الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متفق عليه.
(الفصل الثاني)
2714 – (12) عن ابن عمر، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين، والنقاب، وما مس الورس والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفر
ــ
أقوالهم فليرجع إلى العيني (ج 10: ص 152) والمغني (ج 3: ص 492، 493،494) وأضواء البيان (ج 5: ص 360 إلى 400) وفي الحديث من الفوائد أن السنة مبينة لمجمل الكتاب لإطلاق الفدية في القرآن وتقييدها بالسنة وتحريم حلق الرأس على المحرم والرخصة له في حلقها إذا آذاه القمل أو غيره من الأوجاع مع الكفارة المذكورة، وأن النسك ها هنا شاة، فلو تبرع بأكثر من هذا جاز، وفيه تلطف الكبير بأصحابه وعنايته بأحوالهم وتفقده لهم، وإذا رأى ببعض أصحابه ضررًا سأل عنه وأرشده إلى المخرج منه (متفق عليه) أخرجه البخاري في الحج والمغازي والتفسير والمرضى والطب والنذور، ومسلم في الحج، وأخرجه أيضًا مالك فيه، وأحمد (ج 4: ص 241، 242، 243، 244) والترمذي في الحج وفي التفسير وأبو داود والنسائي وابن ماجة في الحج، وأخرجه أيضًا الشافعي وابن الجارود والحميدي والبيهقي وغيرهم.
2714-
قوله (عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين) أي عن لبسهما في أيديهن (والنقاب) أي البرقع في وجوههن بحيث يماس بشرتهن، فيه دليل على منع المحرمة من لبس القفازين والنقاب، وهو الحق والصواب، وقد تقدم الكلام في ذلك (وما مس) أي وعما صبغه (الورس والزعفران من الثياب) تقدم الكلام في ذلك أيضًا (ولتلبس) قال الطيبي كأنه قال سمعته يقول: لا تلبس النساء القفازين والنقاب ولتلبس (بعد ذلك أي ما ذكر (ما أحبت من ألوان الثياب) أي أنواعها وأصنافها (معصفر) بالجر على أنه بدل من ألوان الثياب أي المصبوغ بالعصفر وهو بضم عين وسكون صاد مهملتين فضم فاء آخره راء، يقال له بالهندية ((كُسُمْ وكُسُنْبة)) قلت: قوله ((معصفر)) كذا في جميع نسخ المشكاة والمصابيح، وفي أبي داود ((معصفرًا)) بالنصب وهكذا ذكر المجد في المنتقى والنووي في شرح المهذب والحافظ في التخليص والبيهقي في السنن والزيلعي في نصب الراية، وفي المستدرك للحاكم ((من معصفر)) أي بزيادة ((من)) وكذا في جامع الأصول وفي الحديث دلالة على لبس الثوب المعصفر للمحرمة وإليه ذهب الشافعي وأحمد وكرهه مالك إذا كان ينتفض، ومنع منه الثوري وأبو حنيفة. قال الخرقي: لا بأس بما صبغ بالعصفر. قال ابن قدامة: إن العصفر ليس بطيب ولا بأس باستعماله وشمه ولا بما صبغ به، وهذا قول جابر وابن عمر وعبد الله بن جعفر وعقيل بن أبي طالب وهو مذهب الشافعي، وعن عائشة وأسماء وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنهن كن يحرمن في المعصفرات
أوخز أو حلي أو سروايل أو قميص أو خف. رواه أبو داود.
