الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هكذا وهكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، وقليل ما هم)) . متفق عليه.
{الفصل الثاني}
1884-
(11) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((السخي قريب من الله قريب من الجنة، قريب من الناس،
ــ
يطلق في لسان العرب على الأفعال كلها. قال الطيبي: يقال قال بيده أي أشار، وقال بيده أي أخذ، وقال برجله أي ضرب، وقال بالماء على يده أي صبه، وقال بثوبه أي رفعه فيطلقون القول على جميع الأفعال أتساعاً (هكذا وهكذا وهكذا) أي إلا من صدق بماله وبذله ونثره في كل جانب فقوله:"قال هكذا" الخ كناية عن التصدق العام في جميع جهات الخير (من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله) هو بيان لقوله هكذا وهكذا وهكذا واكتفي في الإشارة بثلاثة مع أن الجوانب المذكورة أربعة اكتفاء. وقيل المراد بالثلاث الجمع لأنه أقل مراتب الجمع، ولذا قال ابن الملك أي الأمن تصدق به من جوانبه الأربع على المحاتجين، أي فليس من الخاسرين بل من الفائزين، ويمكن أن يراد بالثلاث القدام والخلف وأحد الجانبين وهذه رواية مسلم، وفي رواية البخاري وقع هكذا وهكذا مرتين. فالمراد بها التكرار والتكثير. قال القاري. وقال في الحديث بمعنى أشار بيده إشارة مثل هذه الإشارة ومن بيان الإشارة، والأظهر أن يتعلق من بالفعل لمجيء عن، والتقدير مبتدأ من بين يديه، ومن خلفه ومجاوزاً عن يمينه وشماله (وقليل ما هم) جملة اسمية "فهم" مبتدأ مؤخر، "وقليل" خبره. وما زائدة مؤكدة للقلة أو صفة يعني ومن يفعل ذلك قليل. قال النووي: في حديث الحث على الصدقة في وجوه الخير وأنه لا يقصر على نوع من وجوه البر، بل ينفق في كل وجه من وجوه الخير يحضر، وهو المراد بإشاراته صلى الله عليه وسلم إلى قدام ووراء والجانبين، وفيه جواز الحلف بغير تحليف بل هو مستحب إذا كان فيه مصلحة كتوكيد أمر مهم وتحقيقه ونفي المجاز عنه. (متفق عليه) واللفظ لمسلم أخرجه من طريق المعرور بن سويد عن أبي ذر وأخرجه البخاري من طريق زيد بن وهب عن أبي ذر في الاستقراض والاستئذان والرقاق. بلفظ الأكثرون هم الأقلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا، وأشار أبوشهاب (أحد رواته عند البخاري) بين يديه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم رواه بهذا اللفظ في الاستقراض في أثناء حديث، وروى مسلم أيضاً من طريق ابن وهب بنحوه، وأخرجه أحمد من الطريقتين، والترمذي والنسائي من طريق المعرور بن سويد.
1884-
قوله: (السخي) هو الذي اختار رضا المولى في بذله على الغني (قريب من الله) أي من رحمته (قريب من الجنة) بصرف المال وإنفاقه فيما ينبغي فالسخاء سبب موصل إلى الجنة (قريب من الناس) لأن السخي
بعيد من النار. والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار. ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل)) . رواه الترمذي.
ــ
يحبه جميع الناس، ولو لم يحصل لبعضهم نفع من سخاوته كمحبة العادل (بعيد من النار) هو لازم لما قبله من قوله قريب من الجنة (والبخيل) هو الذي لا يؤدي الواجب عليه. وقيل: المراد بالسخاوة والبخل هنا أداء الزكاة ومنعها. وقيل: المراد الاتصاف بهذين الخلقين مطلقاً (بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار) معنى هذه الجملة ظاهر مما قبلها، والأشياء تتبين بأضدادها. قال العلقمي: من أدى زكاة ماله فقد امتثل أمر الله وعظمه وأظهر الشفقة على خلق الله تعالى، وواساهم بماله، فهو قريب من الله وقريب من الناس فلا تكون منزلته إلا الجنة، ومن لم يؤدها فأمره إلى عكس ذلك ولذا كان جاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل- انتهى. (ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل) يريد بالجاهل ههنا ضد العابد، لأنه ذكره بازاءه يعني رجلاً يؤدي الفرائض ولا يؤدي النوافل، وهو سخي أحب إلى الله تعالى من رجل يكثر النوافل وهو بخيل، لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، والمراد بحب الدنيا حب المال (رواه الترمذي) في البر والصلة من طريق سعيد بن محمد الوراق عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة. قال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة إلا من حديث سعيد بن محمد، وقد خولف سعيد بن محمد في رواية هذا الحديث إنما يروي عن يحيى بن سعيد عن عائشة شيء مرسل - انتهى. قلت: حديث أبي هريرة أخرجه العقيلي، وقال ليس لهذا الحديث أصل وسعيد الوراق. قال ابن معين: ليس بشيء. قال السيوطي في اللآلي (ج2 ص48) أخرجه الترمذي وابن حبان في الروضة والبيهقي في الشعب والخطيب في ذم البخلاء من طرق عن سعيد الوراق به. قال ابن حبان: غريب. وقال البيهقي تفرد به الوراق وهو ضعيف. وقال السيوطي: في التعقبات لم ينفرد به الوراق، بل تابعه عبد العزيز بن أبي حازم أخرجه الديلمي. وحديث عائشة أخرجه البيهقي في الشعب، وفيه تليد بن سليمان وسعيد بن مسلمة وكلاهما ضعيفان، والطبراني في الأوسط وفيه سعيد الوراق، والخطيب في ذم البخلاء وفيه خالد بن يحيى القاضي عن غريب بن عبد الواحد وهما مجهولان. وروى أيضاً من حديث أنس وفيه محمد بن تميم يضع ومن حديث جابر أخرجه البيهقي في الشعب، وفيه سعيد بن مسلمة، ومن حديث ابن عباس أخرجه تمام في فوائده ذكر هذه الأحاديث السيوطي في اللآلى (ج2 ص48، 49) مع الكلام فيها وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: وقد روى هذا الحديث من طرق لا تقوم بها الحجة عن أنس وابن عباس وعائشة، وجابر بألفاظ مختلفة وقال الدارقطني لهذا الحديث طرق لا يثبت منها شيء.
1885-
(12) وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يتصدق المرأ في حياته بدرهم خير له، من أن يتصدق بمائة عند موته)) . رواه أبوداود.
1886-
(13) وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يتصدق عند موته، أو يعتق كالذي يهدي إذا شبع)) . رواه أحمد،
ــ
1885-
قوله: (لأن يتصدق المرأ في حياته) وصحته أي في الحالة التي يكون فيها شحيحاً (بدرهم) أي مثلاً. وقال الطيبي: المراد التقليل (خير له من أن يتصدق بمائة) أي مثلاً: وقال الطيبي: جاء في بعض الروايات بماله بدل بمائة" والمراد التكثير، والمعنى بماله كله وهو أبلغ (عند موته) أي احتضار موته فكأنه ميت قاله الطيبي: وإنما كان ذلك خيراً من هذا لأنه يشق عليه إخراج ماله لما يخوفه به الشيطان من الفقر، وطول العمر فالصدقة فيها مزيد قهر للنفس والشيطان وقصر الأمل والوثوق بما عند الله تعالى (رواه أبوداود) في الوصايا وسكت عنه، وقال المنذري: في إسناده شرحبيل بن سعد الأنصاري الخطمي مولاهم المدني كنيته أبوسعيد ولا يحتج به - انتهى. قلت: شرحبيل هذا ضعفه النسائي والدارقطني، ولينه أبوزرعة واختلف فيه قول ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات وخرج ابن خزيمة وابن حبان حديثه في صحيحيهما. وقال ابن سعد: كان شيخاً قديماً روى عن زيد بن ثابت وعامة الصحابة، وبقي حتى اختلط واحتاج، وله أحاديث وليس يحتج به. وقال في التقريب: صدوق اختلط بآخره مات سنة (123) وقد قارب المائة - انتهى. والحديث عزاه السيوطي في جامع الصغير لابن حبان أيضاً.
1886-
قوله: (عند موته) أي احتضاره (أو يعتق) أي عند موته (كالذي يهدي) من أهدى (إذا شبع) كسَمِن أي كالذي يعطي بعد ما قضي حاجته وهو قليل الجدوى ولا يعتاده إلا دنيء الهمة، وإنما مثل بذلك لأن الثاني أشهر وإلا فالعكس أولى، فإن الذي شبع ربما يتوقع حاجته إلى ذلك الشيء بخلاف الذي يعتق أو يتصدق عند موته إلا أن يقال قد لا يصبر عند موته فيحتاج إلى ذلك الشيء فلذلك يعد إعتاقه وتصدقه فضلية ما لكن هذا إذا لم يكن بطريق الوصية قاله السندي. وقال الطيبي: شبه تأخير الصدقة عن أوانه ثم تداركه في غير أوانه بمن تفرد بالأكل واستأثر بنفسه، ثم إذا شبع يعطيه غيره. وإنما يحمد إذا كان عن إيثار كما قال الله تعالى:{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [الحشر- 9] وما أحسن موقع يهدي في هذا المقام ودلالتها على الاستهزاء والسخرية بالمهدي إليه - انتهى. قال القاري: والأظهر إن المراد أنه مرتبة ناقصة، لأن التصدق والاعتاق حال الصحة أفضل كما إن السخاوة عند المجاعة أكمل (رواه أحمد)(ج5 ص197)
والنسائي، والدارمي، والترمذي. وصححه.
1887-
(14) وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خصلتان لا تجتمعان في مؤمن، البخل وسوء الخلق)) .
ــ
(والنسائي والدارمي والترمذي) في الوصايا، واللفظ للدارمي إلا قوله:إذا شبع" فإنه للترمذي ولأحمد في رواية ولفظ الدارمي بعد ما شبع وللنسائي وأحمد في رواية بعد ما شبع (وصححه) أي الترمذي وأخرجه أيضاً البيهقي (ج4 ص910) والحاكم (ج2 ص213) وصححه وأقره الذهبي.
1887-
قوله: (خصلتان لا تجتمعان في مؤمن) أي كامل الإيمان (البخل وسوء الخلق) قيل أي لا ينبغي أن يجتمعا فيه. وقال التوربشتي: تأويل هذا الحديث أن نقول أراد به اجتماع الخصلتين فيه مع بلوغ النهاية منهما بحيث لا ينفك عنهما، ولا ينفكان عنه، ويوجد منه الرضاء بهما، فأما الذي يؤنس عنه شيء من ذلك بحيث يبخل حيناً ويقلع عنه حيناً أو يسوء خلقه وقتاً دون وقت، أو في أمر دون أمر أو يندر منه فيندم عليه أو يلوم نفسه أو تدعوه النفس إلى ذلك فينازعها فإنه بمعزل عن ذلك، ومنه الحديث الآخر لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبداً على نحو ما ذكرنا في معنى هذا الحديث. وأرى له وجهاً آخر وهو أن نقول الشح خلة غريزية جبل عليها الإنسان فهو كالوصف اللازم له ومركزها النفس قال تعالى:{وأحضرت الأنفس الشح} [النساء: 328] فإذا انتهى سلطانه إلى القلب واستولى عليه عرى القلب عن الإيمان لأنه يشح بالطاعة فلا يسمح به، ولا يبذل الانقياد لأمر الله تعالى، والشح بخل مع حرص فهو أبلغ في المنع من البخل، فالبخل يستعمل في الفتنة بالمال والشح في سائر ما يمتنع النفس عن الاسترسال فيه من بذل مال، أو طاعة أو معروف ووجود الشح في نفس الإنسان ليس بمذموم، لأنه طبعية خلقها الله تعالى في النفوس كالشهوة والحرص للابتلاء ولمصلحة عمار والعالم، وإنما المذموم أن يستولي سلطانه على القلب والله تعالى أعلم - انتهى كلام التوربشتي. وقال الطيبي: يمكن أن يحمل سوء الخلق على ما يخالف الإيمان فإن الخلق الحسن، هو ما به امتثال الأوامر واجتناب النواهي لا ما يتعارف بين الناس لما ورد عن عائشة رضي الله عنها وكان خلقه القرآن، وأفراد البخل من سوء الخلق وهو بعضه وجعله معطوفاً عليه، يدل على أنه أسوأها وأشنعها ويؤيد هذا التأويل حديث أبي هريرة رضي الله عنه لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبداً والله أعلم- انتهى. وقوله خصلتان لا تجتمعان في مؤمن خبر موصوف والمبتدأ البخل وسوء الخلق، قاله ابن الملك. وقال ابن حجر:"خصلتان" مبتدأ سوّغه إبدال المعرفة منه في قوله البخل وسوء الخلق والخبر لا تجتمعان" وقال القاري: الظاهر إن "لا تجتمعان" صفة مخصصة مسوغة لكون المبتدأ
رواه الترمذي.
1888-
(15) وعن أبي بكر الصديق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة خب ولا بخيل ولا منان)) . رواه الترمذي.
1889-
(16) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((شرما في الرجل
ــ
نكرة، والخبر قوله البخل وسوء الخلق (رواه الترمذي) في البر والصلة، وأخرجه البخاري في لأدب المفرد. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة ابن موسى- انتهى. وصدقة ابن موسى ضعفه ابن معين، وأبوداود والنسائي والدولابي والساجي، وقال الترمذي: ليس عندهم بذلك القوى. وقال في التقريب: صدوق له أوهام.
1888-
قوله: (لا يدخل الجنة) أي دخولاً أولياً (خب) بفتح الخاء المعجمة وتكسر أي لئيم، يسعى بين الناس بالفساد. قال المنذري: هو الخداع الساعي بين الناس بالشر والفساد (ولا بخيل) يمنع الواجب من المال. وقيل: أي مانع الزكاة أو مانع للقيام بمؤنة ممونة (ولا منان) من المنة أي يمن على الفقراء بعد العطاء، أو من المن بمعنى القطع لما يحب أن يوصل. وقيل: لا يدخل الجنة مع هذه الصفة حتى يجعل طاهراً منها. إما بالتوبة عنها في الدنيا أو بالعقوبة بقدرها تمحيصها في العقبى، أو بالعفو عنه تفضيلاً وإحساناً، ويؤيده قوله تعالى:{ونزعنا ما في صدروهم من غل} [الأعراف: 43] كذا في المرقاة. وقال التوربشتي معنى قوله "لا يدخل الجنة" أي لا يدخلها مع الداخلين في العريل من غير ما بأس، بل يصاب منه بالعذاب ويمحص حتى يذهب عنه آثار تلك الخصال، هذا هو السبيل في تأويل أمثال هذا الحديث ليوافق أصول الدين. قال ومما ينبغي للفطن أن يقدمه في هذا الباب ليكون من التأويل على بصيرة أن يعلم أن للشارع صلى الله عليه وسلم أن يقتصر في مثل هذه المواطن على القول المجل إبقاء للخوف في نفوس المكلفين وتحذيراً لهم عما فيه المنقصة في الدين بأبلغ ما يكون من الرجز. ثم يرده العلماء الراسخون إلى أصول الدين- انتهى. (رواه الترمذي) في البر والصلة، وأخرجه أيضاً أحمد (ج1 ص4، 7) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب- انتهى. والظاهر إن إسناده ضعيف لأن فيه صدقة بن موسى المتقدم ورواه عن فرقد السبخي عن مرة عن أبي بكر وفرقد صدوق عابد لكنه لين الحديث كثير الخطاء قال أحمد: رجل صالح يقوي في الحديث لم يكن صاحب حديث، وقال أيضاً يروي عن مرة منكرات.
1889-
قوله: (شرما في الرجل) أي من خصال الذميمة وقوله "ما في الرجل" هكذا وقع في جميع النسخ الحاضرة، وكذا في المصابيح وكذا نقله المنذري في الترغيب، ووقع في سنن أبي داود ما في رجل،