الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قال صاحب «المنازل»
(1)
: (الاغتراب: أمرٌ يشار به إلى الانفراد عن الأكفاء).
يريد أنّ كلّ من انفرد بوصفٍ شريفٍ دون أبناء جنسه، فإنّه غريبٌ بينهم لعدم مشارِكِه أو قلّته.
قال
(2)
: (وهو على ثلاث درجاتٍ؛
الدّرجة الأولى: الغربة عن الأوطان
، وهذا الغريب موته شهادةٌ، ويُقاس له في قبره مِن مَدفِنه إلى وطنه، ويُجمَع يوم القيامة إلى عيسى ابن مريم).
لمّا كانت الغربة هي الانفراد، والانفراد إمّا بالجسم وإمّا بالقصد والحال وإمّا بهما= كان الغريبُ غريبَ جسمٍ، أو غريبَ قلبٍ وإرادةٍ وحالٍ، أو غريبٌ
(3)
بالاعتبارين.
قوله: (وهذا الغريب موته شهادةٌ) يشير به إلى الحديث الذي رُوي عن هشام بن حسَّان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«موت الغريب شهادةٌ»
(4)
. ولكن هذا الحديث لا يثبت، وقد روي بطرقٍ لا يصحُّ
(1)
(ص 87).
(2)
«المنازل» (ص 88).
(3)
ط: «غريبا» ، والمثبت من النسخ مرفوع على القطع، أي: أو هو غريب.
(4)
أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (3/ 300) ــ ومن طريقه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (2/ 409) ــ والآجري في «الغرباء» (51) من طريق أبي رجاء عبد الله بن الفضل الخراساني، عن هشام بن حسَّان به. وأبو رجاء ضعيف منكر الحديث.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند ابن ماجه (1613)، وأبي يعلى (2381)، والطبراني (11/ 246)، والبيهقي في «الشعب» (9426)، وغيرهم. وإسناده واهٍ أيضًا، فيه الهُذيل بن الحكم، قال البخاري: منكر الحديث. انظر: «التاريخ الأوسط» للبخاري (3/ 601) و «الضعفاء» للعقيلي (6/ 297) و «بيان الوهم والإيهام» (2/ 263) و «البدر المنير» (5/ 366 - 369).
منها شيءٌ، قال الإمام أحمد: هذا منكرٌ
(1)
.
وأمّا قوله: (ويُقاس له في قبره مِن مَدفِنه إلى وطنه) فيشير به إلى ما رواه عبد الله بن وهبٍ: حدّثني حييُّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرّحمن الحُبُليِّ، عن عبد الله بن عمرٍو قال: توفِّي رجلٌ بالمدينة ممّن ولد بالمدينة فصلّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:«ليته مات في غير مولده» ، فقال رجلٌ: ولِمَ يا رسول الله؟ فقال: «إنّ الرّجل إذا مات قِيسَ له مِن مولده إلى مُنْقَطَع أثره في الجنّة»
(2)
.
رواه ابن لهيعة، عن حُييٍّ بهذا الإسناد، وقال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر رجلٍ بالمدينة، فقال:«يا له لو مات غريبًا» ، فقيل: وما للغريب
(3)
يموت بغير أرضه؟ فقال: «ما مِن غريبٍ يموت بغير أرضه، إلّا قِيسَ له مِن تُرْبَتِه إلى مولده في الجنّة» .
(1)
ذكره ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (2/ 409).
(2)
أخرجه ابن ماجه (1614)، والنسائي (1832)، وأحمد (6656)، وابن حبان (2934) من طرق عن حُيي المعافري وهو ضعيف. ورواية ابن لهيعة التي ذكرها المؤلف هي رواية أحمد وهي باللفظ الذي ساقه أولًا. أما اللفظ الثاني فلم أجده.
(3)
د: «ما يموت» ، ت:«منا» ، ر:«مما» .