المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌18- أبو الغنائم، محمد بن علي بن المعلم الواسطي - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ١٦

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السادس عشر

- ‌[شعراء العصر العباسى الثانى]

- ‌تقديم (1)

- ‌1- الأديب أبو محمد الحسن بن أحمد حكّينا البغداديّ

- ‌2- أبو عبد الله محمد بن مبارك بن عليّ بن جارية القصّار، البغداديّ

- ‌3- القاضي أبو عمرو، يحيى بن صاعد بن سيّار الهرويّ، قاضي قضاة هراة

- ‌4- أبو عبد الله النّقّاش، عيسى بن هبة الله البزّاز البغدادي

- ‌5- أبو المظفّر، أسامة بن مرشد بن عليّ بن مقلد بن نصر بن منقذ، الكنانيّ الكلبيّ الشيزريّ، مؤيّد الدولة

- ‌6- أخوه أبو الحسن

- ‌7- أبو الحسن عليّ بن مقلد

- ‌8- أبو سلامة، مرشد بن عليّ بن مقلد

- ‌9- حميد بن مالك بن مغيث بن نصر بن منقذ بن محمد بن منقذ بن نصر بن هاشم، أبو الغنائم

- ‌10- أبو الفضل، إسماعيل بن أبي العلاء

- ‌11- أبو الفتح يحيى بن سلطان بن منقذ

- ‌12- أبو مرهف، نصر بن علي بن مقلد

- ‌13- أبو الفوارس، مرهف بن أسامة بن مرشد بن عليّ بن مقلد بن نصر بن منقذ، عضد الدّولة

- ‌14- القاضي أبو غانم عبد الرزاق بن أبي حصين

- ‌15- أبو العلاء بن أبي الندى

- ‌16- محمد بن حيدر البغدادي

- ‌17- أبو الفتح، محمد بن عبد الله، سبط ابن التعاويذي

- ‌18- أبو الغنائم، محمد بن عليّ بن المعلّم الواسطيّ

- ‌19- عمارة بن عليّ بن زيدان الحكمي

- ‌20- ابن الساعاتي، عليّ بن رستم، بهاء الدين، أبو الكرم الخراساني

- ‌21- شرف الدين، أبو المحاسن، نصر الله بن عنين، الدمشقيّ

- ‌22- إسحاق بن أبي البقاء، يونس بن عليّ بن يونس، فتح الدين، أبو محمد

- ‌23- عون الدين، سليمان بن عبد المجيد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن العجمي

- ‌24- محيي الدين بن زيلاق الموصليّ. وهو أبو العزيز يوسف بن يوسف بن يوسف بن سلامة، العباسيّ

- ‌25- أبو بكر بن عدي بن الهيذام الموصلي

- ‌26- أحمد بن محمّد بن الوفا، ابن الحلاوي، الربعيّ الموصليّ

- ‌27- مجد الدّين بن الظّهير

- ‌28- الجلال ابن الصفّار الدنيسري

- ‌29- يوسف بن بركة بن سالم الشيبانيّ، التلعفريّ

- ‌30- نجم الدين القمراوي

- ‌31- فتيان الشاغوري

- ‌32- عبد الرحمن بن عوض بن محبوب، الكلبيّ، المعرّيّ، عفيف الدين التلمسانيّ، أبو البركات

- ‌33- محمد بن سوار بن إسرائيل بن الخضر بن إسرائيل بن محمّد بن الحسن بن الحسين، الدمشقيّ

