المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

حديث لقيط بن صبرة في باب سنن الوضوء. ‌ ‌{الفصل الثالث} 2035- (17) - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٦

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌{

- ‌الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب صدقة الفطر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب من لا تحل له الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌((5)) باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب فضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أفضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب من لا يعود في الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

-

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب رؤية الهلال

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب تنزيه الصوم

- ‌((الفصل الأول))

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: حديث لقيط بن صبرة في باب سنن الوضوء. ‌ ‌{الفصل الثالث} 2035- (17)

حديث لقيط بن صبرة في باب سنن الوضوء.

{الفصل الثالث}

2035-

(17) عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة، والقيء،

ــ

المجهول (حديث لقيط بن صبرة) بفتح الصاد وكسر الموحدة (في باب السنن الوضوء) والحديث قوله بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً، وهذا اعتراض من صاحب المشكاة على صاحب المصابيح، وهو في محله كما لا يخفى، لأن إيراد الحديث في الباب الموضوع للحكم السابق منه أولى، كذا قال القاري. واختلف في المضمضة والاستنشاق إذا غلبه الماء، فدخل حلقه عن غير تعمد. فقال أبوحنيفة: إن كان ذاكراً لصومه فقد أفطر وعليه القضاء، وإن كان ناسياً فلا شيء عليه وهو قول إبراهيم. وقال مالك: عليه القضاء في كل ذلك. وقال ابن أبي ليلى: لا قضاء عليه ذاكراً كان أو غير ذاكر. وروى عن الشعبي وحماد والحسن بن حي إن كان ذلك في وضوء لصلاة فلا شيء عليه، وإن كان لغير وضوء فعليه القضاء، كذا في المحلى. وقال الشوكاني: يكره للصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق لحديث لقيط بن صبرة واختلف إذا دخل من ماء المضمضة والاستنشاق إلى جوفه خطأ. فقالت الحنفية ومالك والشافعي: في أحد قوليه، والمزني أنه يفسد الصوم. وقال أحمد وإسحاق والأوزاعي وأصحاب الشافعي: إنه لا يفسد الصوم كالناسي. وقيل: يفسد الصوم بعد الثلاث المرات. وقيل: يفسد إذا كان التمضمض لغير قربة. وقيل: يفسد إن لم يكن لفريضة- انتهى. وقال ابن قدامة (ج3 ص108) : ولنا أي لأحمد ومن وافقه أنه وصل إلى حلقة من غير إسراف ولا قصد، فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقة، وبهذا فارق المتعمد فأما إن أسرف فزاد على الثلاث أو بالغ في الاستنشاق فقد فعل مكروها لحديث لقيط بن صبرة، ولأنه يتعرض بذلك لإيصال المال إلى حلقه، فإن وصل إلى حلقه فقال أحمد يعجبني أن يعيد الصوم، وهل يفطر بذلك؟ على وجهين أحدهما، يفطر لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المبالغة حفظاً للصوم، فدل ذلك على أنه يفطر به، ولأنه وصل بفعل منهي عنه فأشبهه التعمد. والثاني لا يفطر به لأنه وصل من غير قصد فأشبه غبار الدقيق إذا نخله - انتهى. قلت: الراجح عندي هو الوجه الأول فيجب عليه القضاء والله تعالى أعلم.

2035-

قوله: (عن أبي سعيد) أي الخدري (ثلاث) أي خصال (لا يفطرن) بتشديد الطاء (الصائم) بالنصب على المفعولية (الحجامة) بكسر الحاء أي الاحتجام وقد عرفت الخلاف في ذلك فيما سبق من الكلام (والقيء) أي إذا ذرعه لما تقدم في الحديث. قال البيهقي في المعرفة: هو محمول على ما لو ذرعه القيء جمعاً بين

ص: 531

والاحتلام)) . رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غير محفوظ، وعبد الرحمن بن زيد الراوي يضعف في الحديث.

