المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(8) باب صدقة المرأة من مال الزوج ‌ ‌{الفصل الأول} 1967- (1) عن - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٦

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌{

- ‌الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب صدقة الفطر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب من لا تحل له الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌((5)) باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب فضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أفضل الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب من لا يعود في الصدقة

- ‌{الفصل الأول}

-

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب رؤية الهلال

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب تنزيه الصوم

- ‌((الفصل الأول))

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌ ‌(8) باب صدقة المرأة من مال الزوج ‌ ‌{الفصل الأول} 1967- (1) عن

(8) باب صدقة المرأة من مال الزوج

{الفصل الأول}

1967-

(1) عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة. كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك،

ــ

(باب صدقة المرأة من مال الزوج) وفي بعض النسخ باب ما تنفقه المرأة من مال زوجها ووقع في بعضها لفظ باب فقط.

1967-

قوله: (إذا أنفقت المرأة) أي تصدقت كما في رواية (من طعام بيتها) أي من طعام زوجها الذي في بيتها المتصرفة فيه (غير مفسدة) نصب على الحال أي غير مسروفة في التصدق بأن لا تتعدى إلى الكثرة المؤدية إلى النقص الظاهر، وهذا محمول على إذن الزوج لها بذلك صريحاً أو دلالة. وقيل: هذا جار على عادة أهل الحجاز، فإن عادتهم أن يأذنوا لزوجاتهم وخدمهم بأن يضيفوا الأضياف ويطعموا السائل والمسكين والجيران، فحرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته على هذه العادة الحسنة والخصلة المستحسنة. وهذا الحديث ليس فيه دلالة صريحاً على جواز تصدق المرأة من مال الزوج بغير إذنه. قال البغوي: عامة العلماء على أنه لا يجوز لها التصدق من مال زوجها بغير إذنه، وكذلك الخادم. والحديث الدال على الجواز أخرج على مادة أهل الحجاز أنهم يطلقون الأمر للأهل والخادم في التصدق والإنفاق مما حضر في البيت عند حضور السائل ونزول الضيف، كما قال عليه الصلاة والسلام: لا توعى فيوعى الله عليك - انتهى. وكذلك قال الخطابي في المعالم: (ج2 ص78) وخص الطعام بالذكر لغلبة المسامحة به عادة وإلا فغيره مثله إذا الغرض إن المالك إذن في ذلك صريحاً أو دلالة (كان لها أجرها بما أنفقت) أي بسبب إنفاقها (ولزوجها أجره بما كسب) أي بسبب كسبه وتحصيله (وللخازن) أي الذي يكون بيده حفظ الطعام المتصدق منه من خادم وقهرمان وقيم لأهل المنزل (مثل ذلك) أي الأجر أي بالشروط المذكورة في حديث أبي الآتي، وفي رواية للبخاري لها أجرها وله مثله (أي مثله أجرها) وللخازن مثل ذلك. قال الحافظ: ظاهره يقتضي تساويهم في الأجر، ويحتمل أن يكون المراد بالمثل حصول الأجر في الجملة وإن كان أجر الكاسب، أوفر لكن التعبير في حديث أبي هريرة الآتي بقوله: فلها نصف أجره يشعر بالتساوي. قال: والمراد بقوله: لا ينقص بعضهم أجر بعض، عدم المساهمة والمزاحمة في الأجر. ويحتمل أن يراد مساواة بعضهم بعضاً والله أعلم - انتهى. وقال النووي: معنى هذه الأحاديث (يعني حديث عائشة هذا وحديث

ص: 386

لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً)) . متفق عليه.

1968-

(2) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره. فلها نصف أجره)) .

