المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

2771 – (19) وعن سهل بن سعد، قال: قال رسول - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٩

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(2) باب قصة حجة الوداع

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(3) باب دخول مكة والطواف

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(4) باب الوقوف بعرفة

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(5) باب الدفع من عرفة والمزدلفة

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(6) باب رمي الجمار

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(7) باب الهدي

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(8) باب الحلق

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(9) باب

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(10) باب خطبة يوم النحر، ورمي أيام التشريق، والتوديع

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(11) باب ما يجتنبه المحرم

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(12) باب المحرم يجتنب الصيد

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(13) باب الإحصار، وفوت الحج

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(14) باب حرم مكة حرسها الله تعالى

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(15) باب حرم المدينة حرسها الله تعالى

- ‌(الفصل الأول)

- ‌(الفصل الثاني)

- ‌(الفصل الثالث)

الفصل: 2771 – (19) وعن سهل بن سعد، قال: قال رسول

2771 – (19) وعن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحد جبل يحبنا ونحبه ". رواه البخاري.

(الفصل الثاني)

2772 – (20) عن سليمان بن أبي عبد الله، قال: رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلاً يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلبه ثيابه، فجاء مواليه فكلموه فيه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم هذا الحرم، وقال:" من أخذ أحدًا يصيد فيه فليسلبه ". فلا أرد عليكم

ــ

2771 – قوله (وعن سهل بن سعد) تقدم ترجمته في الجزء الأول (ص 166)(أحد جبل يحبنا ونحبه) تقدم وجه تخصيصه بالذكر في كلام السهيلي. وقال القاري: لعل وجه تخصيصه بالذكر لتحركه به سرورًا لما رقى عليه مع أصحابه الثلاثة فقال له " اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ". (رواه البخاري) في باب خرص التمر من كتاب الزكاة تعليقًا إذ قال: وقال سليمان (بن بلال) عن سعد بن سعيد عن عمارة بن غزية عن عباس (بن سهل بن سعد) عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أحد جبل يحبنا ونحبه ". قال الحافظ: وصله أبو علي بن خزيمة في فوائده، وفي الباب عن أبي حميد الساعدي عند أحمد والبخاري ومسلم وعن سويد بن عامر الأنصاري عند أحمد والطبراني في الكبير والضياء في المختارة.

2772 – قوله (عن سليمان بن أبي عبد الله) قال الحافظ في تهذيب التهذيب: روى عن سعد وأبي هريرة وصهيب وعنه يعلى بن حكيم الثقفي، قال أبو حاتم: ليس بالمشهور فيعتبر حديثه، وذكره ابن حبان في الثقات، روى له أبو داود حديثًا واحدًا في حرم المدينة، قلت: قال البخاري وأبو حاتم: أدرك المهاجرين والأنصار، وقال في التقريب عنه: مقبول من الثالثة، أي الطبقة الوسطى من التابعين (أخذ رجلاً) أي عبدًا (فسلبه ثيابه) بدل اشتمال أي أخذ ما عليه من الثياب (فجاء مواليه فكلموه فيه) أي في شأن العبد ورد سلبه (حرم هذا الحرم) قال الطيبي: دل على أن سعدًا اعتقد أن تحريمها كتحريم مكة (وقال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (من أخذ) كذا في المشكاة والمصابيح وجامع الأصول والمنتقى للمجد بن تيمية، وهكذا وقع في بعض نسخ أبي داود وفي بعضها وجد بدل أخذ (أحدًا يصيد فيه فليسلبه) زاد في بعض نسخ أبي داود ((ثيابه)) ولفظ أحمد ((من رأيتموه يصيد فيه شيئًا فلكم سلبه)) وقوله ((فليسلبه ثيابه)) ظاهر في أنها تؤخذ ثيابه جميعها، وقال الماوردي: يبقى له ما يستر عورته، وصححه النووي، واختاره جماعة من أصحاب الشافعي (فلا أرد عليكم

ص: 545

طعمة أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه. رواه أبو داود.

