الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه مسلم.
(الفصل الثاني)
2676، 2677 - (8، 9) عن علي، وعائشة، قالا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها.
ــ
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت أيام منى – انتهى. قال الحافظ في الفتح: فكأن البخاري عقب هذا بطريق أبي حسان ليجمع بين الأحاديث بذلك، فيحمل حديث جابر وابن عمر على اليوم الأول، وحديث ابن عباس هذا على بقية الأيام، وهذا الجمع مال إليه النووي، ومنها أن الطواف الذي طافه النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً طواف الوداع فنشأ الغلط من بعض الرواة في تسميته بالزيارة، ومعلوم أن طواف الوداع كان ليلاً، فقد روى البخاري في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف به)) وسيأتي في باب خطبة يوم النحر وهو واضح في أنه طاف طواف الوداع ليلاً، وإلى هذا الجمع مال ابن القيم، ولو فرضنا أن أوجه الجمع غير مقنعة فأحاديث جابر وعائشة وابن عمر ((أنه طاف طواف الزيارة نهارًا)) أصح مما عارضها فيجيب تقديمها عليه، وفي الحديث دلالة على أن رميه وحلقه وقع قبل الظهر بالاتفاق وإن اختلف في كونه بمكة أو بمنى، إذ الترتيب بين الحلق والإفاضة معتبر فظهر المناسبة بين الباب وبين حديث ابن عمر فتدبر (رواه مسلم) وأخرجه أيضًا أحمد (ج 2: ص 34) وأبو داود وابن الجارود (ص 174) والبيهقي (ج 5: ص 144) وقد عزا بعضهم هذا الحديث إلى الشيخين وهو خطأ، فإن الحديث من أفراد مسلم لم يخرجه البخاري، وقد تقدم التنبيه على ذلك في شرح حديث جابر الطويل في حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فتذكر.
2676، 2677 – قوله (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها) أي في التحلل من الإحرام أو مطلقًا إلا لضرورة فإن حلقها مثلة كحلق اللحية للرجل، قاله القاري. قلت: الظاهر أن المرأة ممنوعة من حلق الرأس مطلقًا إلا لضرورة ولو كان الحلق يجوز لها لأمرت به في الحج لأن الحلق نسك كما تقدم، قال الحافظ: وهذا أي التخيير بين الحلق والتقصير وكون الحلق أفضل من التقصير إنما هو في حق الرجال، وأما النساء فالمشروع في حقهن التقصير بالإجماع، وفيه حديث لابن عباس عند أبي داود يعني الذي يأتي بعد هذا، ثم ذكر حديث علي، ثم قال: وقال جمهور الشافعية: لو حلقت أجزأها ويكره. وقال القاضيان أبو الطيب وحسين: لا يجوز – انتهى. وقال ابن قدامة: المشروع للمرأة التقصير دون الحلق لا خلاف في ذلك، قال ابن المنذر: أجمع على هذا أهل العلم، وذلك لأن الحلق في حقهن مثلة، ثم ذكر حديث ابن عباس وحديث علي، وقال في اللباب وشرحه للقاري: التقصير واجب لهن لكراهة الحلق كراهة تحريم في حقهن إلا لضرورة – انتهى. وقال الباجي: وأما المرأة فقد قال ابن حبيب: ليس على من حج من النساء حلاق وقد نهى عنه النبي
.............................................................................................
