المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

متفق عليه. ‌ ‌{الفصل الثاني} 1994- (6) عن أبي هريرة، قال: قال رسول - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٦

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌{

- ‌الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب صدقة الفطر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب من لا تحل له الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌((5)) باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب فضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أفضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب من لا يعود في الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

-

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب رؤية الهلال

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب تنزيه الصوم

- ‌((الفصل الأول))

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: متفق عليه. ‌ ‌{الفصل الثاني} 1994- (6) عن أبي هريرة، قال: قال رسول

متفق عليه.

{الفصل الثاني}

1994-

(6) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) .

ــ

كثير من الشافعية. وأجابوا عن الحديث بأن المراد منه التقدم بالصوم، فحيث وجد منع. وإما اقتصر على يوم أو يومين لأنه الغالب ممن يقصد ذلك. وقالوا: ابتداء المنع من أول السادس عشر من شعبان لحديث أبي هريرة التالي وقال الرؤياني من الشافعية: يحرم التقدم بيوم أو يومين للحديث الذي نحن في شرحه، ويكره التقدم من نصف شعبان للحديث الآخر. وقيل: يجوز من بعد انتصافه ويحرم قبل رمضان بيوم أو يومين. أما جواز الأول فلأنه الأصل، وحديث أبي هريرة الآتي ضعيف. قال أحمد وابن معين: إنه منكر. وأما تحريم الثاني فلحديث الباب. قال الأمير اليماني: وهو جمع حسن، وقال جمهور العلماء: يجوز الصوم تطوعاً بعد النصف من شعبان وضعفوا الحديث الوارد فيه. واستدل البيهقي بحديث الباب على ضعفه. فقال الرخصة في ذلك بما هو أصح من حديث الانتصاف. وكذا صنع قبله الطحاوي واستظهر بحديث ثابت عن أنس مرفوعاً أفضل الصيام بعد رمضان شعبان، لكن إسناده ضعيف. واستظهر أيضاً بحديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل:(هل صمت من سرر شعبان شيئاً، قال: لا، قال: فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين) . والمراد بالسرر (بفتحتين) عند الجمهور هنا آخر الشهر سميت بذلك لاستسرار القمر فيها. وهي ليلة ثمانية وعشرين وتسع وعشرين وثلاثين. ثم جمع الطحاوى بين حديث الانتصاف وحديث التقدم بيوم أو يومين بأن حديث الانتصاف محمول على من يضعفه الصوم، وحديث التقدم مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان. قال الحافظ: وهو جمع حسن. قلت: الظاهر عندي أنه يحرم التقدم بيوم أو يومين مطلقاً إلا لمن يكون له الصوم معتاد فيأتي ذلك على صيامه فيجوز له أن يصوم ذلك، ويتقدم قبل رمضان بيوم أو يومين، وفي حكم المعتاد النذر والقضاء كما تقدم، وعلى هذا يحمل حديث السرر كما سيأتي في باب صوم التطوع. وأما حديث الانتصاف وهو حديث صحيح كما ستعرف فهو محمول على من يضعفه الصوم، أو على من صامه بلا سبب، أو على من لم يصله بما قبله أي لم يصم قبل نصف الشهر والله تعالى أعلم. وسيأتي مزيد الكلام فيه عند شرحه (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد (ج2 ص224- 281) والترمذي، وأبوداود والنسائي، وابن ماجه، والدارمي، والدارقطني والبيهقي، والطحاوي وغيرهم.

1994-

قوله: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) هذا لفظ أبي داود، وللترمذي إذا بقي نصف من

ص: 440

رواه أبوداود، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي.