2773 – (21) وعن صالح مولى لسعد، أن سعدًا وجد عبيدًا من عبيد المدينة

ــ

طعمة) بضم الطاء وكسرها ومعنى الطعمة الأكلة، وأما الكسر فجهة الكسب وهيئته، قاله الشوكاني. وقال القاري: طعمة بالضم أي رزقًا (ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه) أي تبرعًا، قاله الطيبي. وفي رواية لأحمد ((إن شئتم أن أعطيكم ثمنه أعطيتكم، قال الشوكاني: وبقصة سعد هذه احتج من قال: إن من صاد من حرم المدينة أو قطع من شجرها أخذ سلبه. وهو قول الشافعي في القديم. قال النووي: وبهذا قال سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة – انتهى. وقد حكى ابن قدامة عن أحمد في إحدى الروايتين القول به. قال: وروى ذلك عن ابن أبي ذئب وابن المنذر – انتهى. وهذا يرد على القاضي عياض حيث قال: ولم يقل به أحد بعد الصحابة إلا الشافعي في قوله القديم. وقد اختلف في السلب فقيل: إنه لمن سلبه، وقيل: لمساكين المدينة، وقيل: لبيت المال. قال الشوكاني: وظاهر الأدلة أنه للسالب وأنه طعمة لكل من وجد فيه أحدًا يصيد أو يأخذ من شجره – انتهى. (رواه أبو داود) في الحج، وأخرجه أيضًا أحمد (ج 1: ص 170) وقد سكت عنه أبو داود. قال النووي: وهو صحيح أو حسن أي كما هو قاعدته فيما يسكت عليه، وقال المنذري: سئل أبو حاتم الرازي عن سليمان بن أبي عبد الله (المذكور في إسناده) فقال: ليس بالمشهور ولكن يعتبر بحديثه – انتهى. وقال الشوكاني: قال الذهبي: تابعي وثق، وقد روى الحاكم (ج 1: ص 486) من طريق بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبيه عن عامر بن سعد عن أبيه أنه كان يخرج من المدينة يريد الحاطب من الحطاب معه شجرة رطب قد عضده من بعض شجر المدينة فيأخذ سلبه فيكلمه فيه فيقول: لا أدع غنيمة غنمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا من أكثر الناس مالاً. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. وقال الذهبي: صحيح

2773 -

قوله (وعن صالح مولى لسعد) هذا خطأ والصواب عن صالح عن مولى لسعد كما في أبي داود، وفي الظاهر أنه سقط لفظ ((عن)) من قلم نساخ المشكاة أو وقع سهو من المصنف. قال ميرك: ويؤيد ذلك أن من صنف في أسماء رجال الكتب لم يذكر لسعد مولى يقال له صالح، وصالح هذا هو صالح بن نبهان المدني مولى التوأمة – بفتح المثناة وسكون الواو بعدها همزة مفتوحة – قال الحافظ في التقريب: صدوق اختلط بآخره، قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جريج، مات سنة خمس أو ست وعشرين ومائة – انتهى. وقال الخزرجي في الخلاصة: قال ابن معين: صالح مولى التوأمة ثقة حجة سمع منه ابن أبي ذئب قبل أن يخرف، ومن سمع منه قبل أن يختلط فهو ثبت – انتهى. قلت: هذا الحديث من رواية ابن أبي ذئب عنه. وما قال المنذري في مختصر السنن ((صالح مولى التوأمة لا يحتج بحديثه)) فهو محمول على ما روي عنه بعد الاختلاط ومولى سعد هذا مجهول كما قال المنذري، ففي

ص: 546

يقطعون من شجر المدينة فأخذ متاعهم وقال يعني لمواليهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يقطع من شجر المدينة شيء، وقال:" من قطع منه شيئًا فلمن أخذه سلبه ". رواه أبو داود.

2774 – (22) وعن الزبير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن صيد وج وعضاهه حرم محرم لله.

ــ

الاحتجاج بهذا الحديث نظر قوي لكن يؤيده الحديث الذي قبله، وحديث مسلم من طريق عامر بن سعد عن سعد الذي سبق في الفصل الأول (يقطعون من شجر المدينة) أي من بعض أشجارها (فأخذ متاعهم) أي ثيابهم وما عندهم (وقال) أي سعد (يعنى لمواليهم) بيان من الراوي للمقول لهم (أن يقطع) بصيغة المجهول (وقال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (من قطع منه) أي من شجرها (فلمن) أي للذي (أخذه) أي القاطع (سلبه) بفتح السين واللام أي ما عليه من الثياب وغيرها (رواه أبو داود) في الحج وسكت عليه، وقد تقدم أن مولى سعد مجهول لكن يؤيده الحديث الذي قبله وحديث سعد المذكور في الفصل الأول.