ــ
صلى الله عليه وسلم المرأة في حج أو عمرة، وقال: هي مثلة. وهو الذي رواه ابن حبيب وإن لم نعرف له إسنادًا صحيحًا إلا أنه من قول العلماء، وهو الصحيح، لأنه مثلة لأنه حلاق غير معتاد كحلاق الرجل لحيته وشاربه – انتهى. قال الخرقي: والمرأة تقصر من شعرها مقدار الأنملة، قال ابن قدامة: الأنملة رأس الإصبع من المفصل الأعلى. قال: وكان أحمد يقول: تقصر من كل قرن قدر الأنملة وهو قول ابن عمر والشافعي وإسحاق وأبي ثور، وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المرأة تقصر من كل رأسها؟ قال: نعم تجمع شعرها إلى مقدم رأسها ثم تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة – انتهى. وقال مالك: في المرأة إذا قصرت تأخذ قدر الأنملة أو فوقه بقليل أو دونه بقليل وليست كالرجل في أنه يجزه جزًا كذا في طرح التثريب للولي العراقي. وقال الشنقيطي: اعلم أن محل كون الحلق أفضل من التقصير إنما هو بالنسبة إلى الرجال خاصة، وأما النساء فليس عليهن حق وإنما عليهن التقصير، والصواب عندنا وجوب تقصير المرأة جميع رأسها ويكفيها قدر الأنملة لأنه يصدق عليه أنه تقصير من غير منافاة لظواهر النصوص، ولأن شعر المرأة من جمالها وحلقه مثلة، وتقصيره جدًا إلى قرب أصول الشعر نقص في جمالها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النساء لا حلق عليهن وإنما عليهن التقصير، ثم ذكر حديث ابن عباس الآتي برواية أبي داود والبزار والدارقطني، ثم قال ويعتضد عدم حلق النساء رؤوسهن بخمسة أمور غير ما ذكرنا، الأول: الإجماع على عدم حلقهن في الحج ولو كان الحلق يجوز لهن لشرع في الحج، الثاني: أحاديث جاءت بنهي النساء عن الحلق، الثالث: أنه ليس من عملنا ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، الرابع: أنه تشبه بالرجال، وهو حرام، الخامس: أنه مثلة، والمثلة لا تجوز، أما الإجماع فقد قال النووي في شرح النهذب: قال ابن المنذر: أجمعوا على أن لا حلق على النساء وإنما عليهن التقصير، ويكره لهن الحلق لأنه بدعة في حقهن، وفيه مثلة، واختلفوا في قدر ما تقصره، فقال ابن عمر والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: تقصر من كل قرن مثل الأنملة. وقال قتادة: تقصر الثلث أو الربع، وقالت حفصة بنت سيرين: إن كانت عجوزًا من القواعد أخذت نحو الربع، وإن كانت شابة فلتقلل، وقال مالك: تأخذ من جميع قرونها أقل جزء ولا يجوز من بعض القرون – انتهى. وتراه نقل عن ابن المنذر الإجماع على أن النساء لا حلق عليهن في الحج ولو كان الحلق يجوز لهن لأمرن به في الحج، لأن الحلق نسك على التحقيق كما تقدم إيضاحه، وأما الأحاديث الواردة في ذلك فقد قال الزيلعي في نصب الراية (ج 3: ص 95) : في نهي النساء عن الحلق أحاديث، منها ما رواه الترمذي في الحج والنسائي في الزينة، فذكره وهو الذي نحن في شرحه، ثم قال: حديث آخر أخرجه البزار في مسنده فذكره من رواية عائشة مرفوعًا بلفظ حديث علي
مع الكلام عليه ثم قال: حديث آخر رواه البزار في مسنده أيضًا فذكره من رواية عثمان باللفظ المتقدم. قال الشنقيطي: وهذه الروايات التي ذكرنا في نهي المرأة عن حلق رأسها عن علي وعثمان وعائشة يعضد بعضها بعضًا كما تعتضد بما تقدم (يعني حديث ابن عباس في أن على النساء التقصير لا الحلق) وبما
.............................................................................................