- ‌34- عليّ بن يحيى البطريق، البغداديّ، الحليّ

- ‌35- ابن نجم الموصلي، شرف الدين

- ‌36- أيدمر المحيوي، فخر التّرك، أبو شجاع

- ‌37- ابن عربي، سعد الدين الدمشقي

- ‌38- أبو عبد الله الكردي

- ‌39- جمال الدّين، يوسف بن البدر لؤلؤ، الذهبيّ

- ‌40- محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخضر، الطبريّ*

- ‌41- نور الدين الأسعرديّ

- ‌42- جمال الدين بن خطلخ، الأمويّ

- ‌43- يحيى بن يوسف بن يحيى، الصّرصريّ، الفقيه، الحنبليّ

- ‌44- الحسام الحاجريّ

- ‌45- ابن تميم

- ‌46- الأمير السليمانيّ

- ‌47- الحسام الأحدب، وهو أبو العوف، منقذ بن سالم بن منقذ بن رافع بن جميل بن منير بن مزروع المخزومي

- ‌48- عبد الله بن عمر بن نصر الله الأنصاري، أبو محمد، موفّق

- ‌49- يوسف بن أحمد بن محمود، الأسديّ، أبو العزّ وأبو المحاسن، جمال الدين. عرف بابن الطّحان

- ‌50- جوبان القوّاس

- ‌51- محمد بن العفيف، سليمان بن علي بن عبد الله بن علي، التلمسانيّ، أبو عبد الله، شمس الدين

- ‌52- عمرو بن مسعود بن عمرو الكتّاني

- ‌53- علي بن المظفر الكندي الوداعي

- ‌54- أحمد بن أبي المحاسن، يعقوب بن إبراهيم بن أبي نصر

- ‌55- محمد بن محمد بن محمود أبو عبد الله، شهاب الدين

- ‌56- محفوظ العراقي، رشيد الدين

- ‌57- محمد بن سبط الحافظ، شمس الدين

- ‌58- محمد بن سباع الصائغ، الدمشقي، أبو يوسف، شمس الدين

- ‌59- عبد المجير، أحمد بن الحسين الخياط، مجير الدين

- ‌60- أحمد بن محمد بن سلمان بن حمائل، شهاب الدين، أبو جعفر

- ‌61- عبد العزيز بن سرايا الحلّي، أبو الفضل، صفيّ الدين

- ‌62- محمد بن يوسف بن عبد الله بن عبد الرحمن الحنفي

- ‌63- حسن بن علي العزّي

- ‌64- ألطنبغا العلمي الجاولي، أبو جعفر، علاء الدين

- ‌65- سليمان بن داود بن سليمان بن محمّد بن عبد الحقّ، الحنفيّ، أبو الربيع، صدر الدين

- ‌66- سليمان بن أبي داود

- ‌67- يحيى بن محمّد بن زكريا، العامريّ

- ‌68- محمّد بن عليّ، الحمويّ

- ‌69- عمر بن المظفّر بن عمر بن محمّد بن أبي الفوارس بن عليّ، الورديّ، أبو حفص، زين الدين

- ‌المصادر والمراجع

- ‌المحتوى

الفصل: ‌18- أبو الغنائم، محمد بن علي بن المعلم الواسطي

وطار عن وكره إلى الأفق النّس

ر وخاف الغزالة الأسد

وقوله: «1» [الكامل]

قالت أتقنع أن أزورك في الكرى

فتبيت في حكم المنام ضجيعي

وأبيك ما سمحت بطيف خيالها

إلا وقد ملكت عليّ هجوعي

ومنهم:

‌18- أبو الغنائم، محمد بن عليّ بن المعلّم الواسطيّ

«13»

الملقّب نجم الدّين. شاعر كأنّما حرّك بكلّ هوى، وحرّق بكلّ جوى، فتحمّل كلّ صبابة، وتجمّل بالصبر لو أصابه. فداوت نسيمه وصبا «2» ، وهبّت جنوبا وصبا «3» . وسكن البطائح، وسكب في رواقها الأحمديّ «4» دم كلّ دمع طائح.

وعني بشعره بين يديّ شيخ الطائفة أحمد بن الرفاعيّ، قدّس الله روحه، فطاب به هو والفقراء، فعادت عليه بركاتهم، وسرت فيه حركاتهم، وحصلت له حظوة نهنهته في العراق، ورفعت رأسه من الإطراق، فلم يخل مجلس (35) رئيس من منشد لشعره أو مستنشد، ومتّهم به أو متحدّ.