2774-

قوله (وعن الزبير) أي ابن العوام تقدم ترجمته (إن صيد وَجّ) بفتح الواو وتشديد الجيم هو الطائف وقيل واد بالطائف. قال ابن رسلان: هو أرض بالطائف عند أهل اللغة، وقال أصحابنا: هو واد بالطائف وقيل كل الطائف. وقال الحازمي في المؤتلف والمختلف في الأماكن ((وج)) اسم لحصون الطائف، وقيل لواحد منها. (وعضاهه) بكسر العين وتخفيف الضاد كما سلف، قال الجوهري: العضاه كل شجر يعظم وله شوك، وعند البيهقي ((عضاهه يعني شجره)) (حرم) بفتح الحاء والراء المهملتين الحرام، كقولهم زمن وزمان، وعند البيهقي ((حرام)) (محرم لله) تأكيد للحرمة. قال الشوكاني: والحديث يدل على تحريم صيد وج وشجره، وقد ذهب إلى كراهته الشافعي حيث قال في الإملاء: أكره صيد وج. وجزم جمهور أصحاب الشافعي بالتحريم وقالوا: إن مراد الشافعي بالكراهة كراهة التحريم. قال ابن رسلان في شرح السنن بعد أن ذكر قول الشافعي في الإملاء: وللأصحاب فيه طريقان أصحهما وهو الذي أورده الجمهور القطع بتحريمه. قالوا: ومراد الشافعي بالكراهة كراهة التحريم، ثم قال: وفيه طريقان أصحهما وهو قول الجمهور يعني من أصحاب الشافعي أنه يأثم فيؤدبه الحاكم على فعله ولا يلزمه شيء لأن الأصل عدم الضمان إلا فيما ورد به الشرع ولم يرد في هذا شيء. والطريق الثاني حكمه في الضمان حكم المدينة وشجرها وفي وجوب الضمان فيه خلاف – انتهى. وقد قدمنا الخلاف في ضمان صيد المدينة وشجرها. قال الخطابي في المعالم (ج 2: ص 442) : ولست أعلم لتحريمه وَجًّا معنى إلا أن يكون ذلك على سبيل الحمى لنوع من منافع المسلمين، وقد يحتمل أن يكون ذلك التحريم إنما كان في وقت معلوم وفي مدة محصورة، ثم نسخ، ويدل على ذلك قوله ((وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره لثقيف)) ثم عاد الأمر فيه إلى الإباحة كسائر بلاد الحل، ومعلوم أن عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلوا بحضرة الطائف وحصروا

ص: 547

رواه أبو داود.