ــ

الأخبار (والاحتلام) أي ولو تذكر الجماع ورأى المني، لأنه وإن كان في معنى الجماع. لكن حيث إنه ليس باختياره لا يضره بالإجماع، فمن احتلم في منامه نهاراً في رمضان فأنزل فلا فطر ولا قضاء (رواه الترمذي) وكذا البيهقي في المعرفة وفي السنن (ج4 ص264) وابن حبان في الضعفاء كلهم من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري (وقال: هذا حديث غير محفوظ) وقال: أيضاً قد رواه عبد الله بن زيد بن أسلم وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وغير واحد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلاً. ولم يذكروا فيه عن أبي سعيد. قلت: رواه مرسلاً ابن أبي شيبة من طريق يحيى بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم (وعبد الرحمن بن زيد) بن أسلم (يضعف في الحديث) وقال الترمذي أيضاً: سمعت محمداً يذكر عن علي بن المديني. قال: عبد الله بن زيد بن أسلم ثقة. وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف. قال محمد: ولا أروى عنه شيئاً - انتهى. وقال البيهقي في السنن (ج4 ص264) : هكذا رواه عبد الرحمن بن زيد وليس بالقوى. وقال في (ج4 ص220) عبد الرحمن ضعيف. وقال في المعرفة: عبد الرحمن ضعيف في الحديث، لا يحتج بما يتفرد به وقال ابن حبان: عبد الرحمن كان يقلب الأخبار، وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع الموقوفات وإسناد المرسلات، فاستحق الترك - انتهى. ورواه البزار من طريق أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه به مسنداً موصولاً. قال البزار: هذا الحديث إنما يعرف عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه وعبد الرحمن ضعيف جداً فذكرناه عن أخيه أسامة لأنه أحد الأخوة (الذين حدثوا بهذا الحديث) وهم عبد الله وعبد الرحمن وأسامة - انتهى. قلت: وأسامة هذا ضعيف من قبل حفظه، وسأل ابن أبي حاتم أباه وأبازرعة عن حديث أبي سعيد رواه عبد الرحمن وأسامة إبناً زيد عن أبيهما موصولاً فقالا هذا خطأ ورواه الدارقطني في سننه (ص239) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء به موصولاً، وهشام صدوق، وقد تكلموا في حفظه. وقد قال الدارقطني في العلل: إنه لا يصح عن هشام بن سعد كذا في التلخيص (ص190) وقال الزيلعي (ج2 ص447) وهشام بن سعد وإن تكلم فيه غير واحد فقد احتج به مسلم، واستشهد به البخاري، ورواه ابن عدي في الكامل وأسند تضعيف هشام بن سعد عن النسائي وأحمد وابن معين ولينه هو، وقال ومع ضعفه يكتب حديثه - وقال عبد الحق في أحكامه: هشام بن سعد يكتب حديثه ولا يحتج به - انتهى. قال الدارقطني ورواه كامل بن طلحة عن مالك عن زيد موصولاً، ثم رجع عنه وليس هو من حديث مالك ورواه أبوداود من حديث الثوري

ص: 532

2036-

(18) وعن ثابت البناني، قال:((سأل أنس بن مالك، كنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف)) .

ــ

عن زيد بن أسلم عن رجل من أصحابه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يفطر من قاء ولا من احتجم ولا من احتلم، ورجحه أبوحاتم وأبوزرعة. وقالا: أنه أصح وأشبه بالصواب وتبعهما البيهقي، ثم قال هو محمول إن صح على من ذرعه القيء، وصوب أيضاً الدارقطني رواية الثوري كما في نصب الراية (ج2 ص448) والتلخيص (ص190) وقال صاحب التنقيح: المحفوظ فيه ما رواه أبوداود. وقال المنذري: هذا لا يثبت أي لأن في سنده رجلاً لا يعرف. وقد روى من وجه آخر ولا يثبت أيضاً. وفي الباب عن ابن عباس أخرجه البزار وابن عدي من حديث هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس. قال الحافظ في التلخيص (ص190) هو حديث معلول. وقال الهيثمي (ج3 ص170) : رواه البزار بإسنادين، وصحح أحدهما وظاهرة الصحة - انتهى. وفي الباب أيضاً عن ثوبان أخرجه الطبراني في الأوسط. قال الحافظ في التلخيص: بسند ضعيف في ترجمة محمد بن الحسن بن قتيبة. وقال الهيثمي: إسناده ضعيف.