واتّخذت ديوانه الوعّاظ موضع إنشادهم، ومكان استشهادهم. فذهب بالقلوب، ونهب الألباب، بلفظه الخلوب، للطافة مأخذه، وقرب وصوله إلى القلب ومنفذه: حتّى إنّ الكلمة كانت تختطف من فمه، وتقتطف قبل أن يثمر

ص: 64

بها أفنان قلمه. فلا تنشد له قصيدة إلا تناهب إنشادها من حضر، وتواثب إليها كلّ منهم وابتدر. فقلّ أن تميّز منشد له بإنشاد، أو برز منفردا بإيراد، لمسابقة الحضور له إلى أبياتها، مسارعة الجميع له إلى غاياتها، لسرعة انتشارها، وسعة اشتهارها، فجاء كلّه حلوا رقيقا، وصفوا رحيقا.

ومن مختاره المختال، وشجاره المعتال، قوله:[المتقارب]

دعوه فقد قيل إن الغرا

م جنون وما كذب القائل

ولا تسلو حاضرا غائبا

كفى مخبرا دمعه السائل

قفا بي ولو ساعة في العقي

ق لنبكي على النّاحل النّاحل

يحاول من دمعه ناصرا

على البين والنّاصر الخاذل

وقوله: [الطويل]

ألم تسأموا عذلي، دعوني والبكا

ألام على فيض الدموع ألام

أسكّان نجد أين أيّام رامة

إذ الورد من ماء الوصال جمام

صحا كلّ ذي سكر بكم غير شارب

له النّجم خدن والدّموع مدام

سلوا غير طرفي إن سألتم عن الكرى

فما لجفون العاشقين منام

وخلّوا زفيري يحد دمعي فكلّما

تتابع برق استهلّ غمام

وقوله: [البسيط]

أضلّه وطريق الرّكب ملحوب

وها أمامك حيث البان ملحوب «1»

عرّج وقف وقفة لوت الإزا

ربه فما عليك به إثم ولا حوب «2»

دع التجلّد وامدد للغرام يدا

من غالب الشّوق أمسى وهو مغلوب

ص: 65

(36)

وما خلت أنّ الهوى يقضي عليّ به

والحبّ كالحين للإنسان مجلوب

لم أخل أنّ سرّ الوجد يفضحه

من الحمائم تغريد وتطريب

فما بدا البارق العلويّ معترضا

إلا أبيت وعندي منه ألهوب

كأنّما هو من جنبيّ مخترط

للومض أو هو في جنبيّ مقروب

يبدو وأبكي دما فهو الصدوق منى

ما لاح إذ ومضه بالبيض محجوب

وقوله: [البسيط]

كم لي أمدّ غطاء الصّبر أستر أس

رار الغرام وكفّ البين يكشفه

وكم أكتّم دمعي وهو منسكب

يجري، وخوفا من الواشي أكفكفه

لا تنكروا ماء أجفاني وحمرته

لو كان في العين دمع كنت أنزفه

أفنى الهوى أدمعي نزفا ولم يرني

سوى دمي فهو بالتّوديع يذرفه

ومنها في المديح:

وما أمتّ بشعر بتّ أنظمه

للمدح فيك ولا سجع أصنّفه

أخذت منك الذي أثني عليك به

فأنت لا أنا بالنّعمى مؤلّفه

وقوله: [المنسرح]

دار بقوس صحّت النفوس بها

والحبّ حيث الشّقاء والعلل «1»

مذ سكنتها البدور ما انتقلت

عن جوّها والبدور تنتقل

توسع فتكا فليس ندري ال

جراحات بها أم عيونها النّجل

وقوله: [الرمل]

