المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا بِشَيْءٍ، وَلَا فَعَلَ شَيْئًا لِأَجْلِ - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْهِمَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْهِمَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هِمَّةٌ تَصُونُ الْقَلْبَ عَنْ وَحْشَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْفَانِي]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هِمَّةٌ تُورِثُ أَنَفَةً مِنَ الْمُبَالَاةِ بِالْعِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هِمَّةٌ تَتَصَاعَدُ عَنِ الْأَحْوَالِ وَالْمُعَامَلَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُسُومٌ وَحُدُودٌ قِيلَتْ فِي الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فصل أسباب المحبة]

- ‌[فَصْلٌ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَمَحَبَّةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهِمَّةِ وَالْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ أَوَّلُ أَوْدِيَةِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا دُونَ الْمَحَبَّةِ مِنَ الْمَقَامَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ هِيَ سِمَةُ الطَّائِفَةِ وَعُنْوَانُ الطَّرِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَحَبَّةٌ تَقْطَعُ الْوَسَاوِسَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُ عَلَى إِيثَارِ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَحَبَّةٌ خَاطِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَارُ شَأْنِ السَّالِكِينَ الْمُسَافِرِينَ إِلَى اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الثَّالِثَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَيْرَةُ سُقُوطُ الِاحْتِمَالِ ضَنًّا وَالضِّيقُ عَنِ الصَّبْرِ نَفَاسَةً]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْرَةُ الْعَابِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرَةُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْرَةُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ يُرَادُ بِهِ حَرَكَةُ الْقَلْبِ وَاهْتِيَاجُه لِلِقَاءِ الْمَحْبُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ هُبُوبُ الْقَلْبِ إِلَى غَائِبٍ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الشَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى شَوْقُ الْعَابِدِ إِلَى الْجَنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ شَوْقٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الشَّوْقُ الْخَالِصُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَلَقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْقَلَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْقَلَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى قَلَقٌ يُضَيِّقُ الْخُلُقَ وَيُبَغِّضُ الْخَلْقَ وَيُلَذِّذُ الْمَوْتَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ قَلَقٌ يُغَالِبُ الْعَقْلَ وَيُخَلِّي السَّمْعَ وَيُطَاوِلُ الطَّاقَةَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ قَلَقٌ لَا يَرْحَمُ أَبَدًا وَلَا يَقْبَلُ أَمَدًا وَلَا يُبْقِي أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ الْعَطَشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْعَطَشِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْعَطَشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى عَطَشُ الْمُرِيدِ إِلَى شَاهِدٍ يَرْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ عَطَشُ السَّالِكِ إِلَى أَجَلٍ يَطْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ عَطَشُ الْمُحِبِّ إِلَى جَلْوَةٍ مَا دُونَهَا سَحَابُ عَلَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْوَجْدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى وَجْدٌ عَارِضٌ يَسْتَفِيقُ لَهُ شَاهَدُ السَّمْعِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ وَجْدٌ تَسْتَفِيقُ لَهُ الرُّوحُ بِلَمْعِ نُورٍ أَزَلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ وَجْدٌ يَخْطِفُ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْكَوْنَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّهْشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الدَّهْشِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الدَّهْشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى دَهْشَةُ الْمُرِيدِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْحَالِ عَلَى عِلْمِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ دَهْشَةُ السَّالِكِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْجَمْعِ عَلَى رَسْمِهِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ دَهْشَةُ الْمُحِبِّ عِنْدَ صَوْلَةِ الِاتِّصَالِ عَلَى لُطْفِ الْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْزِلَةِ الْهَيَمَانِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هَيَمَانٌ فِي شِيَمِ أَوَائِلِ بَرْقِ اللُّطْفِ عِنْدَ قَصْدِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هَيَمَانٌ فِي تَلَاطُمِ أَمْوَاجِ التَّحْقِيقِ عِنْدَ ظُهُورِ بَرَاهِينِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هَيَمَانٌ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ وَمُعَايَنَةِ سُلْطَانِ الْأَزَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَرْقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْبَرْقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَرْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْعِدَةِ فِي عَيْنِ الرَّجَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْوَعِيدِ فِي عَيْنِ الْحَذَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ اللُّطْفِ فِي عَيْنِ الِافْتِقَارِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الذَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ بَابُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الذَّوْقُ أَبْقَى مِنَ الْوَجْدِ وَأَجْلَى مِنَ الْبَرْقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الذَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى ذَوْقُ التَّصْدِيقِ طَعْمَ الْعِدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ ذَوْقُ الْإِرَادَةِ طَعْمَ الْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ ذَوْقُ الِانْقِطَاعِ طَعْمَ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[حَقِيقَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[دَرَجَاتُ اللَّحْظِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُلَاحَظَةُ الْفَضْلِ سَبْقًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُلَاحَظَةُ نُورِ الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُلَاحَظَةُ عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْوَقْتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَقْتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَعَانِي الْوَقْتِ]

