الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تشرف على قوات المسلمين التي كانت قد تحولت بدورها وضربت الحصار على اليهود في قلعة الزبير بعد احتلال حصن الصعب.
صعوبة اقتحام الحصن:
قام المسلمون بعدة محاولات لاقتحام قلعة الزبير وفتحها، ولكنهم لم يتمكنوا وذلك لمناعة هذا الحصن ووعورة المسالك المؤدية إليه ولوقوع هذه المسالك مكشوفة تحت مرمى سهانم اليهود.
ومن جهة أخرى لم يقم اليهود أول الأمر بفتح أبواب الحصن لمهاجمة المسلمين أو طلب مبارزتهم كما فعلوا أثناء حصار حصن (ناعم) وحصن (الصعب بن معاذ).
ويظهر أن ذلك راجع إلى اطمئنانهم إلى العلوّ الشاهق الذي يقع عليه هذا الحصن وإلى أن المسلمين لذلك لن يقدروا على اقتحامه لصعوبة الوصول إليه وفتحه بقوة السلاح.
إجبار اليهود على القتال خارج الحصن:
وكان المسلمون لا يرغبون في إطالة مدة الحصار على الحصن، بل يتوقون للدخول مع اليهود في معركة فاصلة خارج الحصن لأنهم جازمون أن النصر سيكون حليفهم في هذه المعركة.
وبينما المسلمون يتبرَّمون بامتناع اليهود بهذه القلعة المنيعة ويديرون الفكر ويرحمون الخطط التي يمكنهم بها الاستيلاء على قلعة الزبير المستعصية، إذا بأحد اليهود واسمه (غزّال) يأتي إلى معسكر المسلمين - سرًّا - ويطلب مقابلة النبي القائد صلى الله عليه وسلم.
ولدى اجتماعه بالنبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأن جيشه لن يقدر على اقتحام هذا الحصن وفتحه بقوة السلاح وأن يهود قلعة الزبير لن يتضرروا بالحصار مهما طال لمناعة الحصن ولكون المدافعين عنه، لديهم من التموينات الضرورية ما يكفيهم لمدة طويلة جدًّا.
إلا أن هذا اليهودى (غزّال) أخبر النبي القائد صلى الله عليه وسلم بأنه مستعد لأن يدله
على اتباع طريقة تيسِّر لهم فتح قلعة الزبير، بإجبار اليهود على الخروج مكرهين للقتال، مقابل أن يؤمِّنه المسلمون على ماله وأهله وولده .. فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الأمان له ولأهله وولده وماله.
وهنا أخبر اليهودى (غزال) النبي صلى الله عليه وسلم بأن لليهود الممتنعين بقلعة الزبير منابع من المياه سرية تحت الأرض وخزَّانات قد صممت خصيصًا لأيام الحرب ينزلون إليها أثناء الليل عبر سراديب سرّية تصلها بالقلعة فيأخذون منها حاجتهم من الماء.
وبما أن هذه المنابع واقعة خارج القلعة فإنه بإمكان المسلمين الاستيلاء عليها بسهولة وعندها يجبر اليهود على الاستسلام أو الخروج للقتال بعد أن يقطع المسلمون عنهم الماء، ثم قاد هذا اليهودى (غزال) المسلمين إلى منابع المياه المذكورة فاستولوا عليها وقطعوا الماء عن اليهود المتعصمين بقلعة الزبير.
وهنا أسقط في يد اليهود ررأوا أنه لا بد من اتباع أحد سبيلين: إما الاستسلام للمسلمين، أو الخروج لمقاتلتهم، واستعادة منابع المياه منهم أو يموتوا عطشًا.
وقد فضَّلوا مقاتلة المسلمين ففتحوا أبواب الحصن وشنُّوا على المسلمين هجومًا عنيفًا فنشب قتال عنيف بين الفريقين انتهى بانتصار المسلمين الذين تمكنوا من إنزال الهزيمة باليهود ثم اقتحموا القلعة وفتحوها.
قال الواقدي: وتحولت اليهود من حصن ناعم كلها، ومن حصن الصعب بن معاذ، ومن كل حصون النطاة، إلى حصن، يقال له: قلعة الزبير (1)، فزحف رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم والمسلمون، فحاصرهم، وغلّقوا عليهم حصنهم وهو حصين منيع، وإنما هو في رأس قلعة لا تقدر عليه الخيل ولا الرجال، لصعوبته وامتناعه.
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على محاصرة الذين في (قلعة الزبير) ثلاثة أيام، فجاءه رجل من اليهود يقال له: غزّال، فقال: يا أبا القاسم، تؤمنّى على
(1) كانت قلعة الزبير هذه آخر حصن من حصون النطاة الحربية التي قاوم فيها اليهود، انظر إمتاع الأسماع ص 319.