْهِمَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هِمَّةٌ تَصُونُ الْقَلْبَ عَنْ وَحْشَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْفَانِي]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هِمَّةٌ تُورِثُ أَنَفَةً مِنَ الْمُبَالَاةِ بِالْعِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هِمَّةٌ تَتَصَاعَدُ عَنِ الْأَحْوَالِ وَالْمُعَامَلَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُسُومٌ وَحُدُودٌ قِيلَتْ فِي الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فصل أسباب المحبة]

- ‌[فَصْلٌ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَمَحَبَّةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهِمَّةِ وَالْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ أَوَّلُ أَوْدِيَةِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا دُونَ الْمَحَبَّةِ مِنَ الْمَقَامَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ هِيَ سِمَةُ الطَّائِفَةِ وَعُنْوَانُ الطَّرِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَحَبَّةٌ تَقْطَعُ الْوَسَاوِسَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُ عَلَى إِيثَارِ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَحَبَّةٌ خَاطِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَارُ شَأْنِ السَّالِكِينَ الْمُسَافِرِينَ إِلَى اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الثَّالِثَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَيْرَةُ سُقُوطُ الِاحْتِمَالِ ضَنًّا وَالضِّيقُ عَنِ الصَّبْرِ نَفَاسَةً]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْرَةُ الْعَابِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرَةُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْرَةُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ يُرَادُ بِهِ حَرَكَةُ الْقَلْبِ وَاهْتِيَاجُه لِلِقَاءِ الْمَحْبُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ هُبُوبُ الْقَلْبِ إِلَى غَائِبٍ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الشَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى شَوْقُ الْعَابِدِ إِلَى الْجَنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ شَوْقٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الشَّوْقُ الْخَالِصُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَلَقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْقَلَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْقَلَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى قَلَقٌ يُضَيِّقُ الْخُلُقَ وَيُبَغِّضُ الْخَلْقَ وَيُلَذِّذُ الْمَوْتَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ قَلَقٌ يُغَالِبُ الْعَقْلَ وَيُخَلِّي السَّمْعَ وَيُطَاوِلُ الطَّاقَةَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ قَلَقٌ لَا يَرْحَمُ أَبَدًا وَلَا يَقْبَلُ أَمَدًا وَلَا يُبْقِي أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ الْعَطَشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْعَطَشِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْعَطَشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى عَطَشُ الْمُرِيدِ إِلَى شَاهِدٍ يَرْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ عَطَشُ السَّالِكِ إِلَى أَجَلٍ يَطْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ عَطَشُ الْمُحِبِّ إِلَى جَلْوَةٍ مَا دُونَهَا سَحَابُ عَلَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْوَجْدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى وَجْدٌ عَارِضٌ يَسْتَفِيقُ لَهُ شَاهَدُ السَّمْعِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ وَجْدٌ تَسْتَفِيقُ لَهُ الرُّوحُ بِلَمْعِ نُورٍ أَزَلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ وَجْدٌ يَخْطِفُ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْكَوْنَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّهْشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الدَّهْشِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الدَّهْشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى دَهْشَةُ الْمُرِيدِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْحَالِ عَلَى عِلْمِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ دَهْشَةُ السَّالِكِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْجَمْعِ عَلَى رَسْمِهِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ دَهْشَةُ الْمُحِبِّ عِنْدَ صَوْلَةِ الِاتِّصَالِ عَلَى لُطْفِ الْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْزِلَةِ الْهَيَمَانِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هَيَمَانٌ فِي شِيَمِ أَوَائِلِ بَرْقِ اللُّطْفِ عِنْدَ قَصْدِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هَيَمَانٌ فِي تَلَاطُمِ أَمْوَاجِ التَّحْقِيقِ عِنْدَ ظُهُورِ بَرَاهِينِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هَيَمَانٌ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ وَمُعَايَنَةِ سُلْطَانِ الْأَزَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَرْقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْبَرْقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَرْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْعِدَةِ فِي عَيْنِ الرَّجَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْوَعِيدِ فِي عَيْنِ الْحَذَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ اللُّطْفِ فِي عَيْنِ الِافْتِقَارِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الذَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ بَابُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الذَّوْقُ أَبْقَى مِنَ الْوَجْدِ وَأَجْلَى مِنَ الْبَرْقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الذَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى ذَوْقُ التَّصْدِيقِ طَعْمَ الْعِدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ ذَوْقُ الْإِرَادَةِ طَعْمَ الْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ ذَوْقُ الِانْقِطَاعِ طَعْمَ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[حَقِيقَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[دَرَجَاتُ اللَّحْظِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُلَاحَظَةُ الْفَضْلِ سَبْقًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُلَاحَظَةُ نُورِ الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُلَاحَظَةُ عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْوَقْتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَقْتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَعَانِي الْوَقْتِ]

