الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موضع المعوّل، والوفاء الذي شكر بدونه السموأل، وهو أقدر النّاس على نظم، وأسرع فيه تقريبا لفهم، ومنه قوله:[مجزوء الرجز]
قلت له: كم تشتكي
…
أتشتهي خذ واتّكي
فقال: لا. قلت له:
…
لا تشتهي وتشتكي
وقوله في زوجة له ماتت، وكانت لخلائقه قد واتت، ثمّ مضت كأنها ما أصبحت عنده، ولا باتت، فجرحه مصابها، وجرّعه صابها، فواصل حزن قلبه قطيعتها، وأنطق لسان شكواه فجيعتها:[الطويل]
أقول لقلبي حين غيبها الثّرى
…
تسلّ فكلّ للمنيّة صائر
وفي كلّ شيء للفتى ألف حيلة
…
ولا حيلة فيمن حوته المقابر
وقوله: [الكامل]
قالت وقد راودتها عن حالة
…
يا جارتي لا تسألي عمّا جرى
إنّي بليت بعاشق في أيره
…
كبر بلا فلس ويطلب من ورا
وقوله: [الطويل]
وبي رشأ ريحان خطّ عذاره
…
مسلسله حول الحواشي محقّق
على وجنة قد ورّد الورد لونها
…
وقلب شقيق الروض منه مشقّق
ومنهم:
67- يحيى بن محمّد بن زكريا، العامريّ
الخبّاز في التنّور. وهو شاعر عطّل الخبّاز البلديّ فنّه، وأنف أن يكون من الخبز أرزي خدنه، وسجر التنّور وأوقده ذهنه، بقريحة محصّلة لم تتّكل، على حاصل ابن القمّاح، ولا قنعت بمدّ (290) ابن خضير الحوراني، لما تشكّله على الألواح. ما قدح خاطره المتوقّد إلّا مثل هذا الفكر المسجور، ولا استمرئ فكره المتدفّق إلّا قيل جاء أمر الله وفار التّنّور. تتحاشد عليه المسامع تحاشد الطّبون «1» وتتحاسد تحاسد نظرائه في الزّبون. تدرك فطرته المعاني بخرصها، وتودّ الشمس لو جرّت ناره إلى قرصها. تودّ فحمة الليل لو أنّها في تنّوره أحرقت، وعنبرة الصّدغ لو استدارت بوجوه أرغفته التي أشرقت، بتصرّف لا تتلوّم به الأعذار، ومعنى يخرج من فكره وله الغداة نوار، إلى خطّ كأنّه رغيفه على الألواح له من الشّونيز «2» عذار. فلو رآه ابن الروميّ لعدل عن مدح صانع
الرّقاق، وقطع له دونه بالاستحقاق، ولراسله ابن المعتزّ في تشبيهه السّوقي، وقدّمه على تشبيهه الملوكي، لبديهته التي في مثل اللمح بالبصر، وصناعته التي بينما هو متجمّع لها كأنّها كرة إذا بها قوراء كالقمر، وسرعته التي مقدار ما تنداح دائرة في صفحة الماء تلتقي فيه بالحجر.
ومن شعره قوله: [الطويل]
كأنّ هلال الصّبح والشهب حوله
…
مليك عليه الخاصكيّة تحدق
ولفّ الثريّا قصة رفعت له
…
عليها لسان الصّبح بالبشر ينطق
وقوله: [الكامل]
زهر السّفر جل بالجميل رأيته
…
قد فاق زهر اللّوز في الأوصاف
هذا ينثّر للنّسيم دراهما
…
ونثار ذا بخفائف الأنصاف
وقوله: [الطويل]
ولم أنس زهر اللّوز عند عشيّة
…
وقد ميّلت ريح الصّبا لين أعطافه
طربنا لتغريد الحمائم فوقه
…
فنقّط وجه الأرض من جملة أنصافه
وقوله: [الكامل]
أين السيوف من العيون نسلّها
…
غلظا وإن كانت بصقل تلمع
إنّ السيوف قواطع بصقالها
…
إلّا العيون إذا تصدّت تقطع
وقوله: [الطويل]
ولّما رأى حبّي سقامي يزيدني
…
فقال: إلى كم ذا المقال يزيد
(291)
فقلت: وهل لي صحّة وسلامة
…
وجفناك مرضى إن ذا لبعيد
وقوله: [السريع]
قلت لمن ينتف أصداغه
…
لا يكره الريحان حول الشقيق
واعتق لشعر الذّقن من نتفها
…
فالشيخ سنّيّ يحبّ العتيق
وقوله من قصيد: [الكامل]
والياسمين كأنّه من فضّة
…
قد صيغ للنّدمان كالصّلبان
ولأجل ذا قد غرّد الشّحرور في
…
حلل السّواد كحلية الرّهبان
وقوله: [البسيط]
بادر إلى فرص اللّذّات في الغلس
…
واجل المدامة تغنينا عن القبس
فمسكة الليل قد فتّت نوافجها
…
على الرياض فأهدت أطيب النّفس «1»
ووجه روضك بسّام ونرجسه
…
محدّق الطّرف لا يخشى من النّعس
وإن رأيت النّدى في الأقحوان بدا
…
فنزّه الطّرف بين الثّغر واللّعس
وقوله: [الكامل]
لا تعجبوا لسرور من أحببته
…
ودمي عليه في المحبّة يسفك
فدم الشقيق يسيل من وجناته
…
وبجنبه ثغر الأقاحي يضحك
وقوله في مثاقف: [المتقارب]
لئن شبّهوا قدّه بالغصون
…
أو الوجه بالبدر خافوا عليه
وأخطا المشبّه في حقّ من
…
غدا الغصن والبدر في قبضتيه
وقوله: [الطويل]
تتيّمت زهر اللوز من أجل سبقه
…
يخبّرنا إنّ الرّبيع لقادم
وأعجب ما عاينته منه أنّه
…
يقطّع من أعضائه وهو باسم
وقوله في أقطع: [الطويل]
وبي أقطع ما زال يسخو بماله
…
ومن قاصديه قطّ ما ردّ سائل
(292)
تناهت يداه فاستطال عطاؤها
…
وعند التّناهي يقصر المتطاول
وقوله مضمّنا: [الوافر]
أحبّ الجحر دون الكسّ قصدا
…
ولا أبغي على ذاك ازديادا
ولي نفس تحلّ بي الرّوابي
…
وتأنف أن يحلّ بي الوهادا
وقوله: [السريع]
باكر عروس الرّوض واستجلها
…
وطلّق الحزن ثلاثا بتات
بقهوة حلّت لنا كلّما
…
حلّت لآلي القطر جيد النبات