ــ
سيأتي: وأما كون حلق المرأة رأسها ليس من عمل نساء الصحابة فمن بعدهم فهو أمر معروف لا يكاد يخالف فيه إلا مكابر، فالقائل بجواز الحلق للمرأة قائل بما ليس من عمل المسلمين المعروف. وفي الحديث الصحيح: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، فالحديث يشمل عمومه الحلق بالنسبة للمحرمة بلا شك. وإذا لم يبح لها حلقه في حال النسك فغيره من الأحوال أولى، وأما كون حلق المرأة رأسها تشبهًا بالرجال فهو واضح ولا شك أن الحالقة رأسها متشبهة بالرجال لأن الحلق من صفاتهم الخاصة بهم دون الإناث عادة، وقد ورد الحديث الصحيح في لعن المتشبهات من النساء بالرجال، وأما كون حلق رأس المرأة مثلة فواضح، لأن شعر رأسها من أحسن أنواع جمالها، وحلقه تقبيح لها وتشويه لخلقتها كما يدركه الحس السليم وعامة الذين يذكرون محاسن النساء في أشعارهم وكلامهم مطبقون على أن شعر المرأة الأسود من أحسن زينتها لا نزاع في ذلك بينهم في جميع طبقاتهم، وهو في أشعارهم مستفيض استفاضة يعلمها كل من له أدنى إلمام، ثم ذكر أمثلة لذلك من شعراء العرب كامرئ القيس والأعشى ميمون بن قيس وعمر بن أبي ربيعة وغيرهم، ثم قال: هذا كله يدل على أن حلق المرأة شعر رأسها نقص في جمالها وتشويه لها فهو مثلة، وبه تعلم أن العرف الذي صار جاريًا في كثير من البلاد بقطع المرأة شعر رأسها إلى قرب أصوله سنة إفرنجية مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين ونساء العرب قبل الإسلام فهو من جملة الانحرافات التي عمت البلوى بها في الدين والخلق والسمت وغير ذلك. فإن قيل: جاء من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على حلق المرأة رأسها وتقصيرها إياه، فما دل على الحلق فهو ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث وهب بن جرير، ثنا أبي سمعت أبا فزارة يحدث عن يزيد بن الأصم عن ميمونة ((أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالاً وبنى بها وماتت بسرف فدفناها في الظلة التي بنى بها فيها فنزلنا أنا وابن عباس، فلما وضعناها في اللحد مال رأسها فأخذت ردائي فوضعته تحت رأسها فأجتذبه ابن عباس فألقاه، وكانت قد حلقت رأسها في الحج، فكان رأسها محجمًا)) فهذا الحديث يدل على أن ميمونة حلقت رأسها ولو كان حرامًا ما فعلته، وأما التقصير فما رواه مسلم في صحيحه من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: دخلت على عائشة أنا وأخوها من الرضاع فسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة، فدعت بإناء قدر صاع، فاغتسلت وبيننا وبينها ستر، وأفرغت على رأسها ثلاثًا، قال: وكان أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة. فالجواب عن حديث ميمونة على تقدير صحته أن فيه أن رأسها كان محجمًا، وهو يدل على أن الحلق المذكور لضرورة المرض لتتمكن آلة الحجم من الرأس، والضرورة يباح لها ما لا يباح بدونها، وقد قال تعالى:{وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} (6: 119) انتهى. وقيل إن ميمونة إنما حلقت رأسها في الحج عند التحلل من الإحرام ولعل ذلك أن نهي النساء عن الحلق يكون عندها نهي إرشاد لا نهي حكم فحلقت رأسها اختيار منها لترك الزينة. قال الشنقيطي: وأما الجواب عن حديث مسلم فعلى القول بأن الوفرة أطول من اللمة التي هي ما ألم بالمنكبين من الشعر
..............................................................................................
ــ
فلا إشكال، لأن ما نزل عن المنكبين طويل طولاً يحصل به المقصود. قال النووي في شرح مسلم: والوفرة أشبع وأكثر من اللمة، واللمة ما يلم بالمنكبين من الشعر، قاله الأصعمي – انتهى كلام النووي. وأما على القول الصحيح المعروف عند أهل اللغة من أنها لا تجاوز الأذنين. قال في القاموس: والوفرة الشعر المجتمع على الرأس، وأما ما سال على الأذنين منه، أو ما جاوز شحمة الأذن، ثم الجمة ثم اللمة، وقال الجوهري في صحاحه: والوفرة الشعر إلى شحمة الأذن ثم الجملة ثم اللمة، وهي التي ألمت بالمنكبين – انتهى. فالجواب أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصرن رؤسهن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لأنهن كن يتجملن له في حياته، ومن أجمل زينتهن شعرهن، أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلهن حكم خاص بهن لا تشاركهن فيه امرأة واحدة من نساء جميع أهل الأرض، وهو انقطاع أملهن انقطاعًا كليًا من التزويج ويأسهن منه اليأس الذي لا يمكن أن يخالطه طمع فهن كالمعتدات المحبوسات بسببه إلى الموت. قال تعالى {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا إن ذلكم كان عند الله عظيمًا} واليأس من الرجال بالكلية قد يكون سببًا للترخيص في الإخلال بأشياء من الزينة لا تحل لغير ذلك السبب. وقال النووي في شرح مسلم في الكلام على هذا الحديث: قال عياض: المعروف أن نساء العرب إنما كن يتخذن القرون والذوائب، ولعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعلن هذا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لتركهن