الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: الْوَجْدُ وَهُوَ ثَمَرَةُ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ، مِنَ الْحُبِّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضِ فِيهِ، كَمَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَمَرَةَ كَوْنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَحَبَّ إِلَى الْعَبْدِ مِمَّا سِوَاهُمَا. وَثَمَرَةَ الْحُبِّ فِيهِ، وَكَرَاهَةَ عَوْدِهِ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ. فَهَذَا الْوَجْدُ ثَمَرَةُ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْقَلْبِيَّةِ، الَّتِي هِيَ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ.
الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ: الْوُجُودُ وَهِيَ أَعْلَى ذُرْوَةِ مَقَامِ الْإِحْسَانِ. فَمِنْ مَقَامِ الْإِحْسَانِ يَرْقَى إِلَيْهِ. فَإِنَّهُ إِذَا غَلَبَ عَلَى قَلْبِهِ مُشَاهَدَةُ مَعْبُودِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ يَرَاهُ - وَتَمَكَّنَ فِي ذَلِكَ - صَارَ لَهُ مَلَكَةً أَخْمَدَتْ أَحْكَامَ نَفْسِهِ، وَتَبَدَّلَ بِهَا أَحْكَامًا أُخَرَ، وَطَبِيعَةً ثَانِيَةً، حَتَّى كَأَنَّهُ أُنْشِئَ نَشْأَةً أُخْرَى غَيْرَ نَشْأَتِهِ الْأُولَى، وَوُلِدَ وِلَادًا جَدِيدًا.
وَمِمَّا يُذْكَرُ عَنِ الْمَسِيحِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، لَنْ تَلِجُوا مَلَكُوتَ السَّمَاءِ حَتَّى تُولَدُوا مَرَّتَيْنِ.
سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَةَ رحمه الله يَذْكُرُ ذَلِكَ. وَيُفَسِّرُهُ بِأَنَّ الْوِلَادَةَ نَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا: هَذِهِ الْمَعْرُوفَةُ، وَالثَّانِيَةُ: وِلَادَةُ الْقَلْبِ وَالرُّوحِ وَخُرُوجُهُمَا مِنْ مَشِيمَةِ النَّفْسِ، وَظُلْمَةِ الطَّبْعِ.
قَالَ: وَهَذِهِ الْوِلَادَةُ لَمَّا كَانَتْ بِسَبَبِ الرَّسُولِ كَانَ كَالْأَبِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ قَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ ".
قَالَ: وَمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ وَالْقِرَاءَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] إِذْ ثُبُوتُ أُمُومَةِ أَزْوَاجِهِ لَهُمْ: فَرْعٌ عَنْ ثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ.
قَالَ: فَالشَّيْخُ وَالْمُعَلِّمُ وَالْمُؤَدِّبُ أَبُ الرُّوحِ. وَالْوَالِدُ أَبُ الْجِسْمِ.
وَيُقَالُ فِي الْحُبِّ وَجْدٌ، وَفِي الْغَضَبِ مُوْجِدَةٌ، وَفِي الظَّفَرِ وِجْدَانٌ وَوُجُودٌ.
[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْوَجْدِ]
[الدَّرَجَةُ الْأُولَى وَجْدٌ عَارِضٌ يَسْتَفِيقُ لَهُ شَاهَدُ السَّمْعِ]
فَصْلٌ
قَالَ صَاحِبُ الْمَنَازِلِ: