الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنه قوله: «1» [الرمل]
أنا مرآة فإن أبصرتم
…
حسنا أنتم بها ذاك الحسن
أو تروا ما ليس يرضيكم فقد
…
صدئت إذ لم تروها من زمن «2»
ومنهم:
50- جوبان القوّاس
«13»
واسمه رمضان، ولقبه أمين الدين. لسان (172) ينفق درّا، وبيان ينفث سحرا، وسنان يصيب نحرا، وحسّان يؤيّد بروح القدس إذا قال شعرا، كان لا يقرأ ولا يكتب، ولا سلف له سابق بأديب، ولا درس، بل كان شغله صنعة القسيّ يطلع أهلّتها، ويصنع من سقام الأصيل حلّتها. وحكى لي شيخنا شهاب الدين محمود الحلّي الكاتب عنه، أنه كان يدّعي الأميّة، وكان بخلاف ما يدّعيه، قرأ وكتب وحفظ المفصّل في النحو. وحكى لي صاحبنا الشيخ جمال الدين، أبو زكريا يحيى بن الغويرة السّلميّ عنه، أنّه كان يأخذ الخطوط المنسوبة الفائقة بخط ابن البوّاب، والوليّ التبريزي، وأمثالها ويضعها قدّامه بحيث يراها، ثمّ يقصّ من التّوّ مثلها ويلصقها أسطرا على الدروج، لا يفرّق بين ما قصّه منها بالمقصّ وبين ما كتبه أولئك الكتّاب بالقلم. وحكى لي حسن بن المحدّث الكاتب أنه كان يكون قاعدا في عمل صناعته وهو ينظم القطعة من الشّعر، النظم الجيّد المرضي، وفي شعره ما يبلّل بقطره الغمائم، ويلطم بنشره اللطائم، ومنه قوله:«3» [الطويل]
وعهدي بوجه الأرض مبتسما فلم
…
تغرغر منه الدّمع في مقل الغدر «1»
إذ أرجف الماء النسيم لوقته
…
كساه شعاع الشمس درعا من التّبر
وقوله:
نصون الحميّا بالقناني وإنّما
…
نصون القناني بالحميّا ولا ندري «2»
ولما حكى الرّاووق في العين شكله
…
وقد علق العنقود في سالف الدّهر
تذكّر عهدا بالكروم فكلّه
…
عيون على أيام عصر الصّبا تجري «3»
يناولنيها مخطف الخصر أغيد
…
فلله ذاك الأغيد المخطف الخصر
يقول وفرط السّكر يثني لسانه
…
إلى غير ما يرضي التّقى وهو لا يدري «4»
ومن كان لا تحوي ذراعاه مئزري
…
فدون الذي تحوي أنامله خصري
وقوله:
لك بين حزني والسّرور مقام
…
فلذاك أعذر في الهوى وألام
(173)
ولك السّرى بين الرّقاد ويقظتي
…
فالوجد لا فكر ولا أحلام
يا حيرة العشّاق في سبل الهوى
…
إذ ليس يدرك علمه فيرام
كتب الغرام على صحيفة خدّه
…
مت عاشقا فلتتعب اللّوام
وقوله:
أدر علينا كأس ذكر الحبيب
…
فإنّه يسكر سكرا عجيب
لو نسيمات بنشر الحمى
…
تأتي مع الصّبح لمات الكئيب
وا رحمتا للصّبّ إن عرضوا
…
بذكر من يهواه عند الرقيب
يروم أن يكتم أحواله
…
وكيف تخفى لمحات المريب
وقوله في مليح له خال رقم ديباجة خدّه، وخال أنّه هو سبب صدّه، وأتى بلفظة حاله هنا تورية حسنة على ابتذالها وكثرة استعمالها:[السريع]
وأسمر يخجل سمر القنا
…
معسوله تحمي بعسّاله
يتمنّى خال على خدّه
…
وآفة العشاق من حاله
وقوله: [الطويل]
تحمّلت فيك السّقم حتى رحمتني
…
فحاكيت حالي والتوجّع مسقم
وأحرقت قلبي بالجفا وسكنته
…
فلا غرو إن فاحت عليك جهنّم
ومذ غاض ما استودعت في الخدّ من دمي
…
بكيت به إلّا فمن أين لي دم
وقوله: [السريع]
لولا عيون الرشأ الأكحل
…
ما وصل السّهم إلى مقلتي
رقّ لي العاذل من لوعتي
…
فكيف لو شاهده عذّلي
وقوله: [مجزوء الخفيف]
سار مزموم ركبهم
…
وهو عنّي مجنّب
فأنا اليوم بعدهم
…
بالمغاني مشبّب
وقوله في القوس، وبذل فيه جهد استطاعته، وأجاد في صناعته:
[الخفيف]
أنا عون على هلاك عداكا
…
زادك الله نصرة وحماكا
(174)
فادعني في الوغى تجدني صبورا
…
نافذ السّهم في العلا فتّاكا
ربّ في الحرب نلت مطلبك ال
…
أقصى وما بي من قدرة لولاكا