التزين واستغنائهن عن تطويل الشعر وتخفيفًا لمؤنة رؤسهن، وهذا الذي ذكره القاضي عياض من كونهن فعلنه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لا في حياته، كذا قاله أيضًا غيره (كالمازري والقرطبي والأبي) وهو متعين، ولا يظن بهن فعله في حياته صلى الله عليه وسلم، وفيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء – انتهى كلام النووي. قال الشنقيطي: وقوله ((فيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء)) فيه عندي نظر لما قدمنا من أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته لا يقاس عليهن غيرهن، لأن قطع طمعهن في الرجال بالكلية خاصة بهن دون غيرهن، وقد يباح له من الإخلال ببعض الزينة ما لا يباح لغيره حتى إن العجوز من غيرهن لتتزين للخطّاب، وربما تزوجت لأن كل ساقطة لها لاقطة، وقد يحب بعضهم العجوز كما قال القائل:
أبي القلب إلا أم عمرو وحبها _
…
عجوزًا ومن يحبب عجوزًا يفند
كثوب اليماني قد تقادم عهده _
…
ورقعته ما شئت في العين واليد
وقال الآخر:
ولو أصبحت ليلى تدب على العصا _
…
لكان هوى ليلى جديدًا أوائله
انتهى كلام الشنقيطي ببعض الاختصار. وقيل أيضًا في الجواب عن هذا الحديث أن المراد أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يقصرن شعورهن المسترسلة ويعقدنها على القفا أو على الرأس من غير أن يتخذنها قرونًا وضفائر فتكون كالوفرة في عدم مجاوزتها الأذنين كما يفعله كثير من العجائز والأيامى في عصرنا بل عامة النساء في حالة الاغتسال بعد غسل الرأس،
رواه الترمذي.
ــ
فإن الشعور الطويلة لو استرسلت على حالها فإيصال الماء إلى البدن المستور تحت الشعور المسترسلة لا يخلو عن كلفة ومشقة (رواه الترمذي) حديث علي رواه الترمذي في باب كراهية الحلق للنساء من كتاب الحج، والنسائي في باب النهي عن حلق المرأة رأسها من كتاب الزينة، قالا حدثنا محمد بن موسى الحرشي عن أبي داود الطيالسي عن همام عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها. ثم رواه الترمذي عن محمد بن بشار عن أبي داود الطيالسي عن همام عن خلاس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه مرسلاً أي لم يذكر فيه عن علي. وقال: حديث علي فيه اضطراب، وروي هذا الحديث عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها – انتهى. وحكى الزيعلي (ج 3: ص 95) كلام الترمذي هذا بلفظ: قال الترمذي: هذا حديث فيه اضطراب، وقد روي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً – انتهى. وإنما قال: مرسلاً أي منقطعًا لما حكى الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة قتادة (ج 8: ص 355) عن الحاكم أنه قال في ((علوم الحديث)) لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس. قال: وقد ذكر ابن أبي حاتم عن أحمد بن حنبل مثل ذلك، وقال أبو حاتم: قتادة عن أبي الأحوص مرسل، وأرسل عن أبي موسى وعائشة وأبي هريرة ومعقل بن يسار – انتهى. ثم قال الزيعلي: وقال عبد الحق في أحكامه: هذا حديث يرويه همام بن يحيى عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي، وخالفه هشام الدستوائي وحماد بن سلمة فروياه عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً انتهى. قال الحافظ في الدراية: رواته موثوقون إلا أنه اختلف في وصله – انتهى. وحاصل ما وقع في هذا الحديث من الاضطراب أنه اختلف أصحاب قتادة عليه فروى همام عنه عن خلاس عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أي جعله من مسند علي، وخالفه حماد بن سلمة فروى عن قتادة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعله من مسند عائشة وخالفهما هشام الدستوائي فرواه عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وكذا روي عن حماد بن سلمة عن قتادة مرسلاً أيضًا، واختلف أيضًا على همام فروى محمد بن موسى عن الطيالسي عن همام عن قتادة عن خلاس عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى محمد بن بشار عن الطيالسي عن همام عن خلاس نحوه مرسلاً ولم يذكر فيه عن علي. قلت: خلاس بن عمرو ثقة من رجال الستة غير أنه قال أبو داود ويحيى بن سعيد: لم يسمع خلاس من علي. وقال أحمد بن حنبل: روايته عن علي كتاب، وكذا قال يحيى بن سعيد وأبو حاتم والبخاري في تاريخه ولكن قال الجوزجاني والعقيلي: كان خلاس على شرطة علي، وقد سمع من عمار وعائشة وابن عباس كما في تهذيب التهذيب، وإذًا فسماعه عن علي ليس ببعيد، ومحمد بن موسى الحرشي عن الطيالسي عن همام سلسلة الرواة الثقات، فالرواية المسندة بذكر علي مقبولة معتبرة لا يضرها رواية من رواها مرسلة، وللحديث طريق آخر عند البزار يعتضد به. قال الزيلعي: حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن معلى بن عبد الرحمن الواسطي ثنا عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها. قال البزار: ومعلى بن
2678 – (10) وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس على النساء الحلق، إنما على النساء التقصير ". رواه أبو داود، والدارمي.
