الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: توقيت الفعل
…
(فصل)
إن حلف ليفعلن شيئا وعين وقتا لفعله، كلأعطين1 زيدا درهما يوم كذا/2 أو سنة كذا تعين ذلك الوقت لذلك الفعل، فإن فعله فيه بر وإلا حنث؛ لأنه مقتضى يمينه3.
وإن لم يعين وقتا بأن قال: لأعطين4 زيدا درهما لم يحنث حتى ييأس من فعله بتلف محلوف عليه، أو موت حالف أو نحو ذلك لأن اللفظ يحتمل إرادة المحلوف عليه في وقت ويحتمل غيره فيرجع إلى ما نواه ككنايات5 الطلاق والعتاق6 وإن لم تكن له نية لم يحنث قبل اليأس من فعله7، فإن الله تعالى قال: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ
…
} 8 الآية. فقال عمر: يا رسول الله أو لم تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ " قال: "بلى أفأخبرتك أنك آتيه العام؟ " قال: "لا"، قال: "فإنك آتيه وتطوف به" 9
1 في (ب)"كلا أعطين".
2 نهاية لـ (17) من (أ) .
3 الإقناع: 4/335، شرح المنتهى: 3/425.
4 في (ب) : "لا أعطين".
5 في (ب) : "لكنايات".
6 المقنع: 3/568، غاية المنتهى: 3/372.
7 المبدع: 9/270.
8 من الآية (27) من سورة الفتح.
9 رواه البخاري في كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط: 7/119-123، من حديث طويل من طريق المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم.
لكن يستثنى من ذلك ما إذا حلف ليخرجن من هذه الدار أو ليرحلن1 منها، أو لا سكنت فيها وأقام فيها بعد يمينه زمنا يمكنه الخروج حنث2.
وبه قال الشافعي3.
وإن أقام لنقل رحله ومتاعه لم يحنث4، وفاقا لأبي حنيفة5.
وحكي عن مالك6: إن أقام دون اليوم والليلة لم يحنث؛ لأن ذلك قليل يحتاج7 إليه في الانتقال.
وقال الشافعي8: يحنث بإقامته لنقل رحله ومتاعه؛ لأن اسم السكنى يقع على الابتداء وعلى الاستدامة.
وعن زفر9: أنه يحنث في الحال؛ لأنه لا بد من أن يكون ساكنا عقب يمينه ولو لحظة فيحنث بها10.
1 في (أ) : "وليرحلن".
2 الكافي: 4/408، كشف المخدرات: 2/236.
3 الأم: 8/401، المنهاج:145.
4 المقنع: 3/590، الإقناع: 4/353.
5 تبيين الحقائق: 3/119، الفتاوى الهندية: 2/74.
6 مواهب الجليل: 3/303، بلغة السالك: 1/344.
7 في (ب)"محتاج".
8 الصحيح أنه لا يحنث عند الشافعي، وذكر فقهاء الشافعية وجها: أنه يحنث.
وانظر الأم: 8/401-402، حلية العلماء: 7/259، نهاية المحتاج: 8/187.
9 المبسوط: 8/162، بدائع الصنائع: 3/72.
10 في (ب) : "فيها".
وإن حلف ليخرجن من هذه البلدة أو ليرحلن/1 عن هذه الدار ففعل، فهل له العود إليها؟، على روايتين2، قيل: يحنث بالعود لأن ظاهر حاله قصد هجران ما حلف عليه.
والذي عليه العمل3 عدم الحنث لأن يمينه على الخروج وقد خرج فانحلت يمينه إلا أن تكون له نية أو سبب يقتضي هجران ما حلف عليه4.
وإن حلف لا يسكن مع فلان أو لا يساكن فلانا وهو ساكن أو مساكن له، فأقام فوق زمن يمكنه الخروج فيه عادة نهارا بنفسه وأهله ومتاعه المقصود حنث5، وكذا لو بنى بينه وبين فلان حاجزا وهما متساكنان حنث لتساكنهما قبل انتهاء بناء الحاجز6، لا إن7 أودع متاعه أو أعاره أو ملكه لغيره بلا حيلة، أو أكره على المقام، أو لم يجد مسكنا، أو ما ينقل متاعه به، أو أبت زوجته الخروج معه ولا يمكنه إجبارها ولا النقلة بدونها مع نية النقلة إذا قدر عليها، أو أمكنته8 بدون زوجته فخرج وحده/9 أو كان في الدار حجرتان لكل حجرة باب ومرحاض فسكن كل واحد حجرة ولا نية ولا سبب يقتضي منعه من ذلك لم يحنث10.
1 نهاية لـ (19) من (ب) .
2 الشرح الكبير: 6/130.
3 الإنصاف: 11/105، الكشاف: 6/264.
4 المبدع: 9/320.
5 منتهى الإرادات:2/556-557.
6 هذا المذهب، وقيل/ لا يحنث. وانظر: الإنصاف: 11/103.
