الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويلوح لنا خاطر في صدد (السؤال عن الأهلّة) إذا كان أراد السائل حقا كما روي معرفة أسرار تقلّب حالات القمر ونواميسه. وهو أن الجواب القرآني جاء على طريقة أسلوب الحكيم. فالسائل سأل عن السرّ فأجيب بما هو مفيد له وللناس من حكمة ذلك وينطوي في هذا إذا صح الخاطر اهتمام القرآن ببيان المفيد الحكيم والتجاوز عما لا حاجة إلى بيانه أو لا طائل من بيانه من النواميس الكونية «1» .
والشطر الثاني من الآية ينطوي على إلغاء ذلك التقليد لما فيه من مشقة وعبث لا فائدة له. مقررا أنه ليس فيه شيء من البرّ، ومنبها إلى أن تقوى الله هي الجوهرية ووسيلة البرّ والفلاح الحقيقة.
وهذا متسق مع ما شرحناه في سورة الحج من حكمة الإبقاء على تقاليد الحج القديمة حيث ألغي منها ما فيه قبح أو عبث وجرّد ما أبقي عليه من شوائب الوثنية والشرك.
وهكذا يكون قد انطوى في هذا الشطر وهو يلغي هذا التقليد حكمة تشريعية من جهة وتلقين جليل مستمرّ المدى بأن الجوهري والبرّ الحقيقي عند الله هو تقواه والتزام حدوده دون الأشكال والأعراض والمظاهر، وهو ما انطوى في آيات عديدة سبق تفسيرها وبخاصة آية سورة البقرة [177] .
[سورة البقرة (2) : الآيات 190 الى 195]
وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَاّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)
وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) .
(1) رأينا القاسمي يورد هذا الخاطر أيضا ولم نكن اطلعنا عليه قبل.
(1)
حيث ثقفتموهم: الثقف في اللغة: الحذق والإصابة. والكلمة هنا بمعنى حيث وجدتموهم أو أصبتموهم وقدرتم عليهم.
(2)
الحرمات: هنا بمعنى الأماكن والظروف المحرّمة دينيا.
في الآيات:
1-
أمر للمسلمين بمقاتلة الذين يقاتلونهم في سبيل الله.
2-
ونهي عن العدوان بدءا وتجاوز الحد في القتال فإن الله لا يحب المعتدين.
3-
وتحريض لهم على قتال الذين يقاتلونهم في أي زمن ومكان أصابوهم ووجدوهم وإخراجهم من ديارهم كما أخرجوهم.
4-
وتنبيه إلى أن الفتنة هي أشد من القتل. وينطوي في هذه الجملة تقرير كونها مما يبيح قتال الذين يقترفون الفتنة.
5-
ونهي عن قتالهم في منطقة المسجد الحرام إلا إذا قاتلوهم فيها فيكون قتالهم فيها جزاء استحقه الكافرون حيث يكونون هم البادئون في خرق حرمة المنطقة المحرمة.
6-
وأمر للمسلمين بالتوقف عن قتال الكفار إذا هم انتهوا فإن الله غفور لمن تاب وارتدع ورحيم شامل الرحمة.
7-
وأمر آخر لهم بقتال الكفار حتى لا تبقى فتنة ويكون الدين لله.
8-
وإيجاب الانتهاء من القتال إذا ما انتهى الكفار عن موقفهم.
9-
ونهي عن استئناف القتال من جانبهم إلا ضدّ المعتدي الظالم.
10-
وإذن لهم بمقابلة العدوان بمثله، فإذا اعتدي عليهم في الشهر الحرام