- ‌[الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَقْتُ وَجْدٍ صَادِقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّانِي اسْمٌ لِطَرِيقِ سَالِكٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّالِثِ: الْوَقْتُ الْحَقُّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الصَّفَاءِ]

- ‌[حَدُّ الصَّفَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الصَّفَاءِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى صَفَاءُ عِلْمٍ يُهَذِّبُ لِسُلُوكِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ صَفَاءُ حَالٍ يُشَاهَدُ بِهِ شَوَاهِدُ التَّحْقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ صَفَاءُ اتِّصَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السُّرُورِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ السُّرُورِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ السُّرُورِ]

- ‌[دَرَجَاتُ السُّرُورِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى سُرُورُ ذَوْقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ سُرُورُ شُهُودٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ سُرُورُ سَمَاعِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السِّرِّ]

- ‌[حَقِيقَةُ السِّرِّ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْحَابُ السِّرِّ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ]

- ‌[الْأُولَى طَائِفَةٌ عَلَتْ هِمَمُهُمْ وَصَفَتْ قُصُودُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِيَةُ طَائِفَةٌ أَشَارُوا عَنْ مَنْزِلٍ وَهُمْ فِي غَيْرِهِ وَوَرُّوا بِأَمْرٍ وَهُمْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثَةُ طَائِفَةٌ أَسَرَهُمُ الْحَقُّ عَنْهُمْ فَأَلَاحَ لَهُمْ لَائِحًا أَذْهَلَهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ مَا هُمْ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَنْفَاسُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْأَوَّلُ نَفَسٌ فِي حِينِ اسْتِتَارٍ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي نَفَسٌ فِي حِينِ التَّجَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ نَفَسٌ مُطَهَّرٌ بِمَاءِ الْقُدْسِ]

- ‌[فَصْلُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[الْأَوَّلُ غُرْبَةُ أَهْلِ اللَّهِ وَأَهْلِ سُنَةِ رَسُولِهِ بَيْنَ هَذَا الْخَلْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي غُرْبَةُ أَهْلِ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ غُرْبَةٌ مُشْتَرَكَةٌ لَا تُحْمَدُ وَلَا تُذَمُّ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الِاغْتِرَابِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى الْغُرْبَةُ عَنِ الْأَوْطَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غُرْبَةُ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غُرْبَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَرَقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَرَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَرَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى اسْتِغْرَاقُ الْعِلْمِ فِي عَيْنِ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِغْرَاقُ الْإِشَارَةِ فِي الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ اسْتِغْرَاقُ الشَّوَاهِدِ فِي الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْبَةُ الْمُرِيدِ فِي تَخَلُّصِ الْقَصْدِ عَنْ أَيْدِي الْعَلَائِقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْبَةُ السَّالِكِ عَنْ رُسُومِ الْعِلْمِ وَعِلَلِ السَّعْيِ وَرُخَصِ الْفُتُورِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْبَةُ الْعَارِفِ عَنْ عُيُونِ الْأَحْوَالِ وَالشَّوَاهِدِ وَالدَّرَجَاتِ فِي عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[دَرَجَاتُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَمَكُّنُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَمَكُّنُ السَّالِكِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَمَكُّنُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُكَاشَفَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[مَنْ يَنْتَفِعُ بِكَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُشَاهَدَةُ مَعْرِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُشَاهَدَةُ مُعَايَنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُشَاهَدَةُ جَمْعٍ]

- ‌[فَصْلُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْحَيَاةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمَقْصُودَةُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الْأُولَى حَيَاةُ الْعِلْمِ مِنْ مَوْتِ الْجَهْلِ وَهِيَ عَشْرُ مَرَاتِبَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ حَيَاةُ الْجَمْعِ مِنْ مَوْتِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّالِثَةُ حَيَاةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلُ الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلُ الْبَسْطِ]

