المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الصعود عن منازعات العقول حق لا يتم التوحيد والإيمان إلا به] - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْهِمَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْهِمَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هِمَّةٌ تَصُونُ الْقَلْبَ عَنْ وَحْشَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْفَانِي]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هِمَّةٌ تُورِثُ أَنَفَةً مِنَ الْمُبَالَاةِ بِالْعِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هِمَّةٌ تَتَصَاعَدُ عَنِ الْأَحْوَالِ وَالْمُعَامَلَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُسُومٌ وَحُدُودٌ قِيلَتْ فِي الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فصل أسباب المحبة]

- ‌[فَصْلٌ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَمَحَبَّةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهِمَّةِ وَالْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ أَوَّلُ أَوْدِيَةِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا دُونَ الْمَحَبَّةِ مِنَ الْمَقَامَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ هِيَ سِمَةُ الطَّائِفَةِ وَعُنْوَانُ الطَّرِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَحَبَّةٌ تَقْطَعُ الْوَسَاوِسَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُ عَلَى إِيثَارِ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَحَبَّةٌ خَاطِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَارُ شَأْنِ السَّالِكِينَ الْمُسَافِرِينَ إِلَى اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الثَّالِثَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَيْرَةُ سُقُوطُ الِاحْتِمَالِ ضَنًّا وَالضِّيقُ عَنِ الصَّبْرِ نَفَاسَةً]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْرَةُ الْعَابِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرَةُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْرَةُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ يُرَادُ بِهِ حَرَكَةُ الْقَلْبِ وَاهْتِيَاجُه لِلِقَاءِ الْمَحْبُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ هُبُوبُ الْقَلْبِ إِلَى غَائِبٍ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الشَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى شَوْقُ الْعَابِدِ إِلَى الْجَنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ شَوْقٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الشَّوْقُ الْخَالِصُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَلَقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْقَلَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْقَلَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى قَلَقٌ يُضَيِّقُ الْخُلُقَ وَيُبَغِّضُ الْخَلْقَ وَيُلَذِّذُ الْمَوْتَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ قَلَقٌ يُغَالِبُ الْعَقْلَ وَيُخَلِّي السَّمْعَ وَيُطَاوِلُ الطَّاقَةَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ قَلَقٌ لَا يَرْحَمُ أَبَدًا وَلَا يَقْبَلُ أَمَدًا وَلَا يُبْقِي أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ الْعَطَشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْعَطَشِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْعَطَشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى عَطَشُ الْمُرِيدِ إِلَى شَاهِدٍ يَرْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ عَطَشُ السَّالِكِ إِلَى أَجَلٍ يَطْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ عَطَشُ الْمُحِبِّ إِلَى جَلْوَةٍ مَا دُونَهَا سَحَابُ عَلَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْوَجْدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى وَجْدٌ عَارِضٌ يَسْتَفِيقُ لَهُ شَاهَدُ السَّمْعِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ وَجْدٌ تَسْتَفِيقُ لَهُ الرُّوحُ بِلَمْعِ نُورٍ أَزَلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ وَجْدٌ يَخْطِفُ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْكَوْنَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّهْشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الدَّهْشِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الدَّهْشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى دَهْشَةُ الْمُرِيدِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْحَالِ عَلَى عِلْمِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ دَهْشَةُ السَّالِكِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْجَمْعِ عَلَى رَسْمِهِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ دَهْشَةُ الْمُحِبِّ عِنْدَ صَوْلَةِ الِاتِّصَالِ عَلَى لُطْفِ الْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْزِلَةِ الْهَيَمَانِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هَيَمَانٌ فِي شِيَمِ أَوَائِلِ بَرْقِ اللُّطْفِ عِنْدَ قَصْدِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هَيَمَانٌ فِي تَلَاطُمِ أَمْوَاجِ التَّحْقِيقِ عِنْدَ ظُهُورِ بَرَاهِينِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هَيَمَانٌ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ وَمُعَايَنَةِ سُلْطَانِ الْأَزَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَرْقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْبَرْقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَرْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْعِدَةِ فِي عَيْنِ الرَّجَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْوَعِيدِ فِي عَيْنِ الْحَذَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ اللُّطْفِ فِي عَيْنِ الِافْتِقَارِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الذَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ بَابُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الذَّوْقُ أَبْقَى مِنَ الْوَجْدِ وَأَجْلَى مِنَ الْبَرْقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الذَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى ذَوْقُ التَّصْدِيقِ طَعْمَ الْعِدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ ذَوْقُ الْإِرَادَةِ طَعْمَ الْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ ذَوْقُ الِانْقِطَاعِ طَعْمَ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[حَقِيقَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[دَرَجَاتُ اللَّحْظِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُلَاحَظَةُ الْفَضْلِ سَبْقًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُلَاحَظَةُ نُورِ الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُلَاحَظَةُ عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْوَقْتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَقْتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَعَانِي الْوَقْتِ]

