المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقال الترمذي: هذا حديث غريب. ‌ ‌{الفصل الثالث} 1982- (7) وعن أبي هريرة، - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٦

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌{

- ‌الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب صدقة الفطر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب من لا تحل له الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌((5)) باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب فضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أفضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب من لا يعود في الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

-

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب رؤية الهلال

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب تنزيه الصوم

- ‌((الفصل الأول))

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: وقال الترمذي: هذا حديث غريب. ‌ ‌{الفصل الثالث} 1982- (7) وعن أبي هريرة،

وقال الترمذي: هذا حديث غريب.

{الفصل الثالث}

1982-

(7) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاكم رمضان شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم)) .

ــ

لم يسم، ورواه النسائي أيضاً كلاهما من رواية عطاء بن السائب عن عرفجة. قال كنت في بيت فيه عتبة بن فرقد فأردت أن أحدث بحديث. قال: فكان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه أولى بالحديث فحدث الرجل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في رمضان تفتح أبواب السماء وتغلق أبواب النار، ويصفد فيه كل شيطان مريد، وينادى مناد كل ليلة يا طالب الخير هلم ويا طالب الشر أمسك (وقال الترمذي هذا حديث غريب) أي إسناداً كما تقدم.

1982-

قوله: (أتاكم) أي جاءكم (رمضان) أي زمانه وفي رواية أحمد لما حضر رمضان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءكم رمضان (شهر مبارك) بدل أو بيان والتقدير هو شهر مبارك وظاهره الأخبار أي كثر خيره الحسي والمعنوي كما هو مشاهد فيه (تفتح فيه) استئناف بيان وهو بصيغة المجهول وبالتأنيث في الأفعال الثلاثة وبتخفيف الفعلين ويشددان (أبواب السماء) وفي رواية أحمد المذكورة أبواب الجنة (وتغل) بتشديد اللام من الأغلال. قال في القاموس: أغل فلاناً أدخل في عنقه أو يده الغُلّ وهو مفرد جمعه أغلال (فيه مردة الشياطين) يفهم من هذا الحديث إن المقيدين هم المردة فقط، فيكون عطف المردة على الشياطين في الحديث المتقدم عطف تفسير وبيان، ويحتمل أن يكون تقييد عامة الشياطين بغير الأغلال والله أعلم. (لله فيه) أي في ليالي رمضان على حذف مضاف أو في العشر الأخير منه (ليلة خير من ألف شهر) أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر (من حرم) بتخفيف الراء على بناء المفعول (خيرها) بالنصب وهو يتعدى إلى مفعولين يقال حرمة الشيء كضربه وعمله حرماناً أي منعه إياه والمحروم الممنوع أي من منع خيرها بأن لم يوفق لا حياء والعبادة فيها (فقد حرم) أي منع الخير كله كما سيجيء صريحاً ففيه مبالغة عظيمة. والمراد حرمان الثواب الكامل أو الغفران الشامل الذي يفوز به القائم في أحياء ليلها. قال الطيبي: إتحد الشرط والجزاء دلالة على فخامة الجزاء

ص: 415

رواه أحمد، والنسائي.

1983-

(8) وعن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه. ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان)) .

ــ

أي فقد حرم خيراً لا يقادر قدره (رواه أحمد)(ج2 ص230)(والنسائي) كلاهما من طريق أبي قلابة عن أبي هريرة. قال الشيخ أحمد شاكر في شرح المسند (ج12 ص134) : إسناده صحيح. وقال المنذري في الترغيب: ولم يسمع أبوقلابة منه فيما أعلم، وفي تهذيب التهذيب يقال أنه لم يسمع من أبي هريرة، وتعقب هذا الشيخ أحمد شاكر فقال لم أجد ما يؤيد هذا أي القول بعدم سماعه منه، وأبوقلابة لم يعرف بتدليس والمعاصرة كافية في الحكم بوصل الإسناد- انتهى.