- ‌[فَصْلُ السُّكْرِ]

- ‌[حَدُّ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلُ الصَّحْوِ]

- ‌[فَصْلُ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوهُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَعْرِفَةُ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَعْرِفَةُ الذَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَعْرِفَةٌ مُسْتَغْرِقَةٌ فِي مَحْضِ التَّعْرِيفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْفَنَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى فَنَاءُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْمَعْرُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ فَنَاءُ شُهُودِ الطَّلَبِ لِإِسْقَاطِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الْفَنَاءُ عَنْ شُهُودِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَقَاءُ]

- ‌[حَدُّ الْبَقَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحْقِيقُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ]

- ‌[عَدَمُ مُنَاسَبَةِ اسْمِ الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ التَّلْبِيسِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ تَلْبِيسُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْكَوْنِ عَلَى أَهْلِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي تَلْبِيسُ أَهِلَ الْغَيْرَةِ عَلَى الْأَوْقَاتِ بِإِخْفَائِهَا]

- ‌[الثَّالِثُ تَلْبِيسُ أَهْلِ التَّمْكِينِ عَلَى الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْنَى الْبَابِ عَلَى مَحْوِ الْأَسْبَابِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا وَالْوُقُوفِ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوُجُودُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ تَكَلَّمَ الْفَلَاسِفَةُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ وَالِاتِّحَادِيَّةُ فِي الْوُجُودِ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنِ الصَّوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّجْرِيدُ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَجْرِيدُ عَيْنِ الْكَشْفِ عَنْ كَسْبِ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَجْرِيدُ عَيْنِ الْجَمْعِ عَنْ دَرْكِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَجْرِيدُ الْخَلَاصِ مِنْ شُهُودِ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّفْرِيدُ]

- ‌[حَدُّ التَّفْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَقِّ]

- ‌[تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ بِالْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ عَنِ الْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ]

- ‌[حَدُّ الْجَمْعِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْجَمْعِ]

- ‌[الْجَمْعُ غَايَةُ مَقَامَاتِ السَّالِكِينَ]

- ‌[فَصْلٌ نِهَايَةُ السَّالِكِينَ تَكْمِيلُ مَرْتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ]

- ‌[التَّوْحِيدُ أَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِفْرَادُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْجُنَيْدُ]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الطَّوَائِفِ فِي التَّوْحِيدِ وَتَسْمِيَةُ كُلِّ طَائِفَةٍ بَاطِلَهُمْ تَوْحِيدًا]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ التَّوْحِيدِ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى " قَائِمًا بِالْقِسْطِ]

- ‌[فَصْلٌ مَزَاعِمُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهَادَتُهُ سُبْحَانَهُ تَتَضَمَّنُ بَيَانَهُ لِلْعِبَادِ وَدَلَالَتَهُمْ وَتَعْرِيفَهُمْ بِمَا شَهِدَ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى الرِّسَالَةِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شَهَادَتِهِ سُبْحَانَهُ مَا أَوْدَعَهُ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ مِنَ التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ بِكَلَامِهِ وَوَحْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ ضِمْنُ الشَّهَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ الثَّنَاءُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الشَّاهِدِينَ بِهَا وَتَعْدِيلِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ شَهَادَةِ أُولِي الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْعَامَّةِ الَّذِي يَصِحُّ بِالشَّوَاهِدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ حَقٌّ لَا يَتِمُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ الْإِيمَانِيُّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ الصَّحِيحُ هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ الَّذِي اخْتَصَّهُ الْحَقُّ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحَقَّهُ لِقَدْرِهِ]

الفصل: بَسْطًا ظَاهِرًا، مَعَ أَنَّ بَاطِنَهُ مَجْمُوعٌ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ الْقَبْضُ

بَسْطًا ظَاهِرًا، مَعَ أَنَّ بَاطِنَهُ مَجْمُوعٌ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ الْقَبْضُ الْخَالِصُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ، فَهُوَ فِي بَاطِنِهِ مَقْبُوضٌ، لِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ جَمْعِيَّتِهِ عَلَى اللَّهِ، وَفِي ظَاهِرِهِ مَبْسُوطٌ مَعَ الْخَلْقِ بَسْطًا ظَاهِرًا لِقُوَّتِهِ، قَصْدًا لِهِدَايَتِهِمْ إِلَى الْحَقِّ سُبْحَانَهُ، وَدَعْوَتِهِمْ إِلَيْهِ.

