المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(9) باب من لا يعود في الصدقة ‌ ‌{الفصل الأول} 1974- (1) عن - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٦

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌{

- ‌الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب صدقة الفطر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب من لا تحل له الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌((5)) باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب فضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أفضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب من لا يعود في الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

-

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب رؤية الهلال

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب تنزيه الصوم

- ‌((الفصل الأول))

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌ ‌(9) باب من لا يعود في الصدقة ‌ ‌{الفصل الأول} 1974- (1) عن

(9) باب من لا يعود في الصدقة

{الفصل الأول}

1974-

(1) عن عمر بن الخطاب، قال: ((حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص،

ــ

(باب من لا يعود في الصدقة) أي لا حقيقة ولا صورة.

1974-

قوله: (حملت) بتخفيف الميم أي أركبت رجلاً (على فرس) يعني تصدقت به عليه ليغزو عليه (في سبيل الله) قال الطيبي: أي جعلت فرساً حمولة من لم يكن المجاهدين وتصدقت بها عليه. وقال الباجي: الحمل عليها في سبيل الله على وجهين، أحدهما: أن يعلم من فيه النجدة والفروسية فيهبه له ويملكه إياده لما يعلم من نجدته ونكايته للعدو، فهذا يملكه الموهوب له ويتصرف فيه بنا يشاء من بيع وغيره، والوجه الثاني: وهو الأظهر أن يكون دفعه إلى من يعلم من حاله مواظبة الجهاد في سبيل الله التحبيس له فهذا ليس للموهوب له أن يبيعه - انتهى. وفي رواية ابن عمر عند البخاري وغيره: إن عمر تصدق بفرس في سبيل الله. قال الحافظ: أي حمل عليه رجلاً في سبيل الله كما في الراوية الأخرى، والمعنى أنه ملكه له ولذلك ساغ له بيعه، ومنهم من كان عمر قد حبسه، وإنما ساغ للرجل بيعه؛ لأنه حصل فيه هزال عجز لآجله عن اللحاق وضعف عن ذلك وانتهى إلى حالة الانتفاع به، وأجاز ذلك ابن القاسم ويدل على أنه حمل تمليك قوله: ولا تعد في صدقتك ولو كان حبساً لعلله به. وقال ابن عبد البر: أي حمله على فرس حمل تمليك فله أن يفعل فيه ما شاء في سائر أمواله - انتهى. وكان اسم هذا الفرس فيما ذكره ابن سعد في الطبقات الورد، وكان لتميم الداري فأهداه للنبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه لعمر، ولم يعرف الحافظ اسم الرجل الذي حمله عليه (فأضاعه) أي الفرس الرجل (الذي كان عنده) بترك القيام عليه بالخدمة والعلف والسقي وإرساله للرعي حتى صار كالشيء الضائع الهالك. قال الباجي: قوله "أضاعه" يحتمل أمرين أحدهما: أنه أضاعه بأن لم يحسن القيام عليه وقصر في مؤنته وخدمته ويبعد مثل هذا في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن يوجب هذا أمر، ويحتمل أن يريد به صيره ضائعاً من الهزال لفرط مباشرة الجهاد ولا تعابه له في سبيل الله تعالى. قال الحافظ: وقيل: لم يعرف مقداره فأراد بيعه بدون قيمته. وقيل: معناه استعمله في غير ما جعل له، والأول أظهر لرواية مسلم، فوجده قد أضاعه وكان قليل المال (وظننت أنه يبيعه برخص) بضم الراء وسكون الخاء مصدر رخص الشيء من كرم ضد غلا فهو رخيص، وهذا إما لتغير الفرس وضياعه أو؛ لأنه حان الرخص في سوق

ص: 394

فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئة)) .

