الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الفصل الثالث}
1828-
(20) عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس صدقة،
ــ
حول كالزروع - انتهى. قال ابن رشد (ج1:ص243) وسبب اختلافهم تردد شبهه بين ما تخرجه الأرض مما تجب فيه الزكاة، وبين التبر والفضة المقتنيين، فمن شبهه بما تخرجه الأرض لم يعتبر الحول فيه، ومن شبهه بالتبر والفضة المقتنيين أوجب الحول، وتشبيهه بالتبر والفضة أبين - انتهى. وقد اعترض أيضاً أبوعبيد (ص341-342) على تشبيهه المعدن بالزرع، وابن حزم (ج6:ص110) على قياسه على الزرع والركاز، ووافق في ذلك إسحاق حيث قال (ج6:ص111) : لا زكاة في مال غير الزرع إلا بعد الحول، والمعدن من جملة الذهب والفضة فلا شئ فيها إلا بعد الحول، وهذا قول الليث بن سعد وأحد أقوال الشافعي وقول أبي سليمان - انتهى.
1828-
قوله: (ليس في الخضروات) بفتح الخاء المعجمة جمع خضراء والمراد بها الرياحين والأوراد والبقول والخيار والقثاء والبطيخ والباذنجان وأشباه ذلك. قال يحيى بن آدم في الخراج: (ص146) الخضر عندنا الرطاب والرياحين والبقول والفاكهة مثل الكمثري والسفرجل والخوخ والتفاح والتين والأجاص والمشمش والرمان والخيار والقثاء والنبق والباقلي والجزر والموز والمقل والجوز واللوز والبطيخ وأشباهه - انتهى. وقال الأمير اليماني: الخضروات ما لا يكال ولا يقتات (صدقة) لأنها لا تقتات، والزكاة تختص بالقوت، وحكمته أن القوت ما يقوم به بدن الإنسان، لأن الأقتيات من الضروريات التي لا حياة بدونها، فوجب فيها حق لأرباب الضرورات قاله القاري. والحديث يدل على ما ذهب إليه الجمهور من عدم وجوب الزكاة في الخضروات، وقد ورد في هذا أحاديث أخرى مرفوعة عن عائشة ومحمد بن جحش وأنس ومعاذ وطلحة، لكنها كلها ضعيفة كحديث على هذا، وقد ذكرها مع بيان ضعفها الزيلعي في نصب الراية (ج2:ص386-389) وقال الترمذي: ليس يصح في هذا الباب أي في نفي زكاة الخضروات عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء- انتهى. وأقوى ما استدل به للجمهور إن الخضر كانت بالمدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بحيث لا يخفى ذلك، ولم ينقل أنه أمر بإخراج شئ منها، ولا أن أحد أخذ منها زكاة ولا أنهم يؤدونها اليه، ولو كان ذلك لنقل كما نقل زكاة سائر ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فثبت أنه لا زكاة فيها. وذهب أبوحنيفة إلى أنه تجب الزكاة في كل ما تخرجه الأرض سواء كان من الحبوب أو الثمار أو الفواكه أو البقول أو غير ذلك بعد ما كان المقصود به استغلال الأرض، وروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز وأبي بردة بن أبي موسى وحماد والنخعي، وهو قول داود الظاهري وقواه ابن العربي، واليه يظهر ميل الفخر الرازي وهو مختار شيخ مشائخنا العلامة الغازي فوري. واستدل لهم بعموم قوله تعالى:{خذ من أموالهم صدقة} [التوبة:103] وقوله: {ومما أخرجنا لكم من الأرض} [البقرة:267] وقوله: {وآتوا حقه
ولا في العرايا
ــ
يوم حصاده} الأنعام:141 قال الباجى: والحق ههنا هو الزكاة، لأنه لا خلاف إنه ليس فيه حق واجب غيره، والأمر يقتضى الوجوب- انتهى. وبعموم حديث فيما سقت السماء العشر ونحوه. قالوا: وحديث الخضراوات إن صح لم يصلح لتخصيص هذه العمومات لكونه من أخبار الآحاد فكيف، وهو ضعيف بجميع طرقه. قالوا وهو محمول على صدقه يأخذها العاشر لأنه، إنما يأخذ من مال التجارة، إذا حال عليه الحول وهذا بخلافه ظاهرا أو على أنه لا يأخذ من عينها بل يأخذ من قيمتها، لأنه يتضرر بأخذ العين في البراري حيث لم يجد من يشتريها، أو على أنه لا يأخذها الساعي بل يؤديها المالك بنفسه هذا، وقد تقدم شىء من البسط في زكاة المعشرات في شرح
