الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي يُجرح بنبال اليهود:
وكان المسلمون يردون على رمي اليهود برمي شديد مثله بالنبال، إلا أن نبال اليهود كانت أشد فعالية في جند الإِسلام وذلك لكون اليهود يسلطونها من أبراج قلعة (النزار) العالية التي يعسكر المسلمون تحتها.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشترك مع المسلمين في قذف اليهود بالنبال أثناء الترامى بالسهام، ويظهر أن رماة اليهود كانوا يركّزون رمى سهامهم الغزيرة بصفة خاصة على الموقع الذي يرابط فيه النبي القائد صلى الله عليه وسلم حول الحصن المحصور، لذلك جرِحَ النبي صلى الله عليه وسلم نتيجة إصابته ببعض سهام اليهود، كما أصابت بعض نبال اليهود ثيابه فمزقتها وهو يدير العمليات ضدهم (1).
نصب المنجنيق على الحصن:
ويدل سياق المؤرخين على أن يهود قلعة (النزار) قد صمدوا طويلًا، وصدُّوا كل المحاولات التي قامت بها وحدات من مشاة الجيش النبوى لاقتحام الحصن وفتحه بقوة السلاح، وذلك راجع إلى تحصين قلعة النزار ووعورة الوصول إليها حيث تقع على أعلى قمة جبل، ثم كثرة المدافعين عنها وشدة تيقظهم، وعنادهم في المقاومة. الأمر الذي جعل المسلمين يضيقون من طول المقام حول الحصن محاصرين بدون نتيجة.
لذلك قرر النبي القائد صلى الله عليه وسلم استخدام آلات التدمير لضرب أبراج الحصين وأسواره لتدميرها وفتح ثغرات كبيرة فيها ليتمكن مشاة المسلمين من اقتحام الحصن عن طريقها، ولم يكن هناك مجال للخيل في عمليات الهجوم على الحصن لعدم وجود أي طريق تقدر الخيل على سلوكه ولذلك كانت هجمات المسلمين مقتصرة على وحدات من المشاة.
وكان المسلمون قد غنموا في حصن الصعب بن معاذ في النطاة بعض المنجنيقات، وهي الآلات الوحيدة التي تستخدم في ذلك الزمن لتدمير الحصون كما غنموا بعض الدبابات التي تحمى صفايحها الحديدية المشاة أثناء
(1) انظر السيرة الحلبية ج 2 ص 165 والبداية والنهاية ج 4 ص 198 ومغازى الواقدي ج 2 ص 668.
زحفهم على القلاع المنيعة من وقع نبال العدو.
وعندما استعصى حصن النزار على قوات المسلمين التي عجزت عن اقتحامه، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصب آلات المنجنيق (1) لتدمير الحصن وإجبار اليهود إما على الاستسلام أو الانسحاب.
ومع تحدث بعض المؤرخين عن قصة نصب النبي صلى الله عليه وسلم آلات المنجنيق على حصن النزار بعد أن استعصى فتحه، فإن أحدًا منهم لم يذكر هل قذف النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحصن بقذائف هذه الآلات التدميرية أم لا؟
ولكن القرائن تدل على أنه فعل ذلك، فقد تمكن المسلمون من اقتحام حصن النزار بعد أن نصبوا المنجنيق عليه، ولا شك أن هناك قتالًا عنيفًا في ار بين المسلمين ويهود حصن النزار داخل الحصن بعد أن فتحت قذائف المنجنيق في أسوار الحصن ثغرات وأحدثت فيه قذائف اللهب حرائق مكنت المسلمين من الوصول إلى داخل الحصن، بدليل أن اليهود انهزموا من هذا الحصن شر هزيمة، بعد أن تركوا للمسلمين غنائم كثيرة ومن بينها ألفان من السبايا من النساء والذرية (2)، "فرَّ بقية المقاتلة اليهود مذعورين وتركوهم في حصق النزار" .. فلا شك إذن (وهذا مجرد استنتاج) أن الذي يسَّر للمسلمين افتتاح هذا الحصن المنيع العاقى الحصين هو قذفه بقذائف آلات المنجنيق التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصبها على ذلك الحصن، وإلا فكيف تنزل بيهود هذا الحصن العاتى المنيع تلك الهزيمة المدمّرة التي جعلتهم يفرون إلى القسم الثاني من المدينة مذعورين تاركين في الحصن نساءهم وذراريهم يقعون في قبضة المسلمين؟ . كيف تنزل بهم هذه الهزيمة، وهم الذين صمدوا للحصار وصدّوا كل محاليلات المسلمين الهجومية حتى برم المسلمون وضجروا من طول المرابطة حول هذا الحصن؟ الأمر الذي حدا بالنبي القائد صلى الله عليه وسلم إلى أن يأمر بنصب آلات التدمير على الحصن باعتبارها آخر وأقوى سلاح يمكن استخدامه ضد اليهود في هذا الحصن المنيع
(1) السيرة الحلبية ج 2 ص 165.
(2)
إمتاع الأسماع ص 318.