الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه السورة والآيات [22- 23] من سورة يونس، ومما تضمن الإلزام والإفحام والتبكيت الشديد كما هو واضح.
بعض الأحاديث الواردة في صدد الآية قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ وتعليق عليها
لقد روى المفسرون عن بعض أهل التأويل مثل مجاهد وقتادة أن هذه الآية نزلت في أمة محمد وما كان من تفرقها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وحروبها فيما بينها وتسلط الأمراء الطغاة الضالين والعبيد السفلة عليها عدا الخسف والرجم اللذين لم يقعا واللذين سوف يقعان. ورووا في صدد ذلك أحاديث نبوية عديدة منها ما ورد في الصحاح. ومن ذلك حديث رواه البخاري في كتاب التفسير في سياق الآية عن جابر قال: «لمّا نزلت الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سمع قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أعوذ بوجهك وحينما سمع أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال أعوذ بوجهك وحينما سمع بقيتها قال هذا أهون أو هذا أيسر» «1» . وحديث رواه الترمذي بسند حسن عن سعد بن أبي وقاص في هذه الآية: «أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد» «2» . وحديث رواه أبو داود والترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه: «إنها ستكون فتنة تستنظف العرب، قتلاها في النار اللسان فيها أشدّ من وقع السّيف» «3» . وحديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه: «قال إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي يبلغ ملكها ما زوي لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي ألّا يهلكها بسنة عامة وألّا يسلّط عليهم عدوّا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإنّ ربي قال يا محمد إني إذا
(1) التاج ج 4 ص 98 و 99 أورد الحديث الثاني ابن كثير برواية الإمام أحمد وجاء فيها أن سعد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال
…
» .
(2)
المصدر نفسه.
(3)
التاج ج 5 ص 276.
قضيت قضاء فإنه لا يردّ. وإني أعطيتك لأمتك ألّا أهلكهم بسنة عامة وألّا أسلّط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من أقطارها أو من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا» . وفي رواية أبي داود زيادة وهي: «وإنما أخاف على أمّتي الأئمة المضلّين. وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمّتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمّتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلّهم يزعم أنه نبيّ. وأنا خاتم النبيّين لا نبيّ بعدي ولا تزال طائفة من أمتي على الحقّ ظاهرين لا يضرّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» «1» . وحديث رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرّقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرّقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة. اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة» «2» .
وتعليقا على ما تقدم نقول أولا: إن الآية جزء من آيات موجهة إلى المشركين السامعين على سبيل التنديد بهم وإنذارهم. وليس في الأحاديث الصحيحة ما يؤيد القول إنها نزلت في أمة محمد. والأرجح أن هذا القول قد كان تطبيقيا، ومن وحي الأحداث التي وقعت عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وعبارة الآية تسوغ هذا التطبيق الاجتهادي بالنسبة لكل سامعي القرآن في كل ظرف من المسلمين وغيرهم على سبيل الإنذار في حالة انحرافهم أو ضلالهم وبغيهم واستحقاقهم لمثل هذا العذاب الذي أنذرت به الآية سامعي القرآن الضالين البغاة مباشرة. وثانيا: إن ما جاء في الأحاديث هو من قبيل الاستدراك النبوي المنبعث من الإنذار الرباني في الآية وفيها صورة رائعة للشفقة النبوية على أمته من بعده ومن الحكمة الملموحة
(1) التاج ج 5 ص 275 و 276. وجملة (سنة عامة) تعني قحطا عاما أو مجاعة عامة. [.....]
(2)
التاج ج 1 ص 39 و 40 وهناك أحاديث أخرى رواها أئمة حديث آخرون ليسوا من أصحاب الكتب الخمسة أوردها المفسرون وبخاصة ابن كثير من باب الأحاديث التي أوردناها مع بعض زيادات ونقص فاكتفينا بما أوردناه.