ص: 66

كلفي فيكم قديم عهده

ما صباباتي بكم مكتسبه

أين ورق الجزع من لي أن

أرى عجمه أو أن أشاهد عربه

ونعم إذا بان حزوى فاسألوا

إن شككتم في عذابي عذّبه

عن جفوني النوم من بعده

وإلى جسمي الضّنى من قرّبه

وصلوا طيفا إذا لم تصلوا

مستها ما قد قطعتم سببه

(37)

فإلى أن تحسنوا صنعا بنا

قد أساء الحبّ فينا أدبه

أعشق اللّوم لحبي ذكركم

يا لمرّ في الهوى ما أعذبه

وقال: [الخفيف]

قسما بالقدود وهنّ رماح

ولحاظ العيون وهنّ سهام

ويجور الهوى وأعظم أقسا

م المحبّين هذه الأقسام

لأطيلنّ وقفة الحزن في ال

أطلال حتّى يرثي لي اللّوّام

وقال من أخرى: [الطويل]

تظلّ عيون النّور في تلعاته

إلى أعين السّحب الهوامي روامقا

فتضحك أنواء السّحاب إذا بكت

عليه غزار موثقا وشقائقا

وقال من أخرى: [الطويل]

تخال لديه الشّمس في الجوّ غادة

عليها ردى من نقعه وخمار

ويقدحن من نقع الحوامي على الحصى

لظى برءوس السّمر منه شرار

وقال منها في المديح:

وراح ببذل المال صبّا كأنّه ال

فرزدق والجود الصّريح نوار

إذا هزّ يوم الرّوع رمحا فإنّما

لثعلبه صدر الكميّ وجار

ص: 67

وقال: [الطويل]

فلله عطف من صبا الغور مائس

ولله طرف من سنا البرق يدمع

يشاهد منه النّجم جفن مسهّد

ويقرع منه الخدّ ماء مشعشع

وقال من أخرى: [الطويل]

وصارخة من أيكة أجّجت له

لظا طالما أذكته في قلبه الورق

بكت طربا فانصاع يبكي تشوقا

فدمعتها زور ودمعته حقّ

وهل يستوي ذو صبوة وابن راحة

إذا استعبرا، هيهات بينهما فرق

ذري الآن يا ورقاء نوحك إنّما ال

بكاء لمن دمعه يخجل الودق

(38)

فما أنا بالمثني عليك وإنّما

له الحزن في هذا البكا ولك السّبق

وقال: [المنسرح]

يا للهوى نمّت الجفون بنا

وليس يخلو المحبّ من زلل

ما عصينا القلوب، أعينهم

نحن، وهبنا القلوب للمقل

وقال: [الخفيف]

قل لحيّ على اللّوى والكثيب ال

فرد جاد الحيا الكثيب الفردا

قد وقفنا من بعدكم نسأل ال

بان ضلالا عنكم ويشكو الرّبدا «1»

فشفانا صمتا، ولم يشف نطقا

وحكاكم لينا ولم يحك قدّا

وقال: [الطويل]

عسى من كسا الجسم السّقام يعوده

ومن سلب الجفن المنام يعيده

ص: 68

فما يبري المشتاق إلا معلّة

وينقص داء المحبّ إلا مزيده «1»

وقال: [البسيط]

هو الحمى مغانيه مغانيه

فاحبس وعان بليلى ما تعانيه

لا تسأل الرّكب والحادي فما سأل ال

عشّاق قبلك من ركب وحاديه

ما في الصّحاب أخو وجد يطارحه

حديث نجد ولا صبّ نجاريه

إليك عن كلّ قلب في أماكنه

ساه، وعن كلّ دمع في مآقيه

ما واجد الصّبر في المعنى كفاقده

وجامد الدّمع في المعنى كجاريه

لقي الكئيب هوى عادت أواخره

على العقيق كما عادت أواليه

يجدّد العشق والأشجان تخلفه

وينثر الدّمع والأحزان تطويه

ربع، ثغور الهوى، لا الرّوض يضحكه

وأعين العشق، لا الأنواء تبكيه

خلا، وغير فؤادي ما يهيم به

دعا، وغير دموعي ما تلبّيه

يا منزلا بدواعي البين منتهب

وما البليّة إلّا من دواعيه

فالنّار من زفراتي لا بوارقه

والماء من عبراتي لا غواديه

(39)