- ‌[الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَقْتُ وَجْدٍ صَادِقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّانِي اسْمٌ لِطَرِيقِ سَالِكٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّالِثِ: الْوَقْتُ الْحَقُّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الصَّفَاءِ]

- ‌[حَدُّ الصَّفَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الصَّفَاءِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى صَفَاءُ عِلْمٍ يُهَذِّبُ لِسُلُوكِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ صَفَاءُ حَالٍ يُشَاهَدُ بِهِ شَوَاهِدُ التَّحْقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ صَفَاءُ اتِّصَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السُّرُورِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ السُّرُورِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ السُّرُورِ]

- ‌[دَرَجَاتُ السُّرُورِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى سُرُورُ ذَوْقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ سُرُورُ شُهُودٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ سُرُورُ سَمَاعِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السِّرِّ]

- ‌[حَقِيقَةُ السِّرِّ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْحَابُ السِّرِّ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ]

- ‌[الْأُولَى طَائِفَةٌ عَلَتْ هِمَمُهُمْ وَصَفَتْ قُصُودُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِيَةُ طَائِفَةٌ أَشَارُوا عَنْ مَنْزِلٍ وَهُمْ فِي غَيْرِهِ وَوَرُّوا بِأَمْرٍ وَهُمْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثَةُ طَائِفَةٌ أَسَرَهُمُ الْحَقُّ عَنْهُمْ فَأَلَاحَ لَهُمْ لَائِحًا أَذْهَلَهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ مَا هُمْ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَنْفَاسُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْأَوَّلُ نَفَسٌ فِي حِينِ اسْتِتَارٍ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي نَفَسٌ فِي حِينِ التَّجَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ نَفَسٌ مُطَهَّرٌ بِمَاءِ الْقُدْسِ]

- ‌[فَصْلُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[الْأَوَّلُ غُرْبَةُ أَهْلِ اللَّهِ وَأَهْلِ سُنَةِ رَسُولِهِ بَيْنَ هَذَا الْخَلْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي غُرْبَةُ أَهْلِ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ غُرْبَةٌ مُشْتَرَكَةٌ لَا تُحْمَدُ وَلَا تُذَمُّ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الِاغْتِرَابِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى الْغُرْبَةُ عَنِ الْأَوْطَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غُرْبَةُ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غُرْبَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَرَقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَرَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَرَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى اسْتِغْرَاقُ الْعِلْمِ فِي عَيْنِ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِغْرَاقُ الْإِشَارَةِ فِي الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ اسْتِغْرَاقُ الشَّوَاهِدِ فِي الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْبَةُ الْمُرِيدِ فِي تَخَلُّصِ الْقَصْدِ عَنْ أَيْدِي الْعَلَائِقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْبَةُ السَّالِكِ عَنْ رُسُومِ الْعِلْمِ وَعِلَلِ السَّعْيِ وَرُخَصِ الْفُتُورِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْبَةُ الْعَارِفِ عَنْ عُيُونِ الْأَحْوَالِ وَالشَّوَاهِدِ وَالدَّرَجَاتِ فِي عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[دَرَجَاتُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَمَكُّنُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَمَكُّنُ السَّالِكِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَمَكُّنُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُكَاشَفَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[مَنْ يَنْتَفِعُ بِكَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُشَاهَدَةُ مَعْرِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُشَاهَدَةُ مُعَايَنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُشَاهَدَةُ جَمْعٍ]