ــ
وكرهه مالك إذا ينتفض في بدنه ولم يوجب فيه فدية، ومنع منه الثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وشبهوه بالمورس والمزعفر لأنه صبغ طيب الرائحة فأشبه ذلك. قال: ولنا ما روى أبو داود بإسناده عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب – الحديث. وروى الإمام أحمد في المناسك بإسناده عن عائشة بنت سعد قالت: كنّا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم نحرم في المعصفرات، ولأن قول سمينا من الصحابة ولم نعرف لهم مخالفًا، ولأنه ليس بطيب فلم يكره ما صبغ به كالسواد والمصبوغ بالمغرة، وأما الورس والزعفران فإنه طيب بخلاف مسألتنا – انتهى. وقال الشنقيطي: الأظهر أن العصفر ليس بطيب مع أنه لا يجوز لبس المحرم ولا غيره للمعصفر، وقد تقدم حديث ابن عمر عند أبي داود يريد حديثه الذي نحن في شرحه، قال: وهو صريح في أن العصفر ليس بطيب، وعن ابن عباس قال:((كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يختضبن بالحناء وهن محرمات ويلبسن المعصفر وهن محرمات)) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه يعقوب بن عطاء وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وأما ما ورد من منع لبس المعصفر مطلقًا فهو محمول على الرجال فلا يجوز لهم لبس المعصفر في الإحرام ولا في غير الإحرام، وأما النساء فيجوز لهن مطلقًا. وأجاب الحنفية عن حديث ابن عمر هذا بأوجه: منها أنه محمول على معصفر مغسول لا يوجد منه رائحة، ومنها أن المراد بالمعصفر في الحديث ما يصبغ بالطين الأرمني كذا ذكره القاري، ولا يخفى ما فيه، ونحوه ما ذكره في البدائع أن المراد بالمعصفر المصبوغ بمثل العصفور كالمغرة ونحوها، ومنها ما قال ابن الهمام أن مبنى الخلاف على أن العصفر طيب الرائحة أم لا؟ فقلنا: نعم. فلا يجوز، قال: والنص المذكور ورد بمنع المورس وهو دون المعصفر في الرائحة فيمنع المعصفر بطريق أولى، قال: والجواب المحقق من حديث ابن عمر إن شاء الله أن نقول: ولتلبس بعد ذلك، إلخ. مدرج فإن المرفوع صريحًا هو قوله: سمعته ينهى عن كذا، وقوله ((ولتلبس بعد ذلك)) ليس من متعلقاته، ولا يصح جعله عطفًا على نهى لكمال الانفصال بين الخبر والإنشاء فكان الظاهر أنه مستأنف من كلام ابن عمر فتخلو تلك الدلالة عن المعارض الصريح أعني منطوق المورس ومفهومه الموافق فيجب العمل به – انتهى. وقد تقدم الجواب عن ذلك في كلام الطيبي والشنقيطي فتأمل (أو خَزّ) بفتح الخاء المعجمة والزاي المشددة، ثوب من إبريسم وصوف، وفي المغرب: الخز اسم دابة سمى المتخذ من وبرها خزًا (أو حلي) بفتح الحاء وإسكان اللام وبضم الحاء مع كسر اللام وتشديد الياء جمع حلي بالفتح، وهو ما تتحلى به المرأة من جلجل وسوار وخرص وتتزين به من ذهب أو فضة أو غيرهما من المعدنيات أو الحجارة الثمينة، قال الطيبي: جعل الحلي من الثياب تغليبًا أو أدخل في الثياب مجازًا لعلاقة إطلاق اللبس عليه في قوله تعالى: {وتستخرجون منه حلية تلبسونها} (سورة النحل، الآية 14)(رواه أبو داود وأخرجه أيضًا الحاكم (ج 1: ص 486) والبيهقي (ج 5: ص 52) وأخرجه أحمد (ج 2: ص 22) إلى قوله ((من
2715-
(13) وعن عائشة، قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا جازوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه.
ــ
الثياب)) وفي سنده عندهم جميعًا محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث، فالحديث حسن وقد سكت عنه أبو داود والحافظ في الفتح والتلخيص، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقرره الذهبي، وقال النووي في شرح المهذب: رواه أبو داود بإسناد حسن وهو من رواية محمد بن إسحاق صاحب المغازي، إلا أنه قال حدثني نافع عن ابن عمر، وأكثر ما أنكر على ابن إسحاق التدليس وإذا قال المدلس ((حدثني)) أحتج به على المذهب الصحيح المشهور – انتهى.