ــ

أبي هريرة وحديث أبي موسى الآتيين) إن المشارك في الطاعة مشارك في الأجر، ومعنى المشاركة إن له أجراً كما لصاحبه أجر ـ وليس معناه أن يزاحمه في أجره. والمراد المشاركة في أصل الثواب فيكون لهذا ثواب، ولهذا ثواب، وإن كان أحدهما أكثر. ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء. بل قد يكون ثواب هذا أكثر وقد يكون عكسه - انتهى. (لا ينقص بعضهم أجر بعض) أي من أجر بعض (شيئاً) نصب مفعول ينقص أو ينقص كيزيد يتعدى إلى مفعولين الأول أجر والثاني شيئاً كزادهم الله مرضاً. قاله القسطلاني، وقال القاري: شيئاً أي من النقص أو من الأجر، والمراد أنهم في أصل الأجر سواء. وإن اختلف قدره. قال الحافظ قال ابن العربي: اختلف السلف فيما إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها فمنهم من أجازه لكن في الشيء اليسير الذي لا يؤبه به ولا يظهر به النقصان، ومنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج ولو بطريق الإجمال وهو اختيار البخاري. ويحتمل أن يكون ذلك محمولاً على العادة. وأما النقييد بغير الإفساد فمتفق عليه، ومنهم من قال المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن، النفقة على عيال صاحب المال في مصالحه وليس ذلك بأن يفتاتوا على رب البيت بالإنفاق على الفقراء بغير إذن، ومنهم من فرق بين المرأة والخادم. فقال: المرأة لها حق في مال الزوج والنظر في بيتها فجاز لها أن تتصدق بخلاف الخادم فليس به تصرف في متاع مولاه، فيشترط الإذن فيه وهو متعقب بأن المرأة إذا استوفت حقها فتصدقت منه فقد تخصصت به وإن تصدقت من غير حقها رجعت المسألة كما كانت والله أعلم. ويأتي مزيد الكلام في شرح الحديث الذي يليه (متفق عليه) أخرجه البخاري في الزكاة وفي البيوع، ومسلم في الزكاة وأخرجه أيضاً أحمد، والترمذي وأبوداود والنسائي في الزكاة، وابن ماجه في النجارات وابن حبان والبيهقي وغيرهم.

1968-

قوله: (إذا أنفقت المرأة) أي تصدقت (من كسب زوجها) أي من ماله (من غير أمره) أي الصريح في ذلك القدر المعين (فلها نصف أجره) قيل: هذا مفسر بما إذا أخذت من مال زوجها أكثر من نفقتها وتصدقت به، فعليها غرم ما أخذت أكثر منها، فإذا علم الزوج ورضي بذلك فلها نصف أجره بما تصدقت من نفقتها ونصف أجره له بما تصدقت به أكثر من نفقتها، لأن الأكثر حق الزوج كذا ذكره القاري: وقال الحافظ: الأولى أن يحمل على ما إذا أنفقت من الذي يخصها به إذا تصدقت به بغير استئذانه، فإنه يصدق كونه من كسبه فيؤجر عليه، وكونه بغير أمره يعني يحمل التصنيف على المال الذي يعطيه الرجل في نفقة المرأة، فإذا

ص: 387

متفق عليه.

1969-

(3) وعن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملاً مؤفراً طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به،

ــ

أنفقت منه بغير علمه كان الأجر بينهما للرجل لكونه الأصل في إكتسابه، ولكونه يؤجر على ما ينفقه على أهله وللمرأة لكونه من النفقة التي تختص بها. قال: ويحتمل أن يكون إذن لها بطريق الإجمال، لكن المنفي ما كان بطريق التفصيل، ولابد من الحمل على أحد هذين المعنيين، وإلا فحيث كان من ماله بغير إذنه لا إجمالاً ولا تفصيلاً فهي مأزورة بذلك لا مأجورة. قال النووي: قوله من غير أمره معناه من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين ولا ينفي ذلك وجود إذن سابق عام يتناول هذا القدر وغيره، إما بالصريح، وإما بالعرف. قال: ويتعين هذا التأويل لجمل الأجر بينهما نصفين، ومعلوم إنها إذا أنفقت من ماله بغير إذنه لا الصريح ولا المأخوذ من العرف لا يكون لها أجر بل عليها وزر فيتعين تأويله - انتهى. وقيل: في الجمع بين هذا وبين حديث عائشة إنه إذا أنفقت المرأة مع إذنه تستحق به الأجر كاملاً، ومع عدم الإذن نصف الأجر، يعني إذا عرفت منه السماحة بذلك والرضا به جاز لها الإنفاق من غير إذنه ولها نصف أجره وقيل: معنى النصف إن أجره وأجرها إذا جمعا كان لها النصف من ذلك، فلكل منهما أجر كامل، وهما اثنان فكأنهما نصفان. وقيل: إنه بمعنى الجزء، والمراد المشاركة في أصل الثواب وإن كان أحدهما أكثر بحسب الحقيقة (متفق عليه) أخرجه البخاري في البيوع وفي أواخر النكاح وفي النفقات، ومسلم في الزكاة وأخرجه أيضاً فيه أبوداود والبيهقي.

1969-

قوله: (الخازن) أي خادم المالك في الخزن (المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به) من الصدقة من غير زيادة ونقصان فيه بهوى (كاملاً) حال من المفعول أو صفة لمصدر محذوف (موفراً) بفتح الفاء المشددة أي تاماً فهو تأكيد وبكسرها حال من الفاعل أي مكملاً عطاءه (طيبة) أي راضية غير شحيحة (به) أي بالعطاء (نفسه) مرفوع على الفاعلية وطيبة بالنصب على الحال. وقال: ذلك إذ كثيراً مالا يرضي الإنسان بخروج شيء من يده، وإن كان ملكاً لغيره. قال الحافظ: قيد الخازن بكونه مسلماً فأخرج الكافر لأنه لا نية له وبكونه أميناً فأخرج الخائن لأنه مأزور، ورتب الأجر على إعطاءه ما يؤمر به غير ناقص لكونه خائناً أيضاً، ويكون نفسه طيبة بذلك، لئلا يعدم النية فيفقد الأجر وهي قيود لابد منها (فيدفعه) عطف على يعطي (إلى الذي أمر له) بضم الهمزة مبنياً للمفعول أي إلى الشخص الذي أمر ذلك الخازن له (به) أي بالدفع والإعطاء، وفيه شروط أربعة: شرط الإذن لقوله ما أمر به وعدم نقصان ما أمر به لقوله كاملاً موفراً وطيب النفس

ص: 388

أحد المتصدقين)) . متفق عليه.

1970-

(4) وعن عائشة، قالت: إن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أمي أفتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت،

ــ

بالتصدق، لأن بعض الخزان والخدان لا يرضون بما أمروا به من التصدق وإعطاء من أمر له لا إلى مسكين آخر. فالخازن مبتدأ وما بعده صفات له وخبره (أحد المتصدقين) أي يشارك صاحب المال في الصدقة فيصير إن متصدقين، ويكون هو أحدهما هذا على أن الرواية بفتح القاف وهو الذي صرحوا به، نعم جوز الكسر على أن اللفظ جمع أي هو متصدق من المتصدقين قال الحافظ: ضبط في جميع الروايات الصحيحين بفتح القاف على التثنية. قال القرطبي: ويجوز الكسر على الجمع أي هو متصدق من المتصدقين - انتهى. وقال الشيخ زكريا الأنصاري: بفتح القاف أي هو ورب الصدقة في أصل الأجر سواء وإن اختلف مقداره فيهما فلو أعطي المالك خادمة مائة دينار ليدفعها إلى فقير على باب داره فأجر المالك أكثر، ولو أعطاه رغيفاً ليدفعه إلى الفقير في مكان بعيد، فإن كانت أجرة مشي الخادم تزيد على قيمة الرغيف فأجر الخادم أكثر وإن كانت تساويها فمقدار أجرهما سواء (متفق عليه) أخرجه البخاري في الزكاة والوكالة والإجارة، ومسلم في الزكاة وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي والبيهقي في الزكاة.

1970-

قوله: (إن رجلاً) قيل: هو سعد بن عبادة. قال الزرقاني: وجزم به غير واحد. وقيل: هو رجل آخر غير سعد بن عبادة وإليه مال العيني (إن أمي) عمرة بنت مسعود (أفتلتت) بالفاء الساكنة والمثناة المضمومة وكسر اللام بعد فوفيتان، أولاهما مفتوحة مبنياً للمفعول افتعال من فلت، يقال، أفتلت فلان أي ماتت فجأة، وأفْتُلِتَ بأمر كذا إذا فوجيء به قبل إن يستعد له، وأفتلت الشيء إذا أخذ منه فلته أي بغتة، قال الباجي: تقول العرب رأيت الهلال فلته إذا رأيته من غير قصد إليه (نفسها) بالنصب بمعنى أفتلتها الله نفسها أي روحها يعدي إلى مفعولين كاختلسه الشيء واستلبه إياه فبني الفعل للمفعول فصار الأول مضمراً وبقي الثاني منصوباً. وقيل: نفسها منصوب على التمييز. وقيل: بإسقاط حرف الجر أي من نفسها، ويروي بالرفع على أنه متعد إلى واحد ناب عن الفاعل أي أخذت نفسها فلتة يعني ماتت بغتة دون تقدم مرض ولا سبب (وأظنها) أي لعلمي بحرصها على الخير (لو تكلمت) أي لو قدرت على الكلام (تصدقت) أي من مالها بشيء أو أوصت بتصدق شيء من مالها. قال الحافظ: وظاهره إنها لم تتكلم فلم تتصدق لكن في الموطأ والنسائي والحاكم عن سعيد ابن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد عبادة عن أبيه عن جده. قال: خرج سعد بن عبادة مع النبي صلى الله عليه وسلم -

