الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقيادهم إلى بني النضير) تحولت من منطقة حيادية إلى قاعدة للعدوان على المسلمين ووكرًا وجد فيه يهود بني النضير (أشد الناس حقدًا على النبي وصحبه) مطلق الحرية للتآمر على الإسلام ورسم الخطط للإطاحة بالمسلمين.
لو اتعظ اليهود
؟
لقد كان بإمكان يهود بني النضير أن يستخلصوا المواعظ والعبر على ضوء ما حاق بهم وبيهود بني قينقاع من نفى وتأديب نتيجة دسهم وتآمرهم ضد المسلمين عندما كانوا بين ظهرانيهم وحلفاء لهم في يثرب.
كان بإمكان سادات بني النضير (على ضوء الفشل الذريع الذي منوا به كثمرة لمحاولات الدس والتآمر ضد النبي وأصحابه والتي بذلوها طوال أربع سنوات والتي كانت حصيلتها طردهم من المدينة زجرًا لهم وتأديبًا) .. كان بإمكانهم بعد أن رحلوا من يثرب آمنين على أموالهم وأرواحهم ونزلوا خيبر على تلك الصورة .. كان بإمكانهم أن يراجعوا أنفسهم ويقنعوها بأن أعمال التآمر والخيانة والغدر وإثارة الفتن والحروب بغيًا ضد المسلمين والتي مارسوها خلال أربع سنوات، لن تعود في النهاية على القائمين بها إلا بأوخم العواقب .. لأن النصر في النهاية إنما يكون للحق والهزيمة والاندحار والتعرض للعقاب العادل الصارم إنما تحل بالباطل مهما تراءى لأصحابه أنه قوى وعتيد.
كان بإمكان بني النضير الذين لم يكن نزوحهم إلى خيبر مطرودين مدحورين إلا حصيلة محاولاتهم السير في دروب الخيانة والتآمر، والدلوج في ظلام البغي والعدوان ونكث العهود والمواثيق .. كان بإمكانهم أن يدركوا كل ذلك فيتعظوا به .. فيخلدوا في منفاهم الجديد (خيبر) إلى الهدوء والسكينة بين بني قومهم الذين ظلوا على الحياد طيلة مراحل الصراع الدائر بين الإسلام وخصومه داخل يثرب وخارجها حتى نزل عليهم شياطين بني النضير هؤلاء فكانوا سببًا في توريطهم في حبائل العمل ضد المسلمين والتآمر على أمنهم وسلامتهم، مما كان سببًا في التعجيل بإزالة الوجود اليهودى الدخيل في خيبر على أيدى المسلمين.
ولو التزم يهود بني النضير الهدوء والسكينة وأقلعوا عن ممارسة التآمر ضد المسلمين ونصحوا بنى دينهم في خيبر بذلك لكان خيرًا لهم.
ولكن الأحلام السوداء. . أحلام العودة إلى يثرب والسيطرة عليها من جديد التي زادت (باستيطانهم خيبر القوة والمنعة) مداعبتها لمخيّلاتهم. . لم تترك (لحيى بن أخطب وسلَّام بن مِشْكمَ وكنانة بن أبي الحقيق وأمثالهم من سادات بني النضير) الفرصة للتفكير في اختيار طريق السلامة، طريق السكينة والهدوء والإقلاع عن ممارسة الكيد للإسلام والتآمر على كيان المسلمين.
لذلك لم يكد يستقر بيهود بني النضير المقام في خيبر حتى عادوا (بصورة أوسع) إلى تدبر خطط التآمر على الإسلام والمسلمين.
فأخذوا يعدون العدة لجولة كبرى ضد المسلمين (يكون منطلقها خيبر) لعلهم بهذه الجولة يطيحون فيها بالإسلام ويهدمون سلطان المسلمين في عاصمتهم المدينة، فيعود لهؤلاء اليهود سلطانهم اللاشرعى عليها من جديد.
ولكن الله غالب على أمره فقد فشلت كل مخططات العدوان التي وضعها هؤلاء اليهود في خيبر، بل إن يهود بني النضير بمخططاتهم العدوانية هذه قد أحلوا قومهم (أهل خيبر) دار البوار بسبب إغرائهم وإقناعهم بجعل مدينتهم وكرًا للغدر بالمسلمين والعدوان عليهم.
لقد كان زعماء يهود خيبر يدركون ولا شك خطورة تحويل المنطقة التي يسكنونها إلى قاعدة جديدة للعدوان والتآمر على المسلمين كما يريد ذلك حيى بن أخطب وسلام بن مشكم وغيرهم من زعماء يهود بني النضير المنفيين من المدينة.
وليس ببعيد أن يكون القلق قد ساور زعماء اليهود في خيبر من أن تتعرض منطقتهم لغزو كاسح من قبل المسلمين قد يطيح بالكيان اليهودى فيها إلى الأبد كعمل تأديبى وإجراء وقائى يقوم به المسلمون إذا قبل يهود خيبر أن تصبح منطقتهم متنفسًا لأحقاد يهود بني النضير ومنطلقًا لعدوان يهدد سلامة المسلمين وأمنهم.
