المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لماذا لم يطالبوا بالجزية: - من معارك الإسلام الفاصلة = موسوعة الغزوات الكبرى - جـ ٦

[محمد بن أحمد باشميل]

فهرس الكتاب

- ‌ 6 -غَزْوَةُ خَيْبَر

- ‌مقدمة الكتاب بقلم الكولونيل عبد الله التل

- ‌تمهيد المؤلف

- ‌موجز عن تاريخ اليهود في خيبر

- ‌جغرافية خيبر:

- ‌متى جاء اليهود إلى خيبر:

- ‌اليهود عنصر دخيل في الجزيرة:

- ‌شجاعة يهود خيبر وقوة وحدتهم:

- ‌حياد يهود خيبر:

- ‌موقف خيبر عند ظهور الإسلام:

- ‌التحول الخطير في موقف خيبر:

- ‌وكر للتآمر على المسلمين:

- ‌لمحة من تاريخ بني النضير:

- ‌أعداء النبي صلى الله عليه وسلم رقم

- ‌التآمر على حياة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إجلاء بني النضير إلى خيبر:

- ‌بنو النضير في خيبر:

- ‌أخطر وكر للتآمر على الإسلام:

- ‌خفض الأرض ورفعها:

- ‌خيبر قاعدة للعدوان:

- ‌قيادية بني النضير:

- ‌لو اتعظ اليهود

- ‌هل فكر اليهود في غزو المدينة

- ‌لماذا أحجم اليهود عن غزو المدينة

- ‌خيبر. . وغزوة الأحزاب:

- ‌مشروع الغزو الخطير:

- ‌خيبر تحزب الأحزاب ضد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أعضاء وفد التحزيب:

- ‌نجاح وفد العدوان في مهمته:

- ‌وفد اليهود التحزيبي في نجد:

- ‌الترحيب بالوفد اليهودى في نجد:

- ‌مساومة أثناء المفاوضة:

- ‌آخر حلقة في سلسلة الإجرام اليهودي:

- ‌اليهود في خيبر بعد فتحها:

- ‌إجلاء اليهود في عهد الفاروق:

- ‌استخدام اليهود لبعض النصارى في اغتيال المسلمين:

- ‌الخليفة يأمر بجلاء اليهود:

- ‌تعويض يهود فدك عند الجلاء:

- ‌الفصل الثاني

- ‌وعد الله المسلمين بفتح خيبر

- ‌ابتهاج المسلمين بغزو خيبر:

- ‌عدم قبول تجنيد المخلفين:

- ‌النساء في الجيش:

- ‌نموذج من الديمقراطية الصحيحة:

- ‌إحراج اليهود للمسلمين:

- ‌وقفة للتدبر والإمعان:

- ‌يهود المدينة والتجسس على المسلمين:

- ‌عدم التورية في غزوة خيبر:

- ‌المنافقون طابور اليهود الخامس:

- ‌الرتل الخامس وبنو النضير:

- ‌رأس النفاق يشعر اليهود بغزو المسلمين:

- ‌استعداد اليهود للمواجهة:

- ‌اختلاف قادة اليهود في وضع الخطط:

- ‌فكرة غزو المدينة:

- ‌خيبر تستنجد بأعراب نجد:

- ‌مرابطة الأعراب مع اليهود في خيبر:

- ‌رفض بني مرة أن ينجدوا اليهود:

- ‌الحارث بن عوف ينصح عيينة بن حصن:

- ‌تحرك الجيش النبوى نحو خيبر:

- ‌نائب النبي على المدينة:

- ‌مدى قوة المسلمين:

- ‌سلاح الاستكشاف:

- ‌أدلاء الجيش:

- ‌طريق الجيش إلى خيبر:

- ‌إلقاء القبض على جاسوس:

- ‌نموذج من الانضباط العسكري الشديد:

- ‌النبي وخط الرجعة:

- ‌النبيّ يطلب من غطفان عدم مناصرة اليهود:

- ‌النبي يفاوض غطفان لتخلى بينه وبين اليهود:

- ‌تأزم الموقف لدى المسلمين:

- ‌الانتصار بالرعب:

- ‌بشائر النصر قبل الاشتباك:

- ‌غطفان ترجع هاربة إلى بلادها قبل نشوب القتال:

- ‌الفصل الثالث

- ‌وصول المسلمين إلى خيبر:

- ‌أربعوا على أنفسكم:

- ‌دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مفاجأة اليهود:

- ‌لا تمنوا لقاء العدو:

- ‌كيف بدأ القتال:

- ‌عدم التناسق في وصف المؤرخين للمعركة:

- ‌دعوة اليهود إلى الإِسلام .. وعدم ذكر الجزية:

- ‌لماذا لم يطالبوا بالجزية:

- ‌بدء المعركة:

- ‌تنظيم القيادات وتوزيع الرايات:

- ‌العلم النبوي:

- ‌أربع رايات للمهاجرين والأنصار:

- ‌الحراسة:

- ‌اجتياح مزارع اليهود .. وحرق بعض النخيل:

- ‌مهمة صعبة للغاية:

- ‌كيف بدأ الهجوم:

- ‌معسكر المسلمين الأول:

- ‌خمسون جريحًا وشهيد واحد:

- ‌محمود بن مسلمة أول شهيد في خيبر:

- ‌تغيير مقر قيادة النبي:

- ‌استمرار القتال حتى المساء:

- ‌تحوّل المسلمين إلى وادي الرجيع:

- ‌عثمان بن عفان قائد المعسكر:

- ‌شدة الانضباط العسكري عند المسلمين:

- ‌بساطة الإسلام ويسره:

- ‌درس في الأمانة:

- ‌حصن ناعم أقوى حصون النطاة:

- ‌تشديد الحصار على حصن ناعم:

- ‌قتل مرحب وافتتاح حصنه:

- ‌مقتل عامر بن الأكوع:

- ‌من الذي قتل مرحب

- ‌رواية البيهقي وغيره:

- ‌الزبير يقتل ياسر أخا مرحب:

- ‌مصرع القائد اليهودى الرابع:

- ‌استيلاء المسلمين على حصن ناعم:

- ‌تفصيلات الواقدي لفتح حصن ناعم:

- ‌سعد بن عبادة الجريح:

- ‌اليهودي الذي طلب الأمان فأعطيه:

- ‌الوفاء لليهودى بالعهد:

- ‌عدد الخسائر:

- ‌الغنائم والمعدات:

- ‌فتح حصن الصعب

- ‌محاصرة حصن الصعب:

- ‌النبي يعطي الراية الحباب بن المنذر:

- ‌المجاعة في بعض وحدات الجيش:

- ‌النهي عن لحم الحمر الأهلية:

- ‌عدد المدافعين عن حصن الصعب:

- ‌المبارزة أمام الحصن:

- ‌معركة التراشق بالسهام:

- ‌هجوم اليهود المضاد:

- ‌الهجوم اليهودى المعاكس مرة أخرى:

- ‌مصرع سلَّام بن مشكم:

- ‌انهزام اليهود وفتح الحصن:

- ‌معدات ثقيلة وأسلحة يستولى عليها المسلمون في حصن الصعب:

- ‌آداب حربية نبوية:

- ‌إراقة الخمر وكسر آنيتها:

- ‌رجحان كفة المسلمين:

- ‌فرقة تطهر منطقة النطاة:

- ‌فتح قلعة الزبير

- ‌صعوبة اقتحام الحصن:

- ‌إجبار اليهود على القتال خارج الحصن:

- ‌إجبار اليهود على القتال:

- ‌خسائر المسلمين:

- ‌فتح حصن أبي

- ‌تحويل المعسكر النبوى إلى مكانه الأول:

- ‌انتقال اليهود إلى حصون الشق:

- ‌ضرب الحصار على القلعة:

- ‌شراسة اليهود في المقاومة:

- ‌اليهود يفتحون أبواب القلعة للمبارزة:

- ‌مصرع قائدين يهوديين:

- ‌إحجام اليهود عن المبارزة وافتتاح القلعة:

- ‌فتح حصن النزار

- ‌أمنع حصن في خيبر:

- ‌النساء والذرية في حصن النزار:

- ‌ضرب الحصار على حصن النزار:

- ‌إخلاء جميع حصون الشق ما عدا (النزار):

- ‌الهجوم على حصن النزار:

- ‌مقاومة اليهود العنيفة:

- ‌النبي يُجرح بنبال اليهود:

- ‌نصب المنجنيق على الحصن:

- ‌قصة تحتاج إلى تمحيص:

- ‌حصن النزار آخر حصن كان فيه قتال:

- ‌كيف صارت صفية اليهودية أما للمؤمنين:

- ‌القمر في حجر صفية:

- ‌كيف تزوج النبي صفيّة

- ‌تخيير النبي صفية بين الإسلام والرجوع إلى أهلها اليهود:

- ‌تفنيد تهمة خبيثة:

- ‌أكرموا عزيز قوم ذل:

- ‌الفصل الرابع

- ‌لقد تمت للجيش الإِسلامي السيطرة:

- ‌الزحف على الشطر الثاني من خيبر:

- ‌هل فتح الشطر الثاني من خيبر؛ صلحًا أم عنوة

- ‌استسلام الشطر الثاني من خيبر بعد القتال:

- ‌القول الفصل:

- ‌دروس في النزاهة والعفة:

- ‌نموذج نادر في صدق الجهاد لله:

- ‌إشراك غائبين في الغنيمة:

- ‌إشراك عشرة من اليهود في العنيمة:

- ‌غطفان تنجد اليهود ولكن

- ‌غطفان تطلب من النبي قسمًا من الغنيمة:

- ‌عيينة بن حصن يتحسر على اليهود:

- ‌كيف استسلم يهود الشطر الثاني من خيبر:

- ‌رأي ابن إسحاق:

- ‌قول الواقدي:

- ‌طلب اليهود المفاوضة للتسليم:

- ‌الاستسلام النهائى:

- ‌حقن الدماء والأعفاء من السبي فقط:

- ‌تسامح القائد الأعلى النبي:

- ‌بنود اتفاقية التسليم:

- ‌نهاية الاستعمار اليهودى:

- ‌ما أشبه الليلة بالبارحة:

- ‌الغنائم في خيبر:

- ‌الغنائم غير الحربية:

- ‌خيبر أغنى منطقة زراعية في الحجاز:

- ‌النبي يعيد التوراة لليهود:

- ‌كيف سمح النبي لليهود بالبقاء في خيبر

- ‌السماح لليهود بالإِقامة في خيبر:

- ‌اليهود في حماية المسلمين:

- ‌النبي يحذر من الاعتداء على أموال اليهود:

- ‌محاولة اغتيال النبي في خيبر:

- ‌دور المرأة في معركة خيبر:

- ‌الأصل جواز خروج النساء للجهاد:

- ‌قتلى الفريقين في المعركة:

- ‌عدد شهداء المهاجرين

- ‌شهداء الأنصار

- ‌عدد قتلى اليهود:

- ‌قدوم مهاجري الحبشة إلى خيبر:

- ‌فرح النبي بقدوم جعفر:

- ‌فتح فدك، وتيماء، ووادي القرى:

- ‌استسلام يهود فدك:

- ‌كيف صالح النبي يهود فدك:

- ‌فتح وادي القرى:

- ‌اليهود يبدأون القتال:

- ‌تعبئة المسلمين للقتال:

- ‌دعوة اليهود إلى الإِسلام:

- ‌رفض اليهود الدعوة ومسارعتهم للحرب:

- ‌استسلام اليهود:

- ‌إبقاء اليهود في وادي القرى:

- ‌يهود تيماء يدفعون الجزية:

- ‌محاولة قبيلة فزارة:

- ‌فزارة تحاول اعتراض النبي فيتحداها:

- ‌قصة الرهان الشيقة في مكة:

- ‌الجدل والرهان حول نتائج المعركة:

- ‌الرهان بمائة ناقة:

- ‌قصة الحجاج بن علاط:

- ‌نظرة وتحليل

- ‌مقارنة بين الجيشين المسلم واليهودى:

- ‌دروس في معركة خيبر:

- ‌خرافة التفوق التكنولوجى:

- ‌أهم مراجع هذا الكتاب

الفصل: ‌لماذا لم يطالبوا بالجزية:

فقال علي: يا رسول الله .. أقاتلهما حتى يكونوا مثلنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم أنقذ على رِسْلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإِسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لِأنْ يهدى الله بك رجلًا واحدًا خير من أن يكون لك حمر النعم (1).

وقد أبى اليهود الدخول في الإِسلاء، فهاجم المسلمون حصونهم حتى تم النصر للمسلمين عليهم.

‌لماذا لم يطالبوا بالجزية:

وهنا سؤال قد يعرض للقارئ وهو أن طريقة المسلمين مع أهل الكتاب (واليهود منهم) هي أنهم عندما يقومون بغزوهم لا يباشرون القتال ضدهم حتى يخيِّروهم بين واحد من ثلاث: إما الدخول في الإسلام فيكونون بذلك جزءًا من الأسرة الإِسلامية، وإما أن يدفعوا الجزية مقابل حمايتهم، وإلا فالقتال.

لكن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قام بغزو اليهود في خيبر لم يعرض عليهم دفع الجزية بل عرض عليهم الإسلام، ولما رفضوا الدخول فيه قاتلهم .. فلماذا لم يعرض عليه أن يدفعوا الجزية مقابل حمايتهم وإقرارهم على أرضهم وأموالهم والتكفُّل بصيانة أرواحهم وأعراضهم من قبل قوات الأمن الإِسلامية كما يفعل دائمًا مع غيرهم من أهل الكتاب؟ وكما فعل مع يهود تيماء ونصارى نجران ومجوس هجر؟

يجيب بعض المؤرخين على هذا السؤال بقولهم: إن القرآن لم يكن قد نزل بتشريع قبول الجزية من أهل الكتاب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم بمحاربة اليهود في خيبر.

وهذا الجواب مع كونه قد يكون صحيحًا من حيث كون تشريع الجزية لم ينزل إلا بعد فتح خيبر، إلا أننا نعتقد (وهذا مجرد اجتهاد) أنه حتى لو كان التشريع بقبول الجزية نزل قبل غزو خيبر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يعتبر يهود خيبر من الذين يمكن الاطمئنان إلى التعاهد معهم على دفع الجزية

(1) صحيح البخاري ج 5 ص 220 طبعة إدارة الطباعة المنيرية.

ص: 97

ليبقى لهم بعد مطلق الحرية مع التزام المسلمين بحمايتهم، بل لا بد من هدم سلطانهم ومحو كيانهم عن طريق الحرب أو يستسلموا دونما قيد أو شرط كخونة ومتآمرين سيظلون مصدر تهديد لأمن وسلامة المسلمين إذا لم تحتل مواقعهم ويقضى عليهم فيها كقواعد للعدوان على الإِسلام والمسلمين.

وقد أثبتت التجارب (عبر سبع سنوات ذهب فيها النبي صلى الله عليه وسلم أقصى حدود التسامح مع هؤلاء اليهود) .. أثبتت بأن هؤلاء اليهود أشبه بغدة السرطان في الجسم لا يجدى معها علاج سوى استئصالها كليًّا.

فقد حصل اليهود (في ظل التسامح الإِسلامي) على ما هو أكرم لهم من قبول النبي صلى الله عليه وسلم الجزية منهم، وهو قبول النبي صلى الله عليه وسلم عن طيب خاطر وصفاء نية- أن يكون هؤلاء اليهود حلفاء للمسلمين ومواطنين لهم، آمنين على أرواحهم وأعراضيم أحرارًا في دينهم، دون أن يأخذ المسلمون منهم درهمًا واحدًا مقابل ذلك. مع كون السلطان المطلق لهم في يثرب، فقد كانوا (بموجب معاهدة يثرب) أمة مع المسلمين لهم ما هم وعليهم ما عليهم، الأمر الذي يمكن تسميته بأنهم كانوا (بموجب هذه المعاهدة) أمة ذات كيان مستقل تتساوى مع أمة الإسلام في جميع الحقوق دونما تمييز (1).

