الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الفصل الثالث}
1834-
(4) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((بعث منادياً في فجاج مكة.
ــ
وفيه أنه أمسك الشيطان ثلاث ليال وهو يأخذ من التمر، فدل على أنهم كانوا يعجلونها، وعكسه الجوزقي فاستدل به على جواز تأخيرها عن يوم الفطر وهو محتمل للأمرين- انتهى. وهذا إن دل على التقديم فإنما يدل على جواز تقديمها للجمع لا على الأعطاء للفقراء قبل يوم الفطر. وقال في البدائع: بعد ذكر أقوال الحنفية المختلفة وجوهها، والصحيح أنه لا يجوز التعجيل مطلقاً، وذكر السنة والسنتين في رواية الحسن عن أبي حنيفة ليس على التقدير بل هو لبيان استكثار المدة، أي يجوز وإن كثرت المدة. ووجهه إن الوجوب إن لم يثبت فقد وجب سبب الوجوب، وهو رأس يمونه ويلي عليه، والتعجيل بعد وجوب السبب جائز كتعجيل الزكاة والعشور- انتهى. قلت: القول الراجح عندي هو ما ذهب إليه المالكية وأكثر الحنابلة من جواز تقديمها قبل الفطر بيوم أو يومين لا قبل ذلك والله تعالى اعلم. وأما وقت الوجوب فقد تقدم الكلام عليه وأما وقت الفضيلة. فقبل الخروج لصلاة العيد وهذا عند الأئمة الأربعة وأما وقت الكراهة فتأخيرها عن صلاة العيد إلا لعذر وهذا عند الشافعية والحنابلة. وقال مالك: وذلك واسع إن شاؤا أن يؤدوا قبل الغد ومن يوم الفطر وبعده (أي بعد الغدو) وقد تقدم عن الشوكاني وابن القيم وابن حزم أنه يجب أداءها قبل الخروج إلى الصلاة ويحرم تأخيرها عن الخروج فقبل الصلاة هو وقت وجوب الأداء عندهم لا وقت الفضيلة فقط، وبعد صلاة العيد هو وقت تحريم لا وقت كراهة فقط، وهذا هو الصواب. وأما وقت الحرمة: فتأخيرها عن يوم العيد وهذا عند المالكية والشافعية والحنابلة قال في شرح الإقناع: وهامشه ويحرم تأخيرها عن يوم العيد بلا عذر كغيبة ماله أو المستحقين، فلو أخرها بلا عذر عصى وصارت قضاء فيقضيها وجوباً فوراً- انتهى. وقال ابن قدامة: فإن أخرها عن يوم العيد إثم ولزمه القضاء وحكى عن ابن سيرين والنخعي الرخصة في تأخيرها عن يوم العيد، وروى محمد بن يحيى الكحال قال: قلت لأبي عبد الله فإن أخرج الزكاة ولم يعطها قال نعم، إذا أعدها لقوم. وحكاه ابن المنذر عن أحمد وإتباع السنة أولى- انتهى. وقال في البدائع: أما وقت أداءها: فجميعه العمر عند عامة أصحابنا، ولا تسقط بالتأخير عن يوم الفطر لأن الأمر بأداءها مطلق عن الوقت فيجب في مطلق الوقت غير معين، وإنما يتعين بتعيينه فعلاً أو بآخر العمر كالأمر بالزكاة والعشر والكفارات وغير ذلك، وفي أي وقت أدى كان مؤدياً لا قاضياً كما في سائر الوجبات الموسعة غير أن المستحب أن يخرج قبل الخروج إلى المصلى- انتهى.
1834-
قوله: (بعث منادياً) زاد في رواية الدارقطني بعده ينادي (في فجاج مكة) بكسر الفاء جمع فج
ألا أن صدقة الفطر واجبة، على كل مسلم، ذكر أو أنثى، حر أو عبد، صغير أو كبير، مدان من قمح، أو سواه، أو صاع من طعام)) . رواه الترمذي.