ــ

شعبان فلا تصوموا، وللدارمي إذا كان النصف من شعبان فامسكوا عن الصوم، وعند ابن ماجه (فلا صوم حتى يجيء رمضان) . قال ابن القطان في كتابه: روى فأمسكوا كما تقدم، وروى فكفوا (عند النسائي في الكبرى) وبين هذين اللفظين ولفظ الترمذي وأبي داود فرق، فإن هذين اللفظين لمن كان صائماً عن التمادي في الصوم. ولفظ الترمذي نهى لمن كان صائماً ولمن لم يكن صائماً عن الصوم بعد النصف ذكره الزيلعي. قال القاري: والنهي للتنزيه رحمة على الأمة أن يضعفوا عن حق القيام بصيام رمضان على وجه النشاط، وأما من صام شعبان كله فيتعود بالصوم ويزول عنه الكلفة. ولذا قيد بالإنتصاف أو نهي عنه لأنه نوع من التقدم والله أعلم. قال القاضي: المقصود استجمام من لا يقوى على تتابع الصيام فاستجب الإفطار كما استحب إفطار عرفة ليتقوى على الدعاء. فأما من قدر فلا نهي له ولذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الشهرين في الصوم - انتهى. قال القاري: وهو كلام حسن لكن يخالف مشهور مذهبه أن الصيام بلا سبب بعد نصف شعبان مكروه. وقال المنذري: من قال إن النهي عن الصيام بعد النصف من شعبان لأجل التقوى على صيام رمضان والاستجمام له، فقد أبعد. فإن نصف شعبان إذا أضعف كان كل شعبان أحرى أن يضعف، وقد جوز العلماء صيام جميع شعبان. وفي شرح ابن حجر المكي. قال بعض أئمتنا: يجوز بلا كراهة الصوم بعد النصف مطلقاً تمسكاً بأن الحديث غير ثابت أو محمول على من يخاف الضعف بالصوم ورده المحققون بما تقرر بأن الحديث ثابت بل صحيح، وبأنه مظنة للضعف وما نيط بالمظنة لا يشترط فيه تحققها - انتهى. (رواه أبوداود) الخ وأخرجه أيضاً أحمد والبيهقي كلهم من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة. قال الترمذي: حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ - انتهى. وصححه ابن حبان أيضاً. وقال أحمد وابن معين: إنه منكر كما تقدم. وقال أبوداود، في سننه: وكان عبد الرحمن يعني ابن مهدي لا يحدث به. قلت: لأحمد لم قال لأنه كان عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان، وقال عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافة. قال أبوداود: وليس هذا عندي خلافة ولم يجيء به غير العلاء عن أبيه - انتهى. وقال المنذري في تلخيصه: حكى أبوداود عن الإمام أحمد أنه قال هذا حديث منكر. قال: وكان عبد الرحمن يعني ابن المهدي لا يحدث به، ويحتمل أن يكون الإمام أحمد إنما أنكره من جهة العلاء بن عبد الرحمن فإن فيه مقالاً لائمة هذا الشأن قال، والعلاء بن عبد الرحمن وإن كان فيه مقال فقد حدث عنه الإمام مالك مع شدة انتقاده للرجال وتحريه في ذلك، وقد احتج به مسلم في صحيحه، وذكر له أحاديث انفرد بها رواتها. وكذلك فعل البخاري أيضاً وللحفاظ في الرجال مذاهب فعل كل منهم ما أدى إليه اجتهاده من القبول والرد رضي الله عنهم انتهى كلام المنذري. قال شيخنا في شرح الترمذي: الحق عندي إن الحديث صحيح والله تعالى أعلم.

ص: 441

1995-

(7) وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحصوا هلال شعبان لرمضان)) رواه الترمذي.

ــ

1995-

قوله: (أحصوا) بفتح الهمزة وضم الصاد المهملة أمر من الإحصاء. قال تعالى: {وأحصوا العدة} [الطلاق:1] قال القاري: والإحصاء، في الأصل العد بالحصا، أي عدوا (هلال شعبان) أي أيامه (لرمضان) أي لأجل رمضان أو للمحافظة على صوم رمضان. وقال في المفاتيح: يقال أحصى الرجل إذا علم وعد عدداً، يعني أطلبوا هلال شعبان وأعلموه وعدوا أيامه لتعلموا دخول رمضان، وقال الطيبي: الإحصاء أبلغ من العد في الضبط لما فيه من أنواع الجهد في العد. ومن ثم كنى عنه بالطاقة في قوله استقيموا ولن تحصوا- انتهى. وقال ابن حجر: أي اجتهدوا في إحصاءه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراؤا منازله لأجل تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء. وقال العراقي: يحتمل أن المراد أحصوا استهلاله حتى تكملوا العدة إن غم عليكم، أو المراد تحروا هلال شعبان وأحصوه لرمضان ليترتب عليه الاستكمال أو بالرؤية - انتهى. وهذا الحديث مختصر من حديث، وقد رواه الدارقطني بتمامه (ص230) فزاد ولا تخلطوا برمضان إلا أن يوافق ذلك صياماً كان يصومه أحدكم وصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فإنها ليست تغمى عليكم العدة- انتهى. (رواه الترمذي) قال: حدثنا مسلم بن حجاج نا يحيى بن يحيى نا أبومعاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ومسلم بن حجاج هذا هو صاحب الصحيح. قال العراقي: لم يرو الترمذي في كتابه شيئاً عن مسلم صاحب الصحيح إلا هذا الحديث وهو من رواية الأقران فإنهما اشتركا في كثير من شيوخهما - انتهى. والحديث أخرجه الحاكم (ج1 ص25) عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه عن إسماعيل بن قتيبة عن يحيى عن أبي معاوية مختصراً. بلفظ الترمذي وأخرجه الدارقطني عن محمد بن مخلد عن مسلم بن حجاج مطولاً كما تقدم، وأخرجه البيهقي (ج4 ص206) من طريق الحاكم مختصراً، ومن طريق الدارقطني مطولاً، وصححه الحاكم ثم الذهبي على شرط مسلم. وقال الترمذي: حديث أبي هريرة لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي معادية والصحيح ما روى عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تقوموا شهر رمضان بيوم ولا يومين، وهكذا روى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحو الحديث محمد بن عمرو - انتهى. وقد تعقبه شيخنا في شرح الترمذي بأن حديث أبي معاوية عن محمد بن عمرو. بلفظ أحصوا هلال شعبان. وما روى عن محمد بن عمرو بلفظ: لا تقوموا شهر رمضان الخ. حديثان يدلان على معنيين فالأول يدل على إحصاء هلال شعبان والتحفظ به. وقد روى أبوداود عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره- الحديث. والحديث الآخر يدل على النهي عن تقدم رمضان بيوم أو بيومين. فالظاهر أن محمد