ــ

الفرس أو لكونه منعماً عليه (فسألت النبي صلى الله عليه وسلم) أي عن ذلك (لا تشتره) بهاء الضمير أو السكت وظاهر النهي التحريم، لكن الجمهور على أنه للتنزيه وأشار عليه الصلاة والسلام إلى العلة في نهيه عن الابتياع بقوله (ولا تعد في صدقتك) أي لا تعد فيها لا بشراء ولا بغيره من سائر التملكات كالهبة فهو من عطف العام على الخاص (وإن أعطاكه بدرهم) هو مبالغة في رخصة وهو الحامل له على شراءه وهذا متعلق بقوله: لا تشتره أي ى ترغب فيه البتة ولا تنظر إلى رخصه، ولكن أنظر إلى أنه صدقتك. قال ابن الملك: ذهب بعض العلماء إلى أن شراء المتصدق صدقته حرام لظاهر الحديث، والأكثرون على أنها كراهة تنزيه لكون القبح فيه لغيره وهو أن المتصدق عليه ربما يسامح المتصدق في الثمن بسبب تقدم إحسانه فيكون كالعائد في صدقته في ذلك المقدار الذي سومح فيه. وقال الحافظ: سمي شراءه برخص عوداً في الصدقة من حيث إن الغرض منها ثواب الآخرة فإذا اشتراها برخص فكأنه اختار عرض الدنيا على الآخرة مع أن العادة تقتضي بيع مثل ذلك برخص لغير المتصدق فكيف بالمتصدق فيصير راجعاً في ذلك المقدار الذي سومح فيه - انتهى. قال النووي: قوله "لا تشتره ولا تعد في صدقتك" هذا نهي تنزيه لا تحريم فيكره لمن تصدق بشيء، أو أخرجه في زكاة أو كفارة أو نذر أو نحو ذلك من القربات أن يشتريه ممن دفعه هو إليه، أو يتهبه أو يتملكه باختياره منه. فأما إذا ورثه منه فلا كراهة فيه، وكذا لو انتقل إلى ثالث ثم اشتراه منه المتصدق فلا كراهة، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور. وقال جماعة من العلماء: النهي عن شراء صدقته للتحريم - انتهى. قلت: قد حكى العراقي في شرح الترمذي كراهة شراءه من ثالث انتقل إليه من المتصدق به عليه عن بعضهم لرجوعه فيما تركه لله كما حرم على المهاجرين سكنى مكة بعد هجرتهم منها لله تعالى. وقال ابن قدامة (ج2 ص651) : ليس لمخرج الزكاة شراءها ممن نقض البيع صارت إليه، وروى ذلك عن الحسن وهو قول قتادة ومالك. قال أصحاب مالك: فإن اشتراها لم ينقض البيع. وقال الشافعي وغيره: يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة رجل ابتاعها بماله، ولنا ما روى عمر أنه قال حملت على فرس في سبيل الله - الحديث. وحديثهم عام، وحديثنا خاص صحيح فالعمل به. أولى من كل وجه - انتهى. مختصراً، وقد تقدم كلامه بتمامة في شرح حديث عطاء بن يسار في الفصل الثاني، من باب من لا تحل له الصدقة (فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئة) شبه العائد في صدقته باخس الحيدان في أخس أحواله تصويراً للتهجين وتنفيراً منه، قال في المصابيح: وفي ذلك دليل على المنع من الرجوع في الصدقة لما أشتمل عليه من التنفير الشديد من حيث شبه الراجع بالكلب والمرجوع فيه بالقيء والرجوع في الصدقة برجوع الكلب في

ص: 395

وفي رواية: ((لا تعد في صدقتك، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئة)) . متفق عليه.

1975-

(2) عن بريدة، قال: كنت جاساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أتته امرأة، فقالت: يا رسول الله! إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت. قال: ((وجب أجرك، وردها عليك الميراث.

ــ

قيئة - انتهى. وجزم بعضهم بالمحرمة: قال قتادة: لا نعلم القيء إلا حراماً. قال القسطلاني: والصحيح إنه للتنزيه؛ لأن فعل الكلب لا يوصف بتحريم إذا لا تكليف عليه فالمراد التنفير من العود بتشبيه بهذا المستقذر - انتهى. قلت: القول الراجح عندي هو ما ذهب إليه بعض العلماء من تحريم الرجوع في الصدقة، لأن الحديث ظاهر في التحريم، والتأويل المذكور بعيد جداً منافر لسياق الحديث. لاسيما الرواية الثانية وعرف الشرع في مثل هذه العبارة الزجر الشديد كما ورد النهي في الصلاة عن إقعاء الكلب ونقر الغراب والتفات الثعلب ونحو ذلك ولا يفهم من المقام إلا التحريم والتأويل البعيد مما لا يلتفت إليه (وفي رواية لا تعد في صدقتك فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئة) الفاء للتعليل أي كما يقبح أن يقيء ثم يأكل كذلك يقبح أن يتصدق بشيء ثم يجره إلى نفسه. قال الحافظ: استدل به على تحريم ذلك؛ لأن القيء حرام. قال القرطبي: وهذا هو الظاهر من سياق الحديث ويحتمل أن يكون التشبيه للتنفير خاصة لكون القيء مما يستقذر وهو قول الأكثر. وقال في موضع آخر: حمل الجمهور هذا النهي في صورة الشراء على التنزيه، وحمله قوم على التحريم. قال القرطبي وغيره: وهو الظاهر ثم الزجر المذكور مخصوص بالصورة المذكورة وما أشبهها لا ما إذا رده إليه الميراث مثلاً كما سيأتي (متفق عليه) ظاهره إن الروايتين عند الشيخين وليس الأمر كذلك فإن الرواية الثانية من أفراد البخاري لم يخرجها مسلم، والحديث أخرجه البخاري في الزكاة والهبة والجهاد، ومسلم في الهبة وأخرجه أيضاً أحمد (ج1 ص25، 37، 40، 54) ومالك والترمذي والنسائي في الزكاة، وابن ماجه في الهبة كلهم من حديث زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر وأخرج هذه القصة الجماعة من حديث ابن عمر أيضاً.