وقوله في مليح لعب بالصوالجة، فطارت الكرة إلى وجهه فأثّرت فيه، وحقّقت باللّدم له بالبدر التّشبيه:[البسيط]
وافى وقد أثّرت في وجهه كرة
…
جاءته قاصدة من غير مقتصد
لم ألق في حرجي من فعلها ألما
…
بقدر ما نالني من شدّة الحسد
وقوله: «1» [مجزوء الكامل]
ربّح وخذ بنسيئة
…
واشرب وامطل ودافع «2»
فأحقّ ما أكل المحا
…
لي مال أرباب المطامع
وقوله، وهما في جملة قطعة من قطعه السائرة، وأبياته التي علقت بكلّ ذاكرة:«3» [البسيط]
لاح الهلال ابن يوميه فأذكرني
…
شرب المدامة تجلى من يد السّاقي «4»
كأنّه شفق للكأس قد نقصت
…
بالميل والخمر شفّاق على الباقي
وقوله: [مجزوء الوافر]
تفرّق عقله فرقا
…
كذاك يصاب من عشقا
وأودع قلبه حجرا
…
من الوجنات فاحترقا
وقوله: [الكامل]
قابل مذلّة من أتاك بعذره
…
بالصفح إنّ العذر خير شفيع
وإذا غفرت فلا تشوب حلاوة ال
…
غفران منك مرارة التقريع
وقوله: [الوافر]
أغايظه ليعرض بالتجنّي
…
فيحلو لي إذا أبدى الدلالا
وإن عرف الفتى مقدار شيء
…
عزيز من بضاعته تغالى
وقوله: «1» [مخلع البسيط]
جئت أريد الحمّام يوما
…
فغرّني النقش والحصير
أنقل خوف الوقوع رجلي
…
فيها كما ينقل الضرير
(175)
جهنّم لا يصاب فيها
…
وهج بل الكلّ زمهرير
وكلّما جاءها زبون
…
قلنا ألم يأتكم نذير
وقوله: [المنسرح]
نفس الخسيس البخيل كامنة
…
فيه ولو حاز ملك قارون
يعطي ويقري وفي مخايله
…
منّ شحيح وكظم مغبون
وقوله: «2» [الوافر]
حمانا الترك وانتهكوا حمانا
…
وليس يفي التواصل بالصدود «3»
حمونا بالصوارم والعوالي
…
وجاروا باللواحظ والقدود
وقوله يرثي صديقا له: [الخفيف]
كيف نسلو يا زين أو نتناسى
…
خلقا منك يطرب الجلّاسا
لست أبكي عليه لكن على نف
…
سي أبكي فقد عدمت النّاسا
وقوله: [الطويل]
ولما نزلنا دوحة الزهر نجتلي
…
محاسن ما قد نظّمته يد القطر
فما خلتها إلّا تماثيل عنبر
…
وقد جلّلت من فوقها شبك الدّرّ
وقوله: [البسيط]
أرني المنافس في الدنيا ليجمعها
…
حرصا وللرزق حكم يبطل السّببا
كلاعب النّرد يفني في تصرّفه
…
جهدا ويمنعه المقدار ما طلبا
وقوله: [البسيط]
وباقة ألّفت من نرجس نضر
…
تروق أبصارنا بالمنظر العجب
تخال مائدة من فضّة وضعت
…
وبثّ فيها سكاريج من الذّهب «1»
وقوله: [المديد]
أيّها الحادي أقم نفسا
…
فلعمري فيك إحسان
اسأل الأحباب أن يعدوا
…
عودة فالقوم قد لانوا
(176)
رحلوا والقلب بينهم
…
يتوارى وهو وجلان
خيفة ممّن يهيم بهم
…
كلّ من في الركب غيران
وحكي أنه كان يعهد غلاما مصونا، ذا جمال رائق، وكمال فائق، وحسن يعذر به الوامق، وانجذاب يطمع بمثله العاشق، وكان يعهده يجرح قلبه ولا يكلّمه، ويروي نظره منه ولا يطفأ تضرّمه، فمرّ به وقد تمادى عليه زمان في
حانوت معلّمه، فمذ رآه افترّ له بمبسمه، فأراد أن يجلس إليه فأشار إليه ألّا يفعل، فعلق قلبه برحم إيمائه، وقوي طمعه في الوصول إلى نجم سمائه، وكان الغلام قد خاف معلّمه لأنّه كان به مفتونا لا يكفّ عنه نظرا، ولا يبصر غيره ولا يرى، وكان المعلّم وهو الذي راض جامح ذلك الغلام، وعلّمه أن يرمي بطرفه تلك السّهام، فانصرف عنه وهو يقول:[المنسرح]
أقصد حانوته فيغمزني
…
أن لا تقف عندنا لتهتكنا
فإنّ هذا معلّمي رجل
…
قد لاط قسطا من عمره وزنا
لا جمّل الله من معلّمه
…
بالسّتر عرقا إن مات أو دفنا
علّمه صنعة يعيش بها
…
معه، وأخرى بها أموت أنا
قلت، وقد سكّن (معه) في هذا البيت وهو معيب. وكان شيخنا شهاب الدين محمود رحمه الله يقول: قلّ أن نهضت قافية مقيّدة، أو عمّر بيت سكّنت فيه مع.
