الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
بلاء: هنا بمعنى اختبار وامتحان.
(2)
الفرقان: تعبير يراد به ما في كتاب الله من بيان وتفريق بين الحقّ والباطل والهدى والضلال.
(3)
ظللنا عليكم الغمام: جعلنا السحاب ظلا عليكم يمنعكم من حرّ الشمس.
(4)
وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون: تقديرها وما آذونا أو ما أضرونا بكفرهم وعنادهم وتعجيزهم وإنما آذوا وأضروا أنفسهم.
(5)
رجزا: عذابا.
(6)
لا تعثوا: لا تتمادوا ولا تسعوا.
(7)
البقل: هو الخضرة مطلقا.
(8)
فومها: قيل بمعنى الحنطة وقيل بمعنى الثوم.
(9)
مصرا: تعددت الأقوال في تخريج ورود هذه الكلمة منونة مصروفة مع أنها جاءت في سور مكية غير منونة وغير مصروفة. وأوجه الأقوال أنها في السور المكية عنت القطر المعروف وأنها هنا عنت ما تعنيه الكلمة لغة وهو المدينة مطلقا أو المكان المعمور مطلقا.
تعليقات على الحلقة الثانية من الآيات الموجهة إلى بني إسرائيل في المدينة [47- 57]
هذه حلقة ثانية من السلسلة الطويلة النازلة في بني إسرائيل ولم نطلع على رواية خاصة بنزولها. والمتبادر أنها جاءت معقبة على الآيات السابقة لتربط كما هو
المتبادر بين ما بدا من يهود المدينة من كفر ودسائس وتعطيل للدعوة المحمدية بما كان من بني إسرائيل أجدادهم الأولين من مواقف وأخلاق ولتهيب بهم بأن لا يكرروا تاريخهم ويعرضوا أنفسهم لنكال الله وانتقامه. ومن المحتمل أن تكون نزلت مع الآيات السابقة في سلسلة واحدة أو عقبها بعد فترة ما والله أعلم.
وعبارتها واضحة، وقد تضمنت بعض وقائع بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام وبعده وتذكير اليهود السامعين بما كان من أفضال الله على آبائهم وبما كان من هؤلاء الآباء إزاء هذه الأفضال من تمرد وجحود وكفر وعبادة عجل وحجاج ولجاج وقتل أنبياء ظلما وعدوانا، وبما كان من نكال الله لهم وضربه الذلة والمسكنة عليهم وتعرضهم لغضب الله وسخطه.
واستعمال ضمير المخاطب في توجيه الكلام حتى ليكاد يكون للسامعين مع أنه في صدد اليهود القدماء مما يقوي معنى التعقيب والربط والإهابة الذي استهدفته الآيات كما هو واضح. وينطوي فيه قصد بيان وتوكيد شدة اللحمة في الأخلاق والجبلة والمواقف بين القديمين والحاضرين. وهو أسلوب من أساليب الخطاب المألوفة في المواقف المماثلة وبخاصة في صدد التنديد بأفعال الأبناء المكروهة إذا كانت على وتيرة أفعال الآباء. وينطوي في ذلك توكيد بأن اليهود السامعين هم أنسال بني إسرائيل القدماء كما هو المتبادر.
وفحوى الآيات وصيغتها تدلان على أن اليهود السامعين كانوا يخاطبون بأمور ووقائع معروفة عندهم ومتداولة فيما بينهم، وهذا مما يجعل الإنذار والتنديد أشد إلزاما وتأثيرا بطبيعة الحال، ولقد وردت الأحداث المذكورة فيها في أسفار العهد القديم المتداولة اليوم وإن كان فيما ورد في هذه الأسفار مباينة في الأسلوب والجزئيات لما جاء في الآيات. ونحن نعتقد أن ما جاء في الآيات مما كان متداولا عند اليهود السامعين أو واردا في قراطيس أخرى عندهم ولم تصل إلينا، لأن هذا هو المتسق مع حكمة التنزيل التي استهدفت التنديد والزجر والتذكير بأحداث وأمور معروفة.
وبعض ما ورد في الآيات ورد في سياق قصص بني إسرائيل في السور المكية مثل الأعراف ويونس وطه والقصص مع اختلاف في الأسلوب حيث ورد في السور المكية في معرض التمثيل والتذكير للعرب، في حين ورد هنا في معرض التذكير لليهود والتنديد بهم. وهناك فارق آخر وهو أن الأسلوب هنا ليس قصصيا كما هو في السور المكية وإنما هو تقريعي وهذا منسجم مع الموقف الذي نزلت فيه وهو فارق يلحظ في ما نزل في شأن بني إسرائيل عامة، وبه يتميز الأسلوب المكي عن الأسلوب المدني.