ــ

أهلها ارتفقوا بما نالته أيديهم من شجر وصيد ومرفق فدل ذلك على أنها حل مباح وليس يحضرني في هذا وجه غير ما ذكرته – انتهى. قال في عون المعبود نقلاً عن غاية المقصود: في ثبوت هذا القول أي كون تحريم وَجّ قبل نزول الطائف نظر لأن محمد بن إسحاق قال في مغازيه ما ملخصه: أن رجالاً من ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بعد وقعة الطائف فضرب عليهم قبة في ناحية مسجده وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتبوا كتابهم، وكان خالد هو الذي كتبه وكان كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب لهم أي بعد إسلام أهل الطائف ((بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد النبي رسول الله إلى المؤمنين إن عضاه وج وصيده حرام ألا يعضد، من وجد يصنع شيئًا من ذلك فإنه يجلد وينزع ثيابه، فإن تعدى ذلك فإنه يؤخذ فيبلغ به النبي محمد وأن هذا أمر النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب خالد بن سعيد بأمر الرسول محمد بن عبد الله فلا يتعداه أحد فيظلم نفسه فيما أمر به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم)) انتهى ملخصًا محررًا من زاد المعاد. قال ابن القيم: إن وادي وج وهو واد بالطائف حرم يحرم صيده وقطع شجره، وقد اختلف الفقهاء في ذلك، والجمهور قالوا: ليس في البقاع حرم إلا مكة والمدينة وأبو حنيفة رحمه الله خالفهم في حرم المدينة، وقال الشافعي رحمه الله في أحد قوليه: وج حرم يحرم صيده وشجره. واحتج لهذا القول بحديثين أحدهما هو الذي تقدم، والثاني حديث عروة بن الزبير عن أبيه الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن صيد وج وعضاهه حرم محرم لله، رواه الإمام أحمد وأبو داود. وهذا الحديث يعرف لمحمد بن عبد الله بن إنسان عن أبيه عن عروة. قال البخاري في تاريخه: لا يتابع عليه. قلت: وفي سماع عروة من أبيه نظر وإن كان قد رآه، والله أعلم – انتهى كلام ابن القيم.وقال الشوكاني بعد نقل كلام الخطابي: والظاهر من الحديث تأيبد التحريم، ومن ادعى النسخ فعليه الدليل لأن الأصل عدمه، وأما ضمان صيده وشجره على حد ضمان صيد الحرم المكي فموقوف على ورود دليل يدل على ذلك، لأن الأصل براءة الذمة ولا ملازمة بين التحريم والضمان – انتهى (رواه أبو داود) في الحج وأخرجه أيضًا أحمد (ج 1: ص 165) والحميدي (ج 1: ص 34) والبيهقي (ج 5: ص 200) والبخاري في التاريخ الكبير (ج 1: ص 140) كلهم من طريق عبد الله بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن إنسان عن أبيه عن عروة بن الزبير عن الزبير، وفيه قصة، والحديث سكت عنه أبو داود وكذا سكت عنه عبد الحق وتعقب بما نقل عن البخاري أنه قال (ج 3: ص 45) في ترجمة عبد الله بن إنسان: لم يصح حديثه. وكذا قال الأزدي وابن حبان، وذكر الذهبي في الميزان أن الشافعي صححه واعتمده وذكر الخلال في العلل أن أحمد ضعفه وذكر ابن حبان عبد الله بن إنسان في الثقات وقال: كان يخطئ. وتعقبه الذهبي فقال: هذا لا يستقيم أن يقوله الحافظ إلا فيمن روى عدة أحاديث، فأما عبد الله هذا فهذا الحديث أول ما عنده وآخره، فإن كان قد أخطأ فحديثه مردود على قاعدة ابن حبان يعني أنه إذا لم يكن عند عبد الله المذكور غير هذا الحديث فإن

ص: 548

وقال محيي السنة: وج ذكروا أنها من ناحية الطائف. وقال الخطابي: ((أنه)) بدل ((أنها)) .

2775 – (23) وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإني أشفع لمن يموت بها ".

ــ

كان أخطأ فيه فما هو الذي ضبطه؟ قال الشوكاني: مقتضى قول ابن حبان ((كان يخطئ)) تضعيف الحديث فإنه ليس له غيره، فإن كان أخطأ فيه فهو ضعيف. وقال العقيلي: لا يتابع إلا من جهة تقاربه في الضعف. وقال النووي في شرح المهذب: إسناده ضعيف. وقال المنذري في مختصر السنن (ج 2: ص 442) : في إسناد هذا الحديث محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي وأبوه فأما محمد فسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: ليس بالقوى، وفي حديثه نظر، وذكره البخاري في تاريخه الكبير (ج 1: ص 140) وذكر له هذا الحديث وقال: ولم يتابع عليه وذكر أباه (ج 3: ص 45) وأشار إلى هذا الحديث وقال: لم يصح حديثه. وقال البستي: عبد الله بن إنسان روى عنه ابنه محمد ولم يصح حديثه – انتهى. وبهذا يتبين عدم صحة الاستدلال بهذا الحديث على حكم مشتمل على تحريم (وقال محيي السنة) أي البغوي صاحب المصابيح في شرح السنة (وج ذكروا) أي العلماء (أنها من ناحية الطائف) يعني أنه موضع من نواحي الطائف (وقال الخطابي) أي في معالم السنن (ج 2: ص 441)(أنه) بفتح الهمزة (بدل أنها) وهو أمر سهل لأن التذكير باعتبار الموضع والتأنيث باعتبار البقعة.