قلت: وفي قول شيخنا هذا مطلقا نظر، و (مع) ، الساكنة مع غير ضمير أخفّ منها ساكنة مع الضمير. ثمّ نرجع إلى تتمّة شعره فنقول، ومنه قوله:[الطويل]
ألقت هواي في هواكم فراضني
…
فلم يبق لي نفس تخالف عن أمري
وقد كنت ذا صبر على ما ينوبني
…
فعلّمني هجرانكم قلّة الصّبر
وقوله: [السريع]
لما بدا الشّعر على سالفيه
…
سعى به من كان يسعى إليه
(177)
ما عاينت من قبله مقلتي
…
بدرا عراه النّقص من جانبيه
وقوله في الحشيشة: [الوافر]
إذا فرص بدت لك فانتهزها
…
فأعمار السّرور بها قصار
وخذها من معنبرة بلون
…
كلون الآس يلحقها اصفرار
تطوف على الأكفّ بغير كاس
…
لها، وحياتها الحبّ الصغار
وودّع غيرها إن خفت عارا
…
فحسوة غيرها ذل وعار
فلو أنّ الحشيش تزيد فهما
…
لنال بفهمه الرّتب الحمار
وقوله: [السريع]
يعبث عجبا بقلوب الورى
…
في الشّحّ بالوصل وبذل السّماح
يؤنس بالنرجس من يجتني
…
فإن لوى أطعمه بالأقاح
وقوله في الأذريون، وأهل دمشق تسمّيه (الكركاش) :[الكامل]
انظر إلى الكركاش وهو محدّق
…
كالتّبر محتاط عليه يدار
فكأنّه فم شادن متبسّم
…
من فوق رأس لسانه دينار
وقوله: [السريع]
تبّا لحمّام نشبنا بها
…
لم نر فيها خصلة صالحة
فبابها كالفحم لكنّها
…
كالثّلج منها نقطة راسخة
والماء كالبولة لكنّه
…
سخن غليظ سهك الرائحة «1»
فيها ضباب عاقد تغتدي
…
أوجهنا في نقعه كالحة
والسّدر كالوحل على أرضها
…
قد لزم الشّعر من البارحة
وما الذي يذهب غيّابه
…
وليس فيه نقطة شارحة
وفيم أترف من أحذم
…
علامة الشّرّ به لائحة
تتلو علينا كلّما جئنا
…
هـ نتلو سورة الفاتحة
وقوله: «1» [السريع]
نفّش غصن البان أذنابه
…
واهتزّ عند الصّبح عجبا وفاح
وقال هل في الروض مثلي وقد
…
عزوا إلى غصني قدود الملاح «2»
(178)
فحدّق النرجس يهزا به
…
وقال حقّا قلته أو مزاح؟!
قال له البان ألا تستحي
…
ما هذه إلّا عيون وقاح «3»
وقوله: [الخفيف]
وعدت زورة إذا الليل جنّا
…
فتجافى الكرى جفون المعنّى
وغدا بين خوفه والدّجى هل
…
ل إليه الصباح أو هي أدنى
وقوله: [مجزوء الرجز]
ذو مقلة صحيحة
…
ألحاظها منكسرة
كأنّها من فعله
…
بصبّها معتذرة
أوصافه كاملة
…
وفي الورى مختصرة
يا ربّ خذ رقيبه
…
فهو أشدّ العشرة
وقوله: [الوافر]
لئن جحدتني العينان ظلما
…
وجوب دمي فإنّ الخدّ يشهد
بخلت على الخليل بغير ذنب
…
جناه بطيب مرشفك المبرّد