الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بفرسه أمام أسوار القلعة طالبًا المبارزة.
فبرز له من صفوف المسلمين الحباب بن المنذر الأنصاري، وبعد أن تجاولا ساعة حمل الحباب بن المنذر على الفارس اليهودى (عزول) فقطع يده اليمنى ففرّ هاربًا إلى القلعة، إلا أن الحباب طارده حتى لحق به قبل أن يدخل القلعة فقطع رجله ثم قضى عليه.
ثم عاد الحباب إلى صفوف المسلمين، وعقب مصرع القائد اليهودى (عزول) برز فارس يهودى آخر (لم يذكر المؤرخون اسمه) وصاح خارج القلعة طالبًا من المسلمين المبارزة، فبرز إليه رجل من المسلمين فقتله اليهودى في الحال.
فاستبدّت الغطرسة بهذا الفارس اليهودى، فظل مكانه يجول بفرسه طالبًا المبارزة، فأجابه إليها الفارس الأنصاري الشهير (أبو دجانة سمّاك بن خرشة)، فحمل كل منهما على صاحبه، وظلا يتعاركان بضراوة حتى تمكن أبو دجانة من قتل الفارس اليهودى المذكور.
إحجام اليهود عن المبارزة وافتتاح القلعة:
وبعد أن قتل القائدان اليهوديان أمام أبواب قلعة (أُبيّ) دبّ الرعب في قلوب بقية اليهود في القلعة فأحجموا عن المبارزة، ثم أغلقوا أبواب القلعة، محاولين الاعتصام بها والدفاع عنها ومقاتلة المسلمين من وراء أسوارها، ولكن قائد وحدات المسلمين المتقدمة (أبا دجانة الأنصاري) لم يترك الفرصة لليهود ليفعلوا ذلك، فقد أمر وحداته بمهاجمة اليهود بسرعة، فشنّ جند الإسلام هجومًا خاطفًا على القلعة، يتقدمهم قائدهم أبو دجانة.
وقد قاوم اليهود المسلمين مقاومة شديدة، فدار حول القلعة قتال ضارٍ عنيف بين الفريقين، ولكن مقاومة اليهود - بالرغم من ضراوتها - كان مصيرها في النهاية الانهيار، حيث انهزم هؤلاء اليهود مقتحمين أسوار القلعة هربًا في كل ناحية، فاحتل السلمون القلعة واستولوا على كل ما فيها من المؤن والأسلحة والمواشى، ولم يذكر أحد من المؤرخين أنه قد وقع في أيديهم أسرى من يهود هذه القلعة، الذين التجأ الباقون منهم على قيد الحياة
إلى حصن النزار، وهو الحصن الثاني من حصون الشق الذي قاوم اليهود المسلمين فيه مقاومة عنيفة واعتصموا به حتى قرر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينصب على هذا الحصن آلات المنجنيق لتدميره كما سيأتي تفصيله إن شاء الله.
قال الواقدي: حدثني موسى بن عمر الحارثى، عن أبي عفير محمد بن سهل بن أبي حثمة، قال: لما تحوّل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشق، وبه حصون ذات عدد، كان أول حصن بدأ منها حصن أُبى، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على قلعة يقال لها:(حمران)(1) فقاتل عليها أهل الحصن قتالًا شديدًا، وخرج رجل من اليهود يقال له غزال (2) فدعا إلى البراز، فبرز له الحباب بن المنذر فاختلفا ضربات، ثم حمل عليه الحباب، فقطع يده اليمنى من نصف الذراع، فوقع السيف من يد غزال، فكان أعزل، ورجع منهزمًا فوقع، فذفف عليه، وخرج آخر فصاح: من يبارز؟ فبرز إليه رجل من المسلمين من آل جحشى، فقُتِلَ الجحشى، وقام مكانه يدعو إلى البراز، ويبرز له أبو دجانة قد عصب رأسه بعصابة حمراء فوق المِغفر يختال في مشيته، فبدره أبو دجانة فضربه فقطع رجليه، ثم ذفف عليه وأخذ سلبه، درعه وسيفه، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وأحجموا عن البراز، فكبَّر المسلمون، ثم تحاملوا على الحصن فدخلوه، يتقدمهم أبو دجانة، فوجدوا فيه أثاثًا ومتاعًا وغنمًا وطعامًا، وهرب من كان فيه من المقاتلة، وتقحّموا الجدر كأنهم الظباء (3) حتى صاروا إلى حصن النزار (4) بالشق، وجعل يأتي من بقى من قلل النطاة إلى حصن النّزار فغلقوه وامتنعوا فيه أشد الامتناع (5).
(1) في البداية والنهاية ج 4 ص 198. (سموان).
(2)
في السيرة الحلبية ج 2 (ص)
…
(غزوال).
(3)
في البداية والنهاية ج 4 ص 198: (كأنهم الضباب).
(4)
في البداية والنهاية ج 4 ص 198 (البزاة).
(5)
مغازى الواقدي ج 2 ص 667 - 668 تحقيق الدكتور مرسدن جونس ونشر جامعة أكسفورد وطبعة دار المعارف المصرية.