2775-

قوله (من استطاع أي قدر (أن يموت بالمدينة) أي أن يقيم بها حتى يدركه الموت ثمة (فليمت بها) أي فليقم بها حتى يموت بها فهو تحريض على لزوم الإقامة بها ليتأتى له أن يموت فيها إطلاقًا للمسبب على سببه (فإني أشفع) ولفظ ابن ماجة ((فإني أشهد)) (لمن يموت بها) أي أخصه بشفاعتي غير العامة زيادة في إكرامه. قال الطيبي: أمر له بالموت فيها وليس ذلك من استطاعته بل هو إلى الله تعالى لكنه أمر بلزومها والإقامة بها بحيث لا يفارقها فيكون ذلك سببًا لأن يموت فيها فأطلق المسبب وأراد السبب كقوله تعالى: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} (سورة آل عمران: الآية 97) والحديث قد استدل به على أن السكنى بالمدينة والمجاورة بها أفضل منها بمكة لأن الترغيب في الموت في المدينة لم يثبت مثله لغيرها والسكنى بها وصلة إليه فيكون ترغيباً في سكناها وتفضيلاً لها على غيرها، ولأنه صح ((لا يصير على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة)) ولم يرد في سكنى مدينة نحو ذلك، ولأنه اختار صلى الله عليه وسلم ذلك ولم يكن يختار إلا الأفضل، ولأن الإقامة بالمدينة في حياته صلى الله عليه وسلم أفضل إجماعاً فيستصحب ذلك بعد وفاته حتى يثبت إجماع مثله برفعه، هذا حاصل ما ذكره السندي في اللباب والسمهودي في وفاء الوفاء للاحتجاج لذلك، وهما من القائلين بأفضلية المجاورة بالمدينة من المجاورة بمكة، وقد رد ذلك علي القاري وابن حجر المكي من شاء البسط

ص: 549

رواه أحمد، والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب إسنادًا.

2776 – (24) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة ". رواه الترمذي.

ــ

والتفصيل رجع إلى شرح اللباب للقاري وشرح مناسك النووي لابن حجر وإلى غنية الناسك، وسيأتي شيء من الكلام في ذلك في شرح حديث يحيى بن سعيد المرسل في الفصل الثالث. وقال المناوي: وأخذ من الحديث حجة الإسلام ندب الإقامة بها مع رعاية حرمتها وحرمة ساكنيها، وقال ابن الحاج: حثه على محاولة ذلك بالاستطاعة التي هي بذل المجهود في ذلك فيه زيادة اعتناء بها ففيه دليل على تميزها على مكة في الفضل لإفراده إياها بالذكر هنا. وقال القاري: ليس هذا الحديث صريحاً في أفضلية المدينة على مكة مطلقًا إذ قد يكون في المفضول مزية على الفاضل من حيثية، وتلك بسبب تفضيل بقعة البقيع على الحجون، إما لكونه تربة أكثر الصحابة الكرام أو لقرب ضجيعه عليه الصلاة السلام ولا يبعد أن يراد به المهاجرون فإنه ذم لهم الموت بمكة كما قرر في محله. وقال النووي في شرح مسلم وفي مناسكه: إن المجاورة بهما جميعًا مستحبة إلا أن يغلب على ظنه الوقوع في الأمور المحظورة (رواه أحمد)(ج 2: ص 74، 104)(والترمذي) في أواخر المناقب، وأخرجه أيضًا ابن ماجة في الحج وابن حبان في صحيحه كما في موارد الظمآن (ص 255) والبيهقي وعبد الحق (وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب إسنادًا) وفي جامع الترمذي غريب من هذا الوجه من حديث أيوب السختياني (عن نافع عن ابن عمر) والحديث صححه أيضًا عبد الحق. وفي الباب عن سبيعة بنت الحارث الأسلمية عند البيهقي في الشعب والبزار والطبراني في الكبير نحو حديث ابن عمر، قال المنذري: ورواته محتج بهم في الصحيح إلا عبد الله بن عكرمة وروى عنه جماعة ولم يجرحه أحد وعن صميتة الصحابية أخرجه ابن حبان في صحيحه كما في موارد الظمآن (ص 255) والبيهقي في الشعب والطبراني، وعن امرأة يتيمة كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثقيف أنها حدثت صفية بنت أبي عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت ". – الحديث. أخرجه الطبراني في الكبير، قال الهيثمي: إسناده حسن ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ الطبراني.