ــ
وهو الطريق الواسع (مدان من قمح) أي هي مدان من حنطة فهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف (أو سواه) أي من غير القمح وأو للتخيير وقيل: للتنويع (أو صاع من طعام) كذا في جميع النسخ الموجودة الحاضرة عندنا. قال القاري: قوله أو صاع شك من الراوي وقوله"من طعام" أي سوى القمح وهو يؤيد التأويل الذي قدمناه من أن الطعام يراد به المعنى الأعم. وقال ابن حجر: شك في أي اللفظين سمع - انتهى. وهو يحتمل أن يكون بدلاً من قوله "مدان أو سواه" انتهى كلام القاري. وقال الشيخ الدهلوي: في أشعة اللمعات: (أو سواه) أي أو سوى القمح من الزبيب كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة (أو صاع من طعام) أو للشك من الراوي إن كان المراد بالطعام القمح وللتنويع إن كان المراد به غير القمح- انتهى كلامه معرباً. قلت: كل هذا وهم وتكلف والحق إن لفظة أو قبل قوله "صاع" خطأ من النساخ، والدليل عليه أن نسخ الترمذي كلها متفقة على إسقاطها ولفظها أو سواه صاع من طعام ومعناه واضح جداً، وقوله "من طعام" بيان لقوله سواه كما يدل عليه رواية الدارقطني مدان من قمح أو صاع مما سواه من الطعام (رواه الترمذي) وأخرجه أيضاً الدارقطني (ص220) كلاهما من طريق سالم بن نوح عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب، قال الترمذي: حديث حسن غريب، وأعله ابن الجوزي في التحقيق بسالم بن نوح قال. قال ابن المعين: ليس بشيء وتعقبه صاحب التنقيح فقال هو صدوق روى له مسلم في صحيحه. وقال أبوزرعة: صدوق ثقة وثقة ابن حبان. وقال النسائي: ليس بالقوى. وقال الدارقطني: فيه شيء. وقال ابن عدي: عند غرائب وأفراد وأحاديثه مقاربة مختلفة ذكره الزيلعي (ج2 ص420) . وقال الحافظ في الدراية: (ص169) ورواه الدارقطني من وجه أخر عن عمرو بن شعيب. وقد اختلف فيه على عمرو فقيل: عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: عنه بلغني إن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى. قلت: وله طريق رابع أخرجه الدارقطني والبيهقي (ج4 ص173) من رواية المعتمر بن سليمان عن علي بن صالح عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومدار هذه الطرق الأربعة على ابن جريج وهو مدلس وصفه بالتدليس ابن حبان والنسائي وغيرهما. قال الدارقطني: تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح وذكره الحافظ في المرتبة الثالثة في طبقات المدلسين، ولم يصرح ابن جريج هنا بالسماع. وقال الترمذي. قال محمد ابن إسماعيل: لم يسمع ابن جريج من عمرو بن شعيب كذا في تهذيب التهذيب (ج6 ص405) وقال البيهقي (ج4 ص173) بعد الإشارة إلى طريق سالم بن نوح. قال أبوعيسى الترمذي: سألت محمداً يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب - انتهى.
1835-
(5) وعن عبد الله بن ثعلبة، أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صاع من بر، أو قمح عن كل اثنين
ــ
1835-
قوله: (وعن عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير) بمهملتين مصغراً (عن أبيه) قال الحافظ في تهذيب التهذيب: في حرف العين المهملة عبد الله بن ثعلبة بن صعير، ويقال ابن أبي صعير مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ورأسه زمن الفتح ودعا له، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيه (أي ثعلبة بن صعير) وعمر وعلي وسعد وأبي هريرة وجابر، وروى عنه الزهري وأخوه عبد الله بن مسلم وسعد بن إبراهيم وغيرهم. قال ابن سعد: كان أبوثعلبة بن صعير شاعراً وكان حليفاً لبني زهرة، وقال الحاكم: أبوأحمد، أبومحمد عبد الله بن ثعلبة بن صعير. قيل: إنه ولد قبل الهجرة (بأربع سنين) وقيل بعدها وتوفي سنة سبع. وقيل: سنة تسع وثمانين وهو ابن (83) سنة. وقيل: ابن (93) سنة. وقيل: غير ذلك في تاريخ وفاته ومبلغ سنة. وقال ابن السكن: يقال له صحبة وحديثه في صدقة الفطر مختلف فيه وصوابه مرسل، وليس يذكر في شيء من الروايات الصحيحة سماع عبد الله من النبي صلى الله عليه وسلم ولا حضوره إياه. وقال أبوحاتم: قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير. وقال البخاري في التاريخ: عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، إلا أن يكون عن أبيه وهو أشبه وزعم ابن حزم إن عبد الله بن ثعلبة مجهول - انتهى مختصراً. وقال في التقريب. عبد الله بن ثعلبة بن صعير بمهملتين مصغراًَََََََ، ويقال ابن أبي صعير له رؤية، ولم يثبت له سماع، مات سنة سبع أو تسع وثمانين وقد قارب التسعين. وقال: في حرف المثلثة من تهذيبه ثعلبة بن صعير، ويقال ابن عبد الله بن صعير ويقال ابن أبي صعير، ويقال عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري له حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صدقة الفطر. وروى عنه ابنه عبد الله وفيه خلاف كثير أخرجه أبوداود على الاختلاف فيه. قال يحيى بن معين: ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير، وثعلبة بن أبي مالك (القرظي) جميعاً قد رأيا النبي صلى الله عليه وسلم. قلت:(قائله الحافظ) . وقال الدارقطني: الصواب فيه عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير لثعلبة صحبة ولعبد الله رؤية والله أعلم- انتهى. وقال في التقريب: ثعلبة بن صعير أو ابن أبي صعير العذري بضم المهملة وسكون المعجمة. ويقال ثعلبة بن عبد الله بن صعير، ويقال عبد الله بن ثعلبة بن صعير مختلفي صحبته (صاع من بر) أي صدقة الفطر صاع موصوف بأنه من بر (أو قمح) أو للشك من روايه حماد بن زيد كما في مسند الإمام أحمد (ج5 ص432)(عن كل اثنين) كذا في جميع النسخ وكذا نقله الخطابي في المعالم، وفي نسخ أبي داود على كل اثنين. وكذا نقله الزيلعي في نصب الراية يعني مجزيء عن كل اثنين، وفيه حجة لمذهب من أجاز نصف الصاع ممن البر، لكن الحديث مضطرب، فقد وقع في بعض الروايات عند الدارقطني وغيره صاع من قمح عن كل رأس،
صغير أو كبير، حر أو عبد، ذكر أو أنثى، أما أغنيكم فيزكيه الله. وأما فقيركم فيرد عليه أكثر مما أعطاه)) . رواه أبوداود.