2715-
قوله (كان الركبان) بضم الراء جمع الراكب (يمرون بنا) أي علينا معشر النساء (محرمات) بالرفع على الخبرية أي مكشوفات الوجوه (فإذا جازوا بنا) كذا في بعض نسخ المشكاه، وهكذا وقع في السنن للبيهقي، وهو من الجواز بمعنى المرور أي مروا علينا وفي بعض النسخ ((جاوزوا بنا)) من المجاوزة، وهكذا وقع في جامع الأصول، أي أرادوا المجاوزة والمرور بنا ولفظ أبي داود ((حاذوا بنا)) بفتح الذال من المحاذاة بمعنى المقابلة، وهكذا وقع في مسند أحمد وفي القرى للطبري والمنتقي للمجد، وفي بعض نسخ أبي داود ((حاذونا)) وهكذا وقع في نسخة معالم السنن وفي السيل الجرار والمغني والتلخيص والمصابيح وهو الأظهر (سدلت) أي أرسلت (جلبابها) بكسر الجيم أي ملحفتها وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة إذا خرجت لحاجة، وقال الطبري: الجلباب هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها، وجمعه جلايب وقد يطلق على الإزار والملحفة (فإذا جاوزونا) أي تعدوا عنا وتقدموا علينا (كشفناه) أي أزلنا الجلباب، قال القاري: ولو جعل الضمير إلى الوجه لقرينة المقام فله وجه، والمعنى أنهن كن يسترن وجوههن إذا مر عليهن الرجال بجلابيبهن، فإذا أبعدوا عنهن كشفن وجوههن، وفي الحديث الرخصة للمرأة في ستر وجهها للحاجة كما فعلت عائشة ومن معها من النسوة وهن محرمات عند مرور الرجال عليهن. قال الخطابي: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى المحرمة عن النقاب فأما سدل الثوب على وجهها من رأسها فقد رخص فيه غير واحد من الفقهاء ومنعوها أن تلف الثوب أو الخمار على وجهها أو تشد النقاب أو تتلثم أو تتبرقع، وممن قال بأن للمرأة أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها عطاء ومالك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق، وهو قول محمد بن الحسن وقد علق الشافعي القول فيه أي على صحته – انتهى. وقال الشوكاني: استدل بهذا الحديث على أنه يجوز للمرأة إذا احتاجت إلى ستر وجهها بمرور الرجال قريبًا منها فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها لأن المرأة تحتاج إلى ستر وجهها فلم يحرم عليها ستره مطلقًا كالعورة لكن إذا سدلت يكون الثوب متجافيًا عن وجهها بحيث لا يصيب البشرة، هكذا قال أصحاب الشافعي وغيرهم، وظاهر الحديث خلافه لأن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة، فلو كان التجافي شرطًا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم -
رواه أبو داود، ولابن ماجة معناه.
2716-
(14) وعن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدهن بالزيت وهو محرم غير المقتت يعني غير المطيب.
ــ
انتهى. وقال ابن قدامة (ج 3: ص 326) : إذا احتاجت المرأة إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبًا منها فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها، روى ذلك عن عثمان وعائشة، وبه قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وإسحاق ومحمد بن الحسن، ولا نعلم فيه خلافًا، وذلك لحديث عائشة عند أبي داود والأثرم فذكر حديثها الذي نحن في شرحه قال: ولأن بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها فلم يحرم عليها ستره على الإطلاق كالعورة، وذكر القاضي أن الثوب يكون متجافيًا عن وجهها بحيث لا يصيب البشرة، فإن أصابها ثم زال أو أزالته بسرعة فلا شيء عليها كما لو أطارت الريح الثوب عن عورة المصلى ثم عاد بسرعة لا تبطل الصلاة، فإن لم ترفعه مع القدرة افتدت لأنها استدامت الستر، ولم أر هذا الشرط عن أحمد ولا هو في الخبر مع أن الظاهر خلافه فإن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة، فلو كان هذا شرطًا لبين، وإنما منعت المرأة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يعد لستر الوجه. قال أحمد: أنما لها أن تسدل على وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل، كأنه يقول إن النقاب من أسفل على وجهها – انتهى (رواه أبو داود) أي بهذا اللفظ وأخرجه أيضًا أحمد (ج 6: ص 30) والبيهقي وابن خزيمة كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة، وقد سكت عنه أبو داود، وقال المنذري: ذكر شعبة ويحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين أن مجاهدًا لم يسمع من عائشة، وقال أبو حاتم الرازي: مجاهد عن عائشة مرسل، وقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث مجاهد عن عائشة أحاديث، وفيها ما هو ظاهر في سماعه منها وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وقد تكلم فيه غير واحد، وأخرج له مسلم في جماعة غير محتج به _ انتهى. وقال الحافظ في التخليص: وقال ابن خزيمة: في القلب من يزيد بن أبي زياد، ولكن ورد من وجه آخر من طريق ثم أحرج من طريق فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر وهي جدتها نحوه، وصححه الحاكم، وقال في الفتح بعد ذكر حديث عائشة: أخرجه ابن المنذر من طريق مجاهد عنها، وفي إسناده ضعف. وقال الشوكاني: يزيد بن أبي زياد المذكور قد أخرج له مسلم أي مقرونًا. في الخلاصة عن الذهبي أنه صدوق رديء الحفظ، قلت: وقال ابن معين: ضعيف الحديث لا يحتج بحديث، وقال أبو داود: لا أعلم أحدًا ترك حديثه وغيره أحب إلى منه، كذا في تهذيب الحافظ.