ص: 389

فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم)) . متفق عليه.

ــ

في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها أوصي: فقالت: فبم أووصي المال، مال سعد فتوفيت قبل أن يقدم سعد فلما قدم سعد بن عبادة ذكر ذلك له فقال سعد: يا رسول الله! هل ينفعها أن أتصدق عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها لحائط سماه، وهذا نص في التكلم فيمكن أن يأول رواية الكتابة بأن المراد إنها لم تتكلم أي بالصدقة، ولو تكلمت تصدقت أي فكيف أمضى ذلك. أو يحمل على أن سعداً ما عرف بما وقع منها فإن الذي روى هذا الكلام في الموطأ هو سعيد بن عبادة. أو ولده شرحبيل مرسلاً، فعلى التقديرين لم يتحد راوي الإثبات، وراوي النفي. فيمكن الجمع بينهما بذلك - انتهى. وبسط العيني في إثبات المنافاة بين الراويتين، وبنى على ذلك إن الرجل المبهم في حديث عائشة رجل آخر غير سعد بن عبادة فلا حاجة على هذا إلى الجمع (فهل لها أجر إن تصدقت عنها) بكسر الهمزة إن على أنها شرطية. قال الزركشي: وهي الرواية الصحيحة ولا يصح قول من فتحها؛ لأنه إنما سأل عما لم يفعل، لكن قال البدر الدماميني: إن ثبتت لنا رواية بفتح الهمزة من أن أمكن تخريجها على مذهب الكوفيين في صحة مجيء إن المفتوحة الهمزة شرطية كان المكسورة ورجحه ابن هشام، والمعنى حينئذٍ صحيح بلا شك ذكره القسطلاني (قال نعم) لها أجر إن تصدقت عنها، وقد بين النسائي من وجه آخر جهة الصدقة المذكورة فأخرج من طريق سعيد بن المسيب عن سعد بن عبادة. قال: قلت يا رسول الله! إن أمي ماتت أفاتصدق عنها. قال: نعم. قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء. وقد سبق هذا الحديث في فضل الصدقة ومر قريباً إنه تصدق عنها بحائط، وطريق الجمع إنه تصدق عنها بالحائط من تلقاء نفسه، وبالماء بأمره صلى الله عليه وسلم بعد سؤاله عنه والله تعالى أعلم. وفي الحديث جواز الصدقة عن الميت وإن ذلك ينفعه بوصول الثواب الصدقة إليه، ولاسيما إن كان من الولد وكذا حكم الدعاء وهو مخصص لعموم قوله تعالى:{وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم:39] وقد اختلف في غير الصدقة من أعمال البر هل تصل إلى الميت كالصلاة وتلاوة القرآن؟ والمختار عند الحنفية نعم قياساً على الدعاء، وعندي فيه تأمل. وفيه أنه يستحب لمن يتوفى فجأة. أن يتصدق عنه أهله وترجم البخاري على هذا الحديث باب موت الفجاءة. قيل أشار بهذا إلى أن موت الفجاءة ليس بمكروه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يظهر منه كراهة حين أخبره الرجل بانفلات نفس أمه وهو محمول على المتهيئ للموت والمتأهب والمراقب له دون غيره، وعلى ذلك يحمل خبر ابن أبي شيبة عن عائشة وابن مسعود موت الفجاءة راحة للمؤمن وأسف على الفاجر، وخبر أبي داود موت الفجاءة أخذة أسف. ولأحمد من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم مر بجدار مائل فأسرع. وقال: أكره موت الفوات. قال ابن بطال: وكان ذلك والله أعلم لما في موت الفجاءة من خوف حرمان الوصية، وترك الاستعداد للمعاد بالتوبة

ص: 390