2776-

قوله (آخر قرية) بفتح القاف (من قرى الإسلام) بضم القاف (خرابا) قال المناوي: الخراب ذهاب العمارة والعمارة إحياء المحل وشغله بما وضع له، ذكره الحراني، وفي الكشاف: التخريب والإخراب الإفساد بالنقض والهدم (المدينة) خبر وآخر مبتدأ ويجوز عكسه. والمراد بالمدينة المدينة النبوية وهي علم لها بالغلبة فلا يستعمل معرفاً إلا فيها، والنكرة اسم لكل مدينة، ويقال في النسبة للكل مديني وللمدينة النبوية مدني للفرق، وفي الحديث إشارة إلى أن عمارة الإسلام منوطة بعمارتها وهذا ببركة وجوده فيها صلى الله عليه وسلم (رواه الترمذي) في أواخر جامعه وأخرجه أيضًا

ص: 550

وقال: هذا حديث حسن غريب.

2777 – (25) وعن جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله أوحى إليَّ: أي هؤلاء الثلاثة نزلت فهي دار هجرتك: المدينة أو البحرين أو قنسرين ".

ــ

ابن حبان في صحيحه كما في الموارد (ص 257) كلاهما من طريق مسلم بن جنادة عن أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة (وقال هذا حديث حسن غريب) لا نعرفه إلا من حديث جنادة عن هشام. قال المناوي في شرح الجامع الصغير: وقد رمز المصنف يعنى السيوطي لضعفه وهو كما قال، فإن الترمذي ذكر في العلل أنه سأل عنه البخاري فلم يعرفه وجعل يتعجب منه وقال: كنت أرى أن جنادة هذا مقارب الحديث – انتهى. وذكر البخاري جنادة هذا في التاريخ الكبير ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال الحافظ في التهذيب والذهبي في الميزان: ضعفه أبو زرعة. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث ما أقربه من أن يترك حديث، وذكره ابن حبان في الثقات. قال الحافظ: وقال الساجي: حدث عن هشام بن عروة حديثًا منكراً ووثقه ابن خزيمة وأخرج له في صحيحه. وقال في التقريب: هو صدوق له أغلاط – انتهى. قلت: الظاهر أن الترمذي حسن الحديث لكونه جنادة المذكور صدوقًا، قال السبكي: كغيره إذا ضعف الرجل في السند ضعف الحديث من أجله ولم يكن فيه دلالة على بطلانه من أصله، ثم قد يصح من طريق أخرى وقد يكون هذا الضعيف صادقاً ثبتاً في تلك الرواية فلا يدل مجرد تضعيفه والحمل عليه على بطلان ما جاء في نفس الأمر – انتهى. قالوا: وإذا قوى الضعف لا ينجبر بوروده من وجه آخر وإن كثر الطرق، بخلاف ما خف ضعفه ولم يقصر الجابر عن جبره فإنه ينجبر ويعتضد.

2777-

قوله (أي هؤلاء الثلاثة) منصوب على الظرفيه بقوله (نزلت) أي للإقامة بها والاستيطان فيها (المدينة) بالجر على البدلية من الثلاثة (أو البحرين) موضع بين بصرة وعمان وقيل بلاد معروفة باليمن، وقال الطيبي جزيزة ببحر عمان (أو قنسرين) بكسر القاف وفتح النون الأولى المشددة ويكسر بلد الشام وهو غير منصرف. قال القاري: هذا الحديث مشكل فإن التي رآها وهو بمكة أنها دار هجرية وأمر بالهجرة إليها هي المدينة كما في الأحاديث التي أصح من هذا، وقد يجمع بأنه أوحى إليه للخيير بين تلك الثلاثة ثم عين له إحداها وهي أفضلها – انتهى. قال شيخنا في شرح الترمذي: وفي حديث أبي موسى عند البخاري (في باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة) عن النبي صلى الله عليه وسلم رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب. قال الحافظ: ووقع عند البيهقي من حديث صهيب رفعه: أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرتين فإما أن تكون هجر أو يثرب. ولم يذكر اليمامة. وللترمذي من حديث جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى أوحى إلى أي هؤلاء

ص: 551