وَحَاصِلُ الْأَمْرِ: أَنَّهُ مَبْسُوطٌ بِظَاهِرِهِ لِدَعْوَةِ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ، وَمَقْبُوضٌ بِبَاطِنِهِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ، فَظَاهِرُهُ مُنْبَسِطٌ مَعَ الْخَلْقِ، وَبَاطِنُهُ مُنْقَبِضٌ عَنْهُمْ، لِقُوَّةِ تَعَلُّقِهِ بِاللَّهِ وَاشْتِغَالِهِ بِهِ عَنْهُمْ، فَهُوَ كَائِنٌ بَائِنٌ، دَاخِلٌ خَارِجٌ، مُتَّصِلٌ مُنْفَصِلٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ - وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 87 - 88] فَأَمَرَهُ بِتَجْرِيدِ الدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَتَجْرِيدِ عُبُودِيَّتِهِ وَحْدَهُ، وَهَذَانِ هُمَا أَصْلَا الدِّينِ، وَعَلَيْهِمَا مَدَارُهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصْلٌ الْجَمْعُ]

[حَدُّ الْجَمْعِ]

فَصْلٌ الْجَمْعُ

قَالَ: " بَابُ الْجَمْعِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] .

قُلْتُ: اعْتَقَدَ جَمَاعَةٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ: سَلْبُ فِعْلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى

ص: 394

الرَّبِّ تَعَالَى، وَجَعَلُوا ذَلِكَ أَصْلًا فِي الْجَبْرِ، وَإِبْطَالِ نِسْبَةِ الْأَفْعَالِ إِلَى الْعِبَادِ، وَتَحْقِيقِ نِسْبَتِهَا إِلَى الرَّبِّ وَحْدَهُ، وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُمْ فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ، فَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَوَجَبَ طَرْدُهُ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ، فَيُقَالُ: مَا صَلَّيْتَ إِذْ صَلَّيْتَ، وَمَا صُمْتَ إِذْ صُمْتَ، وَمَا ضَحَّيْتَ إِذْ ضَحَّيْتَ، وَلَا فَعَلْتَ كُلَّ فِعْلٍ إِذْ فَعَلْتَهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنْ طَرَدُوا ذَلِكَ لَزِمَهُمْ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ - طَاعَتِهِمْ وَمَعَاصِيهِمْ - إِذْ لَا فَرْقَ، فَإِنْ خَصُّوهُ بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ وَأَفْعَالِهِ جَمِيعِهَا، أَوْ رَمْيِهِ وَحْدَهُ؛ تَنَاقَضُوا، فَهَؤُلَاءِ لَمْ يُوَفَّقُوا لِفَهْمِ مَا أُرِيدَ بِالْآيَةِ.

وَبَعْدُ، فَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ رَمْيِهِ صلى الله عليه وسلم الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ بِقَبْضَةٍ مِنَ الْحَصْبَاءِ، فَلَمْ تَدَعْ وَجْهَ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا أَصَابَتْهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ تِلْكَ الرَّمْيَةَ مِنَ الْبَشَرِ لَا تَبْلُغُ هَذَا الْمَبْلَغَ، فَكَانَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم مَبْدَأُ الرَّمْيِ، وَهُوَ الْحَذْفُ، وَمِنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى نِهَايَتُهُ، وَهُوَ الْإِيصَالُ، فَأَضَافَ إِلَيْهِ رَمْيَ الْحَذْفِ الَّذِي هُوَ مَبْدَؤُهُ، وَنَفَى عَنْهُ رَمْيَ الْإِيصَالِ الَّذِي هُوَ نِهَايَتُهُ، وَنَظِيرُ هَذَا: قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ نَفْسِهَا {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} [الأنفال: 17] ثُمَّ قَالَ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] فَأَخْبَرَهُ: أَنَّهُ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي تَفَرَّدَ بِقَتْلِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِكُمْ أَنْتُمْ، كَمَا تَفَرَّدَ بِإِيصَالِ الْحَصَى إِلَى أَعْيُنِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِهِ وَلَكِنْ وَجْهُ الْإِشَارَةِ بِالْآيَةِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَقَامَ أَسْبَابًا ظَاهِرَةً، كَدَفْعِ الْمُشْرِكِينَ، وَتَوَلِّى دَفْعِهِمْ، وَإِهْلَاكِهِمْ بِأَسْبَابٍ بَاطِنَةٍ غَيْرِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَظْهَرُ لِلنَّاسِ، فَكَانَ مَا حَصَلَ مِنَ الْهَزِيمَةِ وَالْقَتْلِ وَالنُّصْرَةِ مُضَافًا إِلَيْهِ وَبِهِ، وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ.

