الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الأنعام (6) : الآيات 143 الى 145]
ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)
(1)
أزواج: حينما يكون الفرد لحدته يكون فردا وحينما يكون معه واحد آخر من نوعه ومن غير رحم أخرى يسمى كل منهما زوجا. وتعبير الزوجين يقصد به ذكر واحد وأنثى واحدة من نوع واحد. ومنه الآية خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى النجم: [45] ومن الضأن اثنين أي زوجين ذكر وأنثى. وهكذا صار الجميع ثمانية أزواج لأنها أربعة أنواع كل نوع زوجان ذكر وأنثى.
(2)
نبئوني بعلم: بينوا لي وأخبروني بما عندكم من الدليل العلمي عن الله في ذلك.
(3)
شهداء: بمعنى حاضرين وشاهدين.
(4)
فمن أظلم: فمن أشد جرما وضلالا.
(5)
طاعم يطعمه: مأكول يأكله الناس.
(6)
دما مسفوحا: دما سائلا.
(7)
أهلّ: ذبح.
(8)
باغ: من البغي وهو تجاوز الحد المرسوم.
(9)
عاد: من العدوان.
في الآيات أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بمحاججة المشركين في صدد ما يحلونه ويحرمونه
من الأنعام ومطالبتهم بما عندهم من برهان وعلم على أن الله تعالى هو الذي حرّم ما يحرّمون وأحلّ ما يحلّون. وتنديد استطرادي بالذين يفترون على الله الكذب في ذلك. ليضلوا به الناس وإيذان بأن الله لا يمكن أن يسعد ويوفق الظالمين الذين يفعلون ذلك وتقرير بأنه ليس فيما أوحى الله شيء محرم على الآكلين إلّا أربعة:
وهي الميت حتف أنفه والدم السائل ولحم الخنزير وما ذبح باسم غير الله. مستثنى من ذلك حالة الاضطرار التي يغفرها الله على شرط عدم تجاوز الضرورة وعدم التوسع في الاستباحة ظلما وعدوانا على حدود الله المرسومة، ومعللا بكون تحريم الثلاثة الأولى ناشئا من نجاستها وخبثها، وتحريم الرابعة ناشئا مما انطوى فيه من الفسق أي الشرك مع الله وذكر اسم الشركاء على الذبيحة.
وأسلوب الآيات الأولى أسلوب تقريع وتحدّ وإنكار من جهة، وفيه إلزام وإفحام من جهة أخرى، فالذكور والإناث من الأزواج الثمانية مشتركة في إنتاج النسل من ذكر وأنثى وهذا النسل لا يلبث أن يشترك في إنتاج نسل آخر من ذكر وأنثى، فكيف يمكن أن يكون نتاج ما هو حل محرما أو نتاج ما هو محرم حلالا، أو كيف يمكن أن يكون بعض نتاج ما هو حل محرما وبعضه حلالا أو بعض نتاج ما هو محرم حلالا، وبعضه محرما؟.
وصيغة الآيات وأسلوبها يدلان على أنها في صدد حكاية موقف من مواقف الجدل والمناظرة بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين في مواضيع تقاليدهم الجاهلية.
ويتبادر لنا أن هذه الحكاية لا تنحصر في هذه الآيات بل تشمل الآيات السابقة لها أيضا ابتداء من الآية [136] لما بين موضوعها وموضوع هذه الآيات من ارتباط وثيق.
ومضمون الآيات هنا يدل أيضا على أن العرب كانوا يعتبرون هذه التقاليد التحليلية التحريمية تقاليد دينية أولا، وأنها من شرائع الله الأعظم ثانيا. وقد قررت كذبهم وافتراءهم على الله ونددت بهم أشد تنديد لأنهم يقولون ويفعلون بغير علم ولا برهان.