الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاض في الرحمة برجليه كخائض الماء برجليه ". رواه ابن ماجة
(4) باب الوقوف بعرفة
(الفصل الأول)
2616 -
(1) عن محمد بن أبي بكر الثقفي، أنه سأل أنس بن مالك،
ــ
في حالة الطواف، وإنما كرر ((من طاف)) ليناط به غير ما نيط به أولاً، وليبرز المعقول في صورة المشاهد المحسوس قاله الطيبي. وقال الشيخ الدهلوي في اللمعات بعد ذكر كلام الطيبي: ويمكن أن يكون معناه تكلم بكلام الناس دون ما ذكر من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير مقابلاً لقوله ((ولا يتكلم إلا بسبحان الله)) أي لا يتكلم إلا بذكر الله فيكون مقابله أن يتكلم بغير ذكر الله، ومع ذلك يكون له ثواب لكنه يكون كالخائض في الرحمة برجليه وأسفل بدنه لكونه عاملاً وعابدًا به ولا يبلغ الرحمة إلى أعلاه لكونه متكلمًا بغير ذكر الله، وإذا لم يتكلم إلا بذكر الله يستغرق في بحر الرحمة من قدمه إلى رأسه ومن أسفله إلى أعلاه، هكذا يختلج في القلب معنى الحديث - انتهى. وهكذا حمل السندي وابن حجر الهيثمي قوله ((ومن طاف فتكلم)) على الكلام المباح فقال ابن حجر: أي من تكلم بغير ذلك الذكر من الكلام المباح، فيه الإشارة بأن الثواب الحاصل دون الأول بواسطة تكلمه في طوافه بغير الذكر، لأن ذلك مناف لكمال الأدب وإيقاع العبادة بغير وجهها - انتهى. قال القاري: والأول أي كلام الطيبي أظهر لأنه قد تقدم نهيه عليه الصلاة والسلام عن الكلام المباح بقوله فلا يتكلمن إلا بخير فيكون مكروهًا (إلى آخر ما قال) ثم قال: وأقول - والله تعالى أعلم - إن الظاهر المتبادر في معناه أن يقال ومن طاف فتكلم أي بغير هذه الكلمات كسائر الأذكار فيفيد التقييد حينئذ زيادة مثوبات هذه الكلمات فإنهن الباقيات الصالحات - انتهى. (رواه ابن ماجة) قد تقدم أن حديث أبي هريرة هذا وحديثه الأول المذكور هنا ساقهما ابن ماجة بإسناد واحد، وكان الأولى للمؤلف أن يقول بعد ذكرهما ((رواهما ابن ماجة)) . وفي ذكر الله في الطواف وفضل الطواف أحاديث ذكرها الشوكاني في النيل والطبري في القرى والقاري في المرقاة وغيرهم في كتب المناسك، فمن شاء الوقوف رجع إليها.
(باب الوقوف) أي الحضور (بعرفة) أي ولو ساعة في وقت الوقوف. قال الطيبي: هي اسم لبقعة معروفة - انتهى. فالجمع في قوله تعالى: {فإذا أفضتم من عرفات} (2: 198) باعتبار أجزائها وأماكنها وتعدد محال الوقوف فيها، وتقدم وجه تسميتها بها، وارجع لمعرفة حدها والمسافة بينها وبين مكة إلى شفاء الغرام وغيره من الكتب المؤلفة في تاريخ مكة.
2616 -
قوله (عن محمد بن أبي بكر الثقفي) نسبة إلى ثقيف، بالمثلثة والقاف، قبيلة بالطائف. وهو محمد بن
وهما غاديان من منى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان يهل منَّا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر منَّا فلا ينكر عليه.