وكل هذا لا يعني أن يهود خيبر لا يرغبون في تدمير المسلمين وهدم كيان الإسلام.
كلا. . فاليهود كلهم ملة واحدة وهم سواء من حيث البغض للإِسلام والرغبة في الإطاحة بالمسلمين في يثرب.
ولكن قد يكون مصدر شعور يهود خيبر بالقلق (إذا ما وجد هذا الشعور) إنما كان خوفهم من أن تفشل مخططات العدوان على المسلمين فيكون ذلك مجلبة لنكبة تكون فيها نهاية يهود خيبر الذين (حتى استيطان يهود بني النضير لبلادهم) لم يكن بينهم وبين المسلمين أي حرب أو نزاع مكشوف كما هو الحال بالنسبة ليهود يثرب.
ولم أر في كتب التاريخ أن يهود خيبر قد عارضوا زعماء بني النضير في أن تكون خيبر منطلقًا للتآمر وقاعدة للعدوان على المسلمين، ولكن الاحتمال قوى جدًّا في أن يكون زعماء يهود خيبر قد أبدوا شيئًا من العارضة خوفًا على مصيرهم كما فعل يهود بني قريظة عندما حاول شيطان بني النضير إغراءهم بالغدر بالمسلمين.
وعلى أي فقد نجح شيطان بني النضير حيي بن أخطب وباقي زملائه من زعماء بني النضير المنفيين من المدينة. . إذ استطاعوا أن يجعلوا من منطقة خيبر (بالتعاون مع أهلها) قاعدة حربية وسياسية يوجه منها اليهود أي عمل يقدرون على توجيهه ضد المسلمين للقضاء عليهم في يثرب.
لقد رضي يهود خيبر (الذين ظلوا على الحياد إزاء الصراع الناشب بين يهود يثرب والعرب قبل الإسلام وبعده) رضوا في النهاية بأن تدخل خيبر معترك هذا الصراع وأن ترمى بثقلها ضد المسلمين.
فقد وضع يهود خيبر كل إمكاناتهم الحربية والمالية في خدمة أغراض العدوان على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في المدينة، بعد أن أعطى أولئك اليهود قيادهم لشيطان بني النضير (حيى بن أخطب) وباقي سادات بني النضير الذين فرضوا سيطرتهم السياسية وسلطانهم المالى على منطقة خيبر منذ أن نزلوها منفيين من يثرب.
فصاروا بدافع الحقد الأسود على النبي صلى الله عليه وسلم والبغض العارم للإسلام
يصلون الليل والنهار لرسم خطط التآمر على المسلمين وحبك الدسائس ضدهم، ووضع المشاريع الواسعة لإثارة العرب الوثنيين عليهم، وبمنتهى الحرية.
الأمر الذي ما كان يجرأ يهود بني النضير على ممارسته عندما كانوا يواطنون المسلمين في يثرب لاعتبارات كثيرة أهمها أن هؤلاء اليهود كانوا أقلية بين المسلمين في يثرب ومن السهل مراقبتهم والحد من نشاطهم التآمرى ضد الإسلام والسلمين.
غير أن وجودهم في منطقة يهودية ليس بها مسلم واحد (هي منطقة خيبر) كان من أكبر الأسباب في تضاعف أطماعهم في السيطرة وتكاثف أحلامهم بالعودة إلى يثرب حاكمين.
كما أن وجود بني النضير في خيبر قد هيأ لهم المناخ الكامل لتدبير المؤامرات وحبك الدسائس ورسم خطط الحرب ضد المسلمين بمنتهى الحرية.
فإذا كانت أعمالهم العدوانية التي يهدفون من ورائها إلى الإطاحة بالمسلمين في يثرب عرضة للاكتشاف بسبب كون المدينة قاعدة الإسلام الكبرى ومركز ثقل الوجود الإسلامي، وأن أي اكتشاف لأية أعمال عدوانية من جانب اليهود يعقبه قمع من جانب المسلمين. . الأمر الذي يضطر هؤلاء اليهود وحلفاءهم من المنافقين إلى أن يحيطوا مؤامراتهم العدوانية وخططهم التخريبية ضد المسلمين في يثرب بسياج من السرية التامة وخاصة إذا كانت هذه المؤامرات والخطط يتطلب تنفيذها سفك الدم وإزهاق الأرواح. . فإنهم في خيبر لم يعودوا بحاجة إلى هذه السرية والتكتم عندما يعتزمون العمل ضد المسلمين على أي مستوى من المستويات العدوانية والتآمرية.
لأنه حتى السنة السابعة من الهجرة لم يكن أي وجود لسلطان المسلمين في خيبر، كما أنه حتى تلك السنة لا يوجد أي مسلم في تلك المنطقة التي كان نزول المنفيين فيها من يهود بني النضير في أواسط السنة الرابعة من الهجرة.