المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ] ‌ ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ] وَمِنْ مَنَازِلِ " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْهِمَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْهِمَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هِمَّةٌ تَصُونُ الْقَلْبَ عَنْ وَحْشَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْفَانِي]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هِمَّةٌ تُورِثُ أَنَفَةً مِنَ الْمُبَالَاةِ بِالْعِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هِمَّةٌ تَتَصَاعَدُ عَنِ الْأَحْوَالِ وَالْمُعَامَلَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُسُومٌ وَحُدُودٌ قِيلَتْ فِي الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فصل أسباب المحبة]

- ‌[فَصْلٌ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَمَحَبَّةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهِمَّةِ وَالْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ أَوَّلُ أَوْدِيَةِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا دُونَ الْمَحَبَّةِ مِنَ الْمَقَامَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ هِيَ سِمَةُ الطَّائِفَةِ وَعُنْوَانُ الطَّرِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَحَبَّةٌ تَقْطَعُ الْوَسَاوِسَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُ عَلَى إِيثَارِ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَحَبَّةٌ خَاطِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَارُ شَأْنِ السَّالِكِينَ الْمُسَافِرِينَ إِلَى اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الثَّالِثَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَيْرَةُ سُقُوطُ الِاحْتِمَالِ ضَنًّا وَالضِّيقُ عَنِ الصَّبْرِ نَفَاسَةً]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْرَةُ الْعَابِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرَةُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْرَةُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ يُرَادُ بِهِ حَرَكَةُ الْقَلْبِ وَاهْتِيَاجُه لِلِقَاءِ الْمَحْبُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ هُبُوبُ الْقَلْبِ إِلَى غَائِبٍ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الشَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى شَوْقُ الْعَابِدِ إِلَى الْجَنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ شَوْقٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الشَّوْقُ الْخَالِصُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَلَقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْقَلَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْقَلَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى قَلَقٌ يُضَيِّقُ الْخُلُقَ وَيُبَغِّضُ الْخَلْقَ وَيُلَذِّذُ الْمَوْتَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ قَلَقٌ يُغَالِبُ الْعَقْلَ وَيُخَلِّي السَّمْعَ وَيُطَاوِلُ الطَّاقَةَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ قَلَقٌ لَا يَرْحَمُ أَبَدًا وَلَا يَقْبَلُ أَمَدًا وَلَا يُبْقِي أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ الْعَطَشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْعَطَشِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْعَطَشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى عَطَشُ الْمُرِيدِ إِلَى شَاهِدٍ يَرْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ عَطَشُ السَّالِكِ إِلَى أَجَلٍ يَطْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ عَطَشُ الْمُحِبِّ إِلَى جَلْوَةٍ مَا دُونَهَا سَحَابُ عَلَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْوَجْدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى وَجْدٌ عَارِضٌ يَسْتَفِيقُ لَهُ شَاهَدُ السَّمْعِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ وَجْدٌ تَسْتَفِيقُ لَهُ الرُّوحُ بِلَمْعِ نُورٍ أَزَلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ وَجْدٌ يَخْطِفُ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْكَوْنَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّهْشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الدَّهْشِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الدَّهْشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى دَهْشَةُ الْمُرِيدِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْحَالِ عَلَى عِلْمِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ دَهْشَةُ السَّالِكِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْجَمْعِ عَلَى رَسْمِهِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ دَهْشَةُ الْمُحِبِّ عِنْدَ صَوْلَةِ الِاتِّصَالِ عَلَى لُطْفِ الْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْزِلَةِ الْهَيَمَانِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هَيَمَانٌ فِي شِيَمِ أَوَائِلِ بَرْقِ اللُّطْفِ عِنْدَ قَصْدِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هَيَمَانٌ فِي تَلَاطُمِ أَمْوَاجِ التَّحْقِيقِ عِنْدَ ظُهُورِ بَرَاهِينِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هَيَمَانٌ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ وَمُعَايَنَةِ سُلْطَانِ الْأَزَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَرْقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْبَرْقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَرْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْعِدَةِ فِي عَيْنِ الرَّجَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْوَعِيدِ فِي عَيْنِ الْحَذَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ اللُّطْفِ فِي عَيْنِ الِافْتِقَارِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الذَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ بَابُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الذَّوْقُ أَبْقَى مِنَ الْوَجْدِ وَأَجْلَى مِنَ الْبَرْقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الذَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى ذَوْقُ التَّصْدِيقِ طَعْمَ الْعِدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ ذَوْقُ الْإِرَادَةِ طَعْمَ الْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ ذَوْقُ الِانْقِطَاعِ طَعْمَ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[حَقِيقَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[دَرَجَاتُ اللَّحْظِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُلَاحَظَةُ الْفَضْلِ سَبْقًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُلَاحَظَةُ نُورِ الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُلَاحَظَةُ عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْوَقْتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَقْتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَعَانِي الْوَقْتِ]

