الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأسه، فاختصما في سلبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد ن مسلمة سيفه ورمحه ومِغفره وبيضته وكان مكتوبًا على سيفه بالعبرية:
هذا سيف مَرحَبْ
…
من يَذقهُ يُعطب (1)
وكان هذا البيت من الشعر بالعبرية، ترجمه إلى اللغة العربية رجل من اليهود (2).
رواية البيهقي وغيره:
أما قصة قتل الإِمام على لمرحب، فقد أوردها كثير من المؤرخين وأصحاب الحديث، ولنقتصر هنا على رواية البيهقي، وقبل إيرادها يجمل أن نذكر ما أورده المقريزى من أن الإِمام على قتل الحارث قبل أخيه مرحب.
فقد جاء في إمتاع الأسماع أن النبي صلى الله عليه وسلم لما لم ينجح القادة الذين هاجموا حصن ناعم قال: لأعطينَّ الراية رجلًا يحبه الله ورسوله يفتح الله عليه، ثم استدعى علي بن أبي طالب ثم دفع إليه اللواء ودعا له بالنصر، وكان أول من خرج إليه الحارث -أخو مرحب- فانكشف المسلمون وثبت على فاضطربا ضربات فقتل عليُّ الحارث، وانهزم اليهود إلى حصنهم.
أما رواية البيهقي فقد جاء فيها (كما في البداية والنهاية ج 4 ص 186) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما أخذته الشقيقة (3) فلبث اليوم واليومين، لا يخرج فلما نزل خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس، وأن أبا بكر أخذ راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهض فقاتل قتالًا شديدًا، ثم رجع فأخذها عمر، فقاتل قتالًا شديدًا هو أشد من القتال الأول، ثم رجع فأخبِرَ بذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: لأعطينَّها غدًا رجلًا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يأخذها عَنْوة وليس ثَمَّ علي، فتطاولت لها قريش ورجا كل رجل منهم أن يكون صاحب ذلك.
(1) البداية والنهاية ج 4 ص 189.
(2)
زاد المعاد ج 2 ص 328.
(3)
الشقيقة: نوع من الصداع يعرض في مقدمة الرأس وإلى أحد جانبيه.
فأصبح وجاء علي بن أبي طالب على بعير له حتى أناخ قريبًا وهو أرمد قد عصب عينه بشقة برد قَطَرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك؟ قال: رمدت بعدك، قال: ادن منى، فتفل في عينيه فما رجعها حتى مضى لسبيله، ثم أعطاه الراية فنهض بها فأتى مدينة خيبر وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر (1) يمانى وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه، وهو يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أنى مرحَبُ
…
شاكى السلاح بطلٌ مجرَّبُ
إذا الليوث أقبلت تلهب
…
وأحجمت عن صولةِ المغلَّب
فقال علي:
أنا الذي سمتنى أمى حيدرة
…
كالليث غابات شديد القسورة
أكيلكم بالصاع كيل السندرة
قال: فاختلفا ضربتين، فضربه عليّ فقد الحجر والمغفر ورأسه ووقع (السيف) في الأضراس وأخذ المدينة.
وقد عقب الحافظ البزار على قصة بعث أبي بكر وعمر وعدم قدرتهما على الفتح فقال: إن في سياق الحديث غرابة ونكارة وفي إسناده من هو متهم بالتشيّع (2).
هذه هي خلاصة الأقوال في قصة مقتل مرحب، غير أننا إذا تفحصنا مختلف الروايات ترجع لدينا أَن الذي قتل قائد القوات اليهودية في حصن ناعم (مرحبا) هو الإمام علي، يؤكد هذا الترجيح أن الإِمام مسلم (وإن لم يرو قصة عجز أبي بكر وعمر عن الفتح) إلا أنه روى أن قاتل مرحب هو الإِمام علي بن أبي طالب (3). وكذلك الإِمام البخاري روى في صحيحه ما يشدّ من أزر رواية مسلم (فبالرغم من أنه لم يرو قصة عجز أبي بكر وعمر عن
(1) المغفر (بكسر أوله وسكون ثانيه) غطاء من الحديد يقنع به الرأس في الحرب.
(2)
البداية والنهاية ج 4 ص 189.
(3)
انظر مختصر سيرة الرسول ص 272 للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ط دار العروبة .. وانظر صحيح مسلم ذاته طبعة محمد على صبيح ج 5 ص 195 في باب غزوة ذات قرد.