- ‌[الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَقْتُ وَجْدٍ صَادِقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّانِي اسْمٌ لِطَرِيقِ سَالِكٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّالِثِ: الْوَقْتُ الْحَقُّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الصَّفَاءِ]

- ‌[حَدُّ الصَّفَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الصَّفَاءِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى صَفَاءُ عِلْمٍ يُهَذِّبُ لِسُلُوكِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ صَفَاءُ حَالٍ يُشَاهَدُ بِهِ شَوَاهِدُ التَّحْقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ صَفَاءُ اتِّصَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السُّرُورِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ السُّرُورِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ السُّرُورِ]

- ‌[دَرَجَاتُ السُّرُورِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى سُرُورُ ذَوْقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ سُرُورُ شُهُودٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ سُرُورُ سَمَاعِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السِّرِّ]

- ‌[حَقِيقَةُ السِّرِّ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْحَابُ السِّرِّ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ]

- ‌[الْأُولَى طَائِفَةٌ عَلَتْ هِمَمُهُمْ وَصَفَتْ قُصُودُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِيَةُ طَائِفَةٌ أَشَارُوا عَنْ مَنْزِلٍ وَهُمْ فِي غَيْرِهِ وَوَرُّوا بِأَمْرٍ وَهُمْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثَةُ طَائِفَةٌ أَسَرَهُمُ الْحَقُّ عَنْهُمْ فَأَلَاحَ لَهُمْ لَائِحًا أَذْهَلَهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ مَا هُمْ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَنْفَاسُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْأَوَّلُ نَفَسٌ فِي حِينِ اسْتِتَارٍ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي نَفَسٌ فِي حِينِ التَّجَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ نَفَسٌ مُطَهَّرٌ بِمَاءِ الْقُدْسِ]

- ‌[فَصْلُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[الْأَوَّلُ غُرْبَةُ أَهْلِ اللَّهِ وَأَهْلِ سُنَةِ رَسُولِهِ بَيْنَ هَذَا الْخَلْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي غُرْبَةُ أَهْلِ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ غُرْبَةٌ مُشْتَرَكَةٌ لَا تُحْمَدُ وَلَا تُذَمُّ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الِاغْتِرَابِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى الْغُرْبَةُ عَنِ الْأَوْطَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غُرْبَةُ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غُرْبَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَرَقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَرَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَرَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى اسْتِغْرَاقُ الْعِلْمِ فِي عَيْنِ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِغْرَاقُ الْإِشَارَةِ فِي الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ اسْتِغْرَاقُ الشَّوَاهِدِ فِي الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْبَةُ الْمُرِيدِ فِي تَخَلُّصِ الْقَصْدِ عَنْ أَيْدِي الْعَلَائِقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْبَةُ السَّالِكِ عَنْ رُسُومِ الْعِلْمِ وَعِلَلِ السَّعْيِ وَرُخَصِ الْفُتُورِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْبَةُ الْعَارِفِ عَنْ عُيُونِ الْأَحْوَالِ وَالشَّوَاهِدِ وَالدَّرَجَاتِ فِي عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[دَرَجَاتُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَمَكُّنُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَمَكُّنُ السَّالِكِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَمَكُّنُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُكَاشَفَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[مَنْ يَنْتَفِعُ بِكَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُشَاهَدَةُ مَعْرِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُشَاهَدَةُ مُعَايَنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُشَاهَدَةُ جَمْعٍ]

- ‌[فَصْلُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْحَيَاةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمَقْصُودَةُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الْأُولَى حَيَاةُ الْعِلْمِ مِنْ مَوْتِ الْجَهْلِ وَهِيَ عَشْرُ مَرَاتِبَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ حَيَاةُ الْجَمْعِ مِنْ مَوْتِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّالِثَةُ حَيَاةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلُ الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلُ الْبَسْطِ]

- ‌[فَصْلُ السُّكْرِ]

- ‌[حَدُّ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلُ الصَّحْوِ]

