الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنبوة والكتاب، وكانوا موضع تكريم الله وحملة مشعل الهداية إليه، وتقرير استغناء الله تعالى عنهم ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالثبات على موقفهم والاقتداء بهؤلاء الذين هداهم الله.
ومن المفسرين من قال إن الآية [82] من كلام إبراهيم عليه السلام لقومه، ومنهم من قال إنه تقرير رباني لتوكيد حجة إبراهيم وأنها مطلقة التوجيه «1» . وهو ما نرجحه استلهاما من أسلوبها. وقد جرى النظم القرآني على مثل هذه الآيات الاستطرادية والاعتراضية كثيرا لقد روى المفسرون «2» في سياقها أن المسلمين شق عليهم ما جاء فيها وتساءلوا قائلين أيّنا يظلم نفسه فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ليس بالذي تعنون أو تظنون ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح «إن الشرك لظلم عظيم» وهذه الفقرة من آية سورة لقمان التي يجيء ترتيب أولها بعد سورة الأنعام بسورتين.
وعلى كل حال ففي الآية تلقين جليل مستمر المدى. فالمؤمنون هم الآمنون المهتدون على شرط أن لا يشوب إيمانهم شائبة ما من شرك وظلم وإثم. وهذا ما تكرر تقريره في القرآن بأساليب متنوعة مرّت أمثلة منها.
والآية الأخيرة جاءت خاتمة قوية للفصل حيث أمرت النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول للمشركين إنه لا يسألهم ولا ينتظر منهم أجرا وإنه إنما يقوم بالمهمة التي انتدبه الله إليها وتبليغ القرآن الذي يوحي الله به إليه ليكون تذكرة للناس جميعا.
تعليق على وصف إبراهيم عليه السلام بالحنيف
وهذه أول مرة وصف بها إبراهيم عليه السلام في القرآن بالحنيف ثم تكرر ذلك. وقد علقنا على هذه الكلمة في سياق تفسير سورة يونس بما فيه الكفاية. غير أننا بمناسبة وصف إبراهيم بها نقول إن بعض المستشرقين ومنهم كايتاني الطلياني
(1) انظر تفسير الآية في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والزمخشري والخازن والمنار.
(2)
المصدر نفسه.
قالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من أشار إلى ملة إبراهيم ووصفه بالحنيف وأن هذا كان مجهولا في أوساط العرب. وهذا خطأ فيما نعتقد. فورود الكلمة مكررة في القرآن المكي في صور وصف ملة إبراهيم والروايات المروية عن وجود أشخاص كانوا على ملة إبراهيم موحدين غير مشركين وكانوا يسمونها بالحنيفية على ما ذكرناه في سياق تفسير سورة يونس دلائل قوية على أن وصف إبراهيم بالحنيف كان مستعملا قبل نزول القرآن وأن ملة إبراهيم الحنيفية كان مما يذكر في أوساط العرب، وأن هذا الوصف كان يعني التوحيد وعدم الشرك كما جاء في آيات عديدة منها إحدى آيات الفصل الذي نحن في صدده ومنها آية سورة الحج هذه حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (31) ولا سيما أن في القرآن إشارات عديدة كما قلنا تفيد تداول العرب صلتهم البنوية بإبراهيم وملته. والمماراة في هذا مكابرة لا شك فيها.
هذا وقد تكلم المفسرون طويلا «1» في صدد التأليف بين اسم أبي إبراهيم آزر المذكور في الآيات واسم تارح المذكور في سفر التكوين المتداول «2» . والذي نراه أن يوقف عند ما جاء في القرآن. ولا نرى ضرورة لهذه المحاولات ولا طائلا من ورائها فسفر التكوين لم يذكر إلا اسما واحدا وقد عربته العرب بآزر وكفى. ولا نستبعد مع ذلك- إن لم نقل إننا نرجح- أن يكون اسم أبي إبراهيم في النسخ المخطوطة التي كانت في أيدي اليهود هو نفس ما ورد في القرآن أو قريبا منه.
وأسماء الأنبياء المذكورين في السلسلة قد مرت جميعها في السور السابقة عدا اسم (إلياس) فإنه يأتي هنا لأول مرة.
وقد ذكر مرة أخرى في سورة الصافات التي تأتي بعد هذه السورة في ترتيب النزول وهو تعريب إيليا النبي أحد أنبياء بني إسرائيل. وندع الكلام عنه إلى تفسير السورة التالية.
(1) انظر تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والخازن. [.....]
(2)
الإصحاح 12.