- ‌[الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَقْتُ وَجْدٍ صَادِقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّانِي اسْمٌ لِطَرِيقِ سَالِكٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّالِثِ: الْوَقْتُ الْحَقُّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الصَّفَاءِ]

- ‌[حَدُّ الصَّفَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الصَّفَاءِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى صَفَاءُ عِلْمٍ يُهَذِّبُ لِسُلُوكِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ صَفَاءُ حَالٍ يُشَاهَدُ بِهِ شَوَاهِدُ التَّحْقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ صَفَاءُ اتِّصَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السُّرُورِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ السُّرُورِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ السُّرُورِ]

- ‌[دَرَجَاتُ السُّرُورِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى سُرُورُ ذَوْقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ سُرُورُ شُهُودٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ سُرُورُ سَمَاعِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السِّرِّ]

- ‌[حَقِيقَةُ السِّرِّ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْحَابُ السِّرِّ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ]

- ‌[الْأُولَى طَائِفَةٌ عَلَتْ هِمَمُهُمْ وَصَفَتْ قُصُودُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِيَةُ طَائِفَةٌ أَشَارُوا عَنْ مَنْزِلٍ وَهُمْ فِي غَيْرِهِ وَوَرُّوا بِأَمْرٍ وَهُمْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثَةُ طَائِفَةٌ أَسَرَهُمُ الْحَقُّ عَنْهُمْ فَأَلَاحَ لَهُمْ لَائِحًا أَذْهَلَهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ مَا هُمْ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَنْفَاسُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْأَوَّلُ نَفَسٌ فِي حِينِ اسْتِتَارٍ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي نَفَسٌ فِي حِينِ التَّجَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ نَفَسٌ مُطَهَّرٌ بِمَاءِ الْقُدْسِ]

- ‌[فَصْلُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[الْأَوَّلُ غُرْبَةُ أَهْلِ اللَّهِ وَأَهْلِ سُنَةِ رَسُولِهِ بَيْنَ هَذَا الْخَلْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي غُرْبَةُ أَهْلِ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ غُرْبَةٌ مُشْتَرَكَةٌ لَا تُحْمَدُ وَلَا تُذَمُّ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الِاغْتِرَابِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى الْغُرْبَةُ عَنِ الْأَوْطَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غُرْبَةُ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غُرْبَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَرَقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَرَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَرَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى اسْتِغْرَاقُ الْعِلْمِ فِي عَيْنِ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِغْرَاقُ الْإِشَارَةِ فِي الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ اسْتِغْرَاقُ الشَّوَاهِدِ فِي الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْبَةُ الْمُرِيدِ فِي تَخَلُّصِ الْقَصْدِ عَنْ أَيْدِي الْعَلَائِقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْبَةُ السَّالِكِ عَنْ رُسُومِ الْعِلْمِ وَعِلَلِ السَّعْيِ وَرُخَصِ الْفُتُورِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْبَةُ الْعَارِفِ عَنْ عُيُونِ الْأَحْوَالِ وَالشَّوَاهِدِ وَالدَّرَجَاتِ فِي عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[دَرَجَاتُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَمَكُّنُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَمَكُّنُ السَّالِكِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَمَكُّنُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُكَاشَفَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[مَنْ يَنْتَفِعُ بِكَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُشَاهَدَةُ مَعْرِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُشَاهَدَةُ مُعَايَنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُشَاهَدَةُ جَمْعٍ]

- ‌[فَصْلُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْحَيَاةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمَقْصُودَةُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الْأُولَى حَيَاةُ الْعِلْمِ مِنْ مَوْتِ الْجَهْلِ وَهِيَ عَشْرُ مَرَاتِبَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ حَيَاةُ الْجَمْعِ مِنْ مَوْتِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّالِثَةُ حَيَاةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلُ الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلُ الْبَسْطِ]