ص: 442

1996-

(8) وعن أم سلمة، قالت: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم: ((يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان)) . رواه أبوداود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

1997-

(9) وعن عمار بن ياسر، قال: ((من صام اليوم الذي يشك فيه

ــ

ابن عمرو يروي هذين الحديثين عن أبي سلمة عن أبي هريرة فروى عنه أبومعاوية الحديث الأول، وروى عنه غيره الحديث الآخر فعلى هذا يكون الحديثان صحيحين فتفكر والله تعالى أعلم.

1996-

قوله: (وعن أم سلمة) بفتح اللام أم المؤمنين (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان) أي فإنه كان يصوم شعبان كله أو معظمه أي أكثره، وهذا لفظ الترمذي. ولأبي داود لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان يصله برمضان. وعند النسائي في رواية ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا أنه كان يصل شعبان برمضان وله في أخرى ولابن ماجه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل شعبان برمضان. قال السندي: أي فيصومهما جميعاً ظاهره أنه يصوم شعبان كله كما في حديث عائشة (عند الشيخين وغيرهما) إنه كان يصوم شعبان كله لكن قد جاء من حديث عائشة أيضاً ما يدل على خلافه، فلذلك حمل على أنه كان يصوم غالبه فكأنه يصوم كله وإنه يصله برمضان - انتهى. وسيأتي بسط معنى هذا الحديث في باب صيام التطوع إن شاءالله تعالى، وسبب إيراده ههنا أنه يوهم بظاهره التعارض بينه وبين ما روى من النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، ومن النهي عن الصوم بعد نصف شعبان الأول وهذا الوهم ليس بشيء. قال الشوكاني: لا تعارض بين ما روى عنه صلى الله عليه وسلم من صوم كل شعبان أو أكثره، ووصله برمضان وبين أحاديث النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين. وكذا ما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني فإن الجمع بينها ظاهر بأن يحمل النهي على من يدخل تلك الأيام في صيام يعتاده، وقد تقدم تقييد أحاديث النهي عن التقدم بقوله صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون شيئاً يصومه أحدكم- انتهى. (رواه أبوداود الخ.) قد تقدم بيان ألفاظهم وقد أخرجه أيضاً الترمذي في شمائله والدارمي والطحاوي والبيهقي، وحسنه الترمذي وسكت عنه أبوداود والمنذري.

1997-

قوله: (من صام اليوم الذي يشك) على بناء المجهول مسنداً إلى (فيه) قال الطيبي: إنما أتى بالموصول ولم يقل يوم الشك للمبالغة تنبيهاً على أن صوم يوم فيه أدنى شك سبب لعصيان صاحب الشرع فكيف بمن صام يوم أشك فيه قائم وثابت ونحوه قوله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} [هود:113] أي الذين أونس منهم أدنى ظلم فكيف بالظالم المستمر عليه - انتهى. قلت: الحديث رواه الحاكم ومن طريقه البيهقي بلفظ من صام يوم الشك وكذا ذكره البخاري في صحيحه تعليقاً. وقال الحافظ بعد ذكر كلام الطيبي: قلت: قد وقع في

ص: 443

فقد عصى أباالقاسم صلى الله عليه وسلم) .