قَالَ: " الْجَمْعُ: مَا أَسْقَطَ التَّفْرِقَةَ، وَقَطَعَ الْإِشَارَةَ، وَشَخَصَ عَنِ الْمَاءِ وَالطِّينِ، بَعْدَ صِحَّةِ التَّمْكِينِ، وَالْبَرَاءَةِ مِنَ التَّلْوِينِ، وَالْخَلَاصِ مِنْ شُهُودِ الثَّنَوِيَّةِ، وَالتَّنَافِي مِنْ إِحْسَاسِ الِاعْتِلَالِ، وَالتَّنَافِي مِنْ شُهُودِ شُهُودِهَا، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ: جَمْعُ عِلْمٍ، ثُمَّ جَمْعُ وُجُودٍ، ثُمَّ جَمْعُ عَيْنٍ.

قَوْلُهُ: " الْجَمْعُ: مَا أَسْقَطَ التَّفْرِقَةَ " هَذَا حَدٌّ غَيْرُ مُحْصِّلٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا يُحْمَدُ وَمَا

ص: 395

يُذَمُّ مِنَ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِقَةِ، فَإِنَّ " الْجَمْعَ " يَنْقَسِمُ إِلَى صَحِيحٍ وَبَاطِلٍ، وَ " التَّفْرِقَةُ " تَنْقَسِمُ إِلَى مَحْمُودٍ وَمَذْمُومٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُحْمَدُ مُطْلَقًا، وَلَا يُذَمُّ مُطْلَقًا، فَيُرَادُ بِالْجَمْعِ: جَمْعُ الْوُجُودِ، وَهُوَ جَمْعُ الْمَلَاحِدَةِ الْقَائِلِينَ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ، وَيُرِيدُونَ بِالتَّفْرِقَةِ: الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ، وَبَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ، وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ: الْجَمْعُ مَا أَسْقَطَ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ، وَيَقُولُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ: إِنَّهُمْ أَصْحَابُ جَمْعِ الْوُجُودِ، وَلِهَذَا صَرَّحَ بِمَا ذَكَرْنَا مُحَقِّقُو الْمَلَاحِدَةِ، فَقَالُوا: التَّفْرِقَةُ اعْتِبَارُ الْفَرْقِ بَيْنَ وُجُودٍ وَوُجُودٍ، فَإِذَا زَالَ الْفَرْقُ فِي نَظَرِ الْمُحَقِّقِ حَصَلَ لَهُ حَقِيقَةُ الْجَمْعِ.

وَيُرَادُ بِالْجَمْعِ: الْجَمْعُ بَيْنَ الْإِرَادَةِ وَالطَّلَبِ عَلَى الْمُرَادِ الْمَطْلُوبِ وَحْدَهُ، وَبِالتَّفْرِقَةِ: تَفْرِقَةُ الْهِمَّةِ وَالْإِرَادَةِ، وَهَذَا هُوَ الْجَمْعُ الصَّحِيحُ، وَالتَّفْرِقَةُ الْمَذْمُومَةُ، فَحَدُّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ: مَا أَزَالَ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ، وَأَمَّا جَمْعٌ يُزِيلُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ، وَالْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ، وَالْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ فَأَبْطَلُ الْبَاطِلِ، وَتِلْكَ التَّفْرِقَةُ هِيَ الْحَقُّ، وَأَهْلُ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ هُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ، كَمَا أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الْجَمْعِ هُمْ أَهْلُ الْإِلْحَادِ وَالْكُفْرِ وَالْوَثَنِيَّةِ.

وَيُرَادُ بِالْجَمْعِ: جَمْعُ الشُّهُودِ، وَبِالتَّفْرِقَةِ: مَا يُنَافِي ذَلِكَ، فَإِذَا زَالَ الْفَرْقُ فِي نَظَرِ الْمُشَاهِدِ، وَهُوَ مُثْبِتٌ لِلْفَرْقِ؛ كَانَ ذَلِكَ جَمْعًا فِي شُهُودِهِ خَاصَّةً، مَعَ تَحَقُّقِهِ بِالْفَرْقِ.