- ‌[فَصْلُ السُّكْرِ]

- ‌[حَدُّ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلُ الصَّحْوِ]

- ‌[فَصْلُ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوهُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَعْرِفَةُ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَعْرِفَةُ الذَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَعْرِفَةٌ مُسْتَغْرِقَةٌ فِي مَحْضِ التَّعْرِيفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْفَنَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى فَنَاءُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْمَعْرُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ فَنَاءُ شُهُودِ الطَّلَبِ لِإِسْقَاطِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الْفَنَاءُ عَنْ شُهُودِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَقَاءُ]

- ‌[حَدُّ الْبَقَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحْقِيقُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ]

- ‌[عَدَمُ مُنَاسَبَةِ اسْمِ الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ التَّلْبِيسِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ تَلْبِيسُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْكَوْنِ عَلَى أَهْلِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي تَلْبِيسُ أَهِلَ الْغَيْرَةِ عَلَى الْأَوْقَاتِ بِإِخْفَائِهَا]

- ‌[الثَّالِثُ تَلْبِيسُ أَهْلِ التَّمْكِينِ عَلَى الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْنَى الْبَابِ عَلَى مَحْوِ الْأَسْبَابِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا وَالْوُقُوفِ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوُجُودُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ تَكَلَّمَ الْفَلَاسِفَةُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ وَالِاتِّحَادِيَّةُ فِي الْوُجُودِ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنِ الصَّوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّجْرِيدُ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَجْرِيدُ عَيْنِ الْكَشْفِ عَنْ كَسْبِ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَجْرِيدُ عَيْنِ الْجَمْعِ عَنْ دَرْكِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَجْرِيدُ الْخَلَاصِ مِنْ شُهُودِ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّفْرِيدُ]

- ‌[حَدُّ التَّفْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَقِّ]

- ‌[تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ بِالْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ عَنِ الْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ]

- ‌[حَدُّ الْجَمْعِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْجَمْعِ]

- ‌[الْجَمْعُ غَايَةُ مَقَامَاتِ السَّالِكِينَ]

- ‌[فَصْلٌ نِهَايَةُ السَّالِكِينَ تَكْمِيلُ مَرْتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ]

- ‌[التَّوْحِيدُ أَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِفْرَادُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْجُنَيْدُ]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الطَّوَائِفِ فِي التَّوْحِيدِ وَتَسْمِيَةُ كُلِّ طَائِفَةٍ بَاطِلَهُمْ تَوْحِيدًا]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ التَّوْحِيدِ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى " قَائِمًا بِالْقِسْطِ]

- ‌[فَصْلٌ مَزَاعِمُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهَادَتُهُ سُبْحَانَهُ تَتَضَمَّنُ بَيَانَهُ لِلْعِبَادِ وَدَلَالَتَهُمْ وَتَعْرِيفَهُمْ بِمَا شَهِدَ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى الرِّسَالَةِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شَهَادَتِهِ سُبْحَانَهُ مَا أَوْدَعَهُ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ مِنَ التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ بِكَلَامِهِ وَوَحْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ ضِمْنُ الشَّهَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ الثَّنَاءُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الشَّاهِدِينَ بِهَا وَتَعْدِيلِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ شَهَادَةِ أُولِي الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْعَامَّةِ الَّذِي يَصِحُّ بِالشَّوَاهِدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ حَقٌّ لَا يَتِمُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ الْإِيمَانِيُّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ الصَّحِيحُ هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ الَّذِي اخْتَصَّهُ الْحَقُّ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحَقَّهُ لِقَدْرِهِ]

الفصل: ‌ ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ] ‌ ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ] وَمِنْ مَنَازِلِ " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ]

[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ]

وَمِنْ مَنَازِلِ " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ غَيْرَتِهِ: حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ. وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ. وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ: أَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ» .

وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا، مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ «إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ: أَنْ يَأْتِيَ الْعَبْدُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ» .

وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعِدٍ؟ ! لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» .

وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي الْغَيْرَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45] .