ولكن بماذا قابل اليهود هذا التسامح وحسن المعاملة وكرم المواطنة الذي جعلهم (بالرغم من كونهم أقلية يهودية أجنبية بين أكثرية عربية إسلامية) لا يشعرون بأي تغيير في حياتهم الدينية والاجتماعية والاقتصادية التي كانوا عليها قبل سيطرة الإسلام على يثرب؟

قابل اليهود كل هذا التسامح والكرم وشرف المقصد وحسن المعاملة بالغدر والخيانة والتآمر والعدوان ونقض العهود والمواثيق في أدق الساعات وأحرج الظروف .. خُلُقٌ إسرائيلي قبيح لازمهم ولا يزال يلازمهم منذ أن لعنهم الله على لسان داود وعيسى بن مريم.

(1) انظر كتابنا (غزوة الأحزاب) وكتابنا (غزوة بني قريظة) .. الفصل الثاني الخاص بتاريخ اليهود.

ص: 98

فقد عانى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (في يثرب) من هذا الخلق اليهودى أشد المتاعب وواجه أخطر المشاكل وتعرض لشتى المؤامرات، ومع ذلك ظل التسامح مع هؤلاء اليهود والصفح عنهم شعار النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يقابل غدرهم وتآمرهم بالكف عن دمائهم التي كان قادرًا على سفكها.

وآخر إجراءات العفو والتسامح التي اتبعها النبي صلى الله عليه وسلم مع هؤلاء اليهود، هي معاملته يهود بني النضير في المدينة حيث حقن دماءهم وأعفى نساءهم وذراريهم من السبى وسمح لهم بأن يهاجروا إلى أي مكان شاؤوا آمنين على أرواحهم وما قدروا على حمله من أموالهم.

غير أن هؤلاء اليهود لم يكد يستقر بهم المقام في (خيبر) حتى جعلوا منها أخطر قاعدة للعدوان على الإِسلام والمسلمين فلاقى المسلمون نتيجة وجود هذه القاعدة أشد المتاعب وأخطر الأهوال التي كادت تعصف بوجودهم وتمحو كيانهم على النحو الذي فصلناه في كتابينا (غزوة الأحزاب وبنى قريظة).

فأثبت هؤلاء اليهود بذلك (وبما لا يدع مجالًا للشك) أنهم -ما بقوا على قيد الحياة- لن يرضوا بغير هدم كيان الإِسلام واستئصال شأفة المسلمين، مهما بلغ المسلمون معهم في الصفح وحسن المعاملة، ومهما أعطى اليهود من عهود وأبرموا من مواثيق.

لذلك كان من البديهى (بل من الضرورى) أن لا يسلك النبي القائد صلى الله عليه وسلم غير سبيل القضاء على هؤلاء اليهود وسحق كيانهم إتقاءً لشرهم وقطعًا لتيار خطر عدوانهم الذي ما كان ليتوقف لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نقل المعركة إلى ديارهم واحتل قواعد عدوانهم، فضمن بذلك أمن وسلامة المسلمين من شر عدوان وغدر هؤلاء اليهود.

من هنا (والله أعلم) جاء السبب في أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه من بعده (وبعد التشريع بقبول الجزية من أهل الكتاب) لم يعاملوا يهود خيبر كما يعاملون بقية أهل الكتاب من مختلف الطوائف من الاكتفاء بإعطائهم الجزية، لأن هؤلاء اليهود أصبح لهم حكم الخونة الناكثين الذين تكرر منهم الغدر والخيانة والتمرد والتآمر وأثبتت التجارب المتكررة أنهم لا يمكن أن يفوا

ص: 99