ــ

كثير من الطريق بلفظ: يوم الشك- انتهى. والمراد من اليوم الذي يشك فيه يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال في ليلته بغيم ساتر أو نحوه فيجوز كونه من رمضان وكونه من شعبان وهذا عندنا وسيأتي بيان الاختلاف في تعريفه (فقد عصى أباالقاسم صلى الله عليه وسلم) هو كنيته رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيل: فائدة تخصيص ذكر هذه الكنية الإشارة إلى أنه هو الذي يقسم بين عباد الله أحكامه زماناً ومكاناً وغير ذلك. قال الحافظ: استدل به على تحريم صوم يوم الشك لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه فيكون من قبيل المرفوع. قال ابن عبد البر: هو مسند عندهم لا يختلفون في ذلك، وخالفهم أبوالقاسم الجوهري المالكي فقال: هو موقوف. والجواب إنه موقوف لفظاً مرفوع حكماً - انتهى. قال الخطابي في المعالم (ج2 ص99) اختلف الناس في معنى النهي عن صيام يوم الشك. فقال قوم إنما نهي عن صيامه إذا نوى به أن يكون عن رمضان. فأما من نوى به صوم يوم من شعبان فهو جائز، هذا قول مالك بن أنس والأوزاعي وأصحاب الرأي ورخص فيه على هذا الوجه أحمد وإسحاق وقالت طائفة لا يصام ذلك اليوم عن فرض ولا تطوع للنهي فيه وليقع الفصل بذلك بين شعبان ورمضان هكذا. قال عكرمة: وروى معناه عن أبي هريرة وابن عباس وكانت عائشة وأسماء تصومان ذلك اليوم وكانت عائشة تقول لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان. وكان مذهب عبد الله بن عمر بن الخطاب صوم يوم الشك إذا كان من ليلة في السماء سحاب أو قترة فإن كان صحواً ولم ير الناس الهلال أفطر مع الناس وإليه ذهب أحمد بن حنبل. وقال الشافعي: إن وافق يوم الشك يوماً كان يصومه صامه، وإلا لم يصمه- انتهى. وقال ابن الجوزي في التحقيق لأحمد في هذه المسألة: وهي ما إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان ثلاثة أقوال: أحدها: يجب صومه على أنه من رمضان، ثانيها: لا يجوز فرضاً ولا نفلاً مطلقاً بل قضاء وكفارة ونذراً ونفلاً يوافق عادة وبه قال الشافعي. وقال مالك وأبوحنيفة: لا يجوز عن فرض رمضان ويجوز عما سوى ذلك. ثالثها: المرجع إلى رأي الإمام في الصوم والفطر كذا ذكر الحافظ في الفتح قلت: اختلف الأئمة في تعريف يوم الشك وحكم صومه وفيما إذا صامه بنية رمضان أو واجب آخر أو نية التطوع وتوضيح المقام أن السماء إذا كانت مُصْحِيةً ليلة الثلاثين من شعبان ولم يروا الهلال فصبيحة هذه الليلة هي مصداق يوم الشك في المشهور عن الإمام أحمد ولا يجوز صومه: قال ابن قدامة (ج3 ص86) إن لم يروا الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وكانت السماء مصحية لم يكن لهم صيام ذلك اليوم إلا أن يوافق صوماً كانوا يصومونه لما روى عن أبي هريرة من النهي عن تقدم صوم رمضان بيوم أو يومين. وقال عمار: من صام اليوم الذي يشك

ص: 444

.....................................

ــ

فيه فقد عصى أباالقاسم صلى الله عليه وسلم: قال ابن قدامة: والنهي عن صوم يوم الشك محمول على حال الصحو- انتهى. وقال الحافظ في الفتح: المشهور عن أحمد إنه خص يوم الشك بما إذا تقاعد الناس عن رؤية الهلال أو شهد برؤيته من لا يقبل الحاكم شهادته، فأما إذا حال دون منظره شيء فلا يسمى شكاً- انتهى. وإن كانت السماء في ليلة الثلاثين مغيمة فعن أحمد في ذلك ثلاث روايات. قال الخرقي: إن حال دون منظره غيم أو قتر وجب صيامه، وقد أجزأ إذا كان من شهر رمضان. قال ابن قدامة:(ج3 ص89) اختلف الرواية عن أحمد في هذه المسألة فروى عنه مثل ما نقل الخرقي اختارها أكثر شيوخ أصحابنا وروى عنه أن الناس تبع للإمام، فإن صام صاموا، وإن أفطر أفطروا. وعن أحمد رواية ثالثة لا يجب صومه ولا يجزئه عن رمضان إن صامه، وهو قول أكثر أهل العلم - انتهى مختصراً. وفي الروض المربع من فروع الحنابلة إن لم ير الهلال مع الصحو ليلة الثلاثين من شعبان أصبحوا مفطرين، وكره الصوم لأنه يوم الشك المنهي عنه وإن حال دونه غيم أو قتر، فظاهر المذهب يجب صومه حكماً ظنياً احتياطاً بنية رمضان. قال في الأنصاف: وهو المذهب عند الأصحاب ونصروه وصنفوا فيه التصانيف وردواً حجج المخالف. قالوا نصوص أحمد تدل عليه - انتهى. وفي شرح الإقناع للشافعية ويكره صوم يوم الشك كراهة تنزيه. قال الأسنوي: وهو المعروف المنصوص الذي عليه الأكثرون والمعتمد في المذهب تحريمه كما في الروضة والمنهاج والمجموع إلا أن يوافق عادة له في تطوعه وله صومه عن قضاء أو نذر فلو صامه بلا سبب لم يصح كيوم العيد بجامع التحريم، فإن قيل: هلا استحب صوم يوم الشك إذا أطبق الغيم خروجاً من خلاف الإمام أحمد حيث قال بوجوب صومه حينئذٍ. أجيب بأنا لا نراعي الخلاف إذا خالف سنة صريحة، وهي ههنا خبر، إذا غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤيته (أي بلا ثبت) أو شهد بها عدد ترد شهادتهم كصبيان أو نساء أو عبيد أو فسقة وظن صدقهم. وإنما لم يصح صومه عن رمضان لأنه لم يثبت كونه منهم- انتهى. وقال الدردير من المالكية: وإن غيمت السماء ليلة الثلاثين ولم ير الهلال فصبيحته يوم الشك الذي نهي عن صومه على أنه من رمضان. وأما لو كانت السماء مصحية لم يكن يوم الشك لأنه إن لم ير كان من شعبان جزماً وصيم يوم الشك عادة وتطوعاً أي ابتداء بلا عادة وقضاء ولنذر صادف لا أحتياطاً على أنه إن كان من رمضان احتسب به وإلا كان تطوعاً فلا يجوز. قال الدسوقي وإذا صامه وصادف أنه من رمضان فلا يجزئه لتزلزل النية - انتهى. وعند الحنفية على المشهور في مذهبهم يوم الشك هو الثلاثين من شعبان وإن لم يكن في السماء علة من الغيم، ونحوه لعدم اعتبار اختلاف المطالع ظاهر المذهب، وجواز تحقق الرؤية في بلدة أخرى هكذا في الدر المختار وشرحه. وقال في الهداية: لا يصومون