قَالَ السَّرِيُّ لِأَصْحَابِهِ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَا الْحِجَابُ؟ حِجَابُ الْغَيْرَةِ. وَلَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلِ الْكُفَّارَ أَهْلًا لِفَهْمِ كَلَامِهِ، وَلَا أَهْلًا لِمَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَمَحَبَّتِهِ. فَجَعَلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِهِ وَكَلَامِهِ وَتَوْحِيدِهِ حِجَابًا مَسْتُورًا عَنِ الْعُيُونِ، غَيْرَةً عَلَيْهِ أَنْ يَنَالَهُ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا بِهِ.

ص: 44

وَالْغَيْرَةُ مَنْزِلَةٌ شَرِيفَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا، جَلِيلَةُ الْمِقْدَارِ. وَلَكِنَّ الصُّوفِيَّةَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ مَنْ قَلَبَ مَوْضُوعَهَا. وَذَهَبَ بِهَا مَذْهَبًا بَاطِلًا. سَمَّاهُ غَيْرَةً فَوَضَعَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا. وَلُبِّسَ عَلَيْهِ أَعْظَمُ تَلْبِيسٍ. كَمَا سَتَرَاهُ.

وَالْغَيْرَةُ نَوْعَانِ: غَيْرَةٌ مِنَ الشَّيْءِ. وَغَيْرَةٌ عَلَى الشَّيْءِ.

وَالْغَيْرَةُ مِنَ الشَّيْءِ: هِيَ كَرَاهَةُ مُزَاحَمَتِهِ وَمُشَارَكَتِهِ لَكَ فِي مَحْبُوبِكَ.

وَالْغَيْرَةُ عَلَى الشَّيْءِ: هِيَ شِدَّةُ حِرْصِكَ عَلَى الْمَحْبُوبِ أَنْ يَفُوزَ بِهِ غَيْرُكَ دُونَكَ أَوْ يُشَارِكَكَ فِي الْفَوْزِ بِهِ.

وَالْغَيْرَةُ أَيْضًا نَوْعَانِ: غَيْرَةُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ، كَغَيْرَتِهِ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى قَلْبِهِ، وَمِنْ تَفْرِقَتِهِ عَلَى جَمْعِيَّتِهِ، وَمِنْ إِعْرَاضِهِ عَلَى إِقْبَالِهِ، وَمِنْ صِفَاتِهِ الْمَذْمُومَةِ عَلَى صِفَاتِهِ الْمَمْدُوحَةِ.

وَهَذِهِ الْغَيْرَةُ خَاصِّيَّةُ النَّفْسِ الشَّرِيفَةِ الزَّكِيَّةِ الْعُلْوِيَّةِ. وَمَا لِلنَّفْسِ الدَّنِيَّةِ الْمَهِينَةِ فِيهَا نَصِيبٌ. وَعَلَى قَدْرِ شَرَفِ النَّفْسِ وَعُلُوِّ هِمَّتِهَا تَكُونُ هَذِهِ الْغَيْرَةُ.

ثُمَّ الْغَيْرَةُ أَيْضًا نَوْعَانِ: غَيْرَةُ الْحَقِّ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ، وَغَيْرَةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ لَا عَلَيْهِ. فَأَمَّا غَيْرَةُ الرَّبِّ عَلَى عَبْدِهِ: فَهِيَ أَنْ لَا يَجْعَلَهُ لِلْخَلْقِ عَبْدًا. بَلْ يَتَّخِذُهُ لِنَفْسِهِ عَبْدًا. فَلَا يَجْعَلُ لَهُ فِيهِ شُرَكَاءَ مُتَشَاكِسِينَ. بَلْ يُفْرِدُهُ لِنَفْسِهِ. وَيَضِنُّ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ. وَهَذِهِ أَعْلَى الْغَيْرَتَيْنِ.

وَغَيْرَةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، نَوْعَانِ أَيْضًا: غَيْرَةٌ مِنْ نَفْسِهِ. وَغَيْرَةٌ مِنْ غَيْرِهِ. فَالَّتِي مِنْ نَفْسِهِ: أَنْ لَا يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ وَأَوْقَاتِهِ وَأَنْفَاسِهِ لِغَيْرِ رَبِّهِ، وَالَّتِي مِنْ غَيْرِهِ: أَنْ يَغْضَبَ لِمَحَارِمِهِ إِذَا انْتَهَكَهَا الْمُنْتَهِكُونَ. وَلِحُقُوقِهِ إِذَا تَهَاوَنَ بِهَا الْمُتَهَاوِنُونَ.