2716-
قوله (كان يدهن) بتشديد الدال (غير المقتت) بقاف وتائين مثناتين فوقيتين الأولى مشددة من التقتيت حال من الزيت أو صفة له، وهو الذي يطبخ فيه الرياحين حتى يطيب ريحه، قال في القاموس زيت مقتت، طبخ فيه الرياحين أو خلط بأدهان طيبة – انتهى (يعنى) هو كلام بعض الرواة يعنى يريد ابن عمر بغير المقتت (غير المطيب)
..............................................................................................
ــ
وفي الحديث دلالة على جواز الإدهان بالزيت الذي لم يخلط بشيء من الطيب، لكن الحديث ضعيف كما ستعرف، ويستدل بمفهومه على أنه لو كان مطيبًا لم يجز الإدهان به قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والسمن والشيرج وأن يستعمل ذلك في جميع بدنه سوى رأسه ولحيته. قال: وأجمعوا على أن الطيب لا يجوز استعماله في بدنه ففرقوا بين الطيب والزيت في هذا. قال الحافظ: فقياس كون المحرم ممنوعًا من استعمال الطيب في رأسه أن يباح له استعمال الزيت في رأسه – انتهى. قلت: في نقل الإجماع على جواز استعمال الزيت ونحوه في جميع البدن نظر، فكلام الحنفية والمالكية يدل على أن الإدهان ممنوع عندهم، ففي الهداية: ولا يمس طيبًا لقوله عليه السلام: الحاج الشعث التفل، وكذا لا يدهن لما روينا – انتهى. قال ابن الهمام: والشعث انتشار الشعر وتغيره لعدم تعهده، فأفاد منع الإدهان – انتهى. وقال القاري في شرح المناسك: إن ادهن بدهن غير مطيب كالزيت الخالص وأكثر منه فعليه دم عند أبي حنيفة وصدقة عندهما، وروي عنه مثل قولهما وإن استقل منه فعليه صدقة اتفاقًا، هذا إذا استعمله على وجه الطيب، أما إذا استعمله على وجه التداوي أو الأكل فلا شيء عليه اتفاقًا. ولو ادهن بسمن أو شحم أو ألية أو أكله فلا شيء عليه، ولا فرق بين الشعر والجسد في الدهن – انتهى. وفي البدائع: لو ادهن بدهن فإن كان الدهن مطيبًا فعليه دم إذا بلع عضوًا كاملاً، وإن كان غير مطيب بأن ادهن بزيت فعليه دم في قول أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد عليه صدقة ولو داوى بالزيت جرحه أو شقوق رجليه فلا كفارة عليه لأنه ليس بطيب بنفسه. وإن كان أصل الطيب لكنه ما استعمله على وجه الطيب فلا يجب به الكفارة بخلاف ما إذا تداوى بالطيب أنه تجب به الكفارة لأنه طيب في نفسه فيستوي فيه استعماله للتطيب أو لغيره، وإن ادهن بشحم أو سمن فلا شيء عليه لأنه ليس بطيب في نفسه، ولا أصل للطيب بدليل أنه لا يطيب بإلقاء الطيب فيه ولا يصير طيبًا بوجه، وقد قال أصحابنا: إن الأشياء التي تستعمل في البدن على ثلاثة أنواع: نوع هو طيب محض معد للتطيب كالمسك ونحوه فتجب به الكفارة على أي وجه استعمل حتى قالوا لو داوى عينه بطيب تجب عليه الكفارة، ونوع ليس بطيب بنفسه وليس فيه معنى الطيب ولا يصير طيبًا بوجه كالشحم فسواء أكل أو ادهن به أو جعل في شقوق الرجل لا تحب الكفارة، ونوع ليس بطيب بنفسه لكنه أهل الطيب يستعمل على وجه الطيب ويستعمل على وجه الإدام كالزيت والشيرج فيعتبر فيه الاستعمال، فإن استعمل استعامل الإدهان في البدن يعطى له الحكم الطيب، وإن استعمل في مأكول أو شقاق رجل لا يعطى له الحكم الطيب كالشحم – انتهى. وقال في اللباب: لا فرق بين الشعر والجسد في الدهن. وقال الباجي: الإدهان بعد الإحرام وقبل وجود شيء من التحلل ممنوع بدهن مطيب وغير مطيب، وروى ابن حبيب عن الليث إباحة ذلك بكل ما يجوز له أكله من الأدهان، وقال: أنه قول عمر وعلي، فإن فعل شيئًا من ذلك فقد روى ابن حبيب عن مالك أن عليه الفدية، واختار ابن حبيب أن لا فدية
......................................................................................
