الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمون خط الدفاع الأول المتمثل في الحصون والقلاع الأمامية التي أخلوها من كل شيء، ولم يسمحوا لأحد أن يبقى فيها غير حملة السلاح الذين امتلأت بهم ساحات وأبراج هذه الحصون.
كما نقلوا (كجزء من خطة المواجهة) شيئًا عظيمًا من المواد الغذائية إلى خط الدفاع الثاني ليكون ذلك عونًا لهم على مواجهة الحصار الذي كانوا يتوقعونه.
اختلاف قادة اليهود في وضع الخطط:
وكان قادة اليهود عندما أحسوا بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم بجيشه عقدوا مجلسًا عسكريًا تبادلوا فيه الرأي حول أفضل الخطط التي يجب اتباعها لمواجهة جيش الإسلام الغازى.
وأثناء بحث هذا الموضوع انقسم قادة اليهود إلى فئات ثلاث: فئة ترى أن يتحصن اليهود في الحصون والقلاع ويقاتلوا المسلمين من وراء الأسوار بحجة أن ذلك يُضْجِر المسلمين فيجبرهم في النهاية على الانسحاب دون أن يقدروا على اقتحام الحصون لمناعتها وكثرة المقاتلين فيها.
وفئة ترى أن على يهود خيبر أن يُعسْكروا خارج الحصون والقلاع ويواجهوا المسلمين في العَراء فيخوضوا معهم معركة فاصلة خاطفة بدلًا من التحصن داخل الحصون والقلاع.
وكان على رأس الفريق الثاني أحد قادتهم الكبار وهو الحارث الملقب (بأبي زينب) وهو أخو (مرحب الفارس المشهور) وكلاهما من قبيلة حِمْيَر (1).
فقد قال أبو زينب (2)(شارحًا وجهة نظره ومحبذًا البروز للمسلمين): إني قد رأيت من سار إلى (محمد) من الحصون، لم يكن لهم بقاء بعد أن
(1) انظر سيرة ابن هشام.
(2)
قتل أبو زينب هذا مبارزة عند باب حصن ناعم وكان أول قتيل من قادة اليهود الكبار، قتله علي بن أبي طالب، وقال آخرون قتله أبو دجانة.
حاصرهم حتى نزلوا على حكمه، ومنهم من سبى ومنهم من قُتِل صبرًا. . ثم استرسل أبو زينب في شرح فوائد فكرة الاصطدام بالمسلمين خارج القلاع والحصون في معركة سريعة حاسمة، محاولًا إقناع زملائه من القادة بقبول فكرته الجريئة.
غر أن اقتراح أبي زينب هذا لم يلق أي تجاوب من القادة اليهود حيث رفضوه وأيَّدوا فكرة التحصن داخل القلاع ومواجهة المسلمين من وراء أسوارها قائلين: يا أبا زينب إن حصوننا هذه ليست مثل تلك، هذه حصون منيعة في ذرى الجبال، ثم خالفوه (1).
أما الفئة الثالثة فقد ذهبت في الجرأة إلى أبعد مما ذهب إليه الحارث أبو زينب، حيث اقترحت (لا ملاقاة المسلمين خارج حصون خيبر) بل اقترحت هذه الفئة القيام بغزو المسلمين في المدينة، وضربهم فيها قبل أن يتحرَّكوا بقواتهم نحو خيبر.
وكان على رأس هذه الفئة (سلّام بن مشكم النضرى) الذي كان القائد العام للقوات اليهودية في خيبر والذي يقال له في ذلك العصر: (صاحب حربهم)(2).
فقد ذكر المؤرخون أن سلام بن مشكم قال في اجتماع لهم (محملًا حيي بن أخطب ما أصاب يهود يثرب وخاصة ما حلَّ ببنى قريظة): هذا كله عمل حُييّ بن أخطب شأمنا أولًا، وخالفنا في الرأي، فأخرجنا من أموالنا وشرفنا (3) وقتل إخواننا (يعني بني قريظة الذين غرر بهم حيي بن أخطب
(1) مغازى الواقدي ج 3 ص 637.
(2)
انظر مغازى الواقدي ج 2 ص 680.
(3)
كان سلام بن مشكم -مع منصبه القيادى الحربى- حبرًا من أحبار اليهود وكان يعلم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله، لذلك كان (حرصًا على سلامة اليهود) يعارض حيى بن أخطب في مشاريعه العدوانية وخططه التآمرية على المسلمين، ومن ذلك أنه الزعيم اليهودى الوحيد الذي عارض فكرة اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم في ديار بني النضير بالمدينة ولكن معارضته رفضت، واتبع بنو النضير رأى حيي بن أخطب فحاولوا الاغتيال، وكان ذان سبب نفيهم من المدينة (انظر كتابنا غزوة الأحزاب ص 56).