الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واسِطٌ:
كان قرناً أسفل جمرة العَقَبة، بين مأزمي مِنىً، فأزيل في عهد قديم (في عهد الفاكهي) صاحب تأريخ مكة المشهور بتاريخ الفاكهي، ومكانه اليوم يسمى (مجَرّ الكَبْش) وهو منذ أن تغادر العقبة متجهاً نحو مكة إلى أن تخرج من بين الجبال في حي الشِّشّة.
وعندما دارت الحرب بين جُرْهم وخُزَاعة، وجلت جرهم عن مكة، قال عمرو بن الحارث بن مُضَاض الجرهمي يتشوق إلى مكة:(1)
كأن لم يكنْ بين الحُجُون إلى الصَّفا
…
أنيسٌ ولم يسمر بمكة سامرُ
ولم يتربّعْ واسطاً وجُنُوبه
…
إلى المنحنَى من ذي الأراكة حاضرُ
بلى نحن كنا أهلَها فأبادنا
…
صروفُ الليالي والجُدود العواثرُ
فأخرجنا منها المليكُ بقدره
…
كذلك، يا للنّاسِ تجري المقادرُ
فأبدلنا ربي بها دار غربةٍ
…
بها الجوع باد والعدو محاصر
فصرنا أحاديثاً وكنا بغبطةٍ
…
كذلك عَضّتنا السنون الغوابرُ
فسحت دموع العين تجري لبلدةٍ
…
بها حَرم آمن وفيها المشاعرُ
وهذه القصيدة فيها طول وتروى قطعاً متفرقة بنصوص مختلفة.
الوَتَائِرُ:
كأنّه جمع وتيرة، ويروى الوَتَيرِ، والوَتَران: شعبان جنوب
(1) أخبار مكة: 2/ 278.
غربي مكة، بطرف حدود الحرم، تصب في العُكَيشيْة من الغرب، تأتي من سُود حمُيّ، ثم يذهب ماؤها إلى عُرَنة، وهي في ديار خُزَاعة أيضاً، وتبعد عن مكة 16 كيلاً. وكانت قديماً من ديار خُزَاعة، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صارت غزوة الحُديَبية، حالفت خُزَاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحالفت كنانة قريشاً، فبيتت كِننةُ خُزَاعَةَ فهاجمتها بالوَتير، وقيل: إن قُريشاً أمدّت كِنانة، فاستنجدت خزاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك نقضاً للميثاق، فكان فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، وفي استناد خزاعة رسول الله، يقول عمرو بن سالم الخزاعي (1):
يا ربّ إني ناشدٌ محمداً
…
حلف أبيه وأبينا الأتلدا
فانصر هداك الله نصراً أعتدا
…
إن قريشاً أخلفوك الموعِدا
ونقضوا ميثاقَك المؤكَّدا
…
وزعموا انْ لستُ أدعو أحدا
وهم أذلُّ وأقلُّ عددا
…
هم بيّتونا بالوَتير هُجَّدا
وقتلونا رُكَّعاً سُجَّدا
وقال بُدَيل بن عبد مناة (2):
تعاقد قومٌ يفخرون ولم تدعْ
…
لهم سيداً يندوهُمُ غير ناقل
أمن خيفةِ القوم الأُلى تزدريهمُ
…
تجير الوتير خائفاً غير آيل؟
(1) معجم البلدان (الوتير) ومعجم ما استعجم، السيرة النبوية ص 320.
(2)
معجم البلدان، ومعجم ما استعجم (الوتير).
وقال أبو سهم الهدلي، وقيل: أسامة بن الحارث الهذلي (1).
ولم يَدَعُوا بينَ عرْض الوَتير
…
وبين المناقِبِ إلاّ الذِّئابا
وقال أُهبان بن لَغَط الدئلي الكناني (1):
ألا أبلغ لديكَ بني قُريْم
…
مُغَلْغَلةً يجيء بها الخبيرُ
فردُّوا لي الموالي ثم حلوا
…
مرابعكم إذا مطر الوَتير
قك: أما وتير خزاعة فلا شك أنه ما قدمنا تحديده، ولكن هذا لا يمنع أنه كان يشمل أوسع مما هو اليوم، حيث تراهم يسمونه (عرضاً) وحيث كانت تحله أو بعضه بنو قُرَيم، وديار بني قريم بعيدة عن هدا المكان، غير أنه أيضاً من المألوف قديماً وحديثاً بين قبائل العرب أن تربع قبيلة في ديار أخرى بالجوار أو نتيجة حلف أو مصاهرة، ونحو ذلك من العلاقات الإنسانية، التي كان العربي يرعاها أجل رعاية رغم جهل الجاهلين بعادات العرب وتقاليدهم وقوانينهم المرعية في الحياة العامة.
ويقول الفاسي: وهذا الموضع معروف الآن، يقال له (الوتيرين) وهو بناحية ملكان (2) قلت: لعله يقصد جهة ملكان، لأن طريقه يمر قرب الوتيرين أو الوتائر كما تقول العامة، وهما شعبان اثنان.
(1) معجم ما استعجم ومعجم البلدان (الوتير).
(2)
العقد الثمين: 1/ 17.