ــ
عليه - انتهى. وقال في موضع آخر: استعمال الدهن الذي ليس بمطيب يكون في ثلاثة مواضع: أحدهما أن يستعمله في باطن جسده بأن لا يظهر منه كتقطيره في الأذن والاستسعاط به والمضمضة فإن هذا كله جائز للمحرم أن يفعله ولا شيء عليه فيه لأنه بمنزلة أكله وهو الذي ذكره مالك في الموطأ (في باب ما يجوز للمحرم أن يفعله) والثاني أن يستعمله في ظاهر بدنه غير باطن يديه وقدميه، فإن فعل فهذا ممنوع، وعليه الفدية عند مالك وجميع أصحابه. قال ابن حبيب: وقد روى إباحة ذلك، وبه أخذ الليث. وجه قول مالك أنه إزالة شعث لأنه مما يفعل للجمال والتنظف، وإن دهن بطون قدميه أو يديه لشقوق بهما فلا بأس بذلك، وإن فعل ذلك لغير علة فعليه الفدية، ووجه ذلك أنهما ظاهران ظهور سائر الأعضاء فإذا لم يقصد بدهنهما دفع مضرة فلا غرض في ذلك غير تحسين ظاهر الجسد وإزالة الشعث فوجبت بذلك الفدية، وإن قصد بذلك دفع المضرة أو القوة على العمل فلا فدية في ذلك لأنهما وإن ظهرا فإنهما باطنان من ظاهر الجسد ويختصان بالعمل وبذلك فارقا سائر الأعضاء من الجسد - انتهى. وقال النووي في المناسك: أما الأدهان فضربان دهن هو طيب، ودهن ليس بطيب كالزيت والشيرج والسمن فلا يحرم الإدهان به في غير الرأس واللحية، وأما ما هو طيب كدهن الورد والبنفسج فيحرم استعماله في جميع البدن والثياب، ثم قال في مبحث شعر الرأس واللحية: يحرم عليه دهنهما بكل دهن سواء كان مطيبًا أو غير مطيب كالزيت ودهن الجوز واللوز ولو دهن الأقرع رأسه بهذا الدهن فلا بأس به. وكذا لو دهن الأمرد ذقنه فلا بأس، ولو دهن محلوق الشعر رأسه عصى على الأصح ولزمه الفدية (بناء على أن الشعر إن نبت جمله ذلك الدهن الذي جعل عليه وهو محلوق، والوجه الثاني لا فدية، لأنه لا يزول به شعث، واختاره المزني وغيره) وقال ابن قدامة (ج 3: ص 322) : أما المطيب من الأدهان كدهن الورد والبنفسج فليس في تحريم الإدهان به خلاف في المذهب، وأما ما لا طيب فيه كالزيت والشيرج والسمن والشحم ودهن ألبان الساذج فقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسئل عن المحرم يدهن بالزيت والشيرج؟ فقال: نعم يدهن به إذا احتاج إليه ويتداوى المحرم. قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن للمحرم أن يدهن بدنه بالشحم والزيت والسمن، ونقل الأثرم جواز ذلك عن ابن عباس وأبي ذر والأسود بن يزيد، ونقل أبو داود عن أحمد أنه قال: الزيت الذي يؤكل لا يدهن المحرم به رأسه، فظاهر أنه لا يدهن رأسه بشيء من الأدهان، وهو قول عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، لأنه يزيل الشعث ويسكن الشعر، فأما دهن سائر البدن فلا نعلم عن أحمد فيه منعًا وقد ذكرنا إجماع أهل العلم على إباحته في اليدين (1) ، وإنما الكراهة في الرأس خاصة لأنه محل الشعر. وقال القاضي في إباحته في جميع البدن روايتان، فإن فعله فلا فدية فيه في ظاهر كلام أحمد سواء دهن رأسه أو غيره إلا أن
(1) كهذا في الأصل، والظاهر عندي (البدن) .