- ‌[فَصْلُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْحَيَاةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمَقْصُودَةُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الْأُولَى حَيَاةُ الْعِلْمِ مِنْ مَوْتِ الْجَهْلِ وَهِيَ عَشْرُ مَرَاتِبَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ حَيَاةُ الْجَمْعِ مِنْ مَوْتِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّالِثَةُ حَيَاةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلُ الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلُ الْبَسْطِ]

- ‌[فَصْلُ السُّكْرِ]

- ‌[حَدُّ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلُ الصَّحْوِ]

- ‌[فَصْلُ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوهُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَعْرِفَةُ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَعْرِفَةُ الذَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَعْرِفَةٌ مُسْتَغْرِقَةٌ فِي مَحْضِ التَّعْرِيفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْفَنَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى فَنَاءُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْمَعْرُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ فَنَاءُ شُهُودِ الطَّلَبِ لِإِسْقَاطِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الْفَنَاءُ عَنْ شُهُودِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَقَاءُ]

- ‌[حَدُّ الْبَقَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحْقِيقُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ]

- ‌[عَدَمُ مُنَاسَبَةِ اسْمِ الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ التَّلْبِيسِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ تَلْبِيسُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْكَوْنِ عَلَى أَهْلِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي تَلْبِيسُ أَهِلَ الْغَيْرَةِ عَلَى الْأَوْقَاتِ بِإِخْفَائِهَا]

- ‌[الثَّالِثُ تَلْبِيسُ أَهْلِ التَّمْكِينِ عَلَى الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْنَى الْبَابِ عَلَى مَحْوِ الْأَسْبَابِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا وَالْوُقُوفِ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوُجُودُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ تَكَلَّمَ الْفَلَاسِفَةُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ وَالِاتِّحَادِيَّةُ فِي الْوُجُودِ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنِ الصَّوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّجْرِيدُ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَجْرِيدُ عَيْنِ الْكَشْفِ عَنْ كَسْبِ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَجْرِيدُ عَيْنِ الْجَمْعِ عَنْ دَرْكِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَجْرِيدُ الْخَلَاصِ مِنْ شُهُودِ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّفْرِيدُ]

- ‌[حَدُّ التَّفْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَقِّ]

- ‌[تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ بِالْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ عَنِ الْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ]

- ‌[حَدُّ الْجَمْعِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْجَمْعِ]

- ‌[الْجَمْعُ غَايَةُ مَقَامَاتِ السَّالِكِينَ]

- ‌[فَصْلٌ نِهَايَةُ السَّالِكِينَ تَكْمِيلُ مَرْتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ]

- ‌[التَّوْحِيدُ أَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِفْرَادُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْجُنَيْدُ]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الطَّوَائِفِ فِي التَّوْحِيدِ وَتَسْمِيَةُ كُلِّ طَائِفَةٍ بَاطِلَهُمْ تَوْحِيدًا]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ التَّوْحِيدِ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى " قَائِمًا بِالْقِسْطِ]

- ‌[فَصْلٌ مَزَاعِمُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهَادَتُهُ سُبْحَانَهُ تَتَضَمَّنُ بَيَانَهُ لِلْعِبَادِ وَدَلَالَتَهُمْ وَتَعْرِيفَهُمْ بِمَا شَهِدَ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى الرِّسَالَةِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شَهَادَتِهِ سُبْحَانَهُ مَا أَوْدَعَهُ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ مِنَ التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ بِكَلَامِهِ وَوَحْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ ضِمْنُ الشَّهَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ الثَّنَاءُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الشَّاهِدِينَ بِهَا وَتَعْدِيلِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ شَهَادَةِ أُولِي الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْعَامَّةِ الَّذِي يَصِحُّ بِالشَّوَاهِدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ حَقٌّ لَا يَتِمُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ الْإِيمَانِيُّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ الصَّحِيحُ هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ الَّذِي اخْتَصَّهُ الْحَقُّ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحَقَّهُ لِقَدْرِهِ]

