الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
57- محمد بن سبط الحافظ، شمس الدين
ذكي الفطنة، زكي الفطرة، وقّاد القريحة، نقّاد المعاني الصحيحة، لطيف المحاضرة، خفيف المجالسة. يقع على نادر المعنى، لكنه ربما أتى بمساكن بلا مغنى، إذ كان مستوشل المواد، مستوحش الجواد، لا دربة له بممارسة، ولا رغبة تقدمت له في مدارسة، اعتمادا على ضياء حسه، وصفاء جوهر نفسه. مركب أعاريض الشعر، ولا يلحج في بحاره، ولا يدلج ليله قبل تبلج أسحاره. وخدم في الدواوين زمانا، ثم في الجيش بصفد خدمة أخذ بها الرامح من قلبه أمانا، وكان يجيد حلّ المترجم ويبيّن ما أسرّه قلم كاتبه وجمجم، بفهم إلى قراءته، يسارعه كأنه واضعه متى نظره قرأه لا يتوقف، كأنه هو الذي كتبه وسطره. ومن شعره:[الطويل]
وذي شنب مالت إلى فيه شمعة
…
وعادت إلى رجليه عن شفتيه
وقالت: بدا من فيه شهد فهزّني
…
بذكر لأوطاني فملت إليه
فحالت يد الأيام بيني وبينه
…
فعفّرت أجفاني على قدميه
ومنهم:
58- محمد بن سباع الصائغ، الدمشقي، أبو يوسف، شمس الدين
«13»
صائغ لا غشّ في ذهبه، ولا غلّ في أدبه، ولا غب لزيارة سحبه. قطف غضّ البلاغة، وجاء بالكلام كمال يقال: صاغه صياغة. وما كان ابن سباع إلا وهو شبل قسورة، ولا نعت بالشمس إلا لأن الليالي كانت به مقمرة.
وهو ممن أخذت عنه العروض، وكان فيه إماما، وقطّعت بحوره لا أرد الماء إلا حماما. وتعلمت منه علم القوافي، وطرت في دقيقه وجليله بالقوادم والخوافي.
وكانت حانوته بقيسارية الصاغة بدمشق سوق ذهب وأدب، كلاهما إبريز، وهما ما هما وله فيهما التبريز. وله أوفر قسم من النحو والعربية والمقامات (214) الحريرية، وسائر المواد الأدبية. ومن أشعاره المولدة العربية الذهبية، قوله:[الكامل]
وتخيّروا تلك الحزون منازلا
…
بالحزم للأمر الأشدّ الأصعب
ملأت خيامهم الجهات فلم يكد
…
للقرب يفرق مضرب من مضرب
ومنه قوله يذكر حريق بلد أخذ منه الكفر: [الكامل]
طهّرتها من أهلها بدمائهم
…
وجعلت باسمك ربعها مأنوسا
أمهرتها عزما ملأت به الدّنى
…
ولقد ملكت كما بذلت نفيسا
ورميت فيها النار تطهيرا لها
…
مثنى فمنها الشّرك عاد يؤوسا
فكأنّها والنّار في جنباتها
…
نبت به الشّيطان غرّ مجوسا
وسلبتها مما حوته ذخائرا
…
وجواهرا ونفائسا ونفوسا
وتركتهم برا وبحرا جيفة
…
من بالقصور يظنها ناووسا
ومنه قوله في فتح عكا وصور: [الكامل]
قلقلت أرض الشام عند دخولها
…
ركضا بجيش كالسحاب عرمرم
قد كان وجه الشمس غير مبرقع
…
لولاهم والبدر غير ملثّم
فأريت عكاما بعمورية
…
رأت الفوارس في الزمان الأقدم
فتح محيّا الدهر موسوم به
…
وزمانه في دورة كالموسم
ما الرأي إلا عند قلب ثابت
…
والسيف إلا في يمين مصمم
قد حزت صورا في تقضّي فتحها
…
فبشكرك الإسلام رطب المبسم