- ‌[فَصْلُ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوهُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَعْرِفَةُ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَعْرِفَةُ الذَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَعْرِفَةٌ مُسْتَغْرِقَةٌ فِي مَحْضِ التَّعْرِيفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْفَنَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى فَنَاءُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْمَعْرُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ فَنَاءُ شُهُودِ الطَّلَبِ لِإِسْقَاطِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الْفَنَاءُ عَنْ شُهُودِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَقَاءُ]

- ‌[حَدُّ الْبَقَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحْقِيقُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ]

- ‌[عَدَمُ مُنَاسَبَةِ اسْمِ الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ التَّلْبِيسِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ تَلْبِيسُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْكَوْنِ عَلَى أَهْلِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي تَلْبِيسُ أَهِلَ الْغَيْرَةِ عَلَى الْأَوْقَاتِ بِإِخْفَائِهَا]

- ‌[الثَّالِثُ تَلْبِيسُ أَهْلِ التَّمْكِينِ عَلَى الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْنَى الْبَابِ عَلَى مَحْوِ الْأَسْبَابِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا وَالْوُقُوفِ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوُجُودُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ تَكَلَّمَ الْفَلَاسِفَةُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ وَالِاتِّحَادِيَّةُ فِي الْوُجُودِ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنِ الصَّوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّجْرِيدُ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَجْرِيدُ عَيْنِ الْكَشْفِ عَنْ كَسْبِ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَجْرِيدُ عَيْنِ الْجَمْعِ عَنْ دَرْكِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَجْرِيدُ الْخَلَاصِ مِنْ شُهُودِ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّفْرِيدُ]

- ‌[حَدُّ التَّفْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَقِّ]

- ‌[تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ بِالْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ عَنِ الْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ]

- ‌[حَدُّ الْجَمْعِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْجَمْعِ]

- ‌[الْجَمْعُ غَايَةُ مَقَامَاتِ السَّالِكِينَ]

- ‌[فَصْلٌ نِهَايَةُ السَّالِكِينَ تَكْمِيلُ مَرْتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ]

- ‌[التَّوْحِيدُ أَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِفْرَادُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْجُنَيْدُ]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الطَّوَائِفِ فِي التَّوْحِيدِ وَتَسْمِيَةُ كُلِّ طَائِفَةٍ بَاطِلَهُمْ تَوْحِيدًا]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ التَّوْحِيدِ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى " قَائِمًا بِالْقِسْطِ]

- ‌[فَصْلٌ مَزَاعِمُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهَادَتُهُ سُبْحَانَهُ تَتَضَمَّنُ بَيَانَهُ لِلْعِبَادِ وَدَلَالَتَهُمْ وَتَعْرِيفَهُمْ بِمَا شَهِدَ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى الرِّسَالَةِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شَهَادَتِهِ سُبْحَانَهُ مَا أَوْدَعَهُ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ مِنَ التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ بِكَلَامِهِ وَوَحْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ ضِمْنُ الشَّهَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ الثَّنَاءُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الشَّاهِدِينَ بِهَا وَتَعْدِيلِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ شَهَادَةِ أُولِي الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْعَامَّةِ الَّذِي يَصِحُّ بِالشَّوَاهِدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ حَقٌّ لَا يَتِمُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ الْإِيمَانِيُّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ الصَّحِيحُ هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ الَّذِي اخْتَصَّهُ الْحَقُّ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحَقَّهُ لِقَدْرِهِ]

الفصل: ‌[فصل الصعود عن منازعات العقول حق لا يتم التوحيد والإيمان إلا به]

الثَّانِي: تَرْكُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَهَذَا أَيْضًا قَدْ يَكُونُ كُفْرًا وَظُلْمًا، وَبَيْنَ ذَلِكَ، بَلْ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَفْعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْأَمْرِ، وَيَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ تَوَكُّلَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، سَبَقَ بِهِ عِلْمُهُ وَحُكْمُهُ، وَأَنَّ السَّبَبَ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ، وَلَا يَقْضِي وَلَا يَحْكُمُ، وَلَا يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ تَسْبِقْ لَهُ بِهِ الْمَشِيئَةُ الْإِلَهِيَّةُ، وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ مَا سَبَقَ بِهِ الْحُكْمُ وَالْعِلْمُ، فَيَأْتِي بِالْأَسْبَابِ إِتْيَانَ مَنْ لَا يَرَى النَّجَاةَ وَالْفَلَاحَ وَالْوُصُولَ إِلَّا بِهَا، وَيَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكُّلَ مَنْ يَرَى أَنَّهَا لَا تُنْجِيهِ، وَلَا تُحَصِّلُ لَهُ فَلَاحًا، وَلَا تُوصِلُهُ إِلَى الْمَقْصُودِ، فَيُجَرِّدُ عَزْمَهُ لِلْقِيَامِ بِهَا حِرْصًا وَاجْتِهَادًا، وَيُفْرِغُ قَلْبَهُ مِنَ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا، وَالرُّكُونِ إِلَيْهَا، تَجْرِيدًا لِلتَّوَكُّلِ، وَاعْتِمَادًا عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ، وَقَدْ جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، حَيْثُ يَقُولُ «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجِزْ» فَأَمَرَهُ بِالْحِرْصِ عَلَى الْأَسْبَابِ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِالْمُسَبِّبِ، وَنَهَاهُ عَنِ الْعَجْزِ، وَهُوَ نَوْعَانِ: تَقْصِيرٌ فِي الْأَسْبَابِ، وَعَدَمُ الْحِرْصِ عَلَيْهَا، وَتَقْصِيرٌ فِي الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَتَرْكُ تَجْرِيدَهَا، فَالدِّينُ كُلُّهُ - ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ، شَرَائِعُهُ وَحَقَائِقُهُ - تَحْتَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ النَّبَوِيَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ حَقٌّ لَا يَتِمُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ]

فَصْلٌ

قَوْلُهُ: وَالصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ، هَذَا حَقٌّ، وَلَا يَتِمُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ، فَمَا أَفْسَدَ أَدْيَانَ الرُّسُلِ إِلَّا أَرْبَابُ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ، الَّذِينَ يُنَازِعُونَ بِمَعْقُولِهِمْ فِي التَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ، وَإِثْبَاتِ مَا أَثْبَتُوهُ، وَنَفْيِ مَا نَفَوْهُ، فَنَازَعَتْ عُقُولُهُمْ ذَلِكَ، وَتَرَكُوا لِتِلْكَ الْمُنَازَعَاتِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، ثُمَّ عَارَضُوهُمْ بِتِلْكَ الْمَعْقُولَاتِ، وَقَدَّمُوهَا عَلَى مَا جَاءُوا بِهِ، وَقَالُوا: إِذَا تَعَارَضَتْ عُقُولُنَا وَمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ: قَدَّمْنَا مَا حَكَمَتْ بِهِ عُقُولُنَا عَلَى مَا جَاءُوا بِهِ، وَقَدْ هَلَكَ بِهَؤُلَاءِ طَوَائِفُ لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ، وَانْحَلُّوا بِسَبَبِهِمْ مِنْ أَدْيَانِ جَمِيعِ الرُّسُلِ.

قَوْلُهُ " وَمِنَ التَّعَلُّقِ بِالشَّوَاهِدِ " كَلَامٌ فِيهِ إِجْمَالٌ، فَالشَّوَاهِدُ: هِيَ الْأَدِلَّةُ وَالْآيَاتُ، فَتَرْكُ التَّعَلُّقِ بِهَا انْسِلَاخٌ عَنِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالتَّعَلُّقُ بِهَا وَحْدَهَا، دُونَ مَنْ نَصَّبَهَا شَوَاهِدَ وَأَدِلَّةً انْقِطَاعٌ عَنِ اللَّهِ، وَشِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ، وَالتَّعَلُّقُ بِهَا اسْتِدْلَالًا، وَنَظَرًا

ص: 464

فِي آيَاتِ الرَّبِّ، لِيَصِلَ بِهَا إِلَى اللَّهِ هُوَ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ.

وَأَحْسَنُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ: أَنَّهُ يَصْعَدُ عَنِ الْوُقُوفِ مَعَهَا، فَإِنَّهَا وَسَائِلُ إِلَى الْمَقْصُودِ، فَلَا يَنْقَطِعُ بِالْوَسِيلَةِ عَنِ الْمَقْصُودِ، وَهَذَا حَقٌّ، لَكِنَّ قَوْلَهُ " وَهُوَ أَنْ لَا يَشْهَدَ فِي التَّوْحِيدِ دَلِيلًا " يُكَدِّرُ هَذَا الْمَعْنَى وَيُشَوِّشُهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلِ الْوَاجِبُ: أَنْ يَشْهَدَ الْأَمْرَ كَمَا أَشْهَدَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ نَصَبَ الْأَدِلَّةَ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَأَقَامَ الْبَرَاهِينَ وَأَظْهَرَ الْآيَاتِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَشْهَدَ الْأَدِلَّةَ وَالْآيَاتِ، وَنَنْظُرَ فِيهَا وَنَسْتَدِلَّ بِهَا، وَلَا يَجْتَمِعُ هَذَا الْإِثْبَاتُ وَذَلِكَ النَّفْيُ الْبَتَّةَ، وَالْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا آيَاتٌ لِلتَّوْحِيدِ، وَكَذَلِكَ الْآيَاتُ الْمَتْلُوَّةُ أَدِلَّةٌ عَلَى التَّوْحِيدِ، فَكَيْفَ لَا يَشْهَدُهَا دَلِيلًا عَلَيْهِ؟ هَذَا مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ، بَلِ التَّوْحِيدُ - كُلُّ التَّوْحِيدِ - أَنْ يَشْهَدَ كُلَّ شَيْءٍ دَلِيلًا عَلَيْهِ، مُرْشِدًا إِلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرُّسُلَ أَدِلَّةٌ لِلتَّوْحِيدِ، فَكَيْفَ لَا يَشْهَدُهُمْ كَذَلِكَ؟ وَكَيْفَ يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ بِهِمْ وَعَدَمُ شُهُودِهِمْ أَدِلَّةً لِلتَّوْحِيدِ؟