ص: 445

.....................................

ــ

يوم الشك إلا تطوعاً، وهذه المسألة على وجوه. أحدها: أن ينوي صوم رمضان وهو مكروه (أي تحريماً وهذا هو محمل النهي عن صوم يوم الشك عندهم) ثم إن ظهر أن اليوم من رمضان يجزئه وإن ظهر أنه من شعبان كان تطوعاً، وإن أفطر (أي أفسده) لم يقضه. والثاني: أن ينوي عن واجب آخر (كنذر وكفارة وقضاء) وهو مكروه أيضاً إلا أن هذا دون الأول في الكراهة (يعني أنه مكروه تنزيهاً) ثم إن ظهر أنه من رمضان يجزيه لأصل النية، وإن ظهر أنه من شعبان فقد قيل يكون تطوعاً، وقيل: يجزيه عن الذي نواه وهو الأصح. والثالث: أن ينوي التطوع وهو غير مكروه، والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم لا تتقدموا رمضان بصوم يوم ولا بصوم يومين نهي التقدم بصوم رمضان، لأنه يؤديه قبل أوانه. ثم إن وافق صوماً كان يصومه فالصوم أفضل بالإجماع، وكذا إذا صام ثلاثة أيام من آخر الشهر فصاعداً وإن افرده، فقيل الفطر أفضل احترازاً عن ظاهر النهي. وقيل: الصوم أفضل إقتداء بعلي وعائشة فإنهما كان يصومانه. والمختار أن يصوم المفتي بنفسه أخذاً بالإحتياط ويفتي العامة بالتلوم إلى وقت الزوال ثم بالإفطار نفياً للتهمة - انتهى مختصراً. وقال السندي: حمل حديث عمار هذا علماءنا الحنفية على أن يصوم بنية رمضان شكاً أو جزماً. وأما إذا جزم بأنه نفل فلا كراهة، وبعضهم قال بالكراهة مطلقاً، والحكم بأنه عصى تغليظ على تقدير القول بالكراهة - انتهى. قلت والراجح عندي: إن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت السماء مغيمة في ليلته ولم ير الهلال أو تحدث الناس برؤيته بلا ثبت أو شهد بها من لم تقبل شهادته، ولا يجوز صومه لا بنية رمضان شكاً أو جزماً ولا بنية النفل إلا أن يوافق صوماً كان يصومه وله صومه عن قضاء أو كفارة أو نذر، وإذا صامه بنية رمضان وصادف أنه من رمضان لم يجزئه وكذا إذا صامه عن واجب آخر أو تطوعاً والله تعالى أعلم. قال الشوكاني في النيل: قد استدل بهذه الأحاديث (أي بحديث عمار، وبأحاديث الأمر بالصوم برؤية الهلال، وبأحاديث النهي عن استقبال رمضان بالصوم، وبأحاديث النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين) على المنع من صوم يوم الشك. قال: وذهب جماعة من الصحابة إلى صومه، منهم علي وعائشة وعمر وابن عمر وأنس بن مالك وأسماء بنت أبي بكر وأبوهريرة ومعاوية وعمرو بن العاص وغيرهم. وجماعة من التابعين، فذكر أسماءهم وذكر أدلة المجوزين لصومه وتكلم عليها، وليس فيها ما يفيد مطلوبهم ثم قال: قال ابن عبد البر: وممن روى عن كراهة صوم يوم الشك عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعمار بن ياسر وابن مسعود وحذيفة وابن عباس وأبوهريرة وأنس بن مالك. ثم قال والحاصل أن الصحابة مختلفون في ذلك. وليس قول بعضهم بحجة على أحد، والحجة ما جاءنا عن الشارع وقد استوفيت الكلام على هذه المسألة في الأبحاث التي كتبتها على رسالة الجلال. وقال

ص: 446

رواه أبوداود، والترمذي، والنسائي وابن ماجه والدارمي.

