الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الزّمر
في السورة دعوة إلى الله وحده وتنويه بقدرته وعظمة مشاهد الكون، وحكاية لبعض عقائد المشركين وأقوالهم وحملة عليهم ومقايسات بين المؤمنين والكافرين، وتنويه بالقرآن وأثره في النفوس الطيبة، وتصوير رائع للبعث والقضاء بين الناس. وقد تخلل آيات السورة أمثال ومواعظ ومبادئ عامة، وتلهم بعض آياتها أن فيها إذنا للمؤمنين بالهجرة.
والمقايسات التي فيها جاءت بأسلوب نظمي خاص يجعله خصوصية من خصوصيات السورة، وفصولها مترابطة تسوغ القول إنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة.
وقد روى المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [52- 54] مدنية، وانسجامها في السياق موضوعا وسبكا يسوغ الشك في ذلك.
ولقد روى الترمذي عن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل» حيث ينطوي في الحديث عناية نبوية خاصة بهاتين السورتين لا بد لهما من حكمة قد يكون منها ما احتوتاه من مواعظ وحكم وتنويه بالقرآن. وفي الحديث دلالة على أن هذه السورة كانت تامة الترتيب معروفة الاسم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم «1» .
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 4]
بسم الله الرحمن الرحيم
تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (4)
(1) التاج ج 4 ص 17.
(1)
الدين: هنا بمعنى الخضوع والاتجاه والعبادة.
(2)
لا يهدي: هنا بمعنى لا يوفق ولا يسعد، على ما تلهمه روح الآية.
بدأت السورة بتقرير كون الكتاب أي القرآن هو تنزيل من الله العزيز الذي عظمت قدرته وعز جانبه، الحكيم الذي جميع أفعاله حكمة وصواب. ثم وجه الخطاب في الآيات التالية للمطلع للنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله قد أنزل إليه الكتاب بالحق وأمره بعبادة الله وحده والإخلاص له في الخضوع والاتجاه لأن ذلك إنما يجب له وحده. وأشير بعد ذلك إلى المشركين إشارة تنطوي على التقريع لأنهم اتخذوا من دون الله أولياء يشركونهم معه في الخضوع والاتجاه زاعمين أنهم إنما يفعلون ذلك ليكونوا أسباب قربى وحظوة لهم عند الله. ثم قرر بأسلوب إنذاري بأن الله سوف يحكم بينهم فيما هم فيه مختلفون ومرتكسون ويجزيهم على ما يزعمون بما يستحقون وأن الله لا يمكن أن يوفق ويسعد كل كاذب كافر. وانتهت الآيات بحجة جدلية من قبيل المساجلة وهي أن الله لو أراد أن يتخذ ولدا لاصطفى أحسن ما يخلق، ثم أكدت تنزهه عن ذلك فهو الواحد القهار الغني عن الولد والمحيط بكل شيء والذي يعنو لحكمه كل شيء.
ولم نطلع على رواية في سبب نزول الآيات، ويلوح من حكاية اعتذار المشركين عن شركهم وزعمهم أنهم إنما يعبدون الشركاء ليكونوا لهم سبب قربى إلى الله أن الآيات نزلت بسبيل التعقيب على مشهد مناظرة وجدل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينهم أو بسبيل تسجيله والتنديد بهم من أجله.
والآية الأخيرة توضح مفهوم الأولياء الذين ورد ذكرهم في ما قبلها وتوضح