ــ
أبي بكر بن عوف بن رباح الثقفي الحجازي ثقة تابعي. قال الحافظ في تهذيب التهذيب: روى عن أنس في التهليل والتكبير في الغدو من منى إلى عرفات، وعنه موسى بن عقبة ومالك وشعبة وغيرهم. قال النسائي: ثقة، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة – انتهى مختصرًا. وقال في شرح البخاري: ليس لمحمد المذكور في الصحيح عن أنس ولا غيره غير هذا الحديث الواحد، وقد وافق أنسًا على روايته عبد الله بن عمر أخرجه مسلم (وهما غاديان) جملية اسمية حالية، ((وغاديان)) بالغين المعجمة اسم فاعل من غدا يغدو غدوًا، أي ذاهبان غدوة (كيف كنتم تصنعون) أي من الذكر في الطريق (في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن أبي بكر: قلت لأنس غداة عرفة: ما تقول في التلبية في هذا اليوم؟ (فقال) أي أنس (كان يهل) أي يلبي (منا المهل) أي الملبي أو الحرم (فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه) قال العيني: قوله ((لا ينكر)) على صيغة المعلوم في الموضعين والضمير المرفوع فيه للنبي صلى الله عليه وسلم – انتهى. وضبطه الحافظ في الفتح بضم أوله على البناء للمجهول، أي لا ينكر عليه أحد فيقيد التقرير منه صلى الله عليه وسلم والإجماع السكوتي من الصحابة رضي الله عنهم. قال الحافظ: في رواية موسى بن عقبة ((فمنا المكبر ومنا المهلل، ولا يعيب أحدنا على صاحبه)) وفي حديث ابن عمر من طريق عبد الله بن أبي سلمة عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه: غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر، وفي رواية له قال يعني عبد الله بن أبي سلمة: فقلت له يعني لعبيد الله: عجبًا لكم كيف لم تقولوا له: ماذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال الحافظ: وأراد عبد الله ابن أبي سلمة بذلك الوقوف على الأفضل، لأن الحديث يدل على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره لهم صلى الله عليه وسلم على ذلك فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل من الأمرين وقد بينه ما رواه أحمد وابن أبي شيبة والطحاوي من طريق مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله أي ابن مسعود: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير. قال النووي: في الحديث دليل على استحباب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات يوم عرفة والتلبية أفضل. وفيه رد على من قال بقطع التلبية بعد صبح يوم عرفة. وقال الطيبي: هذا رخصة ولا حرج في التكبير بل يجوز كسائر الأذكار، ولكن ليس التكبير في يوم عرفة من سنة الحجاج، بل السنة لهم التلبية إلى رمي جمرة العقبة يوم النحر، وحكى المنذري أن بعض العلماء أخذ بظاهره لكنه لا يدل على فضل التكبير على التلبية، بل على جوازه فقط، لأن غاية ما فيه تقريره صلى الله عليه وسلم على التكبير، وذلك لا يدل على استحبابه، فقد قام الدليل الصريح على أن التلبية حينئذٍ أفضل لمدوامته صلى الله عليه وسلم عليها. وقال العيني: التكبير المذكور نوع من الذكر أدخله الملبي في خلال التلبية من غير ترك التلبية، لأن المروي عن الشارع أنه
متفق عليه.
2617 – (2) وعن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نحرت ها هنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم،
ــ
لم يقطع التلبية حتى رمي جمرة العقبة. وقال الخطابي: السنة المشهورة فيه أن لا يقطع التلبية حتى يرمي أو حصاة من جمرة العقبة يوم النحر، وعليها العمل. وأما قول أنس هذا فقيد يحتمل أن يكون تكبير المكبر منهم شيئًا من الذكر يدخلونه في خلال التلبية الثابتة في السنة من غير ترك التلبية – انتهى. قلت: حديث عبد الله بن مسعود المذكور سابقًا نص فيما قاله العيني والخطابي. وقد ترجم البخاري لحديث أنس في العيدين ((باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة)) قال الحافظ: قوله ((ويكبر المكبر فلا ينكر عليه)) هذا موضع الترجمة وهو متعلق بقوله فيها ((وإذا غدا إلى عرفة)) وظاهره أن أنسًا احتج به على جواز التكبير في موضع التلبية، ويحتمل أن يكون من كبر، أضاف التكبير إلى التلبية – انتهى. قلت: بل هذا هو المتعين لما سيأتي، ثم ترجم البخاري لحديث أنس أيضًا في الحج ((باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة)) قال الحافظ: أي مشروعيتهما، وغرضه بهذه الترجمة الرد على من قال: يقطع المحرم التلبية إذا راح إلى عرفة، ثم عقد بعد أربعة عشر بابًا ((باب التلبية والتكبير غداة النحر حتى يرمي)) قال الحافظ: المعتمد أنه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه كما جرت به عادته، فعند أحمد (ج 1: ص 417) وابن أبي شيبة والطحاوي من طريق مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير (متفق عليه) أخرجه البخاري في العيدين وفي الحج، ومسلم في الحج، وأخرجه أيضًا مالك وأحمد والنسائي وابن ماجه والدارمي والبيهقي (ج 5: ص 117) .