الفصل: وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا بِشَيْءٍ، وَلَا فَعَلَ شَيْئًا لِأَجْلِ

وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا بِشَيْءٍ، وَلَا فَعَلَ شَيْئًا لِأَجْلِ شَيْءٍ.

فَهَذَا غَايَةُ تَوْحِيدِهِمُ الَّذِي يَحُومُونَ حَوْلَهُ، وَيُبَالِغُونَ فِي تَقْرِيرِهِ.

فَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ أَضْحَكُوا عَلَيْهِمُ الْعُقَلَاءَ، وَأَشْمَتُوا بِهِمُ الْأَعْدَاءِ، وَنَهَجُوا لِأَعْدَاءِ الرُّسُلِ طَرِيقَ إِسَاءَةِ الظَّنِّ بِهِمْ، وَجَنَوْا عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ أَعْظَمَ جِنَايَةٍ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، الْمُوَكَّلُونَ بِكَسْرِ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ وَأَعْدَاءِ الرُّسُلِ، وَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ كَسَرُوا الدِّينَ وَسَلَّطُوا عَلَيْهِ الْمُبْطِلِينَ، وَقَدْ قِيلَ: إِيَّاكَ وَمُصَاحَبَةَ الْجَاهِلِ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ.

فَقِفْ مَعَ الْأَسْبَابِ حَيْثُ أُمِرْتَ بِالْوُقُوفِ مَعَهَا، وَفَارِقْهَا حَيْثُ أُمِرْتَ بِمُفَارَقَتِهَا، كَمَا فَارَقَهَا الْخَلِيلُ وَهُوَ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ، حَيْثُ عَرَضَ لَهُ جِبْرِيلُ أَقْوَى الْأَسْبَابِ، فَقَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا.

وَدُرْ مَعَهَا حَيْثُ دَارَتْ، نَاظِرًا إِلَى مَنْ أَزِمَّتُهَا بِيَدَيْهِ، وَالْتَفَتَ إِلَيْهَا الْتِفَاتَ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ إِلَى تَنْفِيذِ مَا أُمِرَ بِهِ، وَالتَّحْدِيقِ نَحْوَهُ، وَارْعَهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، وَلَا تَغِبْ عَنْهَا وَلَا تَفْنَ عَنْهَا، بَلِ انْظُرْ إِلَيْهَا وَهِيَ فِي رُتْبَتِهَا الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ إِيَّاهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ غَيْبَتَكَ بِمُسَبِّبِهَا عَنْهَا نَقْصٌ فِي عُبُودِيَّتِكَ، بَلِ الْكَمَالُ: أَنَّ تَشْهَدَ الْمَعْبُودَ، وَتَشْهَدَ قِيَامَكَ بِعُبُودِيَّتِهِ، وَتَشْهَدَ أَنَّ قِيَامَكَ بِهِ لَا بِكَ، وَمِنْهُ لَا مِنْكَ، وَبِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ لَا بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، وَمَتَى خَرَجْتَ عَنْ ذَلِكَ وَقَعْتَ فِي انْحِرَافَيْنِ، لَابُدَّ لَكَ مِنْ أَحَدِهِمَا: إِمَّا أَنْ تَغِيبَ بِهَا عَنِ الْمَقْصُودِ لِذَاتِهِ، لِضَعْفِ نَظَرِكَ وَغَفْلَتِكَ، وَقُصُورِ عِلْمِكَ وَمَعْرِفَتِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَغِيبَ بِالْمَقْصُودِ عَنْهَا، بِحَيْثُ لَا تَلْتَفِتُ إِلَيْهَا.