2036-

قوله: (وعن ثابت البناني) بضم الموحدة وخفة النون الأولى وكسر الثانية، نسبة إلى بنانة بضم الباء ونونين مخفيفين، وهي إسم أم سعد بن لوى، وثابت هذا هو ثابت بن أسلم أبومحمد البصري ثقة تابعي مشهور من أعبد أهل البصرة وأعلامها، حكى عنه أنه قال صحبت أنس بن مالك أربعين سنة، مات سنة (127) وقيل سنة (123) (قال سأل أنس بن مالك) السائل هو ثابت نفسه يدل عليه رواية الإسماعيلي وأبي نعيم والبيهقي (ج4 ص264) من طريق جعفر بن محمد القلانسي وأبي قرصافة محمد بن عبد الوهاب وإبراهيم بن الحسين بن دريد كلهم عن آدم بن أبي إياس شيخ البخاري فيه فقال عن شعبة عن حميد. قال: سمعت ثابتاً وهو يسأل عن أنس بن مالك فذكر الحديث (كنتم) كذا في جميع النسخ الحاضرة وهكذا وقع في جامع الأصول (ج7 ص192) ووقع في البخاري أكنتم (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) ذكره تأكيداً لرفعه وهذا اللفظ أورده البخاري تعليقاً، فقال بعد رواية الحديث عن آدم بن أبي إياس عن شعبة، وزاد شبابة ثنا شعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ والعيني: وهذه الزيادة أخرجها ابن منده في غرائب شعبة (قال لا) أي ما كنا نكرهها (إلا من أجل الضعف) أي لأن بدن المحجوم وحينئذٍ فيندب تركها كالفصد ونحوه تحرزاً عن أضعاف البدن، ويؤيده ما رواه البيهقي (ج4 ص264) بسنده عن أبي سعيد قال: إنما كرهت الحجامة للصائم مخافة الضعف، وما رواه عبد الرزاق وأبوداود من طريق عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب

ص: 533

رواه البخاري.

2037-

(19) وعن البخاري تعليقاً، قال:((كان ابن عمر يحتجم وهو صائم ثم تركه فكان يحتجم بالليل)) .

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم وعن المواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه إسناده صحيح، وقوله إبقاء على أصحابه يتعلق بقوله نهى. وقد رواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الثوري بإسناده هذا ولفظه عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم وكرهها للضعيف أي لئلا يضعف كذا في الفتح (رواه البخاري) عن آدم بن أبي أياس عن شعبة قال: سمعت ثابتاً البناني قال سأل أنس بن مالك. قال الحافظ كذا في أكثر أصول البخاري: سأل بضم أوله على البناء للمجهول. وفي رواية أبي الوقت سمعت ثابتاً البناني يسأل أنس بن مالك وهذا غلط، فإن شعبة ما حضر سؤال ثابت لأنس. وقد سقط منه رجل بين شعبة وثابت كما يدل عليه رواية الإسماعيلي وأبي نعيم والبيهقي على ما تقدمت قال: وأشار الإسماعيلي والبيهقي إلى أن الرواية التي وقعت للبخاري خطأ وأنه سقط منه حميد قال الإسماعيلي: وكذلك رواه علي بن سهل عن أبي النضر عن شعبة عن حميد. قال الحافظ: والخلل فيه من غير البخاري وبين وجه ذلك. قال القاري: والحديث موقوف لكنه في حكم المرفوع كما هو في الأصول على أن هذه الصيغة ظاهرة في إجماع الصحابة وهو لا يكون إلا عن سند فيكون حجة لما ذهب إليه أكثر العلماء على ما تقدم - انتهى. وحديث أنس هذا رواه أبوداود بلفظ: قال ما كنا ندع الحجامة للصائم إلا كراهية الجهد.

2037-

قوله: (وعن البخاري تعليقاً قال كان ابن عمر يحتجم وهو صائم) لما يرى من جوازه (ثم تركه) أي الاحتجام صائماً إحتياطاً وكان من الورع بمكان أو تركه خوفاً من الضعف (فكان يحتجم بالليل) قال الباجي: يريد أنه لما كبر وضعف كان يخاف على نفسه أن يفطر بالضعف من الحجامة ولذا يكره لكل من خاف الضعف على نفسه أن يحتجم حتى يفطر، لأن الحجامة ربما أدته إلى فساد صومه - انتهى. وهذا التعليق وصله مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر أنه كان يحتجم وهو صائم. قال ثم ترك ذلك بعد فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر قال الحافظ: ورويناه في نسخة أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس عن الزهري كان ابن عمر يحتجم وهو صائم في رمضان وغيره، ثم تركه لأجل الضعف هكذا وجدته منقطعاً، ووصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه وكان ابن عمر كثير الإحتياط فكأنه ترك الحجامة نهاراً لذلك - انتهى. قلت وروى البيهقي (ج4 ص269) من طريق أبي اليمان عن شعيب. قال: قال نافع: كان ابن عمر يحتجم وهو صائم ثم تركه بعد فكان