1983-

قوله: (وعن عبد الله بن عمرو) بالواو رضي الله عنهما (الصيام) أي صيام رمضان. وقيل: مطلقاً (والقرآن) أي قراءة القرآن. قال الطيبي: القرآن ههنا عبارة عن التهجد والقيام بالليل كما عبر به عن الصلاة في قوله تعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً} [الإسراء:78] وإليه الإشارة بقوله: "ويقول القرآن منعته النوم بالليل- انتهى. (يشفعان) بفتح الياء وسكون المعجمة وفتح الفاء. قيل: يحتمل تجسيدهما وخلق النطق فيهما فإن المعاني والأعمال تتجسم يوم القيامة، ويحتمل إرسال ملك ينطق على لسانهما، ويحتمل المجاز والتمثيل أي يشفعان بلسان الحال. قال الطيبي: الشفاعة والقول من الصيام والقرآن إما أن يؤل أو يجري على ما عليه النص وهذا هو المنهج القويم والصراط المستقيم، فإن العقول البشرية تتلاشى وتضمحل عن إدراك العوالم الإلهية. ولا سبيل لنا إلا الأذعان له والإيمان به، ومن تأول ذهب إلى أنه استعيرت الشفاعة والقول للصيام والقرآن لإطفاء غضب الله وإعطاء الكرامة ورفع الدرجات والزلفى عند الله - انتهى. قلت: من تأول الحديث وحمله على المجاز والاستعارة والتمثيل إنما ذهب إلى ذلك لما زعم إن الأعمال أعراض، والعرض لا يكون قائماً بالذات بل بالغير وهو أمرآني لا يبقى بل يفنى فلا يمكن أن يؤذن أو يكال وهذا شيء قد أبطله الفسلفة الحديثة اليوم، وحققت إن الأعمال والأصوات والأنوار تبقى، ويمكن أن تحفظ وتخزن وتوزن وتكال فالحق والصواب، أن يحمل الحديث ظاهره. ويقال: إن الصيام والقرآن يشفعان بالقول حقيقة (أي رب) أي يا رب! (والشهوات) من عطف الأعم (بالنهار) كله (فشفعني) بالتشديد أي أقبل شفاعتي (فيه) أي في حقه (ويقول القرآن) لما كان القرآن كلامه تعالى غير مخلوق لم يقل أي رب (فيشفعان) بضم أوله وشدة الفاء المفتوحة مجهولاً أي يشفعهما الله

ص: 416

رواه البيهقي في شعب الإيمان.

1984-

(9) وعن أنس بن مالك قال: دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا كل محروم)) . رواه ابن ماجه.

ــ

فيه أي يقبل شفاعتهما ويدخله الجنة. وقال القاري: ولعل شفاعة رمضان في محو السيئات وشفاعة القرآن في علو الدرجات (رواه البيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه أحمد (ج2 ص174) وفي سنده ابن لهيعة والحاكم (ج1 ص554) وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي والطبراني في الكبير. قال الهيثمي (ج3 ص181) : رجاله رجال الصحيح. وقال المنذري: رجاله محتج بهم في الصحيح وأبونعيم في الحلية (ج8 ص161) وفيه رشدين بن سعد وابن أبي الدنيا في كتاب الجوع وغيره بإسناد حسن كما في الترغيب.

1984-

قوله: (إن هذا الشهر) الإشارة للتعظيم (قد حضركم) أي فاغتنموا حضوره بالصيام في نهاره والقيام في ليلة (وفيه ليلة) أي واحدة مبهمة من لياليه العشر الأواخر (خير من ألف شهر) أي فالتمسوه في كل ليلة رجاء أن تدركوها (من حرمها) على بناء المفعول وكذا الأفعال الباقية. قيل: المراد إنه حرم لطف الله وتوفيقه ومنع من الطاعة فيها. والقيام بها ولعل هذا هو الذي فأته العشاء تلك الليلة أيضاً قاله السندي. وقال القاري: أي حرم خيرها وتوفيق العبادة فيها ومنع عن القيام ببعضها (ولا يحرم خيرها إلا كل محروم) قال القاري: برفع كل على البدلية ويجوز نصبه على الاستثناء أي كل ممنوع من الخير لا حظ من السعادة ولا ذوق له من العبادة. قلت: قوله "إلا كل محروم" هكذا وقع في جميع وفي السنن لابن ماجه إلا محروم أي بإسقاط لفظ كل، وكذا نقله المنذري في الترغيب. قال السندي: وهو الذي لاحظ له في السعادة (رواه ابن ماجه) قال في الزوائد: في إسناده عمران ابن داور أبوالعوام القطان فيه ومشاه الإمام أحمد، ووثقه عفان والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به وباقي رجال الإسناد ثقات - انتهى. قلت: عمران هذا قال البخاري صدوق يهم. وقال المنذري: في الترغيب إسناده إن شاء الله تعالى، وروى الطبراني في الأوسط عنه أي عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا رمضان قد جاء تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين بعداً لمن أدرك رمضان فلم يغفر له إذا لم يغفر له فمتى؟ - انتهى. قال الهيثمي: فيه الفضل بن عيسى الرقاشي وهو ضعيف.

ص: 417

1985-

(10) وعن سلمان الفارسي، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر من شعبان فقال: ((يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليلة تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن،

ــ

1985-

قوله: (الفارسي) بكسر الراء (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) يحتمل خطبة الجمعة وخطبة الموعظة (فقال) أي بعد أن حمد الله وأثنى عليه كما هو المعهود من حاله في خطبة وكأن سلمان حذف ذلك اختصاراً. قلت: ما اختصره بل اقتصره وبينه وأظهره بقوله خطبنا فإن الخطبة هي الحمد والثناء كما هو مشهور عند العلماء كذا في المرقاة (يا أيها الناس) وفي بعض النسخ أيها الناس (قد أظلكم) بالظاء المشالة أي أشرف عليكم وقرب منكم. قال في النهاية: أظلكم رمضان بالمعجمة أي أقبل عليكم ودنا منكم كأنه ألقى عليكم ظله (شهر عظيم) أي قدره لأنه سيد الشهور (صيامه) أي صيام نهاره (فريضة) أي فرضاً قطعياً (وقيام ليلة) أي أحياءه بالتراويح ونحوها (تطوعاً) أس سنة مؤكدة فمن فعله فاز بعظيم ثوابه ومن تركه حرم الخير وعوقب بعتابه قاله القاري: (من تقرب) أي إلى الله (فيه) أي في نهاره أو ليلة (بخصلة من الخير) أي من أنواع النفل (كان كمن) أي ثوابه كثواب من (أدى فريضة فيما سواه) أي من الأشهر (وهو شهر الصبر) لأن صيامه بالصبر عن المأكول والمشروب ونحوهما، وقيامه بالصبر على محنة السهر، ولذا أطلق الصبر على الصوم في قوله تعالى:{واستعينوا بالصبر والصلاة} [البقرة:153](الصبر) أي كماله المتضمن للشكر كما حرره الغزالي من أن وجوهما على وجه الكمال متلازمان، وبكل طاعة وخصلة حميدة متعلقان، فإن الإيمان نصفان، نصفه صبر، ونصفه شكر. فترك المعصية صبر وامتثال الطاعة شكر (ثوابه الجنة) أو يقال الصبر على الطاعة وعن المعصية جزاءه الجنة لمن قام به مع الناجين: وقال ابن حجر: أي من غير مقاساة لشدائد الموقف (وشهر المواساة) أي المساهمة والمشاركة في المعاش والرزق، وأصله الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً يقال آسى الرجل في ماله أي جعله أسوته فيه، وفيه تنبيه على الجود والإحسان على جميع أفراد الإنسان لاسيما على الفقراء والجيران (وشهر يزاد فيه رزق المؤمن) وفي بعض النسخ يزاد في رزق المؤمن فيه أي سواء كان غنياً أو فقيراً وهذا أمر مشاهد فيه، ويحتمل تعميم الرزق بالحسي والمعنوي

ص: 418

من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير إن ينتقص من أجره شيء قلنا: يا رسول الله! ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مذقة لبن، أو تمرة أو شربة من ماء ومن أشبع صائماً. سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة. وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.

ــ

(من فطر) بتشديد الطاء (فيه صائماً) أي أطعمه أو سقاه عند إفطاره من كسب حلال كما سيجيء (كان) أي التفطير (له) أي للمفطر (مغفرة لذنوبه وعتق رقبته) أي المفطر (من النار) أي سبباً لحصولهما وفي نسخة برفع المغفرة والعتق فالمعنى حصل له مغفرة وعتق (وكان له مثل أجره) أي حصل للمفطر مثل ثواب الصائم (من غير أن ينتقص) من باب الافتعال وفي الترغيب ينقص، وكذا نقله العيني (من أجره) أي من أجر الصائم (شيء) وهو زيادة إيضاح وإفادة تأكيد للعلم بعدم النقص من لفظ مثل أجره أولاً (ليس كلنا نجد ما نفطر) بالتكلم في الفعلين وفي نسخة بالغيبة فيهما قاله القاري، وذكره المنذري والعيني بالتكلم في الأول وبالغيبة في الثاني (به الصائم) كذا في بعض النسخ ووقع في بعضها بدون لفظة به وهكذا في الترغيب والعيني: قال القاري: أي لا يجد كلنا ما يشبعه وإنما الذي يجد ذلك بعضها فما حكم من لا يجد ذلك (يعطي الله هذا الثواب) أي من جنس هذا الثواب أو هذا الثواب كاملاً عند العجز عن الإشباع (على مذقة لبن) بفتح الميم وسكون الذال المعجمة أي شربة لبن يخلط بالماء يقال مذق اللبن من باب نصر أي مزجه بالماء والمذق والمذقة اللبن الممزوج بالماء (أو تمرة أو شربة من ماء) أو للتنويع في الموضعين (من حوضي) أي الكوثر في القيامة (شربة لا يظمأ) أي بعدها (حتى يدخل الجنة) أي إلى أن يدخلها، ومن المعلوم أن لا ظمأ في الجنة لقوله تعالى:{وأنك لا تظمؤ فيها} [طه:119] فكأنه قال لا يظمأ أبداً (وهو) أي رمضان (شهر أوله رحمة) أي وقت رحمة نازلة من عند الله عامة ولولا حصول رحمته ما صام ولا قام أحد من خليقته،

لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا

وقيل أي أول الشهر سبب لنزول رحمة الله التي يكون بها مستعد لظهور الأنوار الإلهية والأسرار الربانية ويخرج من ظلمات الذنوب والمعاصي (وأوسطه مغفرة) أي زمان مغفرته المترتبة على رحمته فإن الأجير قد يتعجل بعض أجره قرب فراغه منه (وآخره) وهو وقت الأجر الكامل (عتق) أي لرقابهم (من النار) والكل

ص: 419

ومن خفف عن مملوكه فيه. غفر الله له وأعتقه من النار)) .

1986-

(11) وعن ابن عباس، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير

ــ

بفضل الجبار وتوفيق الغفار للمؤمنين الأبرار للأعمال الموجبة للرحمة والمغفرة والعتق من النار، ولما وفقوا للطاعات وغفر ذنوبهم واعتقوا من النار صاروا أهلاً لدخول الجنة (ومن خفف) أي في الخدمة (عن مملوكه فيه) أي في رمضان رحمة عليه وإعانة له بتيسير الصيام إليه (غفر الله) أي لما فعله قبل ذلك من الأوزار (وأعتقه من النار) جزاء لاعتاقه المملوك من شدة العمل، والحديث ذكره العيني في شرح البخاري (ج10 ص278- 279) وقال رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن سلمان الفارسي ولا يصح إسناده وفي سنده إياس. قال شيخنا (يعني العراقي) الظاهر إنه ابن أبي إياس. قال صاحب الميزان: إياس بن أبي إياس عن سعيد بن المسيب لا يعرف والخبر منكر- انتهى. قلت: وقال الحافظ في اللسان (ج1 ص475) في ترجمته وذكره العقيلي فقال مجهول، وحديثه غير محفوظ وساق له الحديث بطوله في فضل شهر رمضان. وقال: ليس يروي هذا من وجه يثبت- انتهى. وقال المنذري في الترغيب: رواه ابن خزيمة في صحيحه ثم قال إن صح الخبر، ورواه من طريقه البيهقي: ورواه أبوالشيخ ابن حبان في الثواب باختصار عنهما وفي رواية لأبي الشيخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فطر صائماً في شهر رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ليالي رمضان كلها، وصافحه جبريل ليلة القدر، ومن صافحه جبريل عليه السلام يرق قلبه وتكثر دموعه. قال: فقلت يا رسول الله! أفرأيت من لم يكن عنده، قال فقبضة من طعام قلت: أفرأيت إن لم يكن عنده لقمة خبز قال: فمذقة لبن قلت أفرأيت إن لم يكن عنده قال فشربة من ماء. قال المنذري، وفي أسانيدهم علي بن زيد بن جدعان. ورواه ابن خزيمة أيضاً والبيهقي باختصار عنه من حديث أبي هريرة وفي إسناده كثير بن زيد- انتهى. قلت: ابن جدعان هذا ضعيف سيء الحفظ. وقال الترمذي: صدوق. وكثير بن زيد مختلف فيه. وقال في التقريب: صدوق يخطىء. وحديث سلمان ذكره علي المتقي في كنز العمال وقال: أخرجه ابن خزيمة وقال إن صح الخبر والبيهقي والأصبهاني في الترغيب وابن النجار. وقال الحافظ ابن حجر في أطرافه، مداره على علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف ويوسف بن زياد الراوي عنه ضعيف جداً، وتابعه إياس عن علي بن زيد عند البيهقي. قال ابن حجر وإياس ما عرفنه- انتهى.

1986-

قوله: (أطلق كل أسير) أي محبوس ممن يستحق الحبس لحق الله أو لحق العبد بتخليصه منه قاله القاري. وقال ابن حجر: أي محبوس على كفره بعد أسره ليختار فيه صلى الله عليه وسلم المن أو القتل مثلاً.

ص: 420

وأعطى كل سائل)) .

1987-

(12) وعن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الجنة تزخرف لرمضان من رأس الحول إلى حول قابل، قال إذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح تحت العرش من ورق الجنة على الحور العين، فيقلن: يا رب. اجعل لنا من عبادك

ــ

وقال في اللمعات: فإن قلت كيف يجوز إطلاق كل أسير، وقد يكون على بعض الأسرار حق لأحد قلنا لم يكن إسراءه صلى الله عليه وسلم إلا الكفار أسراء الغزوات وهو مخير فيهم بعد الأسر بين المن والإطلاق، وأخذ الفداء والاسترقاق عند أكثر الأئمة وتعين القتل أو الاسترقاق عند الحنفية ولم يكن بينهم من عليه حقوق الناس من الديون ونحوها ولو كانت فلعله صلى الله عليه وسلم كان يرضي أهلها ويطلق والله أعلم (وأعطى كل سائل) أي زيادة على معتاده فإنه حينئذٍ أجود من الريح المرسلة، وفيه ندب العتق في رمضان والتوسعة على الفقراء فيه والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج2 ص150) ونسبه إلى البزار وقال فيه أبوبكر الهذلي وهو ضعيف- انتهى. وقال السيوطي في الجامع الصغير: رواه البيهقي في الشعب عن ابن عباس وابن سعد عن عائشة. قال العزيزي: وهو حديث ضعيف- انتهى. قلت أبوبكر الهذلي هذا من رجال ابن ماجه. قيل: اسمه سلمى بن عبد الله. وقيل: روح أخباري منكر الحديث متروك.

1987-

قوله: (تزخرف) أي تزين بالذهب ونحوه (لرمضان) أي لأجل قدومه (من رأس الحول إلى الحول قابل) أي يبتدأ التزين من أول السنة منتهياً إلى سنة آتية أول الحول غرة المحرم، وحاصله إن الجنة في جميع السنة من أولها إلى آخرها مزينة لأجل رمضان وما يترتب عليه من كثرة الغفران ورفع درجات الجنان ما قبله وما بعده من الزمان، ولا يبعد أن يجعل رأس الحول مما بعد رمضان ولعله إصطلاح أهل الجنة ويناسبه كونه يوم عيد وسرور. ووقت زينة وحبور قاله القاري. قال ابن حجر: لعل المراد هنا بالحول بأن تبديء الملائكة في تزيينها أول شوال وتستمر إلى أول رمضان فتفتح أبوابها حينئذٍ ليطلع الملائكة على ما لا يطلعون عليه قبل، إعلاماً لهم بعظم شرف رمضان وشرف هذه الأمة ومجازاتهم على صومهم بمثل هذا النعيم المقيم الظاهر الباهر- انتهى. (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (هبت) أي هاجت (ريح تحت العرش) أي من تحت العرش فنثرت رائحة عطرة طيبة. قال ابن حجر: تحت العرش أي في الجنة لأن سقف الجنة عرش الرحمن كما في الحديث. وقيل: الظاهر إن الريح تنزل من تحت العرش مبتدأ باعتبار ظهورها في الجنة (من ورق الجنة) أي من ورق شجرها مبتدأ (على الحور العين) أي منتشرة على رؤسهن. والحور جمع حوراء من الحور بفتحتين شدة بياض العين في شدة سوادها، والعين بكسر العين جمع عيناء بفتحها من عَيِنَ يَعْيَن عيناً أي عظم سواد عينه في سعة (من عبادك) أي

ص: 421

أزواجاً تقر بهم أعيننا، وتقر أعينهم بنا)) . روى البيهقي الأحاديث الثلاثة. في شعب الإيمان.

1988-

(13) وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يغفر لأمته في آخر ليلة في رمضان،

ــ

الصالحين الصائمين القائمين (تقر) بفتح القاف وتشديد الراء أي تتلذذ (بهم) أي بطلعتهم وصحبتهم (أعيننا) أي أبصارنا قال الطيبي: هو من القر بمعنى البرد، وحقيقة قولك قر الله عينه جعل دمع عينه بارداً وهو كناية عن السرور فإن دمعته باردة. أو من القرار فيكون كناية عن الفوز بالبغيبة، فإن من فاز بها قر نفسه ولا يستشرف عينه إلى مطلوبه لحصوله. والحديث ذكره العيني (ج10 ص269) والهيثمي (ج3 ص142) نسباه إلى الطبراني في الكبير. وقالا: فيه الوليد بن الوليد القلانسي الدمشقي ضعفه الدارقطني وغيره ووثقه أبوحاتم بقوله صدوق، ونسبه على المتقي في الكنز إلى الطبراني وأبي نعيم في الحلية، والدارقطني في الأفراد. والبيهقي في الشعب، وتمام في فوائده. وابن عساكر، وقال فيه الوليد بن الوليد الدمشقي. قال أبوحاتم: صدوق. وقال الدارقطني وغيره: متروك- انتهى. وله شاهد من حديث أبي مسعود الغفاري أخرجه ابن خزيمة: في صحيحه، وأشار إلى ضعفه كما سيأتي والبيهقي من طريقه وضعفه، وأبوالشيخ في الثواب وأبويعلى والطبراني، وفي سنده جرير بن أيوب البجلي. قال ابن خزيمة: في القلب من جرير بن أيوب شيء. وقال المنذري: جرير بن أيوب هذا واه - انتهى. وقال العيني (ج10 ص268) بعد ذكر هذا الحديث: هذا حديث منكر وباطل، وفي سنده جرير بن أيوب البجلي كوفي كان يضع الحديث، قاله وكيع وأبونعيم الفضل بن دكين. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري وأبوزرعة: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث - انتهى. قلت: أورد هذا الحديث ابن الجوزي في الموضوعات، وقال هو موضوع آفته جرير بن أيوب، واستدرك عليه السيوطي. وقال صاحب الكنز: لم يصب ابن الجوزي، وقال الشوكاني: بعد ذكر كلام ابن الجوزي المتقدم: وسياقه مما يشهد العقل بأنه موضوع فلا معنى لاستدراك السيوطي له على ابن الجوزي، بأنه قد رواه غير من رواه عنه ابن الجوزي، فإن الموضوع لا يخرج عن كونه موضوعاً برواية الرواة - انتهى. ولحديث الباب شاهد آخر من حديث ابن عباس ذكره المنذري ونسبه للبيهقي، وأبي الشيخ ابن حبان، وقال: ليس في إسناده من أجمع على ضعفه.

1988-

قوله: (يغفر لأمته) أي لجميع الصائمين منهم. قال الطيبي: هذا حكاية معنى ما تلفظ به صلى الله عليه وسلم لا لفظه أي الذي هو يغفر لأمتي. قلت: الذي في مسند الإمام أحمد يغفر لهم، وهكذا وقع عند غيره ممن خرج هذا الحديث، فقوله لأمته من تصرف المصنف. والأولى أن يقول لأمتي كما يدل عليه أول الحديث (في آخر ليلة في رمضان) قال القاري: وفي نسخة "من رمضان". قلت: هذا اللفظ ههنا من زيادة المصنف زادها لتعيين الليلة.

ص: 422