الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمن فيأبى المسلم أن يأخذه إلا بثمن، بعدما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما سمع من نهى عن التعرّض لأموال اليهود (1).
محاولة اغتيال النبي في خيبر:
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وتمت السيطرة التامة للمسلمين على هذه المنطقة الهامة، وبعد أن عدل النبي صلى الله عليه وسلم عن إجلاء يهود خيبر واتفق معهم على إعمار بساتين ومزارع خيبر ومنحهم الأمان والحماية، جرت محاولة شريرة لاغتيال النبي في مدينة خيبر.
وتفصيل ذلك أن امرأة يهودية اسمها زينب بنت الحارث (زوجة سلّام بن مشكم المقتول في حصن النطاة وابنة أخي مرحب (الحارث) وكلاهما قتل في المعركة، قررت اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق دس السم له في الطعام.
فقد عمدت إلى شاة لها فذبحتها - وكانت بالتشاور مع بعض اليهود - قد اختارت أخطر نوع من أنواع السم يقال له لابطي، لا يلبث أن يقتل متناوله في الحال، ثم وضعته في جميع أوصال الشاة، وأكثرت من هذا السم (بصفة خاصة) في الذراعين، لأنها (كجزء من حبك المؤامرة) سألت أثناء التخطيط لها:(أي أنواع اللحم أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم) فقيل لها: الذراع والكتف، وكان قصدها الرئيسى أن يقضى السم على الرسول صلى الله عليه وسلم بمجرد تناوله أية كمية من لحم الشاة التي كانت قد شوتها وحملتها إلى معسكر النبي صلى الله عليه وسلم بقصد إهدائها له، وكان صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة.
ولما صلّى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المغرب وعاد إلى مقر قيادته في خيبر وجد زينب اليهودية جالسة عند رحله فلما سألها ما شأنها؟ قالت: أبا القاسم هدية أهديتها لك، فقبلها وأمر بقبضها منها فقبضت ثم وضعت الشاة السمومة بين يديه صلى الله عليه وسلم وكان معه بعض أصحابه، فقال لهم: ادنوا فتعشُّوا فدنوا فمدوا أيديهم، وتنأول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع فانتهش منها نهشًا،
(1) انظر مغازى الواقدي ج 2 ص 691 والروض الأنف ج 2 ص 243.
وازدرد لقمة، وتناول بشر بن البراء (1) عظمًا فأكل منه لقمة أيضًا، وفجأة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن يتوقفوا عن أكل قائلًا: كفوا أيديكم فإن هذه الذراع تخبرنى أنها مسمومة، فقال بشر: والذي أكرمك لقد وجدت ذلك من أكلتى التي أكلتها فما منعنى أن ألفظها إلا كراهية أن أنَغِّص عليك طعامك فلما تسوغت ما في يدك لم أرغب بنفسي عن نفسك.
أما بشر فلم يقم من مكانه حتى تحول لونه أسود من شدة تأثير السم وظل يعاني من وجعه طيلة سنة كاملة مشلولًا حتى مات متأثرًا بهذا السم.
وكان بعض الصحابة قد أكلوا شيئًا من هذه الشاة أيضًا، لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم من أكل شيئًا من هذه الشاة أن يحتجم كما احتجم صلى الله عليه وسلم نفسه على كاهله كعملية لتخفيف تأثير السم.
ويقول ابن القيم: إن النبي صلى الله عليه وسلم ظل يعافى من تأثير هذا السم طيلة أربع سنوات حتى توفاه الله تعالى.
وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في وجعه الذي مات فيه: (مازلت أجد -أي أتألم- من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر، لهذا أوان انقطاع الأبهر منى)، قال الزهري: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدًا.
وعلى أثر ما حدث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإحضار زينب اليهودية لاستجوابها.
ولدى التحقيق معها اعترفت بأنها سمّت الشاة قاصدة بذلك قتل النبي صلى الله عليه وسلم ولما سألها النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت بكل صراحة: لقد بلغت من قومى ما لا يخفى عليك قتلت زوجى وأبي وعمّى، فقلت: إن كان نبيًّا فسيخبره الله، وإن كان ملكًا استرحنا منه؛ فعفى عنها النبي صلى الله عليه وسلم
…
(1) هو بشر بن البرء بن معرور الأنصاري. شهد بيعة العقبة مع أبيه، وشارك في معركة بدر وكل المعارك إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعله رسول صلى الله عليه وسلم سيدًا على قومه بني نضلة. فقد جاء في كتاب الجود من طريق ابن شهاب الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سيدكم يا بني نضلة؟ قالوا: جد بن قيس، قال: وبم تسودونه؟ فقالوا: إنه أكثرنا مالًا وإنا على ذلك لنزنه بالبخل، قال: وأى داء أدوى من البخل؟ ليس ذا سيدكم، قالوا: فمن سيدنا؟ قال: بشر بن البراء بن معرور.