فَإِذَا عُرِفَ هَذَا، فَالْجَمْعُ الصَّحِيحُ: مَا أَسْقَطَ التَّفْرِقَةَ الطَّبِيعِيَّةَ النَّفْسِيَّةَ، وَهِيَ التَّفْرِقَةُ الْمَذْمُومَةُ، وَأَمَّا التَّفْرِقَةُ الْأَمْرِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ - بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ، وَالْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ - فَلَا يُحْمَدُ جَمْعٌ أَسْقَطَهَا، بَلْ يُذَمُّ كُلَّ الذَّمِّ، وَبِمِثْلِ هَذِهِ الْمُجْمَلَاتِ دَخَلَ عَلَى أَصْحَابِ السُّلُوكِ وَالْإِرَادَةِ مَا دَخَلَ.

قَوْلُهُ " وَقَطَعَ الْإِشَارَةَ " هُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ " مَا أَسْقَطَ التَّفْرِقَةَ " قَالَ أَهْلُ الْإِلْحَادِ: لَمَّا كَانَتِ الْإِشَارَةُ نِسْبَةً بَيْنَ شَيْئَيْنِ - مُشِيرٍ، وَمُشَارٍ إِلَيْهِ - كَانَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِلْثَنَوِيَّةِ، فَإِذَا جَاءَتِ الْوَحْدَةُ جَمْعِيَّةً، وَذَهَبَتِ الثَّنَوِيَّةُ؛ انْقَطَعَتِ الْإِشَارَةُ.

وَقَالَ أَهْلُ التَّوْحِيدِ: إِنَّمَا تَنْقَطِعُ الْإِشَارَةُ عِنْدَ كَمَالِ الْجَمْعِيَّةِ عَلَى اللَّهِ، فَلَا يَبْقَى فِي صَاحِبِ هَذِهِ الْجَمْعِيَّةِ مَوْضِعٌ لِلْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ جَمْعِيَّتَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ الْمُرَادِ غَيْبَتُهُ عَنِ الْإِشَارَةِ إِلَيْهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ جَمْعِيَّتَهُ أَفْنَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِشَارَتِهِ، فَفِي مَقَامِ الْفَنَاءِ تَنْقَطِعُ الْإِشَارَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَحْكَامِ الْبَشَرِيَّةِ.

قَوْلُهُ: " وَشَخَصَ عَنِ الْمَاءِ وَالطِّينِ "، هَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ.

ص: 396

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ بِالْمَاءِ وَالطِّينِ بَنِي آدَمَ، وَنَفْسَهُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، أَيْ شَخَصَ عَنِ النَّظَرِ إِلَى النَّاسِ وَالِالْتِفَاتِ إِلَيْهِمْ، وَتَعَلَّقَ الْقَلْبُ بِهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَخَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْعَلَائِقِ، وَأَصْعَبَهَا وَأَشَدَّهَا قَطْعًا لِصَاحِبِهَا هِيَ عَلَائِقُهُمْ، فَإِذَا شَخَصَ قَلْبُهُ عَنْهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ، فَعَنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ هُوَ أَبْعَدُ إِلَيْهِ مِنْهُمْ أَوْلَى وَأَحْرَى.

وَفِي ذِكْرِ الْمَاءِ وَالطِّينِ تَقْرِيرٌ لِهَذَا الشُّخُوصِ عَنْهُمْ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى تَعَيُّنِهِ وَوُجُوبِهِ، فَإِنَّ الْمَخْلُوقَ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ بَشَرٌ ضَعِيفٌ، لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ - وَلَا لِمَنْ تَعَلَّقَ بِهِ - جَلْبَ مَنْفَعَتِهِ، وَلَا دَفْعَ مَضَرَّةٍ، فَإِنَّ الْمَاءَ وَالطِّينَ مُنْفَعِلٌ لَا فَاعِلٌ، وَعَاجِزٌ مَهِينٌ لَا قَوِيٌّ مَتِينٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} [الصافات: 11] وَأَخْبَرَ: أَنَّهُ خَلَقَنَا {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: 8] فَحَقِيقٌ بِابْنِ الْمَاءِ وَالطِّينِ أَنْ يَشْخَصَ عَنْهُ الْقَلْبُ، لَا إِلَيْهِ، وَأَنْ يُعَوِّلَ عَلَى خَالِقِهِ وَحْدَهُ لَا عَلَيْهِ وَأَنْ يَجْعَلَ رَغْبَتَهُ كُلَّهَا فِيهِ وَفِيمَا لَدَيْهِ.