حدث الأوساق مع ببان القول الراجح في ذلك. (ولا في العرايا) جمع عرية وهو عطية ثمر النخل دون الرقبة كان العرب في الجدب يتطوع أهل النخل بذلك على من لا ثمر له كما يتطوع صاحب الشاة أو الإبل بالمنيحة، وهي عطية اللبن دون الرقبة. قال في القاموس واعراه النخلة وذهب ثمرتها عاما، والعرية النخلة المعراة التي يؤكل ما عليها وما عزل عن المسومة عد بيع النخل- انتهى. والعرية فعلية بمعنى مفعولة أو فاعلة، يقال عرى النخل بفتح العين والراء بالتعدية يعروها إذا أفردها عن غيرها بأن أعطاها لآخر على سبيل المنحة ليأكل ثمرها، وتبقى رقبتها لمعطيها ويقال: عريت النخل بفتح العين وكسر الراء تعرى على أنه قاصر فكأنها عريت عن حكم أخواتها واستثبتت بالعطية واختلف في المراد بها شرعا. قال الحافظ في الفتح: تحت باب تفسير العرايا من كتاب البيوع إن صور العرية كثيرة منها أن يقول الرجل لصاحب حائط بمعنى ثمر نخلات بأعيانها يخرصها من التمر، فيخرصها ويبيعه ويقبض منه التمر ويسلم إليه النخلات بالنخلية فينتفع برطبها. ومنها أن يهب صاحب الحائط الرجل نخلات أو ثمر نخلات معلومة من حائطه، ثم يتضرر بدخوله عليه فيخرصها، ويشتري منه رطبها بقدر خرصه بتمر يعجله له. ومنها
أن يهبه إياها فيضرر الموهوب له بانتظار صيرورة الرطب تمرا، ولا يجب أكلها رطبا لاحتياجة إلى التمر فيبيع ذلك الرطب بخرصه من الواهب، أو من غيره بتمر يأخذه معجلا. ومنها أن يبيع الرجل ثمر حائطه بعد بدو صلاحه ويستثنى منه نخلات معلومة يبقيها لنفسه أو لعياله وهي التي عفى له عن. خرصها في الصدقة. وسميت عرايا لأنها اعريت من أن تخرص في الصدقة فرخص لأهل الحاجة الذين لا نقد لهم، وعندهم فضول من تمر قوتهم أن يبتاعوا بذلك التمر من رطب تلك النخلات بخرصها. ومما يطلق عليه اسم عرية أن يعرى رجلا تمر نخلات يبيع له أكلها والتصرف فيها وهذه هبة مخصوصة. ومنها أن يعرى عامل الصدقة لصاحب الحائط من حائطه
نخلات معلومة لا يخرصها في الصدقة،وهاتان الصورتان من العرايا لابيع فيهما، وجميع هذه الصور صحيحة عند الشافعي والجمهور. وقصر مالك العرية في البيع على الصورة الثانية وقصرها أبو عبيد على الصورة الأخيرة من صور البيع
صدقة، ولا في أقل من خمسة أوسق صدقة، ولا في العوامل صدقة، ولا في الجبهة صدقة، قال: الصقر الجبهة الخيل والبغل والعبيد)) رواه الدارقطني.
ــ
وزاد أنه رخص لهم أن يأكلوا الرطب ولا يشتروه لتجارة ولا ادخار، ومنع أبوحنيفة صور البيع كلها وقصر العرية على الهبة، وهو أن يعرى الرجل تمر نخلة من نخلة ولا يسلم ذلك، ثم يبدو له في ارتجاع تلك الهبة، فرخص له أن يحتبس ذلك، ويعطيه بقدر ما وهبه له من الرطب بخرصه تمراً وحمله ذلك أخذه بعموم النهى عن بيع الثمر بالتمر. وتعقب: بالتصريح باستثناء العرايا في حديث ابن عمر وفي حديث غيره انتهى كلام الحافظ. وسيأتي مزيد الكلام في ذلك في كتاب البيوع إنشاءالله تعالى (صدقة) ؛ لأنها تكون دون النصاب أو؛ لأنها خرجت عن ملك مالكها قبل الوجوب بطريق صحيح (ولا في أقل من خمسة أوسق صدقة) فيه بيان نصاب المعشرات، وإنه لا تجب الزكاة فيها حتى تبلغ خمسة أوسق. قال القاري: لأنه قليل فلا تتشرف الفقراء إلى المواساة منه (ولا في) الإبل أو البقر (العوامل) للمالك أو لغيره (صدقة) ؛ لأنها بالعمل صارت غير مقتناة للنماء (ولا في الجبهة) قال أبو عبيد: الجبهة الخيل (صدقة قال الصقر) أي أحد رواة الحديث وهو بفتح المهملة وسكون القاف ابن حبيب. ويقال: الصعق روى عن أبي رجاء العطاردي تكلم فيه ابن حبان. فقال: يأتي عن الثقات بالمقلوبات، وغمزه الدارقطني في الزكاة، ولا يكاد يعرف كذا في الميزان. قال الحافظ في اللسان: وبقية كلام ابن حبان يخالف الثقات. وقال إنه شيخ من أهل البصرة سلولي - انتهى. (الجبهة الخيل والبغال والعبيد) والذي في القاموس وغيره أنها الخيل. قال في الفائق: سميت بذلك؛ لأنها خيار البهائم كما يقال وجه السلعة لخيارها ووجه القوم وجبهتهم لسيدهم. وقال بعضهم: هي خيار الخيل ثم رأيت صاحب النهاية أشار إلى أن ما قاله الصقر فيه بعد وتكلف قاله القاري. قلت: روى البيهقي بسند ضعيف عن أبي هريرة مرفوعاً، عفوت لكم عن صدقة الجبهة والكسعة والنخة. قال بقية (أحد رواته) الجبهة الخيل والكسعة البغال والحمير والنخة المربيات في البيوت، ثم رواه البيهقي عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعاً. بلفظ: لا صدقة في الكسعة والجبهة والنخة فسره أبوعمر وعبد الله بن يزيد (راوي الحديث) الكسعة الحمير والجبهة الخيل والنخة العبيد. ثم ذكر تفصيل ذلك عن أبي عبيدة حيث قال: قال أبوعبيد قال عبيدة: الجبهة الخيل والنخة الرقيق والكسعة الحمير. قال الكسائي وغيره: في الجبهة والكسعة مثله. وقال الكسائي: والنخة برفع النون وفسره هو وغيره في مجلسه البقر العوامل - انتهى. (رواه الدارقطني)(ص200) من حديث أحمد بن الحارث البصري ثنا الصقر بن حبيب. قال: سمعت أبارجاء العطاردي يحدث عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب. قال الزيلعي (ج2:ص357-388) ومن طريق الدارقطني رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية والصقر ضعيف. قال ابن حبان في الضعفاء: ليس هو من كلام
1829-
(21) وعن طاووس، إن معاذ بن جبل أتى بوقص البقر فقال: لم يأمرني فيه النبي صلى الله عليه وسلم بشيء. رواه الدارقطني والشافعي.
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعرف بإسناد منقطع فقلبه الصقر على أبي رجاء وهو يأتي بالمقلوبات - انتهى. وأحمد بن الحارث الراوي عن الصقر. قال أبوحاتم الرازي: هو متروك الحديث - انتهى.
1829-
قوله: (وعن طاووس) هو طاووس بن كيسان اليماني أبوعبد الرحمن الحميري مولاهم الفارسي يقال اسمه ذكوان وطاووس لقب ثقة ثبت فقيه فاضل من أوساط التابعين مات سنة ست ومائة. وقيل: بعد ذلك (أتى) بصيغة المجهول (بوقص) بفتح الواو والقاف ويجوز إسكانها وإبدال الصاد سيناً وهو ما بين الفرضين عند الجمهور واستعمله الشافعي فيما دون النصاب الأول (البقر فقال لم يأمرني فيه النبي صلى الله عليه وسلم بشيء) أي بأخذ شيء ويؤيد هذا ما روى مالك في الموطأ عن حميد بن قيس عن طاووس، إن معاذاً أخذ من ثلاثين بقرة تبيعاً، ومن أربعين بقرة مسنة، وأتى بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئاً. وقال: لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئاً حتى ألقاه فأسأله فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ: وقد ورد ما يدل على رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فروى البزار والدارقطني (ص202) والبيهقي (ج4:ص98) وابن حزم من طريق المسعودي عن الحكم عن طاووس عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن - الحديث. فلما رجع سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه يعني الوقص. فقال: ليس فيها شيء. قال المسعودي: والأوقاص ما بين الثلاثين إلى الأربعين والأربعين إلى الستين. وأخرج أحمد (ج5:ص240) والطبراني من رواية سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذاً قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن فذكر الحديث قال: فأمرني أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئاً وزعم أن الأوقاص لا فريضة فيها ورواه أبوعبيد (ص383) من طريق سلمة بن أسامة، إن معاذاً قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله. وروى أبو عبيد (ص384) أيضاً من طريق سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الأوقاص لا صدقة فيها. وقد تقدم الكلام في رواية سلمة بن أسامة ورواية المسعودي عن الحكم عن طاووس عن ابن عباس، وروى الطبراني من طريق ابن أبي ليلى عن الحكم عن رجل عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس في الأوقاص شيء ووقفه ابن أبي شيبة (ج3:ص13) من طريق ليث عن طاووس عن معاذ قال: ليس في الأوقاص شيء، وروى الدارقطني في المؤتلف والمختلف عن عبيد بن صخر بن لوذان الأنصاري قال: عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمالة على اليمن في البقر في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة وليس في الأوقاص شيء. قال الدارقطني: والأوقاص ما بين السنين اللذين يجب فيها الزكاة - انتهى. (رواه الدارقطني)(ص202)(والشافعي) في الأم (ج2:ص7) كلاهما من حديث سفيان عن عمرو بن دينار