وَالْكَمَالُ: أَنْ يُسَلِّمَكَ اللَّهُ مِنَ الِانْحِرَافَيْنِ، فَتَبْقَى عَبْدًا مُلَاحِظًا لِلْعُبُودِيَّةِ، نَاظِرًا إِلَى الْمَعْبُودِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

[فَصْلٌ الْوُجُودُ]

[حَقِيقَةُ الْوُجُودِ]

فَصْلٌ الْوُجُودُ

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: " (بَابُ الْوُجُودِ) أَطْلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآنِ اسْمَ الْوُجُودِ عَلَى نَفْسِهِ صَرِيحًا فِي مَوَاضِعَ، فَقَالَ تَعَالَى {يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا - لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 110 - 64]

ص: 378

{وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ} [النور: 39] الْوُجُودُ: الظَّفَرُ بِحَقِيقَةِ الشَّيْءِ، وَهُوَ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ، أَوَّلُهَا: وُجُودُ عِلْمٍ لَدُنِّيِّ، يَقْطَعُ عُلُومَ الشَّوَاهِدِ فِي صِحَّةِ مُكَاشَفَةِ الْحَقِّ إِيَّاكَ، وَالثَّانِي: وُجُودُ الْحَقِّ وُجُودَ عَيْنٍ مُنْقَطِعًا عَنْ مَسَاغِ الْإِشَارَةِ، وَالثَّالِثُ: وُجُودُ مَقَامِ اضْمِحْلَالِ رَسْمِ الْوُجُودِ فِيهِ بِالِاسْتِغْرَاقِ فِي الْأَوَّلِيَّةِ.

هَذَا الْبَابُ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي شَمَّرَ إِلَيْهِ الْقَوْمُ، وَالْغَايَةُ الَّتِي قَصَدُوهَا، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُمْ قَصَدُوا مَعْنًى صَحِيحًا، وَعَبَّرُوا عَنْهُ بِالْوُجُودِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَاتِ وَنَظِيرِهَا، وَلَكِنْ لَيْسَ مَقْصُودُهُمْ مَا تَضَمَّنُهُ الْوِجْدَانُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، فَإِنَّهُ وِجْدَانُ الْمَطْلُوبِ تَعَلَّقَ بِاسْمٍ أَوْ صِفَةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] فَهَذَا وُجُودٌ مُقَيَّدٌ بِظَفَرِهِمْ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَجِدُ مَا ظَنَّهُ مَنْ مَغْفِرَةُ اللَّهِ لَهُ حَاصِلَةٌ، وَكَذَلِكَ {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} [النور: 39] فَهَذَا وِجْدَانُ الْكَافِرِ لِرَبِّهِ عِنْدَ حِسَابِهِ لَهُ عَلَى أَعْمَالِهِ، وَلَيْسَ هَذَا هُوَ الْوُجُودَ الَّذِي يُشِيرُ الْقَوْمُ إِلَيْهِ، بَلْ مِنْهُ الْأَثَرُ الْمَعْرُوفُ «ابْنَ آدَمَ، اطْلُبْنِي تَجِدْنِي، فَإِنْ وَجَدْتَنِي وَجَدْتَ كُلَّ شَيْءٍ، وَإِنْ فُتُّكَ فَاتَكَ كُلُّ شَيْءٍ، وَأَنَا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ،» وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي،» وَمِنْهُ الْأَثَرُ الْإِسْرَائِيلِيُّ: أَنَّ مُوسَى قَالَ: يَا رَبِّ أَيْنَ أَجِدُكَ؟ قَالَ: عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ أَجْلِي، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَبْدِي، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أُطْعِمُكَ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدَتْ ذَلِكَ عِنْدِي، عَبْدِي اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، عَبْدِي مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ

ص: 379

رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: مَرِضَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ» .

فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَالْإِسْقَاءِ «لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي» وَقَوْلَهُ فِي الْعِيَادَةِ «لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ» وَلَمْ يَقُلْ: لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، إِيذَانًا بِقُرْبِهِ مِنَ الْمَرِيضِ، وَأَنَّهُ عِنْدَهُ، لِذُلِّهِ وَخُضُوعِهِ، وَانْكِسَارِ قَلْبِهِ، وَافْتِقَارِهِ إِلَى رَبِّهِ، فَأَوْجَبَ ذَلِكَ وُجُودَ اللَّهِ عِنْدَهُ، هَذَا، وَهُوَ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ عِنْدَ عَبْدِهِ، فَوُجُودُ الْعَبْدِ عِنْدَ رَبِّهِ ظَفَّرَهُ بِالْوُصُولِ إِلَيْهِ.

وَالنَّاسُ ثَلَاثَةٌ: سَالِكٌ، وَوَاصِلٌ، وَوَاجِدٌ.

فَإِنْ قُلْتَ: اضْرِبْ لِي مَثَلًا، أَفْهَمُ بِهِ مَعْنَى الْوُصُولِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْوُجُودِ.

قُلْتُ: إِذَا بَلَغَكَ أَنَّ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا كَنْزًا عَظِيمًا، مَنْ ظَفِرَ بِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ، اسْتَغْنَى غِنَى الدَّهْرِ، وَتَرَحَّلَ عَنْهُ الْعَدَمُ وَالْفَقْرُ، فَتَحَرَّكَتْ نَفْسُهُ لِلسَّيْرِ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ فِي التَّأَهُّبِ لِلْمَسِيرِ، فَلَمَّا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ انْتَهَى إِلَى الْكَنْزِ وَوَصَلَ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِتَحْوِيلِهِ إِلَى دَارِهِ، وَحُصُولِهِ عِنْدَهُ بَعْدُ، فَهُوَ وَاصِلٌ غَيْرُ وَاجِدٍ، وَالَّذِي فِي الطَّرِيقِ سَالِكٌ، وَالْقَاعِدُ عَنِ الطَّلَبِ مُنْقَطِعٌ، وَآخِذُ الْكَنْزِ - بِحَيْثُ حَصَلَ عِنْدَهُ، وَصَارَ فِي دَارِهِ - وَاجِدٌ، فَهَذَا الْمَعْنَى حَوْلَهُ حَامَ الْقَوْمُ، وَعَلَيْهِ دَارَتْ إِشَارَاتُهُمْ فَعِنْدَهُمُ التَّوَاجُدُ بِدَايَةٌ، وَالْوَاجِدُ وَاسِطَةٌ، وَالْوُجُودُ نِهَايَةٌ.

وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ يَتَكَلَّفُ التَّوَاجُدَ، فَيَقْوَى عَلَيْهِ حَتَّى يَصِيرَ وَاجِدًا، ثُمَّ يَسْتَغْرِقُ فِي وَجْدِهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى مَوْجُودِهِ.

وَيَسْتَشْكِلُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ النُّورِيِّ: أَنَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً بَيْنَ الْوَجْدِ وَالْفَقْدِ إِذَا وَجَدْتُ رَبِّي فَقَدْتُ قَلْبِي، وَإِذَا وَجَدْتُ قَلْبِي فَقَدْتُ رَبِّي، وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّ الْوُجُودَ الصَّحِيحَ يُغَيِّبُ الْوَاجِدَ عَنْهُ، وَيُجَرِّدُهُ مِنْهُ، فَيَفْنَى بِمَوْجُودِهِ عَنْ وُجُودِهِ، وَبِمَشْهُودِهِ عَنْ شُهُودِهِ، فَإِذَا وَجَدَ الْحَقِيقَةَ غَابَ عَنْ قَلْبِهِ وَعَنْ صِفَاتِهِ، وَإِذَا غَابَتْ عَنْهُ الْحَقِيقَةُ بَقِيَ مَعَ صِفَاتِهِ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قِيلَ:

وُجُودِي أَنْ أَغِيبَ عَنِ الْوُجُودِ

بِمَا يَبْدُو عَلَيَّ مِنَ الشُّهُودِ

ص: 380

وَمَا فِي الْوَجْدِ مَوْجُودٌ وَلَكِنْ

فَخَرْتُ بِوَجْدِ مَوْجُودِ الْوُجُودِ

وَقَدْ مَثَّلَ التَّوَاجُدَ وَالْوَجْدَ وَالْوُجُودَ بِمُشَاهَدَةِ الْبَحْرِ وَرُكُوبِهِ وَالْغَرَقِ فِيهِ، فَقِيلَ: التَّوَاجُدُ يُوجِبُ اسْتِيعَابَ الْعَبْدِ، وَالْوَجْدُ: يُوجِبُ اسْتِغْرَاقَ الْعَبْدِ، وَالْوُجُودُ: يُوجِبُ اسْتِهْلَاكَ الْعَبْدِ، وَهَذِهِ عِبَارَاتٌ وَاسْتِعَارَاتٌ لِلْمَرَاتِبِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ الْبِدَايَةُ، وَالتَّوَسُّطُ، وَالنِّهَايَةُ، وَالسُّلُوكُ وَالْوُصُولُ - عِنْدَهُمْ - قُصُودٌ، ثُمَّ وُرُودٌ، ثُمَّ شُهُودٌ، ثُمَّ وُجُودٌ، ثُمَّ خُمُودٌ، فَيَقْصِدُ أَوَّلًا، ثُمَّ يَرِدُ، ثُمَّ يَشْهَدُ، ثُمَّ يَجِدُ، ثُمَّ تَخْمَدُ نَفْسُهُ، وَتَذْهَبُ بِالْكُلِّيَّةِ.

وَالْوَجْدُ مَا يَرِدُ عَلَى النَّاظِرِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يُكْسِبُهُ فَرَحًا أَوْ حُزْنًا، وَهِيَ فَرْحَةٌ يَجِدُهَا الْمَغْلُوبُ عَلَيْهِ بِصِفَاتٍ شَرِيفَةٍ يَنْظُرُ إِلَى اللَّهِ مِنْهَا، وَالتَّوَاجُدُ اسْتِجْلَابُ الْوَجْدِ بِالتَّذَكُّرِ وَالتَّفَكُّرِ، لِاتِّسَاعِ فُرْجَةِ الْوَجْدِ بِالْخُرُوجِ إِلَى فَضَاءِ الْوِجْدَانِ، فَلَا وَجْدَ عِنْدَهُمْ مَعَ الْوِجْدَانِ، كَمَا لَا خَبَرَ مَعَ الْعِيَانِ، وَالْوَجْدُ عُرْضَةٌ لِلزَّوَالِ، وَالْوُجُودُ ثَابِتٌ ثُبُوتَ الْجِبَالِ، وَقَدْ قِيلَ:

قَدْ كَانَ يُطْرِبُنِي وَجْدِي فَأَقْعَدَنِي

عَنْ رُؤْيَةِ الْوَجْدِ مَنْ بِالْوَجْدِ مَوْجُودُ

وَالْوَجْدُ يُطْرِبُ مَنْ فِي الْوَجْدِ رَاحَتُهُ

وَالْوَجْدُ عِنْدَ حُضُورِ الْحَقِّ مَقْصُودُ

فَالتَّوَاجُدُ: اسْتِدْعَاءُ الْوَجْدِ بِنَوْعِ اخْتِيَارٍ وَتَكَلُّفٍ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ كَمَالُ الْوَجْدِ، إِذْ لَوْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَكَانَ وَجْدًا، وَبَابُ التَّفَاعُلِ يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ مَبْنَاهُ عَلَى إِظْهَارِ الصِّفَةِ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، كَمَا قِيلَ: إِذًا تَخَازَرْتُ وَمَا بِي مِنْ خَزَرِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي التَّوَاجُدِ: هَلْ يَسلَمُ لِصَاحِبِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَسْلَمُ لِصَاحِبِهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَإِظْهَارِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَقَوْمٌ قَالُوا: يَسْلَمُ لِلصَّادِقِ الَّذِي يَرْصُدُ لِوِجْدَانِ الْمَعَانِي الصَّحِيحَةِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «ابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا» .

وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ صَاحِبَ التَّوَاجُدِ إِنْ تَكَلَّفَهُ لِحَظٍّ وَشَهْوَةِ نَفْسٍ: لَمْ يَسْلَمْ لَهُ، وَإِنْ

ص: 381