ومودع القلب إذ ودّعته لهبا

حاشاه حاشاه من قلبي وما فيه

يوهي قوى جلدي من لا أبوح به

ويستبيح دمي من لا أسمّيه

قسا فما في فؤادي ما يعاتبه

ضعفا يلاقي فؤادي ما يقاسيه

لم أدر حين بدا والكأس في يده

من كأسه السّكر أم عينيه أم فيه

وما المدامة إلا من تثنيّته

وما الظّلامة إلّا من تثنّيه

لو لم يطل عصره فخرا وتاه به

عجبا لما اهتز عطفاه من التّيه

وقوله: [الكامل]

ص: 69

عرض العقيق له وجرعاء الحمى

فطواهما نظرا وأعرض عنهما

هاجا صبابته ولم يقل اسلما

لهما ولا حال الهوى ما هجتما

صونا لسرّهما القديم وحقّ من

حمل المحبّة أن يصون ويكتما

منها: [الكامل]

يا ردفه، افتضح الكثيب، وعطفه عرف ال

قضيب بما استعارا منكما

ما ضرّ ذاك، الظّلم لو اتّقى

ظلمي وعاف تألّمي ذاك اللّمى

وقوله: [الكامل]

وا رحمتا للصّبّ تاه وما له

جلد، ولا حمل الأذى من عاده

هو في العراق، وقلبه بتهامة

يا قرب مسمعه، وبعد فؤاده

وقوله: [الكامل]

لو رام هذا السّائق العجلان

خبر الغضا لا بان عنه البان

أمسوا، وقد ظعنوا يحدّث عنهم

ويميل عنه كأنّه سكران

ما يستفيق كأنّما عرضت له ال

أشواق أو ولعت به الأشجان

وكأنّه صبّ تهيج له الصّبا

ذكرى تمايل عندها الأغصان

بانوا وفي عذباته من طيبهم

ماء الثّرى، وكأنّهم ما بانوا

إن تجتنب حزوى فلا ذهل بها

يستوقف الحادي ولا شيبان

(40)

فخفى هوى نطقت به أجفانه

هيهات ليس مع البكا كتمان

ينسى، وأذكره العقيق وما له

ولهي ولا دمعي به الهتّان

منها:

ص: 70

أأصونه وهو العقيق وطالما

سمحت به الأجفان وهو جمان

إنّ الألى بخلوا برد تحيّة

ما ضنّ بعدهم بدمع شان

خذ من عيونهم الأمان وهل لمن

حمل الغرام من العيون أمان

كم في البراقع من قسيّ حواجب

تصمي القلوب وغيرها المرنان

منها:

واستقبلوا الوادي فأطرقت المهى

وتحيّرت بغصونها الكثبان

فكأنّما اعترفت لهم بقدودها ال

أغصان أو لعيونها الغزلان

وقوله: [الوافر]

إذا رفعت عن الغور الخيام

وعزّ مرامها هان الحمام

دعوني والبكا، فلغير طر

فيّ البكا ولغير أذنيّ الملام

منها:

أقصّ على البشام بها حديثي

ولولا الدّمع لاحترق البشام

أشبّب بالغصون فلا التواء

ينوب عن القدود ولا قوام

يفرّق شمل دمعي البان فيها

وينظم نثر شكواي الحمام

يميل كأنّما يقسى نسيم

يمرّ عليه أو دمعي مدام

منها:

إذا كانت حواجبها قسيّا

فإنّ لحاظ أعينها سهام

إذا نفسي ودمعي قابلاه

درى ما الريح والغيث الرهام

وقوله: [الكامل]

ص: 71

دعني فما اخضرّ العقيق

إلّا وصرّح نبته بزفيري

مهلا فما دمعي بمحبوس ولا

قلبي على جور النّوى بصبور

(41)