وَالْمَعْنَى الثَّانِي - الَّذِي يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ -: أَنْ يَشْخَصَ عَنْ أَحْكَامِ الطَّبِيعَةِ السُّفْلِيَّةِ النَّاشِئَةِ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، وَعَنْ مُتَعَلِّقَاتِهَا إِلَى أَحْكَامِ الْأَرْوَاحِ الْعُلْوِيَّةِ.

وَلَمَّا كَانَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِحِكْمَتِهِ وَعَجِيبِ صُنْعِهِ - قَدْ جَعَلَ الْإِنْسَانَ مُرَكَّبًا مِنْ جَوْهَرَيْنِ: جَوْهَرٍ طَبِيعِيٍّ كَثِيفٍ، وَهُوَ الْجِسْمُ، وَجَوْهَرٍ رُوحَانِيٍّ لَطِيفٍ، وَهُوَ الرُّوحُ، وَمِنْ شَأْنِ كُلِّ شَكْلٍ أَنْ يَمِيلَ إِلَى شَكْلِهِ، وَمِنْ طَبْعِ كُلِّ مِثْلٍ أَنْ يَنْجَذِبَ إِلَى مِثْلِهِ - صَارَ الْإِنْسَانُ يَنْجَذِبُ إِلَى الْعَالَمِ الطَّبِيعِيِّ، بِمَا فِيهِ مِنَ الْكَثَافَةِ، وَإِلَى الْعَالَمِ الرُّوحَانِيِّ بِمَا فِيهِ مِنَ اللَّطَافَةِ، فَصَارَ فِي الْإِنْسَانِ قُوَّتَانِ مُتَضَادَّتَانِ إِحْدَاهُمَا: تَجْذِبُهُ سُفْلًا، وَالثَّانِيَةُ: تَجْذِبُهُ عُلْوًا، فَمَنْ شَخَصَ عَنْ طَبِيعَةِ الْمَاءِ وَالطِّينِ، إِلَى مَحَلِّ الْأَرْوَاحِ الْعُلْوِيَّةِ، الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ؛ كَانَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْمَحْمُودِ، الَّذِي جَمَعَهُ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ النَّفْسِ وَالطَّبْعِ.

قَوْلُهُ: " بَعْدَ صِحَّةِ التَّمْكِينِ، وَالْبَرَاءَةِ مِنَ التَّلْوِينِ، وَالْخَلَاصِ مِنْ شُهُودِ الثَّنَوِيَّةِ "، مَعْنَاهُ: أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْخَصَ عَنِ الْمَاءِ وَالطِّينِ إِلَّا بَعْدَ صِحَّةِ تَمَكُّنِهِ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَبَرَاءَتِهِ مِنَ التَّلْوِينِ، فَشَرْطُ الشَّيْخِ حُصُولُ التَّمْكِينَ لَهُ، وَانْتِفَاءُ التَّلْوِينِ عَنْهُ، وَخَلَاصُهُ مِنْ شُهُودِ الثَّنَوِيَّةِ.

فَالتَّلْوِينُ: تَلَوُّنُهُ لِإِجَابَةِ دَوَاعِي الطَّبْعِ وَالنَّفْسِ، وَشُهُودُ الثَّنَوِيَّةِ: عِبَارَةٌ مُجْمَلَةٌ

ص: 397

مُحْتَمَلَةٌ، وَقَدْ حَمَلَهَا الْمُلْحِدُ عَلَى أَنَّهُ يَشْهَدُ عَبْدًا وَرَبًّا، وَقَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَخَالِقًا وَمَخْلُوقًا، وَالتَّوْحِيدُ الْمَحْضُ: أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ بِشُهُودِهِ وَحْدَةَ الْوُجُودِ، وَمَتَى شَهِدَ تَعَدُّدَ الْوُجُودِ كَانَ ثَنَوِيًّا عِنْدَ الْمَلَاحِدَةِ.

