الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما يحل لنا من أموالهم! قال: الرطب تأكلنه وتهدينه)) . رواه أبوداود.
{الفصل الثالث}
1973-
(7) عن عمير مولى آبى الحم، قال: ((أمرني مولاي أن أقدد لحماً، فجاءني مسكين، فأطعمته منه،
ــ
ص79) بدون لفظ الأزواج وبني عليه شرحه ففرق بين الآباء والأبناء وبين الأزواج في الحكم المذكور (فما يحل لنا من أموالهم) أي من غير أمرهم (قال الرطب) بفتح الراء وسكون الطاء المهملة أراد به اللبن والفاكهة والبقول والمرق ونحو ذلك مما يسرع إليه الفساد من الأطعمة ولا يتقوى على الخزن، وقع فيها المسامحة بترك الاستئذان جرياً على العادة المستحسنة بخلاف اليابس من الطعام؛ لأنه يبقى على الخزن والادخار ذكره الطيبي أخذاً عن التوربشتي. وكذا قال الخطابي في المعالم (ج2 ص79) (تأكلنه وتهدينه) أي ترسلنه هدية. قال الحافظ: بعد ذكر حديث أبي أمامة المتقدم، وحديث سعد هذا ما لفظه وظاهرهما التعارض، ويمكن الجمع بأن المراد بالرطب ما يتسارع إليه الفساد فأذن فيه بخلاف غيره، ولو كان طعاماً - انتهى. وقال العيني: أخذاً عن شرح الترمذي للعراقي: فإن قلت: أحاديث هذا الباب جاءت مختلفة فمنها ما يدل على منع المرأة عن أن تنفق من بيت زوجها إلا بإذنه وهو حديث أبي أمامة، ومنها ما يدل على الإباحة بحصول الأجر لها في ذلك، وهو حديث عائشة السابق في أول الباب، ومنها ما قيد الترغيب في الإنفاق بكونه بطيب نفس منها، وبكونها غير مفسدة وهو عائشة أيضاً، ومنها ما مقيد بكونها غير مفسدة وإن كان من غير أمره وهو حديث أبي هريرة المتقدم وفيه وعد نصف الأجر، ومنها ما قيد الحكم فيه بكونه رطباً وهو حديث سعد بن أبي وقاص. قلت: كيفية الجمع بينها إن ذلك يختلف عادات باختلاف عادات البلاد وباختلاف حال الزوج من مسامحته ورضاه بذلك أو كراهته لذلك وباختلاف الحال في الشيء المنفق بين أن يكون شيئاً يسيراً يتسامح به، وبين أن يكون له خطر في نفس الزوج يبخل بمثله، وبين أن يكون ذلك رطباً يخشى فساده أن تأخر وبين أن يكون يدخر ولا يخشى عليه الفساد (رواه أبوداود) في الزكاة، وسكت عليه هو والمنذري، وأخرجه أيضاً ابن خزيمة في صحيحه والبغوي في شرح السنة والبيهقي في الزكاة (ج4 ص193) .
1973-
قوله: (عن عمير) بالتصغير (مولى آبى اللحم) بهمزة ممدودة وكسر الباء أي مملوكه وقد تقدم ترجمتهما (أقدد لحماً) أي أقطعه بضم الهمزة وكسر الدال المشددة من القد وهو الشق طولاً (فأطعمته) أي أعطيته
فعلم بذلك مولاي، فضربني، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فدعاه، فقال: لم ضربته؟ قال: يعطي طعامي بغير أن آمره. فقال: الأجر بينكما)) . وفي رواية قال: كنت مملوكاً، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتصدق من مال موالي بشيء؟ قال: نعم، والأجر بينكما نصفان)) . رواه مسلم.
ــ
(يعطي طعامي من غير أن آمره) أي بغير إذني إياه (فقال الأجر بينكما) أي إن رضيت بذلك يحل له إعطاء مثل هذا مما يجري فيه المسامحة، وليس المراد تقرير العبد على أن يعطي بغير رضى المولى. قال الطيبي: أخذاً من التوربشتي لم يرد به إطلاق بد العبد بل كره صنيع مولاه في ضربه على أمر تبين رشده فيه، فحث السيد على اغتنام الأجر والصفح عنه، فهذا تعليم وإرشاد لآبى اللحم لا تقرير لفعل العبد - انتهى. وقال النووي: هذا محمول على أن عمير تصدق بشيء ظن إن مولاه يرضي به ولم يرض به مولاه فلعمير أجر؛ لأنه فعل شيئاً يعتقده طاعة بنية الطاعة ولمولاه أجر، لأن ماله أتلف عليه وقوله:"الأجر بينكما" ليس معناه إن الأجر الذي لأحدهما يزدحمان فيه، وإن أجر نفس المال يتقاسمانه بل معناه أي لكل منكما أجر يعني إن هذه الصدقة التي أخرجها المملوك بإذن المالك يترتب على جملتها ثواب على قدر المال والعمل، فيكون ذلك مقسوماً بينهما لهذا نصيب بماله، ولهذا نصيب بعمله، فلا يزاحم صاحب المال العامل في نصيب عمله ولا يزاحم العامل صاحب المال في نصيب ماله (وفي رواية) أي لمسلم (قال) أي عمير (كنت مملوكاً فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتصدق) كذا في جميع النسخ وكذا نقله الجزري في جامع الأصول وفي صحيح مسلم، أأتصدق بزيادة همزة الاستفهام (من مال موالي) بتشديد الياء وفي بعض النسخ من صحيح مسلم مولاي بفتح الياء وبلفظ: الأفراد وكذا وقع في جامع الأصول (بشيء) أي تافه أو مأذون فيه عادة. قال النووي: هذا محمول على أنه استأذن في الصدقة بقدر يعلم رضا سيده به (قال نعم والأجر بينكما نصفان) قال النووي: معناه قسمان وإن كان أحدهما أكثر كما قال الشاعر:
إذا مت كان الناس نصفان شامت وآخر مثن بالذي كنت أصنع
وأشار القاضي إلى أنه يحتمل أيضاً أن يكون سواء؛ لأن الأجر فضل من الله تعالى ولا يدرك بالقياس ولا هو بحسب الأعمال وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والمختار الأول - انتهى (رواه مسلم) في الزكاة والرواية الأولى أخرجها النسائي أيضاً في الزكاة، وأخرج البيهقي فيه الروايتين.