ــ
عبد الرحمن الواسطي روى عن عبد الحميد بأحاديث لم يتابع عليها، ولا نعلم أحدًا تابعه على هذا الحديث – انتهى. ورواه ابن عدي في الكامل وقال: أرجو أنه لا بأس به. قال عبد الحق: وضعفه أبو حاتم وقال: إنه متروك الحديث – انتهى. وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء: يروى عن عبد الحميد بن جعفر المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد – انتهى. وفي الباب أيضًا عن عثمان، قال الزيلعي: رواه البزار في مسنده من طريق روح بن عطاء بن أبي ميمونة عن أبيه عن وهب بن عمير قال سمعت عثمان يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها. قال البزار: ووهب بن عمير لا نعلمه روى غير هذا الحديث، ولا نعلم حدث عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة، وروح ليس بالقوي -انتهى. وقال الهيثمي بعد عزوه إلى البزار (ج 3: ص 263) : وفيه روح بن عطاء وهو ضعيف – انتهى. والحديثان وإن كانا ضعيفين لكنهما يصلحان للاستشهاد.
2678 – قوله (ليس على النساء الحلق) أي لا يجب عليهن الحلق في التحلل (إنما على النساء التقصير) أي إنما الواجب عليهن التقصير بخلاف الرجال، فإنه يجب عليهم أحدهما والحلق أفضل، قاله القاري. وفيه دليل على أن المشروع في حق النساء التقصير، وقد حكى الحافظ وغيره الإجماع على ذلك كما تقدم (رواه أبو داود) قال: حدثنا محمد بن الحسن العتكي ثنا محمد بن بكر ثنا ابن جريج قال: بلغني عن صفية بنت شيبة بن عثمان قالت أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان أن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلخ. ثم قال أبو داود: حدثنا أبو يعقوب البغدادي ثقة، ثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة عن صفية بنت شيبة قالت: أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان أن ابن عباس قال، إلخ (والدارمي) قال: أخبرنا علي بن عبد الله المديني ثنا هشام بن يوسف ثنا ابن جريج أخبرني عبد الحميد بن جبير عن صفية، إلخ. والحديث قد سكت عنه أبو داود والمنذري، وقال النووي في شرح المهذب: رواه أبو داود بإسناد حسن. وقال الحافظ في التلخيص: حديث ((ليس على النساء حلق وإنما يقصرن)) رواه أبو داود والدارقطني والطبراني من حديث ابن عباس وإسناده حسن، وقواه أبو حاتم في العلل والبخاري في التاريخ، وأعله ابن القطان، ورد عليه ابن المواق فأصاب – انتهى. قلت: قال الزيلعي في نصب الراية بعد ذكر هذا الحديث من رواية أبي داود: قال ابن القطان في كتابه: هذا ضعيف ومنقطع، أما الأول فانقطاعه من جهة ابن جريج قال: بلغني عن صفية فلم يعلم من حدثه به، وأما الثاني فقول أبي داود: حدثنا رجل ثقة يكنى أبا يعقوب وهذا غير كاف، وإن قيل: إنه أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم أبي إسرائيل فذاك رجل تركه الناس لسوء رأيه، وأما ضعفه فإن أم عثمان بنت أبي سفيان لا يعرف حالها – انتهى ما في
..............................................................................................