2617 – قوله (نحرت ها هنا) إشارة إلى مكان مخصوص في منى نحر فيه، وكذا في عرفات وجمع، والجمع علم للمزدلفة، والظاهر أنه قال كلا من هذه الكلمات في مكانه وجمعها الراوي كذا في اللمعات. وقال ابن حجر: نحرت ها هنا. أي في محل نحره المشهور، وقد بني عليه بناءان كل منهما يسمى مسجد النحر، أحدهما على الطريق والآخر منحرف عنها. وقيل وهو الأقرب من الوصف الذي ذكروه بمحل نحره عليه الصلاة والسلام (ومنى) مبتدأ (كلها) أي كل مواضعها، تأكيد (منحر) أي محل نحر، وهو خبر المبتدأ، والمقصود أن النحر لا يختص بمنحره عليه الصلاة والسلام وهو قريب من مسجد الخيف. قال الشوكاني: قوله ((منى كلها منحر)) يعني كل بقعة منها يصح فيها، وهو متفق عليه، لكن الأفضل النحر في المكان الذي نحر فيه النبي صلى الله عليه وسلم، كذا قال الشافعي، ومنحر النبي صلى الله عليه وسلم هو عند الجمرة الأولى التي تلي مسجد منى، كذا قال ابن التين. وحد منى من وادي محسر إلى العقبة (فانحروا في رحالكم) المراد بالرحال المنازل
ووقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف. رواه مسلم.
2618 – (3) وعن عائشة، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة،
ــ
قال أهل اللغة: رحل الرجل منزله سواء كان من حجر أو مدر أو شعر أو وبر، ومعنى الحديث: كل منى موضع نحر وذبح للهدايا المتعلقة بالحج فلا تتكلفوا النحر في موضع نحري، بل يجوز لكم النحر في منازلكم من منى (ووقفت ها هنا) أي قرب الصخرات (وعرفة كلها موقف) أي يصح الوقوف فيها إلا بطن عرنة، وقد أجمع العلماء على أن من وقف في أي جزء كان من عرفات صح وقوفه. ولها أربعة حدود: حد إلى جادة طريق المشرق، والثاني إلى مسافات الجبل الذي وراء أرضها، والثالث إلى البساتين التي تلي قرنيها على يسار مستقبل الكعبة. والرابع وادي عرنة وليست هي ولا نمرة من عرفات ولا من الحرم (ووقفت ها هنا) أي عند المشعر الحرام بمزدلفة، وهو البناء الموجود بها الآن، قاله القاري. (وجمع) أي المزدلفة (كلها موقف) أي إلا وادي محسر، قال النووي: في هذه الألفاظ بيان رفق النبي صلى الله عليه وسلم بأمته وشفقته عليهم في تنبيههم على مصالح دينهم ودنياهم فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر لهم الأكمل والجائز، فالأكمل موضع نحره ووقوفه، والجائز كل جزء من أجزاء المنحر، وجزء من أجزاء عرفات، وجزء من أجزاء المزدلفة، وهي جمع – بفتح الجيم وإسكان الميم – وقد سبق بيانها. (رواه مسلم) وأخرجه أيضًا أحمد وأبو داود والبيهقي (ج5: ص 115) .
2618-
قوله (ما من يوم) من زائدة (أكثر) بالنصب وقيل بالرفع (من) زائدة أيضًا (أن يعتق الله فيه عبدًا) زاد في رواية النسائي ((أو أمة)) قال السندي في حاشية النسائي: قوله ((أكثر من أن يعتق)) أي أكثر من جهة الإعتاق وبملاحظته، فليست هذه من تفضيلية وإنما التفضيلية من التي في قوله ((من يوم عرفة)) (من النار) متعلق بيعتق (من يوم عرفة) أي بعرفات. قال الطيبي: ما بمعنى ليس، واسمه ((يوم)) و ((من)) زائدة – انتهى. قال القاري: فتقديره: ما من يوم أكثر إعتاقًا فيه الله عبدًا من النار من يوم عرفة – انتهى. وقال السندي في حاشية ابن ماجة: ((أكثر)) جاء بالنصب على أنه خبر ما العاملة على لغة الحجاز، وبالرفع على إبطال عمل ما على وجهين ((أن يعتق)) فاعل اسم التفضيل، ويحتمل على تقدير الرفع أن يجعل ((أن يعتق)) مبتدأ خبره ((أكثر)) والجملة خبر ((ما)) وتجويز فتحة ((أكثر)) على أنه صفة يوم محمول على لفظه إلا أنه جر بالفتحة لكونه غير منصرف، وتجويز رفعه على أنه صفة له حمل له على محله أو على أنه خبر لما بعده والجملة صفة، فذاك يحوج إلى تقدير خبر مثل موجود بلا حاجة إليه انتهى -. وقال الأبي: ما نافية وتدخل على المبتدأ والخبر، وللعرب فيها مذهبان، فالحجازيون (والتهاميون والنجديون) يرفعون بها المبتدأ الاسم وينصبون الخبر، والتميميون يرفعون بها الاسمين. قال النووي: روينا الحديث بنصب أكثر على أن ما حجازية، وبرفعه على أنها تميمية ومن زائدة، والتقدير
وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء ". رواه مسلم.