ــ

في السيل الجرار: الوارد في هذه الشريعة المطهرة الصوم للرؤية أو لكمال العدة ثم زاد الشارع هذا أيضاحاً وبياناً، فقال فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً، فهذا بمجرده يدل على المنع من صوم يوم الشك فكيف، وقد انضم إلى ذلك ما هو ثابت في الصحيحين وغيرهما من نهيه صلى الله عليه وسلم لأمته عن أن يتقدموا رمضان بيوم أو يومين فإذا لم يكن هذا نهياً عن صوم يوم الشك فلسنا ممن يفهم كلام العرب ولا ممن يدري بواضحة فضلاً عن غامضة: ثم انضم إلى ذلك حديث عمار فذكره وذكر تصحيحه عن الترمذي وابن خزيمة وابن حبان قلت: ولابن الجوزي تصنيف مستقل في هذه المسألة سماه "درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم" حكى فيه عن الصحابة الذين تقدم ذكرهم في كلام الشوكاني القول بصوم يوم الشك. قال الولي العراقي في طرح التثريب (ج4 ص110) قد رد والدي رحمه الله يعني الزين العراقي على ابن الجوزي في حكايته هذا القول عن هؤلاء الصحابة فذكره مفصلاً ثم قال: قال والدي فلم يقل به أحد من العشرة الذين ذكرهم ابن الجوزي ألا ابن عمر وأسماء وعائشة. واختلف عن أبي هريرة. قال البيهقي: ومتابعه السنة الثابتة وما عليه أكثر الصحابة وعوام أهل العلم أولى بنا - انتهى. (رواه أبوداود الخ) وأخرجه أيضاً ابن حبان وابن خزيمة والحاكم والدارقطني والطحاوي والبيهقي من طريق الحاكم وذكره البخاري في صحيحه تعليقاً بصيغة الجزم أخرجوه من رواية عمرو بن قيس الملائي عن أبي إسحاق السبيعي عن صلة بن زفر، قال: كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه فأتى بشأة مصلية، فقال كلوا فتنحى بعض القوم فقال إني صائم، فقال عمار من صام الخ وقد صححه الترمذي وسكت عليه أبوداود ونقل المنذري تصحيح الترمذي وأقره. وصححه ابن حبان وابن خزيمة. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وقال الدارقطني: حديث صحيح ورواته كلهم ثقات. وقال العراقي في شرح الترمذي: جمع الصاعاني في تصنيف له الأحاديث الموضوعة فذكر فيه حديث عمار المذكور، وما أدري ما وجه الحكم عليه بالوضع وليس في إسناده من يتهم بالكذب وكلهم ثقات. وقال: قد كتبت على الكتاب المذكور كراسة في الرد عليه في أحاديث، منها هذا الحديث قال نعم في اتصاله نظر. فقد ذكر المزي في الأطراف أنه روى عن أبي إسحاق السبيعي أنه قال حدثت عن صلة بن زفر، لكن جزم البخاري بصحته إلى صلة، فقال في صحيحه. وقال صلة وهذا يقتضي صحته عنده. وقال البيهقي في المعرفة: إن إسناده صحيح - انتهى. وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه البزار وفي سنده عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف. وأخرجه أيضاً الدارقطني وفي سنده الواقدي والبيهقي (ج4 ص208) وفي سنده أبوعباد وهو عبد الله بن سعيد المقبري المتقدم، وعن ابن عباس أخرجه الخطيب في تاريخه ورواه إسحاق بن راهويه فلم يجاوز به عكرمة.

ص: 447

1998-

(10) وعن ابن عباس، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال- يعني هلال رمضان - فقال: ((أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن محمداً رسول الله قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غداً)) . رواه أبوداود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه والدارمي.