ــ
نصب الراية. قلت: حديث ابن عباس أقل درجاته الحسن، فقول النووي إنه حديث رواه أبو داود بإسناد حسن، وكذا قول من وافقه في تحسين إسناد الحديث وتقويته أصوب مما نقله الزيلعي عن ابن القطان وسكت عليه، فقول ابن جريج في رواية أبي داود ((بلغني عن صفية بنت شيبة)) تفسره الرواية التي بين فيها ابن جريج أن من بلغه عن صفية المذكورة هو عبد الحميد بن جبير بن شيبة وهو ثقة معروف وقد صرح في رواية الدارمي والدارقطني والبيهقي بما يدل على سماعه عن عبد الحميد بن جبير، وأما قول ابن القطان: أن أم عثمان بنت أبي سفيان لا يعرف حالها، ففيه قصور ظاهر جدًا، لأن أم عثمان المذكورة من الصحابيات المبايعات، قد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابن عباس كما في الاستيعاب والإصابة وأسد الغابة، فدعوى أنها لا يعرف حالها ظاهرة السقوط، وأما قول ابن القطان: أن توثيق أبي داود لأبي يعقوب غير كاف وأن أبا يعقوب المذكور إن قيل إنه إسحاق بن إبراهيم أبي إسرائيل فذاك رجل تركه الناس لسوء رأيه، فجوابه أن أبا يعقوب المذكور هو إسحاق بن أبي إسرائيل، واسم أبي إسرائيل، إبراهيم بن كامجرا المروزي نزيل بغداد، وقد وثقه أبو داود، وأثنى عليه غير واحد من أجلاء العلماء بالرجال، وقال فيه الذهبي في الميزان (ج 1: ص 85) : حافظ شهير، قال: ووثقه يحيى بن معين والدارقطني، وقال صالح جزرة: صدوق إلا أنه كان يقف في القرآن ولا يقول غير مخلوق، بل يقول ((كلام الله)) ويسكت. وقال فيه الحافظ في تهذيب التهذيب (ج 1: ص 223) : قال ابن معين: ثقة، وقال أيضًا: من ثقات المسلمين ما كتب حديثًا قط عن أحد من الناس إلا ما خطه هو في ألواحه أو كتابه، وقال أيضًا: ثقة مأمون أثبت من القواريري وأكيس، والقواريري ثقة صدوق، وليس هو مثل إسحاق، وذكر غير هذا من ثناء ابن معين عليه وتفضيله على بعض الثقات المعروفين، ثم قال: وقال الدارقطني: ثقة، وقال البغوي: كان ثقة مأمونًا إلا أنه كان قليل العقل، وثناء أئمة الرجال عليه في الحفظ والعدالة كثير مشهور، وإنما نقموا عليه أنه كان يقول: القرآن كلام الله ويسكت عندها ولا يقول غير مخلوق، ومن هنا جعلوه واقفيًا، وتكلموا في حديثه، كما قال فيه صالح جزرة: صدوق في الحديث إلا أنه يقول: القرآن كلام الله، ويقف. وقال الساجي: تركوه لموضع الوقف وكان صدوقًا. وقال أحمد: إسحاق بن إسرائيل واقفي مشئوم إلا أنه صاحب حديث كيس. وقال السراج: سمعته يقول: هؤلاء الصبيان يقولون: كلام الله غير مخلوق، ألا قالوا: كلام الله وسكتوا، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين عنه، فقال: ثقة. قال عثمان: لم يكن أظهر الوقف حين سألت يحيى عنه، ويوم كتبنا عنه كان مستورًا. وقال عبدوس النيسابوري: كان حافظًا جدًا، ولم يكن مثله في الحفظ والورع، وكان لقي المشائخ فقيل كان يتهم بالوقف؟ قال: نعم اتهم وليس بمتهم، وقال مصعب الزبيري: ناظرته فقال: لم أقل على الشك ولكني أسكت كما سكت القوم قبلي، والحاصل أنهم متفقون على ثقته وأمانته بالنسبة إلى الحديث إلا أنهم كانوا يتهمونه بالوقف. وقد رأيت قول من نفي عنه التهمة