ــ
((ما يوم أكثر)) والمجروران بعده مبنيان، فمن يوم عرفة، مبين للأكثرية مما هي، و ((من أن يعتق)) مبين للمبين. قال: والحديث ظاهر الدلالة في فضل يوم عرفة وهو كذلك. ولو قال رجل ((امرأتي طالق في أفضل الأيام)) فلأصحابنا وجهان، أحدهما: تطلق يوم الجمعة لقوله صلى الله عليه وسلم: ((خير يوم طلعت في الشمس يوم الجمعة)) والثاني: وهو الأصح أنها تطلق يوم عرفة لهذا الحديث، ويتأول حديث يوم الجمعة على أن معناه أنه أفضل أيام الأسبوع. قيل الحديث يدل على فضل يوم عرفة لا على أنه أفضل لما ثبت من أن المفضول قد يختص بخاصية ليست في الأفضل ولا يكون بسبب تلك الخاصية أفضل، فأكثرية العتق فيه لا تدل على أنه أفضل. وأيضًا فإنما دل على أنه لا يكون العتق في غيره أكثر، وذلك لا يدل على نفي المساواة إلا أن يضاف إلى ذلك ما يقع فيه من المباهاة، سلمنا أن أكثرية العتق تدل على أنه أفضل، لكن أفضل من الأيام التي يقع فيها العتق، لا أنه أفضل الأيام مطلقًا، فتأمل (وإنه) أي سبحانه وتعالى (ليدنو) قال المازري: أي تدنو رحمته وكرامته لا دنو مسافة ومماسة، وقال القاضي: وقد يريد دنو الملائكة إلى الأرض أو إلى السماء بما ينزل معهم من الرحمة عن أمره سبحانه وتعالى. وقال التوربشتي: أي يدنو منهم في موقفهم بفضله ورحمته وفي تخصيص لفظ الدنو تنبيه على كمال القرب لأن الدنو من أخص أوصاف القرب (ثم يباهي بهم) أي بالحجاج (الملائكة) قال بعضهم: أي يظهر على الملائكة فضل الحجاج وشرفهم. وقال التوربشتي: المباهاة هو المفاخرة وهي موضوعة للمخلوقين فيما يترفعون به على أكفاءهم، وتعالى الله الملك الحق عن التعزز بما اخترعه ثم تعبده، وإنما هو من باب المجاز أي يحلهم من قربه وكرامته بين أولئك الملأ محل الشيء المباهى به. ويحتمل أن يكون ذلك في الحقيقة راجعًا إلى أهل عرفة أي ينزلهم من الكرامة منه منزلة يقتضي المباهاة بينهم وبين الملائكة، وإنما أضاف العمل إلى نفسه تحقيقًا لكون ذلك عن موهبته، والله أعلم – انتهى. قلت: الحديث محمول على ظاهره من غير تأويل وتكييف كما هو مذهب السلف الصالح في النزول والعلو وغيرهما من الصفات من إمرارها على ظاهرها وتفويض الكيفية إلى علمه سبحانه وتعالى، فالدنو والمباهاة معناهما معلوم، والكيفية مجهولة، فنقول: إنه تعالى يدنو من عباده عشية عرفة بعرفات ويباهي بهم الملائكة كيف يشاء (فيقول: ما أراد هؤلاء؟) قال القاري: أي أي شيء أراد هؤلاء حيث تركوا أهلهم وأوطانهم وصرفوا أموالهم وأتعبوا أبدانهم أي ما أرادوا إلا المغفرة والرضاء والقرب واللقاء، ومن جاء هذا الباب لا يخشى الرد، أو التقدير: ما أراد هؤلاء فهو حاصل لهم ودرجاتهم على قدر مراداتهم ونياتهم. أو أي شيء أراد هؤلاء؟ أي شيئًا سهلاً يسيرًا عندنا إذ مغفرة كف من التراب لا يتعاظم عند رب الأرباب – انتهى. قال الأبي: لما كان الاستفهام على الله تعالى محالاً تأولوه بذلك، ويحتمل أنه استنطاق. (رواه مسلم) وأخرجه أيضًا النسائي وابن ماجه والحاكم (ج 1: ص 464) والبيهقي (ج 5: ص 118) .