الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فبالإضافة إلى مناعة القلاع والحصون المشحونة بالمقاتلين اليهود الذين يفوقون المسلمين أضعافًا مضاعفة، كانت هناك رداءة الجو، فقد أُصيب كثير من المسلمين بالحُمّى وهم لمّا يبدأوا الهجوم على اليهود لأن خيبر منذ القدم مستوطَنٌ للحُمّى بسبب وجود كثرة المستنقعات فيها، وقد أثّرت هذه الحُمَّى على قوى المسلمين الجسدية، ولكن ذلك لم يثنهم عن عزمهم فواصلوا القتال بصبر وجَلدَ حتى تمَّ لهم النصر.
كيف بدأ الهجوم:
هناك اختلاف بين المؤرخين في أي من حصون خيبر كان عرضة للهجوم الأول من قبَل المسلمين، إلا أنه بعد الاستقراء والمقارنة ترجح لدينا أن جمهرة المؤرخين يقولون: إن حصون النطاة والشق (وهي التي تقع في الشطر الأول من مدينة خيبر) كانت أول ما هاجمه المسلمون في خيبر وهي خمسة حصون.
وكان حصن (ناعم) أول حصن من حصون النطاة هاجمه المسلمون.
لقد كانت مهمة اقتحام حصون وقلاع خيبر مهمة صعبة للغاية، فهي حصون منيعة، وفتحها يتطلب آلات تدميرية مثل المنجنيق وباصقات لهب النفط التي كان استعمالها شائعًا لدى كثير من الأم ومنهم يهود خيبر أنفسهم، ولكن المسلمين عندما جاؤوا إلى خيبر لديكن لديهم أي شيء من هذه الآلات التدميرية.
ولهذا فقد لاقوا صعوبة كبيرة للمقاومة العنيدة التي أبداها اليهود المتحصنون وراء أسوار هذه الحصون.
معسكر المسلمين الأول:
كان النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا فيما مضى من هذا الكتاب- قد قرر أن يهاجم خيبر من الناحية الشمالية في أعلى (النطاة) ليحول بين اليهود وبين الشام، ويمنع غطفان من أن تمدهم بالمقاتلين.
وفعلًا جعل النبي صلى الله عليه وسلم أول مقر لقيادته في أعلى النطاة في منطقة
مكشوفة (1) بالقرب من حصن (ناعم)(2) الذي كان أول حصن هاجمه المسلمون في خيبر، هو حصن مرحب فارس اليهود المشهور الذي قتله علي بن أبي طالب.
فقد ألح النبي صلى الله عليه وسلم على حصن ناعم (في اليوم الأول من القتال)، واشترك هو نفسه صلى الله عليه وسلم في القتال أثناء الهجوم على هذا الحصن.
وكان صلى الله عليه وسلم يمتطى صهوة جواد اسمه الظرب (بفتح أوله وكسر ثانيه)، ويلبس درعين ومغفرًا وعليه بيضة، وفي يده قناة وتُرْس (3).
وأمام حصن لدعم دار القتال عنيفًا بين المسلمين واليهود، فقد شدد المسلمون الهجوم على هذا الحصن وظلوا يهاجونه طوال اليوم.
ولكنهم لاقوا من اليهود (بقيادة مرحب وأخوته ياسر والحارث) مقاومة عنيفة، إلى درجة أن كل هجمات المسلمين على الحصن باءت بالفشل في ذلك اليوم وهو اليوم الأول من القتال. بل إن اليهود بلغوا في الاستماتة للدفاع عن حصن ناعم إلى أن يفتحوا أبواب الحصن ويقوموا بهجوم معاكس كاسح، فسالت كتائبهم على المسلمين من الحصن بقيادة الحارث (أبي زينب أخي مرحب)، وقد تلقته كتائب الأنصار .. وبعد قتال ضار خارج الحصن تمكن الأنصار من دحر القائد اليهودى الحارث وطاردوهم حتى أدخلوهم الحصن فأغلقوا على أنفسهم الأبواب.
غير أن اليهود عاودوا الهجوم من جديد ففتحوا أبواب الحصن وشنوّا (بقيادة أُسَير أحد أفراد عائلة مرحب) هجمات عنيفة، فصمد لهم المسلمون، ولكن اليهود ضغطوا عليهم بعنف حتى كشفوهم وأخذوا في مطاردتهما حتى انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتد ذلك عليه (4)
(1) انظر مغازى الواقدي ج 2 ص 643.
(2)
ناعم اسم رجل من اليهود له حصون ذوات عدد وهذا الحصن منها. كذا قال الواقدي في مغازيه ج 2 ص 645.
(3)
إمتاع الأسماع ص 313.
(4)
إمتاع الأسماع ص 314.