الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم أنسها يوم الوداع وقد دعت
…
دمعا يكلّل خدّها فأجابها
فكأنّه درّ على ديباجة
…
أو روضة طلّ السّماء أصابها
خافت غداة البين من رقبائها
…
لّما رأت بلّ الدموع نقابها
زجرت دموعا مثل لؤلؤ ثغرها
…
حتى حسبنا كلّلت أهدابها
وقوله: [المتقارب]
خذوا حذركم من سيوف المقل
…
فليس لكم بسطاها قبل
وقوا أنفسا إن رمت أسهما
…
فما هي إلّا سهام الأجل
وإن نفثت سحرها أورنت
…
فليس تفيد الرّقي والحيل
فهل لدمي آخذ من رشا
…
يصول ولا يختشي إن قتل
(285)
وقوله: [الكامل]
وسرت سيوفك في الكماة كما سرت
…
سنة الكرى في مقلة النّوّام
لا يشعرون إذا قطعت رقابهم
…
لولا التحاق الهام بالأقدام
وقوله: [الخفيف]
وكأنّ الكماة صرعى مدام
…
رقدوا من ظباك لا إغفاء
إذ سقتهم سيوفك البيض كأسا
…
فتراهم صرعى تفانوا دماء
ومنهم:
65- سليمان بن داود بن سليمان بن محمّد بن عبد الحقّ، الحنفيّ، أبو الربيع، صدر الدين
من بيت فقه وقضاء، وعلم كأحسن وجوه الكواكب الوضاء. تفقّه على مذهب الإمام أبي حنيفة، ويغلب على ظنّي أنّه لم يعلق في المدارس بوظيفة.
وجاس خلال البلاد، وجاز على ملوك المغل ثمّ عاد. ووصل مع رسل جاءت منهم مشاركا في الرّسالة، مشارا إليه بينهم بالجلالة. ما الأري «1» المشار إلّا مذاقه، ولا النّهار المنير إلّا إشراقه، ولا سلاف العقار إلّا ما أسمع، ولا البدور الكوامل إلّا ما أطلع، ولا العراب الأتراب إلّا ما أبدى من بنيّات فكره فجلا أو أكنّ فبرقع.
وهو في كلّ فنونه مبرّز، ولعيونه محرز. حاز البيان بحدّه، وملك منه ملكا سليمانيّا لا ينبغي لأحد من بعده، بقريحة عرفت بالسماح حتى لوم حاتم، وتصرّفت في ملك البيان تصرّف سليمان وقلمه الخاتم، لقدرة طبّ «2» بها فخر
العقود، وتصرّف بها تصرّف سليمان بن داود. لم يبق عروض حتى زخر له بحره، ولا سرّ بلاغة حتى ضمّ عليه صدره، ولا تفنّن أهل غرب أو شرق حتى جمع، وتفنّن فيه حتى قصر دونه كلّ طمع، مما ينافس فيه البديع، ويجانس وشي صنعاء حسنه الصّنيع، وينشر ملاءات الحبر من فكره السحابيّ أبو الربيع، مما تقذف به السّفن والرّكاب، وتجري الريح بأمره مسخّرة حيث أصاب، لمحاسن أبعد فيها وأبدع، وظلّ بها كلّ من حضر مجلسه السّليمانيّ وكأنه الهدهد يسجد ويركع. هذا ونشره يلوح على الأسارير، وندى وجهه تخوضه (286) العيون ثم تقول إنّه صرح ممرّد من قوارير.
ومن شعره الذي يروق، ودرّه الذي يفوق، قوله:[الوافر]
أروم وصاله فيصدّ قلبي
…
بلحظ قد حمى رشف الثّنايا
فبين لحاظ عينيه وقلبي
…
وبين الوصل معترك المنايا
وقوله: [المتقارب]
ولما انقضى وقت توديعها
…
عشيّة بين وجدّ السّفر
وقفت بجسم يريها السّها
…
وسارت بوجه يريني القمر «1»
وقوله: [الرمل]
حظّ عينيّ من الدّنيا القذى
…
وفؤادي حظّه منها الأذى
ولكم حاولت فيها راحة
…
ما أراد الله إلّا هكذا
وقوله: [السريع]
لمّا بدا في خدّه عارض
…
وشاق طرفي نبته الأخضر
أمطر أجفاني مستقبلا
…
فقلت هذا عارض ممطر
وقوله: [الخفيف]
إن بدا لي وتبت عن شرب راحي
…
ودعاني إليه دفّ وعود
فأدر يا نديم كأس مدامي
…
وعليّ الضّمان أنّي أعود
وقوله: [مخلع البسيط]
عطشت في مجلس وفيه
…
ساق كريم يدير خمرا
سقيت لما عطشت كأسا
…
يا ليتني لو عطشت أخرى
وقوله: [الطويل]
تعشّقته ظبيا فنمّ عذاره
…
فناديت يا قلبي خلصت من السّبي
فقال أتسلو عند نبت عذاره
…
ألم تدر أنّ المسك ينبت في الظّبي
وقوله: [مجزوء الكامل]
من يكن أعمى أصمّا
…
يدخل الحان جهارا
(287)
يسمع الحان تتلى
…
وترى النّاس سكارى
وقوله: [الطويل]
بدا الشّعر في الخدّ الذي كان مشتهى
…
فأخفى عن المعشوق حالي وما يخفى
لقد كانت الأرداف بالأمس روضة
…
من الورد وهي اليوم موردة الحلفا «1»
وقوله: [المجتث]
أهوى رشا غريرا
…
لم يبق فيّ بقيا
من مهجتي ودمعي
…
رعيا له وسقيا
وقوله: [الخفيف]
يا رسول الحبيب غث مستهاما
…
مغرما يعشق الغرام ديانه
حدّث الخائف الكئيب من الهج
…
ر فهو ممّن يرى الحديث أمانه
وقوله: [الطويل]
أناديك موسى إذ رأيتك واردا
…
ومقتبسا نارا وقد قيل لا ولا
أيا قابسا خذ من فؤادي جذوة
…
ويا واردا رد من دموعي منهلا
وقوله: [مخلع البسيط]
قل للذي حين رام رزقا
…
بكلّ مالا يليق لاذا
أقصر عناء ونم قريرا
…
فالرّزق يأتي بدون هذا
وقوله: [الطويل]
وقائلة يوم الوداع أرى دما
…
تفيض به عيناك قلت لا أدري
ألم تعلمي أنّ الفؤاد لبيننا
…
يذوب وأنّ العين لا بدّ أن تجري
وقوله: [الكامل]
وإلام أمنحك الوداد سجيّة
…
وأبوء بالحرمان منك وبالأذى
ويلومني فيك العذول وليس لي
…
دمع يعي، وإلى متى تبقى كذا
وقوله، مما كتبه إليّ:[الطويل]
نشأت شهاب الدين بالعلم والحجا
…
وفقت الورى فضلا وعلما وسؤددا
(288)
شهاب العلا قد كان قبلك في العلا
…
شهاب ومحمود وقد جئت أحمدا
وقوله: [السريع]
ضيّعت أموالي في سائب
…
يظهر لي بالودّ كالصّاحب
لّما انتهى مالي انتهى ودّه
…
واضيعة الأموال في السّائب
وقوله: [الطويل]
يقول نديمي عن نصوح بكفّه
…
لقد فضح الصّهبا وجلّ عن الخبث
فقلت هو المطبوخ من جسد لها
…
ألم تره قد صار منها على الثّلث
وقوله: [الطويل]
أقول لثغري والحبيب رضابه
…
مدامي، ونقلي لثم أيد وأرجل
أيا ثغر قبّل جيده وجبينه
…
تنقّل فلذّات الهوى في التّنقّل