الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخرصة (1)، ثم نهض فسلك بين الشق (2) والنطاة (3).
إلقاء القبض على جاسوس:
وأثناء قيام عبَّاد بن بشر ودوريته بأعمال الاستكشاف أمام الجيش النبوى ألقوا القبض على رجل من (أشجع) بعد أن اشتبهوا فيه بأنه جاسوس لليهود.
وقد أنكر الأشجعي (أول الأمر) أن يكون جاسوسًا، إلا أن التحقيق الشديد الذي أجراه معه قائد الدورية حمله على الاعتراف بتجسسه لحساب اليهود.
فعندما سأله عبَّاد بن بشر: من أنت؟ قال: باغ أبتغى أبعْرة ضلّت لي، أنا على أثرها.
فقال له عباد: ألك علم بخيبر؟
قال: عهدى بها حديث، فيم تسألنى عنه؟
قال: عن اليهود.
قال: نعم، كان كنانة بن أبي الحقيق (4) وهوذة بن قيس (5) ساروا في حلفائهم من غطفان فاستنفروهم وجعلوا لهم تمر خيبر سنة، فجاعوا معدّين مؤيدين بالكراع (6) والسلاح، يقودهم عتبة بن بدر ودخلوا معهم في حصونهم، وفيها عشرة آلاف مقاتل، وهم أهل الحصون التي لا ترام، وسلاح وطعام كثير لو حُصِروا لسنين لكفاهم، وماء واتِن (7) يشربون من
(1) الخرصة: بفتح أوله وثانيه، قال في السيرة الحلبية ج 2 ص 158 حصن من حصون خيبر.
(2)
الشق: منطقة في خيبر تقع فيها مجموعة من حصون اليهود تقع في القسم الأول من مدينة خيبر.
(3)
النطاة: بفتح أوله منطقة دارت فيها أعنف المعارك في خيبر.
(4)
كنانة بن أبي الحقيق أحد ملوك اليهود في خيبر، وكان من الذنن حزبوا الأحزاب من قريش وأعراب نجد ضد المسلمين.
(5)
هوذة بن قيس من قبيلة وائل، عربي دان باليهودية وكان ضمن الوفد الذي خرج من خيبر لتحزيب الأحزاب ضد المسلمين في السنة الرابعة من الهجرة.
(6)
الكراع: كناية عن الخيل.
(7)
الماء الواتن: الدائم الذي لم ينقطع.
حصونهما، ما أرى لأحد بهم طاقة.
وهنا ترجح لدى قائد دورية الاستكشاف (عباد بن بشر) أن الأعرابي عَيْنٌ اليهود ومأجور لهم، فضربه بالسوط ضربات وقال: ما أنت إلا جاسوس لليهود، ثم شدد عليه قائلًا: اصدقنى وإلا ضربت عنقك.
قال الأشجعي: أتؤمننى على أن أصدقك؟
قال عباد: نعم.
قال الأعرابي: القوم (يعني يهود خيبر) مرعوبون خائفون وجِلون، لما قد صنعتم بمن كان يثرب من اليهود، وإن يهود يثرب بعثوا ابن عم لي وجدوه بالمدينة، قد قدم بسلعة يبيعها، فبعثوه إلى كِنانة بن أبي الحقيق يخبرونه بقلتكم وقلة خيلكم وسلاحكم، ويقولون له: فأصدقوهم الضرب، ينصرفوا عنكم، فإنه لم يلق قومًا يُحْسنون القتال! وقريش والعرب قد سرُّوا بمسيره إليكم لما يعلمون من موادِّكم وكثرة عددكم وسلاحكم وجودة حصونكم، وقد تتابعت قريش وغيرهم ممن يهوى محمد، تقول قريش: إن خيبر تظهر، ويقول آخرون: يظهر محمد، فإن ظفر محمد فهو ذل الدهر. . قال الأعرابي (لعباد بن بشر): وأنا أسمع كل هذا، فقال لي كِنانة بن أبي الحُقيَق: اذهب معترضًا للطريق فإنهم (أي المسلمين) لا يستنكرون مكانك، واحزرهم لنا (1) وادْنُ منهم كالسائل لهم ما تقوى به، ثم القِ إلهم كثرة عددنا ومادتنا، فإنهم لن يدعوا سؤالك، وعجّل الرجعة إلينا بخبرهم.
وبعد أن أكمل قائد الدورية (عباد) التحقيق مع الجاسوس أخذه إلى النبي القائد صلى الله عليه وسلم فأطلعه على نتيجة التحقيق واعترافات هذا الجاسوس، فقال عمر بن الخطاب: دعنى أضرب عنقه.
فقال عباد بن بشر: لا. . جعلت له الأمان.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعباد بن بشر: امسكه معك يا عباد. . فأوثقه عباد رباطًا، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أمر بإحضار الجاسوس فدعاه
(1) حزره: تفحصه وعرف حقيقته كمًا أو كيفًا.