وإليك عن ذكر المحبّين الألى

درجوا فما المطويّ كالمنشور

وقوله: [الكامل]

ما وقفة الحادي على يبرين وهـ

والخليّ من الظّباء العين

إلا ليمنحني جوى ويزيدني

مرضا على مرضي ولا يبريني

قسما بما ضمّت إليه شفاههم

من قرقف في لؤلؤ مكنون «1»

إن شارف الحادي الغوير لأقضين

نحبي ومن لي أن تبرّ يميني «2»

ولقد مررت على العقيق بزفرة

أمسى الأراك بها بغير غصون

فبكا الحمام وما يحنّ صبابتي

وشكا المطيّ وما يحنّ حنيني

وأظنّ ما اشتملت عليه أضالعي

أهدي الذي حلّت به لجفوني

فلذاك نار حشاي يظهر سرّها

من حرّ هذا الدّمع بعد كمون

أنا كالسّحاب إذا توالى برقه

والى بغيث كالدّموع هتون

يا صاحبي ما أنت إن لم ترث لي

يوما على سرّ الهوى بأمين

سل باللّوى إن كنت تخبر فيه عن

دمعي الطّليق ودمعي المكنون

وقوله: [مجزوء الكامل]

قف بي على الوادي الذي

أقوى ربا وعفا محلا

أشكو بلائي إليه وال

مشكوّ من شاكيه أبلى

وعلى مرارات الهوى

ما أعذب الشّكوى، وأحلا

ص: 72

وقوله: [الكامل]

وتنكّر الوادي فأصبح بعدهم

قفرا وشمل جميعهم متبدّدا

وكأنّما الأغصان لم تصبح به

سكرى ولم يمس الحمام مغرّدا

وقوله: [البسيط]

بانوا بزهر النّجوم الطّالعات فما

في الرّبع معنى ولا بالرّوض من زهر

(42)

وأيّ نور تشيم العين من فلك

أمسى خلاء بلا نجم ولا قمر

وقوله: [الكامل]

إنّ الألى رحلوا بأقمار الدّجى

وربا النقا ونواظر الغزلان

لم ينج ربّ صنيعة بتدرّع منهم

ولا بالشّدّ ربّ حصان

شهروا عن الطعن العيون وكيف لا

تحمي وهنّ مقاتل الفرسان

وقوله: [الكامل]

وأصون عن نظر الوشاة مدامعي

من أن يبوح الدّمع بالكتمان

ويخونني طرف فينطق بالذي

أخفيه من شأن الممنع شاني

ما لي وما لليل وقف طوله

هدي الكواكب وقفة الحيران

وقوله: [الكامل]

لا تعجبوا إن عاف مشربه الذي

أجفانه سمحت بأحمر مربد

هي مهجة لا دمعة جمدت وقد

ذابت دما فكأنّها لم تجمد

منها:

أمزودي الأضياف ضيف جمالكم

لم يحظ لا بقرى ولا بتزوّد

لا رقة للمشتكي بجنابكم

وجد المحبّ ولا جدى للمجتدي

ص: 73

أترى الذي صبغ الوجوه برقة الص

صهباء صاغ قلوبها من جلمد

وقوله: [مجزوء الكامل]

رحلوا بأغيد مائس ال

أعطاف معسول الشمائل

طامي الوشاح بعيد مه

وى القرط ريّان الخلاخل

يفترّ عن درّ علاه

كأنّ مبسمه المراسل «1»

يجفو ويبعث طيفه

فهو المقاطع والمواصل

كالبدر وجها وهو أب

هى طلعة والبدر كامل

(43)

والغصن قدا وهو أح

سن منه معتدلا ومائل

والسّحر لحظا وهو أف

تك في الحشا من سحر بابل

وقوله: [المنسرح]