فَانْظُرْ مَاذَا أَدَّى إِلَيْهِ إِنْكَارُ الْأَسْبَابِ، وَالسُّلُوكُ عَلَى دَرْبِ الْفَنَاءِ فِي تَوْحِيدِ الْأَفْعَالِ، فَهَذَا هُوَ مُقْتَضَاهُ وَطَرْدُهُ، وَإِلَّا تَنَاقَضَ أَصْحَابُهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] وَقَالَ تَعَالَى {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] وَالْهَادِي: هُوَ الدَّلِيلُ الَّذِي يَدُلُّ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ إِلَى اللَّهِ، وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا قَوْلَهُ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] وَقَوْلَهُ {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [فاطر: 8] فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ تَكَلَّمَ بِهَذَا وَهَذَا، فَرُسُلُهُ الْهُدَاةُ هِدَايَةَ الدَّلَالَةِ وَالْبَيَانِ، وَهُوَ الْهَادِي هِدَايَةَ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ، فَالرُّسُلُ هُمُ الْأَدِلَّةُ حَقًّا، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُوَفِّقُ الْمُلْهِمُ، الْخَالِقُ لِلْهُدَى فِي الْقُلُوبِ.

قَوْلُهُ " وَلَا فِي التَّوَكُّلِ سَبَبًا " يُرِيدُ: أَنَّكَ تُجَرِّدُ التَّوَكُّلَ عَنِ الْأَسْبَابِ، فَإِنْ أَرَادَ تَجْرِيدَهُ عَنِ الْقِيَامِ بِهَا: فَبَاطِلٌ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ أَرَادَ تَجْرِيدَهُ عَنِ الرُّكُونِ إِلَيْهَا، وَالْوُقُوفِ مَعَهَا، وَالْوُثُوقِ بِهَا: فَهُوَ حَقٌّ، وَإِنْ أَرَادَ تَجْرِيدَهُ عَنْ شُهُودِهَا: فَشُهُودُهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ أَكْمَلُ، وَلَا يُقْدَحُ فِي التَّوْحِيدِ بِوَجْهٍ مَا.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ " وَلَا فِي النَّجَاةِ وَسِيلَةٌ " إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ

ص: 465

حُصُولَ النَّجَاةِ بِمُجَرَّدِ الْوَسَائِلِ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَسْبَابِ، وَأَمَّا إِلْغَاءُ كَوْنِهَا وَسَائِلَ: فَبَاطِلٌ، يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ، وَأَمَّا عَدَمُ شُهُودِهَا وَسَائِلَ، مَعَ اعْتِقَادِ كَوْنِهَا وَسَائِلَ: فَلَيْسَ بِكَمَالٍ، وَشُهُودُهَا وَسَائِلَ - كَمَا جَعَلَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ - أَكْمَلُ مَشْهَدًا، وَأَصَحُّ طَرِيقَةً، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَقَدْ بَيَّنَّا - فِيمَا تَقَدَّمَ - أَنَّ الْكَمَالَ: أَنَّ تَشْهَدَ الْعُبُودِيَّةَ وَقِيَامَكَ بِهَا، وَتَشْهَدَ أَنَّهَا مِنْ عَيْنِ الْمِنَّةِ وَالْفَضْلِ، وَتَشْهَدَ الْمَعْبُودَ، فَلَا تَغِيبُ بِشُهُودِهِ عَنْ شُهُودِ أَمْرِهِ، وَلَا تَغِيبُ بِشُهُودِ أَمْرِهِ عَنْ شُهُودِهِ، وَلَا تَغِيبُ بِشُهُودِهِ وَشُهُودِ أَمْرِهِ عَنْ شُهُودِ فَضْلِهِ وَمِنَّتِهِ وَتَوْفِيقِهِ، وَشُهُودِ فَقْرِكَ وَفَاقَتِكَ، وَأَنَّكَ بِهِ لَا بِكَ، وَقَدْ «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُمْ يَتَذَاكَرُونَ، فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ مَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْنَا، وَهَدَانَا بِكَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: آللَّهِ، مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ؟ قَالُوا: آللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ» وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ: لَا تَشْهَدُوا فِي التَّوْحِيدِ دَلِيلًا، وَلَا فِي النَّجَاةِ وَسِيلَةً، بَلْ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ مُبَاهَاةِ اللَّهِ بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ: شُهُودُهُمْ سَبَبَ التَّوْحِيدِ، وَوَسِيلَةَ النَّجَاةِ، وَأَنَّهَا مِنْ مَنِّ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [آل عمران: 164] فَكَيْفَ يَكُونُ كَمَالُهُمْ فِي أَنْ لَا يَشْهَدُوا الدَّلِيلَ الَّذِي يُزَكِّيهِمْ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيَهْدِيهِمْ؟ وَيُسْقِطُونَهُ مِنَ الشُّهُودِ وَالسَّبَبِيَّةِ؟