وَأَمَّا الْغَيْرَةُ عَلَى اللَّهِ: فَأَعْظَمُ الْجَهْلِ وَأَبْطَلُ الْبَاطِلِ. وَصَاحِبُهَا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ جَهْلًا. وَرُبَّمَا أَدَّتْ بِصَاحِبِهَا إِلَى مُعَادَاتِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ. وَإِلَى انْسِلَاخِهِ مِنْ أَصْلِ الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ.

وَرُبَّمَا كَانَ صَاحِبُهَا شَرًّا عَلَى السَّالِكِينَ إِلَى اللَّهِ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ. بَلْ هُوَ مِنْ قُطَّاعِ طَرِيقِ السَّالِكِينَ حَقِيقَةً. وَأَخْرَجَ قَطْعَ الطَّرِيقِ فِي قَالَبِ الْغَيْرَةِ. وَأَيْنَ هَذَا مِنَ الْغَيْرَةِ لِلَّهِ؟ الَّتِي تُوجِبُ تَعْظِيمَ حُقُوقِهِ، وَتَصْفِيَةَ أَعْمَالِهِ وَأَحْوَالِهِ لِلَّهِ؟ فَالْعَارِفُ يَغَارُ لِلَّهِ. وَالْجَاهِلُ يَغَارُ عَلَى اللَّهِ. فَلَا يُقَالُ: أَنَا أَغَارُ عَلَى اللَّهِ. وَلَكِنْ أَنَا أَغَارُ لِلَّهِ.

وَغَيْرَةُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ: أَهَمُّ مِنْ غَيْرَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ. فَإِنَّكَ إِذَا غِرْتَ مِنْ نَفْسِكَ صَحَّتْ لَكَ غَيْرَتُكَ لِلَّهِ مِنْ غَيْرِكَ، وَإِذَا غِرْتَ لَهُ مِنْ غَيْرِكَ، وَلَمْ تَغِرْ مِنْ نَفْسِكَ: فَالْغَيْرَةُ مَدْخُولَةٌ

ص: 45

مَعْلُولَةٌ وَلَا بُدَّ. فَتَأَمَّلْهَا وَحَقِّقِ النَّظَرَ فِيهَا.

فَلْيَتَأَمَّلِ السَّالِكُ اللَّبِيبُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي هَذَا الْمَقَامِ، الَّذِي زَلَّتْ فِيهِ أَقْدَامُ كَثِيرٍ مِنَ السَّالِكِينَ. وَاللَّهُ الْهَادِي وَالْمُوَفِّقُ الْمُثَبِّتُ.

كَمَا حُكِيَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ مَشْهُورِي الصُّوفِيَّةِ، أَنَّهُ قَالَ: لَا أَسْتَرِيحُ حَتَّى لَا أَرَى مَنْ يَذْكُرُ اللَّهَ. يَعْنِي غَيْرَةً عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْغَفْلَةِ وَذِكْرِهِمْ.

وَالْعَجَبُ أَنَّ هَذَا يُعَدُّ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَمَحَاسِنِهِ.

وَغَايَةُ هَذَا: أَنْ يُعْذَرَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ. وَهُوَ مِنْ أَقْبَحِ الشَّطَحَاتِ. وَذِكْرُ اللَّهِ عَلَى الْغَفْلَةِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ خَيْرٌ مِنْ نِسْيَانِهِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَالْأَلْسُنُ مَتَى تَرَكَتْ ذِكْرَ اللَّهِ - الَّذِي هُوَ مَحْبُوبُهَا - اشْتَغَلَتْ بِذِكْرِ مَا يُبْغِضُهُ وَيَمْقُتُ عَلَيْهِ. فَأَيُّ رَاحَةٍ لِلْعَارِفِ فِي هَذَا؟ وَهَلْ هُوَ إِلَّا أَشَقُّ عَلَيْهِ، وَأَكْرَهُ إِلَيْهِ؟

وَقَوْلٌ آخَرُ: لَا أُحِبُّ أَنْ أَرَى اللَّهَ وَلَا أَنْظُرَ إِلَيْهِ. فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ؟ قَالَ: غَيْرَةً عَلَيْهِ مِنْ نَظَرِ مِثْلِي.

فَانْظُرْ إِلَى هَذِهِ الْغَيْرَةِ الْقَبِيحَةِ، الدَّالَّةِ عَلَى جَهْلِ صَاحِبِهَا، مَعَ أَنَّهُ فِي خِفَارَةِ ذُلِّهِ وَتَوَاضُعِهِ وَانْكِسَارِهِ وَاحْتِقَارِهِ لِنَفْسِهِ.

وَمِنْ هَذَا مَا يُحْكَى عَنِ الشِّبْلِيِّ: أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَنَوَّرَ لِحْيَتَهُ، حَتَّى أَذْهَبَ شَعْرَهَا كُلَّهُ. فَكُلُّ مَنْ أَتَاهُ مُعَزِّيًا، قَالَ: إِيشْ هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: وَافَقْتُ أَهْلِي فِي قَطْعِ شُعُورِهِمْ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: أَخْبِرْنِي لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: عَلِمْتُ أَنَّهُمْ يُعَزُّونَنِي عَلَى الْغَفْلَةِ وَيَقُولُونَ: آجَرَكَ اللَّهُ. فَفَدَيْتُ ذِكْرَهُمْ لِلَّهِ عَلَى الْغَفْلَةِ بِلِحْيَتِي.

فَانْظُرْ إِلَى هَذِهِ الْغَيْرَةِ الْمُحَرَّمَةِ الْقَبِيحَةِ، الَّتِي تَضَمَّنَتْ أَنْوَاعًا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ: حَلْقِ الشِّعْرِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَسَلَقَ وَخَرَقَ»

ص: 46

أَيْ حَلَقَ شَعْرَهُ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالنَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ. وَخَرَقَ ثِيَابَهُ.

وَمِنْهَا: حَلْقُ اللِّحْيَةِ، وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِعْفَائِهَا وَتَوْفِيرِهَا.

وَمِنْهَا: مَنْعُ إِخْوَانِهِ مِنْ تَعْزِيَتِهِ وَنَيْلِ ثَوَابِهَا.

وَمِنْهَا: كَرَاهَتُهُ لِجَرَيَانِ ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ بِالْغَفْلَةِ. وَذَلِكَ خَيْرٌ بِلَا شَكٍّ مِنْ تَرْكِ ذِكْرِهِ.

فَغَايَةُ صَاحِبِ هَذَا: أَنْ تُغْفَرَ لَهُ هَذِهِ الذُّنُوبُ وَيُعْفَى عَنْهُ. وَأَمَّا أَنْ يُعَدَّ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِهِ، وَفِي الْغَيْرَةِ الْمَحْمُودَةِ فَسُبْحَانُكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ.

وَمِنْ هَذَا: مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ النُّورِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يُؤَذِّنُ. فَقَالَ: طَعَنَهُ وَسْمُ الْمَوْتِ.

وَسَمِعَ كَلْبًا يَنْبَحُ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَقَالُوا لَهُ: هَذَا تَرْكٌ لِلدِّينِ.

وَصَدَقُوا وَاللَّهِ، يَقُولُ لِلْمُؤَذِّنِ فِي تَشَهُّدِهِ: طَعَنَهُ. وَسْمُ الْمَوْتِ. وَيُلَبِّي نُبَاحَ الْكَلْبِ؟

فَقَالَ: أَمَّا ذَاكَ فَكَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَنْ رَأْسِ الْغَفْلَةِ. وَأَمَّا الْكَلْبُ: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] .

فَيَالِلَّهِ! ! مَاذَا تَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوَاجِهُ هَذَا الْقَائِلِ لَوْ رَآهُ يَقُولُ ذَلِكَ، أَوْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَوْ مَنْ عَدَّ ذَلِكَ فِي الْمَنَاقِبِ وَالْمَحَاسِنِ؟ ! .

وَسَمِعَ الشِّبْلِيُّ رَجُلًا يَقُولُ: جَلَّ اللَّهُ. فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ تُجِلَّهُ عَنْ هَذَا.

وَأَذَّنَ مَرَّةً. فَلَمَّا بَلَغَ الشَّهَادَتَيْنِ، قَالَ: لَوْلَا أَنَّكَ أَمَرْتَنِي مَا ذَكَرْتُ مَعَكَ غَيْرَكَ. وَقَالَ بَعْضُ الْجُهَّالِ مِنَ الْقَوْمِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ أَصْلِ الْقَلْبِ، وَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْقُرْطِ.

وَنَحْنُ نَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، مِنْ تَمَامِ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَالْكَلِمَتَانِ يَخْرُجَانِ مِنْ أَصْلِ الْقَلْبِ، مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ. لَا تَتِمُّ إِحْدَاهُمَا إِلَّا بِالْأُخْرَى.

ص: 47