ــ
وفي بعضها عن كل إنسان وفي بعضها نصف صاع من قمح (صغير أو كبير حراً أو عبد ذكر أو أنثى) زاد في رواية غني أو فقير (أما غنيكم) تفصيل لعلة وجوب صدقة الفطر (فيزكيه الله) التزكية بمعنى التطهير أو التنمية فالمناسب لحال الغني التطهير من الإمساك وبحال الفقير التنمية فيما أبقاه من القوت وهذا على أن يكون الفقير ممن يملك قوته قاله الطيبي: (وأما فقيركم) المراد به من يكملك صدقة الفطر زيادة على قوت نفسه وعياله ليوم العيد، وليلته (فيرد) أي الله (عليه أكثر مما أعطاه) أي هو المساكين. قال القاري: وفي نسخة بصيغة المجهول في فيرد وبرفع أكثر والأول أكثر - انتهى. قلت: في سنن أبي داود فيرد الله وكذا وقع عند الدارقطني والبيهقي وغيرهما، وكذا نقله الجزري والزيلعي. قال الخطابي في المعالم (ج2 ص52) : وفيه بيان أنها تلزم الفقير إذا وجد ما يؤديه ألا تراه يقول "وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه" فقد أوجب عليه أن يؤديها عن نفسه مع إجازته له أن يأخذ صدقة غيره - انتهى. وأجاب القاري عنه بأن المراد بالفقير الفقير بالإضافة إلى أكابر الأغنياء. وقال بعضهم: أو يقال إن الفقير إذا أعطى متطوعاً من غير أن يجب عليه يرد الله عليه أكثر مما أعطى ولا يخفى ما فيه من التكلف (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً أحمد (ج5 ص432) والدارقطني (ص223) والطحاوي (ج1 ص320) والبيهقي (ج4 ص163، 164) وسكت عنه أبوداود. وقال المنذري في إسناده، النعمان بن راشد، ولا يحتج بحديثه - انتهى. قلت النعمان بن راشد هذا ضعفه يحيى بن القطان وابن معين وأبوداود والنسائي. وقال أحمد: مضطرب الحديث روى أحاديث مناكير. وقال: مهنأ ذكرت لأحمد حديث ثعلبة بن أبي صعير في صدقة الفطر نصف الصاع من بر، فقال ليس بصحيح. إنما هو مرسل يرويه معمر وابن جريج عن الزهري مرسلاً. قلت من قِبَل من هذا. قال: من قبل النعمان بن راشد وليس بالقوى في الحديث وضعف حديث ابن أبي صعير- انتهى. وقال البخاري: وأبوحاتم في حديثه وهم كثيرون وهو في الأصل صدوق. وقال ابن أبي حاتم: أدخله البخاري في الضعفاء فسمعت أبي يقول يحول عنه وذكره ابن حبان في الثقات. وقال النسائي: مرة صدوق فيه ضعف، وقال ابن معين: ضعيف مضطرب الحديث. وقال: مرة ثقة. وقال العقيلي: ليس بالقوى يعرف فيه الضعف. وقال ابن عدي: قد احتمله الناس روى عنه الثقات وله نسخة عن الزهري لا بأس به. وقال الحافظ في التقريب: صدوق سيء الحفظ- انتهى. وللحديث طرق أخرى عند أحمد وأبي داود والدارقطني وعبد الرزاق والطبراني والحاكم والبيهقي ذكرها الزيلعي (ج2 ص407) ومدار جميع طرق هذا الحديث على الزهري عن عبد الله بن ثعلبة. وقد اختلف عليه في إسناده ومتنه، وقد أوضح هذا الاختلاف الدارقطني في علله. ونقله عنه في نصب الراية. وقال ابن التركماني