الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاعتبر الناس ذلك دليلاً على إسلام بني جذيمة. ويقول أبو علي الهجري في مدوناته عن جزيرة العرب: الغُمَيْصاء موضع من دون يلملم.
قلت: ولا أعرف موضعاً قريباً من مكة يعرف اليوم بهذا الاسم. غير أنني وقفت كثيراً عندما وردت بئر الخرقاء بوادي الأبيار، ولا أدري كيف توقعت أن هذا الموضع هو (الغُمَيْصاء) وهو كان ولا زال من ديار كنانة، وكل ما حوله من هذه الديار له اسم قديم معروف، إلاّ هو، وجميع الجبال المشرفة عليه، والأودية التي تصب فيه، وحتى العيون القديمة لا زالت تحمل أسماءها إلى يومنا هذا. أقول: لا أدري لأنه مجرد ظن.
الغَمِيْم:
بفتح الغين، وكسر الميم، ثم ياء مثناة من تحت، وميم: مكان كان يعرف بكراع الغَمِيم، وهو نعف منقاد من حرة ضجنان يغشاه الرمل، ولذا فقد سمي اليوم برقاء الغميم، والبرقاء والأبرق: مرتفع تختلط فيه الحجارة بالرمل.
تبعد برقاء الغميم أو كراع الغميم "64" كيلاً من مكة على طريق المدينة، يراها من يسير على هذا الطريق يمينه. وتبعد عن عسفان "16" كيلاً، في طريق مكة. وقد وردت في الشعر كثيراً فقال كثير عزة:(1)
قم تأمَّل فأنتَ أبصرُ مني
…
هل ترى بالغَمِيمِ من أجمالِ
قاضياتٍ لُبانةً من مُناخٍ
…
وطوافٍ وموقفٍ بالجِبَالِ
فسقى الله منتوَى أُمِّ عمرو
…
حيث أمَّت بعد صدور الرِّحالِ
(1) ديوانه ص 396.
وقال عمر بن أبي ربيعة: (1)
أمستْ كُراع الغَميم موحشةً
…
بعد الذي قد خَلا من الحِقبِ
إن تمسِ وحشاً، فقد شهدتُ بها
…
حُوراً حساناً في موكبٍ عَجبِ
وقال الشماخ: (2)
لليلى بالغميم ضوء نارٍ
…
تلوح كأنها الشِّعرا العَبُور
وقال الشَّمَيْذَر الحارثي: (3)
بني عمنا لا تذكروا الشِّعْر بعدما
…
دفنتم بصحراء الغَميم القوافيا
وقال جَرير بن الخطفي:
أنِّي نكلف بالغُمَيم حاجةً
…
نِهيا حمامة دونها وحضير
والغميم أيضاً كان يطلق على البروث التي دون ثنية خَلّ، يطؤها طريق نخلة اليمانية، قبيل علمي طريق نجد، سيلها في وادي أُفَاعِية وفي رأس وادي فَخّ، ترى حراء منها مغيب الشمس. وهناك أمكن أخرى تسمى الغميم في مواضع متفرقة من الحجاز، ولعل بعض الشعر المتقدم له صلة ببعضها الا أن شهرة كُراع الغَميم جعلت كل شعر يذكر فيه الغميم ينسب إلى هذه الكراع.
(1) ديوانه ص 57.
(2)
معجم ما استعجم.
(3)
معجم ما استعجم (الغميم).