ص: 534

2038-

(20) وعن عطاء، قال: ((إن مضمض ثم أفرغ ما في فيه من الماء، لا يضيره أن يزدرد ريقه وما بقي في فيه،

ــ

يحتجم بالليل فلا أدري عن شيء ذكره أو شيء سمعه. وروى ابن أبي شيبة من طريق يزيد عن عبد الله عن نافع وقال في آخره فلا أدري لأي شيء تركه كرهه أو للضعف. وهذا التعليق أورده البخاري في باب الحجامة والقيء للصائم وكان حق إيراده ههنا على ما اصطلح عليه المصنف أن يقول أولاً، وعن ابن عمر أنه كان يحتجم الخ، ثم يقول أورده أو ذكره البخاري تعليقاً وأما على صنيع المصنف فيكون المعنى، رواه البخاري عن البخاري تعليقاً ولا يخفى ما فيه.

2038-

قوله: (وعن عطاء) هو ابن أبي رباح (إن مضمض) أي الصائم وفي بعض نسخ البخاري تمضمض (ثم أفرغ ما في فيه) أي صب جميع ما في فمه (من الماء) بيان لما الموصولة (لا يضيره) بمثناة تحتية بعد الضاد المعجمة المكسورة من ضاره يضيره ضيراً بمعنى ضره، وهذا رواية المستملي. وفي رواية غيره لا يضره من ضره بالتشديد أي لا يضر صومه (أن يزدرد ريقه) أي يبتلعه (وما بقي في فيه) أي فمه وكلمة "ما" موصولة عطف على "ريقه" قال ابن بطال: ظاهره إباحة إلإزدراد لما بقي في الفم من ماء المضمضة، وليس كذلك. لأن عبد الرزاق رواه بلفظ: وماذا بقي في فيه وكأن ذا سقطت من رواية البخاري - انتهى. قلت: وقع في نسختي القسطلاني والعيني وماذا بقي في فيه. قال القسطلاني: أي وأي شيء بقي في فمه بعد أن يمج الماء إلا أثر الماء فإذا بلغ ريقه لم يضره، ولأبي ذر وابن عساكر كما في الفرع وما بقي، فأسقط لفظة "ذا" وحينئذٍ "فما" موصولة. ثم ذكر كلام ابن بطال ثم قال ولعله لم يقف على الرواية المثبتة لها - انتهى. قال الحافظ: هذا التعليق وصله سعيد ابن منصور عن ابن المبارك عن ابن جريج. قلت: لعطاء الصائم يمضمض ثم يزدرد ريقه وهو صائم قال لا يضره وماذا بقي في فيه، وكذا أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج. ووقع في أصل البخاري وما بقي في فيه ثم ذكر الحافظ كلام ابن بطال المتقدم، ثم قال وما على ما أورده البخاري موصولة، وعلى ما وقع من رواية ابن جريج استفهامية، وكأنه قال وأي شيء يبقى في فيه بعد أن يمج الماء إلا أثر الماء فإذا بلغ ريقه لا يضره - انتهى. وقيل: يجوز أن تكون كلمة "ما" على ما في أصل البخاري أيضاً استفهامية، استفهام إنكار، وإن لم يكن معها "ذا" ويتم المعنى كما لا يخفى. وقيل:"ما" نافية والجملة حالية. قال ابن قدامة: ومالا يمكن التحرز منه كابتلاع الريق لا يفطره لأن اتقاء ذلك يشق فأشبه غبار الطريق وغربلة الدقيق فإن جمعه ثم ابتلعه قصداً لم يفطره. وقال ابن الهمام وغيره من علماء الحنفية: لا يضر الصائم إن دخل غبار أو دخان أو ذباب حلقه لأنه لا يمكن الاحتراز عن

ص: 535

ولا يمضغ العلك، فإن ازدرد ريق العلك لا أقول: إنه يفطر، ولكن ينهى عنه)) . رواه البخاري في ترجمة باب.