وَأَمَّا الْمُوَحِّدُونَ: فَالثَّنَوِيَّةُ الَّتِي يَجِبُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا: أَنْ يَتَّخِذَ إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ، فَيَشْهَدَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ شَهِدَ مَعَ اللَّهِ مَوْجُودًا غَيْرَهُ، وَهُوَ مُوجِدُهُ وَخَالِقُهُ وَفَاطِرُهُ: فَلَيْسَ بِثَنَوِيَّةٍ، بَلْ هُوَ تَوْحِيدٌ خَالِصٌ، وَلَا يَتِمُّ لَهُ التَّوْحِيدُ إِلَّا بِهَذَا الشُّهُودِ لِيَصِحَّ لَهُ نَفْيُ الْإِلَهِيَّةِ عَنْهُ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَنْفِي الْإِلَهِيَّةَ عَمَّا لَا يَشْهَدُهُ وَيَشْهَدُ نَفْيَهَا عَنْهُ؟

وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ صَاحِبَ الْجَمْعِ إِذَا شَهِدَ رَبًّا وَعَبْدًا، وَخَالِقًا وَمَخْلُوقَاتٍ، وَآمِرًا وَفَاعِلًا مَنَفِّذًا، وَمَحَرِّكًا، وَمَتَحَرِّكًا، وَوَلِيًّا وَعَدُوًّا: كَانَ ذَلِكَ مُوجَبَ عَقْدِ التَّوْحِيدِ.

وَصِحَّةُ التَّمْكِينِ هِيَ حِفْظُ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ بَقَاءُ شُهُودِ الرُّسُومِ فِي مَرْتَبَتِهَا.

وَكَأَنَّهُ نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى الِاحْتِرَازِ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِي تَخْطِفُهُمْ لَوَائِحُ شُهُودِ الْجَمْعِ، وَتَمَكُّنُهُمْ ضَعِيفٌ، فَيُنْكِرُونَ صُوَرَ الْخَلْقِ، حَتَّى يَقُولَ أَحَدُهُمْ: أَنَا نُورٌ مِنْ نُورِ رَبِّي، لِمَا يَغْلِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ مِنْ شُهُودِ الْجَمْعِ، وَعَدَمِ تَمَكُّنِهِ فِي الْبَقَاءِ، وَهَذَا قَدْ يَعْرِضُ لِلصَّادِقِ أَحْيَانًا، فَيَعْلَمُ أَنَّهُ غَالِطٌ، فَيَرْجِعُ إِلَى الْأَصْلِ، وَيُحَكِّمُ الْعِلْمَ عَلَى الْحَالِ، فَإِذَا صَحَا عَلِمَ أَنَّهُ غَالِطٌ مُخْطِئٌ، وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ قَالَ أَبُو يَزِيدَ: سُبْحَانِي، وَمَا فِي الْجُبَّةِ إِلَّا اللَّهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَأَخَذَ قَوْمٌ هَذِهِ الشَّطَحَاتِ فَجَعَلُوهَا غَايَةً يَجْرُونَ إِلَيْهَا، وَيَعْمَلُونَ عَلَيْهَا، فَالشَّيْخُ شَرَطَ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ شُهُودُ الْجَمْعِ إِلَّا لِمَنْ تَمَكَّنَ فِي شُهُودِ طَوْرِ الْبَقَاءِ.

قَوْلُهُ: " وَالتَّنَافِي مِنَ الْإِحْسَاسِ بِالِاعْتِلَالِ ".

الِاعْتِلَالُ عِنْدَهُمْ: هُوَ التَّفْرِقَةُ فِي الْأَسْبَابِ، وَالْوُقُوفُ مَعَ الرَّبْطِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُسَبِّبَاتِ وَأَسْبَابِهَا، وَذَلِكَ عَقْدٌ لَا يَحِلُّهُ إِلَّا شُهُودُ الْجَمْعِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنَ الْعَجْمِ وَالتَّعْقِيدِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ " وَالتَّنَافِي مِنْ شُهُودِ شُهُودِهَا " وَمُرَادُهُ: أَنْ يَنْتَفِيَ عَنْهُ شُهُودُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ - الَّتِي ذَكَرَهَا - كُلِّهَا، وَأَنْ يَفْنَى عَنْ هَذَا الشُّهُودِ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَفْنَ عَنْهَا كُلِّهَا، وَعَنْ شُهُودِ فَنَائِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ يَحِسُّ بِهَا، وَلَا يَقَعُ الْإِحْسَاسُ إِلَّا بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَ صَاحِبِ الْإِحْسَاسِ، فَإِذَا غَابَ عَنْ شُهُودِهَا، ثُمَّ عَنْ شُهُودِ الشُّهُودِ: فَقَدِ اسْتَقَرَّ قَدَمُهُ فِي حَضْرَةِ الْجَمْعِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِكَمَالٍ، وَلَا مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ، وَلَا يُعْطِي

ص: 398