قَوْلُهُ: " فَيَكُونُ شَاهِدًا سَبْقَ الْحَقِّ بِعِلْمِهِ وَحُكْمِهِ، وَوَضْعِهِ الْأَشْيَاءَ مَوَاضِعَهَا، وَتَعْلِيقِهِ إِيَّاهَا بِأَحَايِينِهَا، وَإِخْفَائِهِ إِيَّاهَا فِي رُسُومِهَا.

لَيْسَ الشُّهُودُ هَاهُنَا مَتَعَلِّقًا بِمُجَرَّدِ أَزَلِيَّةِ الرَّبِّ تَعَالَى، وَتَقَدُّمِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَقَطْ، بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِسَبْقِ الْعِلْمِ وَالتَّقْدِيرِ، فَيَرَى الْأَشْيَاءَ بِعَيْنِ سَوَابِقِهَا، وَقَدْ تَقَرَّرَتْ هُنَاكَ فِي عِلْمِ الرَّبِّ وَتَقْدِيرِهِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا هُنَاكَ إِذَا نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهَا هُنَا، فَيَتَجَاوَزُ نَظَرُهُ نَظَرَهُمْ، فَيَغْلِبُ شُهُودُ السَّوَابِقِ عَلَى مُلَاحَظَةِ اللَّوَاحِقِ، فَيَشْهَدُ تَفَرُّدَ الرَّبِّ وَحْدَهُ، حَيْثُ لَا مَوْجُودَ سِوَاهُ، وَقَدْ عَلِمَ الْكَائِنَاتِ وَقَدَّرَ مَقَادِيرَهَا، وَوَقَّتَ مَوَاقِيتَهَا، وَقَرَّرَهَا عَلَى مُقْتَضَى عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَقَدْ سَبَقَ الْعِلْمُ الْمَعْلُومَ، وَالْقَدَرُ الْمَقْدُورَ وَالْإِرَادَةُ الْمُرَادَ، فَيَرَى الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا ثَابِتَةً فِي عِلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَحِكْمَتِهِ قَبْلَ وُجُودِ الْعَوَالِمِ، فَأَيُّ وَسِيلَةٍ يَشْهَدُ هُنَاكَ؟ وَأَيُّ

ص: 466

سَبَبٍ؟ وَأَيُّ دَلِيلٍ هَذَا الَّذِي يُدَنْدِنُ الشَّيْخُ حَوْلَهُ؟ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْعِلْمَ وَالْحُكْمَ سَبَقَ بِوُجُودِ الْمُسَبِّبَاتِ عَنْ أَسْبَابِهَا وَارْتِبَاطِهَا بِوَسَائِلِهَا وَأَدِلَّتِهَا، كَمَا سَبَقَ الْعِلْمُ وَالْحُكْمُ بِوُجُودِ الْوَلَدِ عَنْ أَبَوَيْهِ، وَالْمَطَرِ عَنِ السَّحَابِ، وَالنَّبَاتِ عَنِ الْمَاءِ، وَالْإِزْهَاقِ عَنِ الْقَتْلِ، وَأَسْبَابِ الْمَوْتِ، فَهَذِهِ هِيَ الْمُشَاهَدَةُ الصِّحِّيَّةُ، لَا إِسْقَاطُ الْأَسْبَابِ وَالْوَسَائِلِ وَالْأَدِلَّةِ.