1975-

قوله: (إذا أتته امرأة) لم يعرف اسمها (تصدقت على أمي بجارية) أي ملكتها لها صدقة (وإنها) أي أمي (ماتت) وتركت تلك الجارية فهل أخذها وتعود في ملكي بالميراث، أم لا؟ (وجب أجرك) أي ثبت أجرك عند الله بالصلة (وردها) أي الجارية (عليك الميراث) أي رجع عليك بسبب لا دخل لك فيه فلا يكون سبباً لنقصان الأجر في الصدقة. وقال القاري: النسبة مجازية أي ردها الله عليك بالميراث وصارت الجارية ملكاً بالإرث وعادت لك بالوجه الحلال، والمعنى إن ليس هذا من باب العود في الصدقة، لأنه ليس أمراً اختيارياً. قال النووي: في الحديث إن من تصدق بشيء ثم ورثه لم يكره له أخذه والتصرف فيه بخلاف ما إذا

ص: 396

قالت: يا رسول الله! إنه كان عليها صوم شهر، أفاصوم عنها؟ قال: صومي عنها. قالت: إنها لم تحج قط، أفاحج عنها؟ قال: نعم. حجي عنها)) . رواه مسلم.

ــ

أراد شراءه، فإنه يكره لحديث فرس عمر رضي الله عنه انتهى. وقال ابن الملك أكثر العلماء على أن الشخص إذا تصدق بصدقة على قريبة ثم ورثها حلت له وقيل: يجب صرفها إلى فقير؛ لأنها صارت حقاً لله تعالى انتهى وتعليل في معرض النص فلا يقبل ولا يعقل (إنه) الشأن (كان عليها صوم شهر) لم يبين إنه صوم رمضان أو نذر أو كفارة (أفاصوم عنها) وفي رواية لأحمد فيجزئ إن أصوم عنها (قال صومي عنها) فيه دليل على أنه يصوم الولي عن الميت إذا مات، وعليه صوم كان، وبه قال أصحاب الحديث وجماعة من محدثي الشافعية وأبوثور خلافاً للجمهور. قال السندي: قوله "وعليها صوم" إطلاقه يشمل الفرض والنذر وخصه الإمام أحمد بالنذر، وقد أخذ بعض أهل العلم بإطلاقه، منهم طاووس وقتادة والحسن والزهري وأبوثور في رواية داود، وهو قول الشافعي القديم. قال النووي: وهو المختار ورجحه البيهقي، وقال لو أطلع الشافعي على جميع الطرق الحديث لم يخالف إنشاء الله تعالى ومن يقول به يدعي النسخ بأدلة غير تامة، ومنهم من يقول معنى أفأصوم عنها أم أفدي عنها تسمية الفداء صوماً لكونه بدلاً عن الصوم وكل ذلك غير تام والله أعلم - انتهى. وسيأتي بسط الكلام في هذه المسألة في باب القضاء من كتاب الصوم (قال نعم حجي عنها) أي سواء وجب عليها أم لا، أوصت به أم لا، قال ابن الملك: يجوز أن يحج أحد عن الميت بالاتفاق. وقال النووي: فيه دلالة ظاهرة لمذهب الشافعي والجمهور إن النيابة في الحج جائزة عن الميت وسيجيء مزيد الكلام في أوائل كتاب المناسك (رواه مسلم) في الصيام وأخرجه أيضاً أحمد (ج5 ص349- 351- 359- 361) والترمذي في الزكاة وأبوداود فيه وفي الوصايا وابن ماجه في الصوم وفي الصدقات مقطعاً. هذا آخر كتاب الزكاة.

ص: 397