الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أبوداود.
{الفصل الثالث}
1851-
(16) عن زيد بن أسلم، قال: ((شرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبناً فأعجبه، فسأل الذي سقاه، من أين هذا اللبن؟ فأخبره إنه ورد
ــ
دون بعض، إذا رأى في ذلك صلاحاً عائداً على الإسلام وأهل مثلاً إذا جمعت لديه الصدقات وحضر الجهاد وحقت المدافعة على حوزة الإسلام من الكفار أو البغاة، فإن له تأثير صنف المجاهدين بالصرف إليهم، وإن استغرق جميع الحاصل من الصدقات، وهكذا إذا اقتضت المصلحة تأثير غير المجاهدين - انتهى. قلت: واستدل للأئمة الثلاثة بقوله تعالى: {إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} [البقرة:271] وقد تناول جنس الصدقات. والضمير عائد إلى الصدقات وهو عام يتناول جميع الصدقات وبقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن أعلمهم صدقة تؤخذ من أغنياءهم فترد في فقراءهم فلم يذكر في الآية ولا في الحديث، إلا صنفاً واحداً. وبقوله صلى الله عليه وسلم لقبيصة حين تحمل حمالة أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، فذكر دفعها إلى صنف واحد وهو من الغارمين، وأمر بني زريق بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر وهو شخص واحد، وقسم الذهبية التي بعث بها إليه علي من اليمن بين المؤلفة قلوبهم، وهم صنف واحد. وإنما يؤخذ من أهل اليمن الصدقة، وبما روى في ذلك من آثار الصحابة كحذيفة وابن عباس وعمر وعلي رضي الله عنهم. قلت: أقرب أقوال الأئمة في هذه المسألة وأرجحها عندي قول مالك وإبراهيم النخعي وهو مختار الشوكاني، كما يدل عليه كلامه الذي نقلنا من وبل الغمام (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً الدارقطني (ص218) والطحاوي (ج1:ص304) والبيهقي (ج7:ص6) وسكت عنه أبوداود والبيهقي. وقال المنذري: في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي وقد تكلم فيه غير واحد - انتهى. قلت: تفرد به عبد الرحمن وقد ضعفه القطان وابن مهدي وابن معين وابن حنبل وغيرهم وضعفه أيضاً البيهقي. وقال الترمذي: رأيت البخاري يقوى أمره. وقال هو مقارب الحديث. وقال الحافظ في التقريب: ضعيف في الحفظ وكان رجلاً صالحاً.
1851-
قوله: (فأعجبه) قال القاري: أي وافق هوى نفسه فأنكره بالاستدلال القلبي أو الالهمام الغيبي (فسأل الذي سقاه من أين) حصل لك (هذا اللبن) قال الغزالي: سأل عمر رضي الله عنه اذرابه فانه أعجبه طعمه ولم يكن على ما كان يألفه كل ليلة، وهذا من أسباب الريبة وحمله على الورع ذكره القاري (ورد) أي مر
عل ماء قد سماه، فإذا نعم من نعم الصدقة وهم يسقون، فحلبوا من ألبانها فجعلته في سقائى فهو هذا. فأدخل عمر يده، فاستقاء)) . رواه مالك والبيهقي في شعب الإيمان.
ــ
(على ماء قد سماه) أي عينه باسمه (فإذا) المفاجأة (نعم) بفتحتين (من نعم الصدقة) وردت هذا الماء (وهم) أي الرعاة (يسقون) أي النعم من ذلك الماء (فحلبوا) وفي نسخ الموطأ الموجودة عندنا فحلبوا لي أي بزيادة لفظه لي بعد حلبوا وكذا وقع عند البيهقي من رواية مالك لكن رقم عليها في نسخ الموطأ علامة النسخة، ونقله في جامع الأصول كما في المشكاة (فجعلته) أي اللبن (في سقائى) بكسر السين (فأدخل عمر يده) أي في فمه أو حلقه (فاستقاءه) أي فتقيأه حتى أخرجه من جوفه. قال الطيبي: هذا غاية الورع والتنزه من الشبه. وقال ابن عبد البر: محمله عند أهل العلم إن الذي سقاه ليس ممن تحل له الصدقة إذ لعله غني أو مملوك فاستقاءه لئلا ينتفع به، وأصله محظور وإن لم يأته قصداً، وهذا نهاية الورع، ولعله أعطى مثل ذلك أو قيمته للمساكين. ولو كان الذي حلب له هذا اللبن مستحقاً للصدقة لما حرم على عمر قصد شربه كما لم يحرم على النبي صلى الله عليه وسلم أكل اللحم الذي تصدق به على بريرة، وقال هو عليها صدقة. ولنا هدية، وما فعله عمر ليس بواجب؛ لأنه استهلكه بالشرب ولا فائدة في قذفه إلا المبالغة في الورع. قلت: وجاء مثل هذا عن أبي بكر أيضاً. قال سعيد بن منصور: حدثنا سفيان عن ابن المنكدر إن أبابكر شرب لبناً فقيل له إنه من الصدقة فتقيأه. وروى البخاري في باب أيام الجاهلية من حديث عائشة قالت: كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبوبكر يأكل من خراجه فجاءه يوماً بشيء فأكل منه أبوبكر فقال له الغلام تدري ما هذا؟ فقال أبوبكر: وما هو. قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة إلا إني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه، فأدخل أبوبكر يده فقاء كل شيء في بطنه. وذكر الحافظ في الفتح له عدة قصص نحو هذا وهو من كمال ورعه رضي الله عنه (رواه مالك) أي عن زيد بن أسلم إنه قال: شرب عمر بن الخطاب لبناً الخ. وهذا منقطع. ورواه الشافعي عن مالك عن زيد بن أسلم (والبيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه أيضاً في السنن الكبرى (ج7:ص14) من طريق مالك وترجم له باب الخليفة ووالي الإقليم العظيم الذي لا يلي قبض الصدقة ليس لهما في سهم العاملين عليها حق وذكر فيه أيضاً ما روى هو وسعيد ابن منصور وأبوعبيد (ص605) من طريق سليمان بن يسار إن ابن أبي ربيعة قدم بصدقات سعى عليها، فلما قدم الحرة خرج عمر بن الخطاب فقرب إليه تمراً ولبناً وزبداً، فأكلوا وأبى عمر أن يأكل. فقال ابن ربيعة: والله أصلحك الله إنا نشرب ألبانها ونصيب منها، فقال: يا ابن أبي ربيعة! لست كهيئتك إنك تتبع أذنابها - انتهى.