ــ

1998-

قوله: (جاء أعرابي) أي واحد من الأعراب، وهم سكان البادية. وجاء الأعرابي من الحرة كما في رواية لأبي داود والدارقطني والحاكم (إني رأيت الهلال) وفي رواية ابن خزيمة وابن حبان إني رأيت الهلال الليلة ولابن ماجه وأبي يعلى الموصلي أبصرت الهلال الليلة، وللدارقطني والحاكم جاء ليلة هلال رمضان. وفيه دليل على أن الأخبار كاف ولا يحتاج إلى لفظ الشهادة ولا إلى الدعوى (يعني هلال رمضان) أي قال الحسن بن علي الخلال شيخ أبي داود في حديثه يعني هلال رمضان (فقال أتشهد أن لا إله إلا الله الخ.) قال ابن الملك: دل على أن الإسلام شرط في الشهادة (أذن في الناس) من الإيذان أو التأذين، والمراد مطلق النداء والأعلام أي ناد فيهم وأعلمهم (أن يصوموا غداً) وفي رواية فليصوموا غداً، وفيه دليل على العمل بخبر الواحد وقبوله في الصوم دخولا فيه. قال السندي: قبول خبر الواحد محمول على ما إذا كان بالسماء علة تمنع أبصار الهلال وقوله صلى الله عليه وسلم له أتشهد أن لا إلا الله تحقيق لإسلامه. وفيه أنه إذا تحقق إسلامه وفي السماء غيم يقبل خبره في هلال رمضان مطلقاً سواء كان عدلاً أم لا، حراً أم لا، وقد يقال كان المسلمون يومئذ كلهم عدولاً فلا يلزم قبول شهادة غير العدول إلا أن يمنع ذلك قوله تعالى:{وإن جاءكم فاسق بنبأ} [الحجرات:6ٍ] الآية والله تعالى أعلم. وقال المظهر: دل الحديث على أن من لم يعرف منه فسق تقبل شهادته - انتهى. وأنت تعلم إن الصحابة كلهم عدول. وقال ابن الهمام: قد يتمسك بهذا الحديث لقبول شهادة المستور لكن الحق أن لا يتمسك به بالنسبة إلى هذا الزمان لأن ذكره الإسلام بحضرته عليه الصلاة والسلام حين سأله عن الشهادتين إن كان هذا أول إسلامه فلا شك في ثبوت عدالته، لأن الكافر إذا أسلم أسلم عدلاً إلى أن يظهر خلافه منه، وإن كان أخباراً عن حاله السابق فكذلك لأن عدالته قد ثبتت بإسلامه فيجب الحكم ببيقاءها ما لم يظهر الخلاف ولم يكن الفسق غالباً على أهل الإسلام في زمانه عليه الصلاة والسلام فتعارض الغلبة ذلك الأصل، فيجب التوقف إلى ظهورها كذا في المرقاة. وقال الشوكاني: أجيب عن الاستدلال بحديث الأعرابي على عدم اشتراط العدالة بأنه أسلم في ذلك الوقت والإسلام يجب ما قبله فهو عدل بمجرد تكلمه بكلمة الإسلام، وإن لم ينضم إليها عمل في تلك الحال (رواه أبوداود الخ) وأخرجه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والطبراني وأبويعلى الموصلي والبيهقي

ص: 448

1999-

(11) وعن ابن عمر، قال:((ترأي الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه)) .

ــ

كلهم من حديث سماك ابن حرب عن عكرمة عن ابن عباس. قال الترمذي: هذا حديث فيه اختلاف وأكثر أصحاب سماك يروونه عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، ورواه النسائي مسنداً ومرسلاً وذكر أن المرسل أولى بالصواب وإن سماكاً إذا تفرد بشيء لم يكن حجة، لأنه كان يلقن فليتلقن- انتهى. وقال في المرقاة: وذكر البيهقي أن الحديث جاء من طرق موصولاً، ومن طرق مرسلاً، وإن كانت طرق الاتصال صحيحة- انتهى. وقال الحافظ في بلوغ المرام: صححه ابن خزيمة وابن حبان- انتهى. وقال الحاكم: هذا الحديث صحيح قد احتج البخاري بأحاديث عكرمة، واحتج مسلم بأحاديث سماك. وقال ابن حبان: ومن زعم أن هذا الخبر تفرد به سماك وإن رفعه غير محفوظ فهو مردود بحديث ابن عمر يعني الذي يلي هذا.

