الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفسرين «1» هذا التنبيه إلى الفريق الثاني بقصد بيان ما استحقه عند الله من رأفة ورحمة وحسن جزاء ولا يخلو هذا من وجاهة. ولقد قال بعضهم إن جملة: فِي الْحَياةِ الدُّنْيا تعني في شؤون الحياة الدنيا ولا يخلو هذا من وجاهة.
تعليق على الآية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا والآيات الأربع التالية لها
والآيات كما يبدو فصل جديد، ولعلّها متصلة بالآيات التالية لها على ما سوف نشرحه بعد.
وقد روى المفسرون»
أن القسم الأول من الآيات نزل في الأخنس بن شريق أحد زعماء المشركين الذي قدم إلى المدينة فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصار يقسم له أنه محبّ له وأنه يريد أن يسلم ثم حنث في يمينه وبيت أحد خصومه فأحرق زرعه وأهلك مواشيه وعقر دوابه. وهناك رواية «3» أخرى تفيد أنها نزلت في جماعة من المنافقين شمتوا لمصاب المسلمين في سرية أحاط بها المشركون تقاتلوا حتى استشهد معظمهم «4» . ورووا أن القسم الثاني أي الآية الأخيرة نزلت في صهيب الرومي الذي فدى نفسه بماله ونجا بدينه من مكة. وقد روى القاسمي حديثا أخرجه ابن أبي حاتم جاء فيه: «أقبل صهيب مهاجرا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فاتبعه نفر من قريش فنزل عن راحلته وانتثل ما في كنانته ثم قال: يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم جلا، وأيم الله لا تصلون إليّ حتى أرمي كلّ سهم في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم. وإن شئتم دللتكم على مالي
(1) انظر تفسيرها في الطبري. [.....]
(2)
انظر تفسير المنار.
(3)
انظر تفسير الآيات في الطبري والخازن وابن كثير والبغوي.
(4)
انظر كتب التفسير السابقة وتفسير القاسمي معها.
بمكة وخلّيتم سبيلي؟ قالوا: نعم. فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ربح البيع ربح البيع. ونزلت الآية» «1» . وهنا من يروي أنها نزلت في المهاجرين الذين تخلوا عن موطنهم وأموالهم في سبيل الله مطلقا «2» .
والروايات لم ترد في الصحاح وعلى كل حال فالآيات بسبيل المقارنة بين منافق ومخلص وموقف كل منهما. ومن المحتمل أن يكون حدث حادثان متناقضان من منافق ومخلص من نوع ما ورد في الروايات قبل نزول الآيات فنزلت لتشير إليهما منددة بالأول منوهة بالثاني.
وأسلوب الآيات مطلق حيث ينطوي فيها تلقين مستمر المدى بشأن كل من النموذجين اللذين لا ينعدمان في كل ظرف ومكان.
ووصف المنافق قوي نافذ، وفيه جملة لاذعة، فأمثال هذا الشخص يكون عادة أشدّ الناس ضررا أو فسادا في المجتمع الذي يكون فيه سواء أمن ناحية السلوك العام أم السلوك الخاص.
ولقد ذكر رشيد رضا أن بعضهم أوّل جملة وَإِذا تَوَلَّى بمعنى الولاية والحكم. وحتى لو لم يكن هذا التأويل هو المقصود فإن الآيات بإطلاقها تتحمل أن تكون الصورة التي وصفتها في فئات مختلفة من الناس من حكام وزعماء وعلماء وأفراد على اختلافهم ومشاغلهم. ويكون التنديد والإنذار الشديدين فيها والتلقين باجتناب الصفات التي وصف بها متفاوتا في الشدة حسب تفاوت المتصفين بالصفات والقدرة على الكيد والضرر والفساد.
ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية حديثا عن عائشة ورد في التاج برواية الشيخين والترمذي جاء فيه: «قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّ أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» «3» . وفي الحديث تنديد سيق بصفة اللدد والخصومة وإن كان مدى الجملة
(1) المصدر السابق نفسه.
(2)
المصدر السابق نفسه.
(3)
التاج ج 5 ص 41.