7 في (ب) : "لأن".
8 أي: أمكنته نقلة.
9 نهاية لـ (18) من (أ) .
10 المحرر: 2/80، شرح المنتهى: 3/445.
قال الشيخ1: "والزيارة ليست سكنى اتفاقا ولو طالت مدتها".
وإن حلف لا ساكنت فلانا في هذه الدار وهما غير متساكنين فبينا/2 بينهما حائطا، وفتح كل منهما بابا لنفسه وسكناها لم يحنث3.
وليخرجن من هذه البلدة فخرج وحده دون أهله بر4، وإن حلف لا يدخل دارا فحمل بغير أمره فأدخلها ويمكنه الامتناع فلم يمتنع حنث5، وذكر أبو الخطاب عدم الحنث6 وهو الصحيح من مذهب الحنفية 7 وإن لم يمكنه الامتناع لم يحنث، قال الشارح8:"لا نعلم فيه خلافا".
وإن أكره بضرب ونحوه فدخل لم يحنث9 أيضا خلافا لبعض الحنفية10.
وإن حلف لا يستخدمه فخدمه وهو ساكت، فقال القاضي11:"إن كان عبده حنث وإن كان12 عبد غيره لم يحنث".
1 الاختيارات الفقهية: 564.
2 نهاية لـ (12) من الأصل.
3 على الصحيح من المذهب، وقيل: يحنث.
وانظر المغني: 13/550، الإنصاف: 11/103.
4 الإقناع: 4/354.
5 هذا المذهب، وانظر المبدع: 9/320.
6 وهو أحد الوجهين عنده، والآخر: يحنث وانظر الهداية له: 2/32.
7 المبسوط: 8/171، الفتاوى الهندية: 2/68.
8 الشرح الكبير: 6/130.
9 وهو أصح الوجهين، والوجه الآخر: يحنث، وانظر المغني: 3/552.
10 تبيين الحقائق: 3/120.
11 قوله في المقنع: 3/592.
12 "كان" أسقطت من (ب) .
وهو قول أبي حنيفة1.
والذي عليه العمل في الحالين الحنث2؛ لأن إقراره على الخدمة استخدام3.
وقال الشافعي4: لا يحنث في الحالين لأنه حلف على فعل نفسه فلا يحنث بفعل غيره كسائر الأفعال.
ومن دعي لغذاء فحلف لا يتغذى لم يحنث بغذاء غيره إن قصده5، وقاس عليه الحنفية فقالوا6: وإن قال لمن أرادت الخروج أو ضرب العبد: إن خرجت/7 أو ضربت العبد فأنت طالق، يقيد الحلف بذلك الخروج أو الضرب، فإن مكثت ساعة ثم خرجت أو ضربت العبد لم يحنث عند أبي حنيفة رحمه الله وهي من مفرداته، وتسمى: يمين الفور8، وعللوها: بأن
1 البحر الرائق: 4/342، مجمع الأنهر: 1/555.
2 في (أ)، (ب) :"الحنث في الحالين".
3 الشرح الكبير: 6/131، الإنصاف: 11/105، شرح المنتهى: 3/446.
4 المهذب: 2/139.
5 هذا المذهب، وعن أحمد رواية: أنه يحنث.
وانظر الفروع: 6/357، قواعد ابن رجب: 278، المبدع: 9/283.
6 انظر الاختيار: 4/58، تبيين الحقائق: 3/123-124.
7 نهاية لـ (20) من (ب) .
8 في (ب) زيادة " يمين الفور، قال في تنوير الأبصار 3/794-795 حلف لا يخرج إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع حنث إذا جاوز عمران مصره على قصدها، وفي: (لا يأتيها) : لا، كما لو حلف لا تأتي امرأته عرس فلان فذهبت قبل العرس ثمة حتى مضى" انتهى.
مراد المتكلم الرد عن تلك الخرجة والضربة عرفا، ومبنى الأيمان على العرف1.
وقال زفر2 ومالك3 والشافعي4 وأحمد5: يحنث لأنه علق الطلاق على شرط وقد وجد، وقياسها على مسألة الغذاء فيه نظر.
تتمة:
قال في الفنون6 فيمن قال: "أنت طالق ثلاثا إن دخلت علي البيت، ولا كنت لي زوجة إن لم تكتبي لي نصف مالك، فكتبت له بعد ستة عشر يوما يقع الثلاث؛ لأنه يقع باستدامة المقام فكذا استدامة الزوجية". انتهى، واقتصر عليه في المبدع7.
1 مصادر الحنفية السابقة: ومجمع الأنهر: 1/555.
2 حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: 3/124.
3 مواهب الجليل: 4/71.
4 المهذب: 2/96.
5 إعلام الموقعين: 4/109.
6 نقله عن الفنون في الفروع: 6/386، والمبدع: 9/319.
7 المبدع الصفحة السابقة.