الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيث جاء مثلا في سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (40) وآية البقرة هذه: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ [260] .
ولقد أورد ابن كثير حديثا عزاه إلى الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي لم نجده في مجموعة الكتب الخمسة عن أبي ذر الغفاري على هامش الآية قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» . والحديث يقتضي أن تكون الآية مدينة لأن الصيام فرض في المدينة وليس هناك ما يؤيد ذلك. ولعل ذلك كان من قبيل التطبيق فالتبس على الرواة.
وهناك أحاديث أخرى يوردها المفسرون على هامش الآية أيضا متقاربة في المدى لم ترد في الكتب الخمسة نكتفي بواحد منها أورده ابن كثير بإخراج الحافظ أبو يعلى عن أنس بن مالك قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شيء فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة» . وفي رواية «ومن همّ بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة فإن تركها كتبت له حسنة يقول الله إنما تركها من مخافتي» .
وفي الأحاديث تساوق مع الهدف القرآني في الترغيب والحثّ على الأعمال الحسنة والتحذير من الأعمال السيئة كما هو ظاهر، والله أعلم.
[سورة الأنعام (6) : الآيات 161 الى 165]
قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَاّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
(1)
قيما: قرئت بكسر القاف وفتح الياء المخففة وقرئت بفتح القاف وكسر الياء المشددة والمعنى مقارب وهو المستقيم والثابت.
(2)
الملة: هي الطريقة الدينية، أو الشريعة الدينية، وقالوا في أصل الكلمة إنها من الإملاء كأن ما يأتي به الشرع ويورده الرسول يملى على أمته فيكون لهم ملة متبعة «1» .
(3)
نسكي: عبادتي. وتأتي النسك كناية عن القربان الذي يتقرب به الإنسان إلى الله.
(4)
ولا تزر وازرة وزر أخرى: لا تحمل نفس حمل نفس أخرى.
(5)
ليبلوكم: ليختبركم.
في الآيات أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يعلن أن الله قد هداه إلى طريق قويم وهو الدين المستقيم طريق إبراهيم وملته الذي كان موحّدا حنيفا ولم يكن مشركا. وبأن يعلن أيضا أن صلاته وخشوعه وعبادته ونسكه ومحياه ومماته وكل أمر من أموره هو لله رب العالمين لا شريك له، وأنه أمر بذلك وهو أول المسلمين أنفسهم لله.
وبأن يتساءل تساؤل المنكر عما إذا كان يصح أن يتخذ غير الله ربّا له وهو ربّ كل شيء. وبأن يعلن أن كل امرئ إنما هو مسؤول عما يقترف ويكسب. ولا يحمل أحد تبعة أحد وإثمه، ومرجع الجميع إلى الله الذي يفصل بين الناس فيما اختلفوا فيه ويحاسبهم عليه من حيث إنه هو الذي خلقهم وجعلهم خلائف في الأرض ورفع بعضهم فوق بعض ليختبرهم فيما يسّره لهم ومكّنهم فيه، كلا بحسبه ومن حيث هو سريع العقاب على الذين يستحقون عقابه، غفور رحيم للتائبين المؤمنين.
(1) انظر تفسير الآيات في مجمع البيان للطبرسي.