ــ

هذه الأشياء كما لا يمكن الاحتراز عن البلل الباقي في المضمضة كذا في المرقاة: (ولا يمضغ) أي لا يلوك الصائم يقال مضغ الطعام يمضغه بفتح الضاد وضمها أي لاكه بلسانه أو سنه و"لا" نافية أو ناهية (العلك) بكسر المهملة وسكون اللام بعدها كاف كل ما يمضغ ويبقى في الفم كالمصطكى. قال القاري: العلك صمغ الصنوبر والأرزة والفستق والسَّرد والينبوت والبطم وهو أجودها مسخن مدر باهي، وفي نسخة ويمضغ بحذف كلمة لا - انتهى. قلت: كذا وقع في رواية المستملى بإسقاط كلمة لا، ورواية الأكثرين لا يمضغ بإثبات كلمة لا، وهي أولى وكذلك أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج قلت: لعطاء يمضغ الصائم قال لا، قلت أنه يمج ريق العلك ولا يزدرده ولا يمصه قال نعم، قلت له أيتسوك الصائم قال نعم، قلت أيزدرد ريقه؟ قال لا، قلت ففعل أيضره قال لا: ولكن ينهي عن ذلك (فإن ازدرد ريق العلك) قال ابن حجر: يصح هنا كسر العين وفتحها أي الريق المتولد من العلوك أو من مضغه (لا أقول أنه يفطر) بالتشديد فالضمير راجع إلى الإزدراد وفي نسخة بالتخفيف فالضمير إلى الصائم. قال ابن حجر: وإنما لم يفطر لأنه لم ينزل إلى الجوف عين أجنبية. وإنما النازل إليه محض الريق لا غير (ولكن ينهى) نهي تنزيه (عنه) أي عن الإزداراد. قال ابن المنذر: رخص في مضغ العلك أكثر العلماء إن كان لا يتحلب منه شيء فإن تحلب منه شيء فازدراد فالجمهور على أنه يفطر - انتهى. قال الحافظ: والعلك كل ما يمضغ ويبقى في الفم كالمصطكى واللبان، فإن كان يتحلب منه شيء في الفم فيدخل الجوف فهو مفطر، وإلا فهو مجفف ومعطش فيكره من هذه الحيثية - انتهى. قلت: وكرهه الشافعي من هذه الجهة وكرهه أيضاً إبراهيم والشعبي وروى عنه أنه لم ير به بأساً. قال ابن حزم: وروى من طريق لا يصح عن أم حبيبة أم المؤمنين إنها كرهت العلك للصائم. قلت: روى البيهقي (ج4 ص269) من طريق سعيد بن عيسى عن جدته إنها سمعت أم حبيبة تقول لا يمضغ العلك الصائم. قال البيهقي: جدته أم الربيع والحديث موقوف - انتهى. وقال ابن قدامة: (ج3 ص109) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد الصائم يمضغ العلك قال لا، قال أصحابنا العلك ضربان أحدهما، ما يتحلل منه أجزاء وهو الرديء الذي إذا مضغه يتحلل فلا يجوز مضغه، إلا أن لا يبلع ريقه فإن ريقه فإن فعل فنزل إلى حلقه منه شيء أفطر به كما لو تعمد أكله. والثاني، العلك الذي كلما مضغه صلب وقوي فهذا يكره مضغه ولا يحرم، وممن كرهه الشعبي والنخعي ومحمد بن علي وقتادة والشافعي وأصحاب الرأي. وذلك لأنه لا يحلب الفم ويجمع الريق ويورث العطش، ورخصت عائشة في مضغه. لأنه لا يصل إلى الجوف فهو كالحصاة يمضغها في فيه- انتهى. (رواه البخاري في ترجمة) أثر عطاء هذا ذكره البخاري

ص: 536

..............................

ــ

في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء ولم يميز بين الصائم وغيره. قال الحافظ: قول المصنف يعني البخاري ولم يميز بين الصائم وغيره قاله تفقهاً وهو كذلك في أصل الاستنشاق، لكن ورد تميز الصائم من غيره في المبالغة في ذلك، كما رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وغيره من طريق عاصم عن لقيط بن صبرة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له، بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً. انتهى.

............................

بعون الله وحسن توفيقه تم الجزء السادس من مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح. ويليه الجزء السابع إنشاء الله تعالى، وأوله "باب صوم المسافر".

ص: 537