أين تريد درّس الربع البلا

هو الحمى فاحبس عليه الإبلا

وقفت أشكوه بجفن مارقا

حوادث البين، وقلب ماسلا

بكيته فهل رأيتم طللا

قبل وقوفي فيه يبكي طللا

عليّ أن أمطره دمعي وما

عليّ إن جاد الحيا أو بخلا

وقوله: [البسيط]

لم يدر بي عاذلي لولا لظى نفسي

ولا اهتدى الطيف بي لولا توقّده

يا للهوى دلّ عذالي على سقمي

وجدي الذي كأحرّ النّار أبرده

وقوله: [من الرجز]

يا صاح إن فتّ الأراك سالما

منه مراحا لم يفته مغدا

ص: 74

يهدي إليك النوح من حمامه

غبّ الهدوء قلقا ما يهدا

أمّا الهوى: بان اللّوى ورنده

سقى الحيا بان الهوى والرّندا

وقوله: [البسيط]

يقوى البلاء على قلبي وأوثره

علما بأنّ بلائي فيه يؤثره

وتستلذّ الضّنى نفسي وعادتها

ألّا تمرّ بصاف لا تكدّره

يا نازلين الحمى رفقا بقلب فتى

إن صاح بالبين راع باح مضمره

لا تحسبوا الصّدّ عن عهدي يغيّرني

غيري ملازمة البلوى مغيّره

كم تستريحون في صبحي وأتعبه

وكم تنامون عن ليلي وأسهره

وقوله: [الرمل]

أتلقّى باحتجاجي ذنبه

مغمدا ما من مساويه سهر

فإذا قيل أسا قلت عفا

وإذا قيل جنى قلت غفر

(44)

ما دنا إلّا نأى من عزّه

هو والشّمس سواء والقمر

يوسفيّ الحسن زادت بسطة

بمعانيه على البدو الحضر

وقوله: [مجزوء الكامل]

ما زال يظهرني البكا

لهم ويخفيني النّحول

حتى رثى لي حاسدي

فيهم ورقّ لي العذول

وقوله: [من الرجز]

تنبهي يا عذبات الرّند كم

ذا الكرى هبّ نسيم نجد

مرّ على الرّوض وجاء سحرا

يسحب ثوبي أرج ورند

حتى إذا عانقت منها نفحة

عاد سموما والغرام يعدي

ص: 75

وا عجبا منّي أستشفي الصّبا

وما تزيد النّار غير وقد

أعلّل القلب ببان رامة

وما ينوب غصن عن مد

وأسأل الرّبع ومن لي وعى

رجع الكلام أو سخا بردّ

تعلّة وقوفنا بطلل

وضلة سؤالنا لصلد

وأقتضي النوح حمامات اللوى

هيهات ما عند اللوى ما عندي

بانوا فلا دار العقيق بعدهم

داري ولا عهد الحمى بعهدي

وأنت يا عيني وعدت بالبكا

هذا الفراق فانعمي بالوعد

آه من البعد ولو رفقتم

ما ضرّني تأوّهي للبعد

ماذا على العاذل لو كنّيت عن

حزوى وليلى بالحمى وهند

وقوله: [الطويل]

أمن بابل أم من لواحظك السّحر

أمن حانة أم من مراشفك الخمر

وهل ما أراه الموت أم حادث النوى

وهل هو شوق بين جنبيّ أم جمر

سلوا بعدكم وادي الحمى ما أساله

دمي أم دموع العاشقين أم القطر

أيحكي الحيا عذب المذاقة أبيضا

سيول دموعي وهي مالحة حمر

يجفّ السحاب الرطب فيكم وتنضب ال

مياه وطرفي ما يجفّ له شفر

بكيت دما إذ ليس لي عنكم غنى

وذبت جوى إذ ليس لي عنكم صبر

منها:

وفي الركب من لو حطّ ليلا نقابه

لردّ الدآدي وهي من وجهه قمر «1»

بكى فالتقى باللؤلؤ الرطب هازئا

على نحره من طرفه اللؤلؤ النثر

ص: 76