قَوْلُهُ: " وَوَضْعِ الْأَشْيَاءِ مَوَاضِعَهَا، وَتَعْلِيقَهَا بِأَحَايِينِهَا، وَإِخْفَائِهَا فِي رُسُومِهَا "، هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ - الْمَكَانُ، وَالزَّمَانُ، وَالْمَادَّةُ - الَّتِي لَابُدَّ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ مِنْهَا، فَإِنَّ الْمَخْلُوقَ لَابُدَّ لَهُ مِنْ زَمَانٍ يُوجَدُ فِيهِ، وَمَكَانٍ يَسْتَقِرُّ فِيهِ، وَمَادَّةٍ يُوجَدُ بِهَا، فَأَشَارَ إِلَى الثَّلَاثَةِ، فَالْمَوَاضِعُ: الْأَمْكِنَةُ، وَالْأَحَايِينُ: الْأَزْمِنَةُ، وَالرُّسُومُ: الْمَوَادُّ الْحَامِلَةُ لَهَا، وَالرُّسُومُ: هِيَ الصُّورَةُ الْخَلْقِيَّةُ.

وَكَأَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَرَادَ بِهَا هُنَا الْأَسْبَابَ، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ غَطَّى حَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ عَنْ أَبْصَارِ الْخَلْقِ بِمَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ تَعَلُّقِ الْمُسَبِّبَاتِ بِأَسْبَابِهَا، فَنَسَبُوهَا إِلَيْهَا، فَصَاحِبُ هَذِهِ الدَّرَجَةِ يَشْهَدُ كَيْفَ أَظْهَرَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ الْأَشْيَاءَ فِي مَوَادِّهَا وَصُوَرِهَا وَأَظْهَرَهَا بِأَسْبَابِهَا، وَأَخْفَى عِلْمَهُ وَحُكْمَهُ فِيمَا أَظْهَرَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَالظُّهُورُ: لِلْأَسْبَابِ الْمُشَاهَدَةِ، وَالْحَقِيقَةُ الْمَخْفِيَّةُ لِلْعِلْمِ وَالْحُكْمِ السَّابِقَيْنِ.

قَوْلُهُ " وَتُحَقِّقُ مَعْرِفَةَ الْعِلَلِ " يُرِيدُ: أَنَّ هَذَا التَّوْحِيدَ يُحَقِّقُ لِصَاحِبِهِ مَعْرِفَةَ عِلَلِ الْأَحْوَالِ وَالْمَقَامَاتِ وَالْأَعْمَالِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَوَائِقَ السَّالِكِ: مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السِّوَى، وَالْتِفَاتِهِ إِلَيْهِ، فَهَذِهِ الدَّرَجَةُ مِنَ التَّوْحِيدِ - عِنْدَهُ - تُحَقِّقُ هَذِهِ الْعِلَلَ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْعِلَلِ الْأَسْبَابَ الَّتِي رَبَطَتْ بِهَا الْأَحْكَامَ، فَصَاحِبُ هَذِهِ الدَّرَجَةِ يَعْرِفُ حَقِيقَتَهَا وَمَرْتَبَتَهَا كَمَا هِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَعَدَ مِنْهَا إِلَى مُسَبِّبِهَا وَوَاضِعِهَا.

قَوْلُهُ: " وَيَسْلُكُ سَبِيلَ إِسْقَاطِ الْحَدَثِ ".

يُرِيدُ: أَنَّهُ فِي هَذَا الشُّهُودِ، وَهَذِهِ الْمُلَاحَظَةِ الْمَذْكُورَةِ: سَالِكُ سَبِيلِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَيْنَ الْأَزَلِ، فَنَفَى عَنْهُمْ شُهُودَ الْحَدَثِ، وَذَلِكَ بِالْفَنَاءِ فِي حَضْرَةِ الْجَمْعِ، فَإِنَّهَا هِيَ الَّتِي يَفْنَى فِيهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ، وَيَبْقَى فِيهَا مَنْ لَمْ يَزَلْ.

فَإِنْ أَرَادَ بِإِسْقَاطِ الْحَدَثِ: أَنَّهُ يَعْتَقِدُ نَفْيَ حُدُوثِ شَيْءٍ، فَهَذَا مُكَابَرَةٌ لِلْحِسِّ وَالشُّهُودِ، وَإِنْ أَرَادَ إِسْقَاطَ الْحَدَثِ مِنْ قَلْبِهِ، فَلَا يَشْهَدُ حَادِثًا وَمُحْدِثًا - وَهَذَا مُرَادُهُ - فَهَذَا خِلَافُ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ، وَخِلَافُ الْحَقِّ، فَإِنَّ الْعَبْدَ مَأْمُورٌ أَنْ يَشْهَدَ: أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيَشْهَدَ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةَ

ص: 467

حَقٌّ، وَالنَّبِيِّينَ حَقٌّ، وَيَشْهَدَ حُدُوثَ الْمُحْدَثَاتِ بِإِحْدَاثِ الرَّبِّ تَعَالَى لَهَا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَبِمَا خَلَقَهُ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَلِمَا خَلَقَهُ مِنَ الْحِكَمِ، وَلَمْ يَأْمُرِ الْعَبْدَ - بَلْ لَمْ يُرِدْ مِنْهُ - أَنْ لَا يَشْهَدَ حَادِثًا وَلَا حُدُوثَ شَيْءٍ، وَهَذَا لَا كَمَالَ فِيهِ، وَلَا مَعْرِفَةَ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ غَايَةَ الْعَارِفِ، وَأَنْ يَكُونَ تَوْحِيدَ الْخَاصَّةِ، وَالْقُرْآنُ - مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ - صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ، فَإِنَّهُ أَمَرَ بِشُهُودِ الْحَادِثَاتِ وَالْكَائِنَاتِ، وَالنَّظَرِ فِيهَا، وَالِاعْتِبَارِ بِهَا، وَالِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَعَلَى أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، فَأَعْرَفُ النَّاسِ بِهِ، وَبِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ أَعْظَمُهُمْ شُهُودًا لَهَا، وَنَظَرًا فِيهَا، وَاعْتِبَارًا بِهَا، فَكَيْفَ يَكُونُ لُبُّ التَّوْحِيدِ وَقَلْبُهُ وَسِرُّهُ: إِسْقَاطَهَا مِنَ الشُّهُودِ.

فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّمَا يُرِيدُ إِسْقَاطَهَا مِنِ الْتِفَاتِ الْقَلْبِ إِلَيْهَا، وَالْوُقُوفِ مَعَهَا.

قُلْتُ: هَذَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الدَّرَجَةِ فِي قَوْلِهِ: " وَهُوَ إِسْقَاطُ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ "، وَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِيهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَالْإِسْقَاطُ إِمَّا لَعَيْنِ الْوُجُودِ، أَوْ لِعَيْنِ الشُّهُودِ، أَوْ لِعَيْنِ الْمَقْصُودِ، فَالْأَوَّلُ: مُحَالٌ، وَالثَّانِي: نَقْصٌ، وَالثَّالِثُ: حَقٌّ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مُرَادَ الشَّيْخِ، فَتَأَمَّلْهُ.

وَقَوْلُهُ: " وَفَنِيَ مَنْ لَمْ يَكُنْ، وَبَقِيَ مَنْ لَمْ يَزَلْ "، إِنْ أَرَادَ بِهِ فَنَاءَ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ فَهَذَا مُكَابَرَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ فَنِيَ مِنَ الشُّهُودِ، فَهَذَا نَقْصٌ فِي الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ - كَمَا تَقَرَّرَ - وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنْ يَفْنَى فِي الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ وَالْمَحَبَّةِ، فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَهُوَ الْفَنَاءُ عَنْ إِرَادَةِ السِّوَى وَقَصْدِهِ وَمَحَبَّتِهِ.

قَوْلُهُ: هَذَا تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ، الَّذِي يَصِحُّ بِعِلْمِ الْفَنَاءِ، وَيَصْفُو فِي عِلْمِ الْجَمْعِ، وَيَجْذِبُ إِلَى تَوْحِيدِ أَرْبَابِ الْجَمْعِ، يَعْنِي: تَوْحِيدَ الْمُتَوَسِّطِينَ الَّذِينَ ارْتَفَعُوا عَنِ الْعَامَّةِ، وَلَمْ يَصِلُوا إِلَى مَنْزِلَةِ خَاصَّةِ الْخَاصَّةِ.

قَوْلُهُ " يَصِحُّ بِعِلْمِ الْفَنَاءِ " وَلَمْ يَقُلْ: بِحَقِيقَةِ الْفَنَاءِ؛ لِأَنَّ دَرَجَةَ الْعِلْمِ فِي هَذَا السُّلُوكِ قَبْلَ دَرَجَةِ الْحَالِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَهَذِهِ دَرَجَةُ مُتَوَسِّطٍ لَمْ يَبْلُغَ الْغَايَةَ، وَحَالُ الْفَنَاءِ لِصَاحِبِ الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ " وَيَصْفُو فِي عِلْمِ الْجَمْعِ " فَإِنَّ عِلْمَ الْجَمْعِ قَبْلَ حَالِ الْجَمْعِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.

قَوْلُهُ " وَيَجْذِبُ إِلَى تَوْحِيدِ أَرْبَابِ الْجَمْعِ " يُرِيدُ: أَنَّ هَذَا الْمَقَامَ يَجْذِبُ أَهْلَهُ إِلَى تَوْحِيدِ الْفَرِيقِ الثَّانِي الَّذِينَ هُمْ فَوْقَهُمْ، وَهُمْ أَصْحَابُ الْجَمْعِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْجَمْعِ

ص: 468