الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2)
وتنديد بأكثر الناس الذين يغفلون عن هذه الحقيقة البديهية فيجادلون في مسألة البعث.
(3)
وتنبيه إلى عدم جواز التسوية بين الأعمى والبصير وبين المؤمنين الصالحين والكافرين المسيئين، وتنديد بالذين لا يدركون هذه الحقيقة البديهية الثانية التي تنطوي فيها حكمة الله في البعث والجزاء الأخروي ليوفى كل امرئ بما قدم.
(4)
وتوكيد حاسم بمجيء الساعة وحقيقة البعث وتنديد بالذين يصرون على جحودهما مع ثبوت قدرة الله عليهما وحكمته فيهما.
وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآية الأولى من هذه الآيات مدنية، ويلحظ أنها في صدد التدليل على قدرة الله على البعث وخلق الناس ثانية على ما شرحناه مما احتوت توكيده الآية الثالثة ومما ظلت الآيات السابقة تشير إليه وتؤكده. وليس فيها صورة ما للعهد المدني، وهي أشد مماثلة للأسلوب والآيات المكية. وهذا ما يجعلنا نتوقف في رواية مدنيتها ونرجح مكيتها ثم نرجح صلة الآيات بالسياق السابق وموضوعه.
[سورة غافر (40) : الآيات 60 الى 63]
وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (60) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (61) ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63)
. (1) داخرين: صاغرين.
(2)
تؤفكون: تنصرون وتذهبون ومعنى فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ إلى أين تذهبون بعيدا عن الحق والحقيقة.
في الآيات:
1-
بيان بأن الله فرض على الناس أن يتجهوا إليه وحده في الدعاء والعبادة ووعدهم بالاستجابة لدعائهم وشمولهم بعطفه وعنايته، وأوعد الذين يستكبرون عن عبادته ودعائه وحده بجهنم يدخلونها صاغرين.
2-
وتنبيه إلى بعض مظاهر عظمة الله وأفضاله على الناس. فهو الذي جعل الليل مظلما ليسكن الناس فيه ويرتاحوا، وجعل النهار مضيئا ليسعوا فيه في سبيل الرزق ومظاهر الحياة. فهو صاحب الفضل على الناس المستحق من أجله شكرهم وإخلاصهم له.
3-
وتنديد بأكثر الناس الذين يهملون هذا الواجب ولا يؤدون حق الله عليهم من الشكر والإخلاص.
4-
وتقريع للجاحدين لفضل الله الحائدين عن سبيله، فالله رب الناس جميعهم وخالق كل شيء لا إله إلا هو فكيف ينصرف الناس عن سبيله ويذهبون بعيدا عن الحق والحقيقة ويجحدون فضله وعظمته.
5-
وقد احتوت الآية الأخيرة استدراكا هاما فالذين يذهبون بعيدا عن الحق والحقيقة وينصرفون عن سبيل الله إنما هم الذين يكابرون في آيات الله ومشاهد عظمته ويجحدونها.
والآيات استمرار في موضوع الآيات التعقيبية التي جاءت بعد الفصل القصصي كما هو المتبادر، وقد احتوت التفاتا أو انتقالا من الغائب للمخاطب ودعوة وتنويها وإنذارا وتنديدا، وقد يدل هذا على أن السياق كله في صدد مشهد من مشاهد الجدل والحجاج أو في صدد التعقيب عليه.
وقد انطوى في الآية الأخيرة شيء من الوعيد للجاحدين الغافلين وتقرير كون الجحود إنما يحدث ممن خبثت نياتهم ورغبوا عن الحق والحقيقة، ولذلك يتحملون مسؤولية عملهم.