الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أشهرهم مجاهد بن جبر (ت: 103) وسعيد بن جبير (ت: 94) وعكرمة مولى ابن عباس (ت: 105) وطاوس بن كيسان (ت: 106) وعطاء بن أبي رباح (ت: 114).
وهذه الطائفة تعدّ من أعلم الناس بالتفسير في عصر التابعين، وفي مقدمتهم مجاهد بن جبر، نقل النووي عنه أنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة، وقال: كان أعلمهم بالتفسير مجاهد (1).
الطائفة الثانية: وهم أصحاب عبد الله بن مسعود، من علماء الكوفة
فمنهم علقمة بن قيس (ت: 102) والأسود بن يزيد (ت: 75) وإبراهيم النخعي (ت: 95) والشعبي (ت: 105).
الطائفة الثالثة: وهم أصحاب أنس بن مالك وغيره
فمنهم زيد بن أسلم (ت: 136) وقتادة بن دعامة السدوسي (ت: 117) والحسن البصري (ت: 110) وعطاء بن أبي سلمة (ت: 135) ومحمد بن كعب القرظي (ت: 117).
فهذه الطوائف الثلاث، هي التي تكوّن الطبقة الثانية من علماء التفسير.
وإنما كان علم التفسير عند هؤلاء، الرواية عن الصحابة. فكانوا يروون عنهم التفسير إلى جانب ما يروونه من الحديث والفقه، ولكنهم اشتهروا بمزيد من العناية بتفسير كتاب الله، لا سيما بعضا منهم مثل مجاهد وسعيد بن جبير والحسن البصري.
غير أن عمل هذه الطبقة يمتاز عن عمل الصحابة بظهور الكتابة والتدوين عند بعضهم، وقد كان في مقدمة من قام بذلك مجاهد بن جبر من أصحاب ابن عباس رضي الله عنه. روى ابن جرير عن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه. قال: فيقول له ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله (2).
(1) تهذيب الأسماء واللغات: 2 - 83، وانظر الإتقان: 2 - 189، وكشف الظنون: 1 - 299.
(2)
تفسير ابن جرير: 1 - 30.
وهي وإن كانت كتابة جزئية لم تبلغ درجة التأليف بمعناه المألوف إلا أنها مهدت ذلك لأرباب الطبقة الثالثة الذين عكفوا على تصنيف كتب التفاسير.
(أما الطبقة الثالثة)، فقد قام علماؤها بتأليف تفاسير واسعة تجمع ما انتهى إليهم من أقوال الصحابة والتابعين (كتفسير سفيان بن عيينة (ت: 198) ووكيع بن الجراح (ت: 197) وشعبة بن الحجاج (ت: 160) وغيرهم؛ وهم كثير. ثم جاء في أعقابهم محمد بن جرير الطبري (ت: 310) فجمع أشتات هذه التفاسير وقرّب منها البعيد، وفعل مثله عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت: 271) وابن عطية وغيرهما. وكلهم كما يقول الزركشي متقن مأجور (1)، ولكن الذي وصل إلينا منها تفسير ابن جرير، وهو تفسير عظيم جمع فيه المأثور بالسند وميّز بين الصحيح منه وغيره، وأصبح مستندا هامّا لسائر المفسرين من بعده.
ولقد امتاز عمل هذه الطبقة من المفسرين بما يلي:
أولا- جمع ما انتهى إليهم من أقوال الصحابة والتابعين في تفسير آيات القرآن، في مؤلفات منسقة ينتظم فيها تفسير جميع آي القرآن بترتيبها المعروف، وبذلك تم
ظهور هذا الفن العظيم في مؤلفات ومصنفاته جامعة.
ثانيا- ضبط الرواية عن الصحابة. فقد بحثوا في حال التابعين الذين نقلوا إليهم أقوال الصحابة في القرآن، فاعتمدوا منهم من توفرت لديهم شروط الرواية وأمارات الثقة وأهملوا الآخرين، وذلك لما اندسّ في صفوفهم من الدخلاء المتسترين بلباس العلم والإسلام.
فمن عملهم في ذلك أنهم اعتمدوا طرقا معدودة في الرواية عن ابن عباس، أفضلها طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي (ت: 143) واعتمد عليها البخاري في صحيحه، وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر في تفاسيرهم، وأهملوا طريقة محمد بن السائب الكلبي (ت: 146) عن ابن صالح
(1) انظر البرهان: 2 - 159.
(ت: 223) عن ابن عباس، قالوا: فإن انضم إليهما محمد بن مروان السدي (ت: 186) فهي سلسلة الكذب (1).
ثالثا- أنهم أضافوا إلى ما نقلوه عن الصحابة والتابعين زيادات واستنباطات توسعوا فيها، فمنها ما يتعلق بالعربية ومنها ما يتعلق بالقراءات، ومنها ما يتعلق بالفقه وأحكام الحلال والحرام، ملتزمين في ذلك قواعد التفسير وشروطه التي سنتحدث عنها فيما بعد إن شاء الله.
ولعلّ أهم هذه الأعمال الثلاثة، هو ضبط الأسانيد والروايات ونخلها بذاك المنخل العلمي العظيم الذي لا ولن يملك مثله لدى البحث العلمي غير المسلمين، وأنّى للآخرين أن يرتقوا فيما يزعمونه من البحث العلمي إلى هذا المستوى، وإنما بحوثهم العلمية كلها تقوم على أساس (الاستنتاج) ويا له من أساس علمي متين؛ ذاك الذي يقتنص حقائق العلم وسط دخان الأهواء وفي سبحات الخيال!! ولقد كان علم التفسير خلال هذه المراحل الثلاث يضم كل ما يتعلق بفهم القرآن وكشف أسراره وغوامضه، من قراءات وأسباب نزول، وناسخ ومنسوخ، ومتشابه، إذ كان الحديث عن ذلك كله داخلا في تفسير القرآن.
فلما توسعت الاختصاصات العلمية، وظهر العلماء الذين اختصّوا- بعد كفايتهم العلمية- بالفقه، والذين اختصّوا بعلم الكلام، والذين انصرفوا إلى علم القراءات وهلمّ جرّا- أخذ كلّ من أرباب الاختصاص يتناول من تفسير القرآن ما يتعلق باختصاصه فيفرده بالبحث والتأليف.
وهكذا انفصل بحث القراءات من علم التفسير، لمّا أفرد القراء التآليف فيه، فأصبح علما مشتقا من التفسير؛ وانفصل عنه مبحث أسباب النزول والناسخ والمنسوخ، لمّا أفرد فيه علماء الفقه والأصول البحث والتأليف؛ وانفصل عنه مباحث إعراب القرآن لما عني النحاة بإفراد التصانيف في ذلك.
(1) انظر الإتقان للسيوطي: 2 - 178، وكشف الظنون: 1 - 299.