الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان سادنها دُبيَّة بن حرمي السلمي، ثم الشيباني (1)، فلما رأى خالد بن الوليد قال:
أعزى شدّي شدّةً لا تكذبي (2)
…
على خالد ألقي الخِمار وشمِّري
فإنك إن لم تقتلي اليوم خالداً
…
فبوئي بذل عاجل وتنصري
فقال خالد: يا عزى كفرانك لا سبحانك إني رأيتُ اللهَ قد أهانك.
فهدمها. فلما عاد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: تلك العُزّى ولا عزى بعدها للعرب، أما أنها لن تعبد بعد اليوم.
وهذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين ما لهذا الطاغية في نفوس العرب قبل الإسلام، فحمداً لمن أبدلنا خيراً منها، وهدانا إلى الصراط السوي، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
عُسْفان:
بضم العين المهملة وسكون السين المهملة أيضاً على وزن فُعْلان، بلدة تاريخية عامرة، تقع شمال مكة على ثمانين كيلاً، على المحجة إلى المدينة المنورة، يلتقي فيها واديان: وادي فيدة، ووادي الصغو، فيها آبار عذبة قديمة مجصصة .. منها بئر التفلة تشبه في عذوبتها بئر الجعرانة، قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفل فيها عندما مر بها في غزوة الفتح (انظر الحديث عنها في الجزء الثاني من معجم معالم الحجاز).
وقال بعض الزنادقة: إن التصديق بمثل هذا العمل خرافة. وقد ضل عقله، فإن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، معجزات هي أكبر من
(1) نسبة إلى شيبان بن جابر بن مرة بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن عتبة بن سليم بن منصور، وقد دخلت اليوم بنو شيبان في برقا من عتيبة.
(2)
معجم البلدان (العزى).
هذا. وفي عسفان اليوم مركز إمارة يتبع الجموم، وسكان البلد قبيلة بني بشر من حرب وأمير المركز ابن حمادي شيخ هذه القبيلة.
ويشرف على البلدة من جميع نواحيها حرار سود، وتفترق منها ثلاث طرق: إلى المدينة، وإلى مكة، وإلى جُدَّة. وتعتبر عسفان عقدة مواصلات في هذه الناحية، ومنهلاً من مناهل البادية، وبوابة استراتيجية هامة في قلب الحجاز، وماؤها غزير، وهناك نية لإجرائه إلى جُدَّة، على قرابة سبعين كيلاً.
وقد وهم حمد حين قال: عسفان هو واد عظيم فيه قرى.
وأقول: الاسم للبلدة وليس لوادٍ (1).
غزا رسول اللُه صلى الله عليه وسلم بني لَحْيان بعسفان بعد مضي خمس سنين وشهرين من الهجرة (2). وهي الغزوة المعروفة بغزوة بني لحيان كذا ثبت في السير.
وقال أعرابي:
لقد ذكَّرتْني عن حُبابٍ حمامةٌ
…
بعُسْفان أهلي فالفُؤادُ حَزِينُ
فويحكِ كم ذكّرتِني اليوم أرضَنا!
…
لعلّ حِمامي بالحجاز يكونُ
فواللهِ لا أنساكِ ما هبت الصبا
…
وما اخضرّ من عود الأراكِ فنونُ
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه: أن حاضري المسجد الحرام: عسفان وضجنان ومر الظهران. وروي في بعض الأحاديث إن مسافة القصر كعسفان عن مكة. وروي أقل من
(1) ديوان كثير 562.
(2)
انظر تفاصيل ذلك في سيرة ابن هشام، وفي الطبقات لابن سعد.