1999-

قوله: (تراأي الناس الهلال) قال المظهر في المفاتيح. الترائي أن يرى بعض القوم بعضاً، والمراد به ههنا إنه اجتمع الناس لطلب الهلال ورؤيته لقوله (فأخبرت) أي وحدي (إني رأيته) أي الهلال (فصام) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأمر الناس بصيامه) أي بصيام رمضان. وفيه دليل كحديث ابن عباس على قبول خبر الواحد في رؤية هلال شهر رمضان. قال الخطابي: وإليه ذهب الشافعي في أحد قوليه (قال النووي وهو الأصح وقال الولي العراقي: هو أشهر قولي الشافعي عند أصحابه وأصححهما لكن آخر قوليه إنه لا بد من عدلين. ففي الأم، قال الربيع قال الشافعي: بعد لا يجوز على رمضان إلا شاهدان) هو قول أحمد بن حنبل، وكان أبوحنيفة وأبويوسف يجيزان على هلال شهر رمضان شهادة الرجل الواحد العدل وإن كان عبداً، وكذلك المرأة الواحد وإن كانت أمة، ولا يجيزان في هلال الفطر إلا رجلين أو رجلاً وامرأتين وكان الشافعي لا يجيز في ذلك شهادة النساء، وكان مالك والأوزاعي وإسحاق بن راهويه (والليث والثوري والشافعي في أحد قولية) يقولان لا يقبل على هلال شهر رمضان ولا على هلال الفطر أقل من شاهدين عدلين - انتهى. قلت: مذهب الحنفية في هذه المسألة ما في الدر المختار قيل بلا دعوى وبلا لفظ أشهد وبلا حكم ومجلس قضاء. لأنه خبر لا شهادة للصوم مع علة كغيم وغبار خبر عدل ومستور لا فاسق، ولو كان العدل قنا أو أنثى أو محدوداً في قذف تاب وشرط للفطر مع العدالة والعلة نصاب الشهادة. ولفظ أشهد وعدم الحد في قذف لتعلق نفع العبد لكن لا تشترط الدعوى، وقبل بلا علة جمع عظيم يقع العلم بخبرهم (لعبد خفاءه عما سوى الواحد) وهو مفوض إلى رأي الإمام من غير تقدير بعدد- انتهى. واستدل للجمهور على قبول خبر الواحد في هلال رمضان بحديث ابن عباس المتقدم، وحديث ابن عمر ولأنه خبر عن وقت الفريضة فيما طريقة المشاهدة فقبل من واحد كالخبر بدخول وقت الصلاة، ولأنه خبر

ص: 449

...............................

ــ

ديني يشترك فيه المخبر. والمخبر فقبل من واحد عدل كالرواية: واستدل لمالك ومن وافقه على أنه لا يقبل في هلال رمضان إلا شهادة اثنين بما روى عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، أنه خطب في اليوم الذي شك فيه، فقال ألا إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألتهم، وأنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين يوماً، فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا أخرجه أحمد، وأخرجه النسائي ولم يقل فيه مسلمان، وأخرجه أيضاً الدارقطني وذكره الحافظ في التلخيص (ص187) ولم يذكر فيه قدحاً وقال الشوكاني في النيل والسيل: إسناده لا بأس به. واستدل لهم أيضاً بحديث أمير مكة الحارث بن حاطب قال عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره، وشهد شاهداً عدل نسكنا بشهادتهما أخرجه أبوداود والدارقطني. وقال هذا إسناد متصل صحيح وأجاب الجمهور عن هذين الحديثين، بأن التصريح بالاثنين غاية ما فيه المنع من قبول الواحد بالمفهوم، وحديث ابن عباس وحديث ابن عمر المذكوران يدلان على قبوله بالمنطوق، ودلالة المنطوق أرجح من دلالة المفهوم، فيجب تقديمهما. كذا قال الشيخ في شرح الترمذي. والشوكاني في السيل الجرار. وابن قدامة في المغنى (ج3 ص158) : وأما هلال شوال فلا يقبل فيه إلا شهادة اثنين عدلين في قول الفقهاء جميعهم إلا أباثور فإنه قال يقبل قول واحد وإليه ذهب ابن حزم ورجحه الشوكاني في النيل وغيره واحتج الجمهور بحديث عبد الرحمن بن زيد وحديث الحارث بن حاطب أمير مكة المتقدمين وبحديث ربعى بن حراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال اختلف الناس: في آخر يوم من رمضان فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله أنها رأيا الهلال أمس عشية فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا. أخرجه أحمد وأبوداود وسكت عنه هو والمنذري وأخرجه الدارقطني. وقال: إسناده حسن ثابت. وقال الشوكاني: رجاله رجال الصحيح - انتهى. قالوا: هذه الأحاديث تدل على أن الأصل في أمر الهلال شهادة عدلين، وإن المدار فيه على شاهدي عدل، لكن استثنى منه هلال رمضان لحديثي ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، فإنهما نصان في قبول شهادة العدل الواحد في رؤية هلال رمضان. واحتج لهم أيضاً بما روى الدارقطني والطبراني في الأوسط والبيهقي من طريق طاووس. قال: شهدت المدينة وبها ابن عمر وابن عباس فجاء رجل إلى واليها فشهد عنده على رؤية هلال شهر رمضان فسأل ابن عمر وابن عباس عن شهادته، فأمراه أن يجيزه. قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة واحد على رؤية الهلال رمضان، وكان لا يجيز شهادة الإفطار إلا بشهادة رجلين. قال الدارقطني: تفرد به حفص بن عمر الأيلي وهو ضعيف الحديث - انتهى. وأما ما ذهب إليه الحنفية من الفرق بين الغيم والصحو أي باشتراط الجم الغفير في الصحو ففيه نظر، لأنه لا دليل على هذا، لا من كتاب الله ولا من سنة رسوله ولا من قول صحابي. قال السندي في حاشية النسائي: قوله فإن شهد شاهدان (في حديث

ص: 450