والجديد في هذه الآيات الذي لم يرد في السور المكية ما جاء في الآيات [55 و 56 و 61] والمتبادر أن المقصود بالطعام الواحد الذي أعلن بنو إسرائيل أنهم لا يصبرون عليه هو المنّ والسلوى، وشيء مما ورد في هذا وارد في سفر العدد من أسفار العهد القديم.
ولقد أورد المفسرون روايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم فيها تفصيل لما جاء في الآيات منها ما هو متطابق مع ما جاء في الأسفار ومنها ما لا يتطابق. ومنها ما فيه إغراب ومبالغة حتى لقد شغل ذلك في تفسير الطبري أربعين صفحة كبيرة. ولم نر طائلا لإيرادها مسهبة أو ملخصة لأنها غير متصلة بأهداف الآيات وإن كانت تدل على أن ما جاء فيها كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولقد تعددت الأقوال التي يرويها المفسرون عن القرية والسجود وقول (حطة) والتبديل الذي بدل بنو إسرائيل من القول مما جاء في الآيتين [58 و 59] وأوردوا بعض الأحاديث في ذلك. ولقد جاءت كل هذه النقاط في آيتي سورة الأعراف [161 و 162] فعلقنا عليها وأوردنا ما ورد في صددها من أقوال وأحاديث فنكتفي بهذا التنبيه دون التكرار.
وننبه بمناسبة هذا الفصل التنديدي وما بعده من فصول وربطها بين حاضر اليهود وغابرهم على أن أسفار العهد القديم قد احتوت فصولا كثيرة عما كان من
انحرافات اليهود وآثامهم المتنوعة. وفيها صور بشعة جدا من ذلك. كما احتوت تنديدات شديدة وإنذارات قارعة وحملات عنيفة عليهم بسببها، منها ما هو مبلغ عن الله بواسطة موسى عليه السلام ومنها ما هو مبلغ عن الله بواسطة أنبيائهم بعد موسى، ومنها ما سجل عليهم من الأنبياء أنفسهم ومنها ما سجل به عليهم قتلهم الأنبياء وتكذيبهم لهم وعبادتهم العجل والأصنام والمعبودات الأخرى بصورة مستمرة وارتكابهم مختلف المنكرات والموبقات مما هو متسق في جوهره مع هذه الفصول «1» .
والمتبادر من أسلوب الآية [61] أن جملة وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ليست استمرارا لحكاية قول موسى لهم وإنما هي تقرير رباني مباشر بأن الله كتب ذلك على مختلف أجيال بني إسرائيل من لدن موسى وما بعده نتيجة للمواقف اللجاجية والانحرافات الدينية والأخلاقية التي كانوا وظلوا يرتكبونها بما في ذلك تكذيب الأنبياء وقتلهم، وعصيان أوامر الله وعدوانهم حيث يكون في ذلك عقاب رباني ملازم لهم على مدى الدهر يشاهده بنو الإنسان جيلا بعد جيل منذ آلاف السنين. وفي كل زمن ومكان رغم ما قد يبدو من ظروف يتاح فيها لبعضهم أن يبرزوا في المجتمعات حيث لا يلبث المرء أن يكتشف أن ذلك مظهر سطحي وحسب فضلا عن أنه ليس إلا بالنسبة لأفراد وظروف وأن الكثرة الكاثرة منهم مسربلة دوما بذلك العقاب الذي كتبه الله عليهم. ولقد جاء هذا في آية سورة الأعراف هذه قويا حاسما وشاملا: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ
…
[167] .
هذا، ومع أن الآيات بسبيل التنديد باليهود ومواقفهم فمما لا ريب فيه أن فيها تلقينات عامة مستمرة المدى في تقبيح ما بدا من اليهود سابقا ولا حقا من انحرافات وآثام ومكابرة وتعجيز وجحود وكفر، وفي تعليل ما حل باليهود بسببه
(1) هذه التقريعات والإنذارات والتسجيلات مبثوثة في معظم الأسفار التي هي في متناول الجميع، اقرأ إذا شئت كتابنا تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم.